القرار 1701... نصر للجانبين وخسارة فادحة للمدنيين
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
القرار 1701... نصر للجانبين وخسارة فادحة للمدنيين
إيلاف، بيروت: بعد المخاض العسير الذي سبق صدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 1701 حول لبنان، تواجه الأسرة الدولية الآن مهمة اكثر صعوبة تكمن في وضعه موضع التنفيذ في وقت تتواصل المعارك العنيفة اليوم. وإن كان الطرفان المتنازعان يعتبران أنفسهما منتصران، يبقى الخاسر الأكبر في الميدان هم المصابين والجرحى لدى الجانبين الذين لم يطرق إليهم القرار. الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان أعلن ليل امس أن إسرائيل ولبنان اتفقا على وقف الأعمال الحربية اعتبارا من الاثنين 14 اب(اغسطس) الساعة الخامسة بتوقيت غرنتش. بيروت ردّت رسميا بقبول القرار، وكذلك إسرائيل في ختام اجتماع حكومتها اليوم.
المهم اذا تطيبق القرار الذي جسد تسوية ما بين المطالب الاسرائيلية والمطالب اللبنانية وصدر بعد ضغوط شديدة مارستها الدولتان الراعيتان له فرنسا والولايات المتحدة، القرار الذي يتيح بعض التفسيرات المتناقضة في بعض بنوده ويبقي على قدر من الغموض حول عدد من النقاط ما قد يعيق فاعليته ولا سيما على المدى البعيد، ما يضعنا أمام تساؤلات أخرى حول المرحلة المقبلة ستعطينا الإجابات الدقيقة عليها الأيام التي تلي دخول وقف القتال حيز التنفيذ بعد حرب دخلت أسبوعها الخامس ومازالت مستمرة.
متى سيتوقف القتال؟
ليس بعد.. فعلى الرغم من ترحيبها بالاتفاق تمضي إسرائيل قدما في هجومها باتجاه نهر الليطاني وهو الخط الذي يتوقع أن ينسحب منه حزب الله في اطار القرار. وتبنّي حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت القرار يوم لا يعني توقف القتال تلقائيا. وفي هذا الإطار، قال انان انه سيعمل مع اسرائيل ولبنان على وضع جدول زمني للهدنة التي ستسمح بنشر قوة دولية كبيرة.
متى ستنتشر قوات الامم المتحدة؟
يقول دبلوماسيون ان ذلك سيستغرق عشرة أيام أخرى أو نحو ذلك كي تنتشر قوات الامم المتحدة والجنود اللبنانيون في جنوب لبنان. عندها ستنسحب القوات الاسرائيلية من منطقة كانوا قد انسحبوا منها في عام 2000 بعد احتلال دام 22 عاما. وتبدو فرنسا مستعدة لقيادة قوة ويتوقع دبلوماسيون أن تبدأ فرنسا بنشر قوات قوامها ألفا جندي. ويبقى على دول أخرى أن ترفع عدد الجنود الى 15 ألفا.
من المنتصر اذن؟
يقول الجانبان انهما حققا النصر. وما زال حزب الله يمسك بالجنديين الاسرائيليين اللذين أدى أسرهما في 12 يوليو تموز الى اندلاع الحرب. وأظهرت الجماعة ان بمقدورها ان تصمد في وجه واحد من أقوى جيوش العالم. وتمكنت من وضع قضية مزارع شبعا على جدول أعمال الامور المطروحة. ويموجب القرار فان اسرائيل ستحقق هدفها الخاص بابعاد حزب الله عن الحدود وأن تحل محله قوات لبنانية وتابعة للامم المتحدة وسيجعل القرار من العسير على حزب الله الحصول على امداد جديد من الصواريخ. ويدعو القرار لتنفيذ القرار 1559 الداعي لنزع سلاح حزب الله ولكنه لا يحدد متى.
وتقول اسرائيل انها ألحقت أضرارا بحزب الله أكثر بكثير مما تعترف به الحركة. ويرى نائب رئيس الحكومة الاسرائيلية شيمون بيريز إن بلاده "حققت نوعا من الانتصار" في الحرب، معتبرا ان حزب الله خرج "خائبا" منها. يعلل "لقد استمعت امس (السبت) بانتباه كبير الى كلمة (الامين العام لحزب الله) حسن نصر الله. ستوجه اليه ايضا اسئلة حول الاسباب التي دفعته الى شن الحرب التي اوقعت اكثر من الف قتيل لبناني وادت الى نزوح نصف مليون شخص". ويضيف بيريز "في رأيي انتهت الحرب بتحقيقنا نوعا من الانتصار على الصعيدين السياسي والعسكري. لقد بدأنا ببطء ثم عمدنا الى تسريع وتيرة عملياتنا في حين بدأ حزب الله الحرب بقوة شديدة والان اصبح منهكا نسبيا". وتابع "لقد شهدنا تجربة غير مسبوقة في مواجهة منظمة ارهابية تمتلك هذا الكم من الصواريخ والقذائف".
والمدنيون في الجانبين هم أكبر الخاسرين.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لاولمرت؟
على الرغم من التأكيدات على ان اسرائيل أبرمت اتفاقا جيدا بالنسبة لها فان تعامل الحكومة الاسرائيلية مع الحرب تعرض لانتقادات متنامية. فيعتقد كثير من الاسرائيليين ومنهم ضباط بارزون ان القوات كان لا بد من أن تدخل قبل ذلك بكثير وبقوة أكبر بهدف الحاق ضرر أكبر بحزب الله وللحد من اطلاقه صواريخ على اسرائيل حتى لو كان ذلك معناه مقتل مزيد من الجنود الاسرائيليين. ولم تفلح عمليات التسويف التي استغرقت أياما وسبقت قرار مجلس الامن.
ويدعو بعض الخصوم اليمينيين الذين يعتقدون انه كان ينبغي ان تحقق اسرائيل انتصارا عسكريا واضحا الى اجراء انتخابات جديدة. وتظهر استطلاعات الرأي تراجع التأييد لاولمرت الذي لا يملك مؤهلات عسكرية كتلك التي امتلكها معظم من سبقوه.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لحزب الله؟
ان موافقة حزب الله على نشر الجيش اللبناني المدعوم بقوة موسعة تابعة للامم المتحدة جنوبي الليطاني معناها تقديم الجماعة لتنازل كانت قد قاومته منذ زوال الاحتلال الاسرائيل لجنوب لبنان في عام 2000. ويتعين على الجماعة أن تجيب على أسئلة صعبة يوجهها لها خصومها المحليون لان حزب الله أشعل أزمة. وربما يجدد الخصوم ضغطهم لنزع سلاح حزب الله. ولكن الحزب يستمتع بموجة من التأييد في مختلف أنحاء العالم العربي والشيعة في لبنان بسبب النجاحات الميدانية التي حققتها. وربما يكون القصف الاسرائيلي قد قلص قدرات حزب الله العسكرية وربما يؤدي انتشار القوات اللبنانية والدولية في الجنوب الى تقييد خيارات الحزب ولكنها ستبقى قوة فعالة ما دامت محتفظة بسلاحها.
ماذا يعني ذلك بالنسبة للحكومة اللبنانية؟
ستخرج الحكومة اللبنانية قوية من هذه الازمة اذا نفذ قرار الامم المتحدة بسرعة وسلاسة. وسيؤدي بسط سلطتها على الجنوب لتعزيز قبضتها ولكنها ستعمل على جمع المعونات الخاصة بالمدنيين النازحين الذين يريدون اعادة بناء حايتهم. الا ان استتباعات ما بعد الحرب قد تزيد من التوترات السياسية والطائفية وتهدد الححكومة والتوازن الهش بين المسلمين الشيعة والسن والمسيحيين والدروز.
هل ستعود اسرائيل وحزب الله للاقتتال؟
تتوقع اسرائيل كثيرا العودة للحرب اذا ظل حزب الله مسلحا.. حتى لو استغرق الامر أعواما وسواء بوجود قوات الامم المتحدة أو من دونها. وتحتفظ اسرائيل بالحق في غزو لبنان اذا ثبت ان القوة الدولية غير فعالة. واذا انسحبت القوات الاسرائيلية من جنوب لبنان بالكامل بما في ذلك مزارع شبعا وأنهت اختراق الاجواء اللبنانية وأفرجت عن جميع الاسرى اللبنانيين فسيكون من الصعب سياسيا على حزب الله تجديد مهاجمة اسرائيل على الرغم من ان أي حرب اقليمية تشمل سوريا أو ايران من شأنها تغيير أطراف المعادلة.
تبادل اسرى؟
وصعدت اسرائيل عملياتها العسكرية في لبنان قبل وقف اطلاق النار وزادت يوم السبت عدد قواتها بجنوب لبنان لثلاثة أمثاله ليصل الى 30 ألف جندي، بينما رجحت صحيفة هآرتس في تقرير نشر على موقعها على الانترنت ان تكون اسرائيل مستعدة لمناقشة فكرة اطلاق سراح سجناء من حزب الله مقابل الافراج عن جنديين اسرائيليين أسرهما حزب الله الشهر الماضي.
1701... ردود فعل عربية ودولية
ويدعو القرار الذي أقره مجلس الامن يوم الجمعة الى "وقف كامل للعمليات الحربية" ويتصور انسحابا تدريجيا للقوات الاسرائيلية من جنوب لبنان عندما تهدأ حدة العنف ونشر قوات لبنانية وقوة موسعة لحفظ السلام تابعة للامم المتحدة من 15 الف رجل كحد اقصى في جنوب لبنان.
وأعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس ان القرار الدولي "غير عادل وغير منصف... واننا لن نكون عائقاً أمام الحكومة، لكن وزراءنا سيسجلون تحفظاتنا عن القرار وبعض بنوده". ووصف سلوك الحكومة اللبنانية بالقول انها "تتصرف بمسؤولية وطنية". مشدداً على ان "أولوياتنا وقف العدوان واستعادة أرضنا وعودة النازحين".
وفي هذا السياق عبر وزير الخارجية اللبناني بالوكالة طارق متري في مداخلته امام مجلس الامن عن اسفه لكون القرار يدعو اسرائيل الى وقف عملياتها العسكرية "الهجومية". وقال "ان اللبنانيين لا يثقون في تمييز اسرائيل بين +دفاعي+ و+هجومي+ وينبغي ان تكون نهاية العمليات العسكرية خالية من اي لبس".
ويعبر الباحث دومينيك مويزي من المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية عن وجهة النظر ذاتها معتبرا ان القرار هو "نص تسوية تأخذ في الاعتبار اعتراضات الجميع دون الاستجابة لهموم اي منهم". ورأى الباحث انه "بالنسبة للبنان وفرنسا يتحدث القرار عن +وقف فوري للاعمال الحربية+ وبالنسبة للولايات المتحدة واسرائيل يتحدث عن وقف +العمليات الهجومية+ ما يترك الباب مفتوحا امام العمليات الدفاعية التي ستجد اسرائيل نفسها مضطرة للقيام بها".
ورأى بيل دورش الخبير في عمليات حفظ السلام في مركز هنري ل. ستيمسون في واشنطن انه يتعين التوصل الى حل شامل للنزاع الاسرائيلي الفلسطيني والخلافات الاقليمية الاخرى حتى تكون قوة دولية كالتي ستنشر الى جانب الجيش اللبناني في جنوب لبنان فاعلة. وقال "يجب ان يقتنع المتطرفون بايعاز من قادتهم وداعميهم (ايران وسوريا) بانهم لا يمكنهم بلوغ هدفهم الاساسي لكنني لا ارى جهودا تبذل بهذا الصدد".
ويعتبر الباحث ان الامر سيتوقف الى حد بعيد على موقف حزب الله ومن ثم ايران سنده الرئيسي وقال "اذا قرر حزب الله المواصلة، فسنشهد الحرب نفسها انما ببزات مختلفة". وصرح وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي السبت في صنعاء باليمن ان القرار "احادي" ويخدم "بشكل اكثر مصالح النظام الصهيوني". واشاد الرئيس الاميركي جورج بوش السبت بالقرار وحمل حزب الله وايران وسوريا المسؤولية عن بدء "حرب غير مرغوب بها" في المنطقة. وقال "انني ادعو الاسرة الدولية الى ان تترجم اقوالها افعالا وتبذل كل الجهود من اجل ارساء سلام دائم في المنطقة".
واعلن الامين العام لحزب الله حسن نصرالله اليوم السبت ان حزبه "سيلتزم باي وقت يعلن لوقف الاعمال الحربية" بموجب اتفاق يتم التوصل اليه في اطار الامم المتحدة. وقال نصرالله في رسالة بثها تلفزيون "المنار" التابع لحزب الله ان حزبه لن "يكون عائقا امام اي قرار تراه الحكومة مناسبا" ولو ان "بعض جوانب القرار غير عادلة وغير منصفة". لكنه لم يأت على ذكر نزع سلاح حزب الله، علما ان القرار 1701 يدعو الى نزع سلاح جميع المجموعات المسلحة في لبنان في اشارة الى حزب الله بدون ان يحدد آلية لذلك.
وكان هذا ايضا من مطالب القرار 1559 الصادر في ايلول/سبتمبر 2004 غير ان هذا البند لم ينفذ. ومن جهتها، صرحت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس للاذاعة الاسرائيلية السبت انه بعد موافقة الحكومتين اللبنانية والاسرائيلية على قرار مجلس الامن "لن تكون هناك حاجة لاكثر من يوم" للتوصل الى "وقف للاعمال الحربية على الارض" في لبنان.
فنيش: القرار جائر ويستجيب مطالب إسرائيل
وزير الطاقة وممثل حزب الله في الحكومة محمد فنيش قال في سياق تقويمه لقرار مجلس الأمن: "لا أود أن أجري تقويماً لهذا القرار ولكن أقل ما يقال في هذا القرار انه جائر لأنه لم يدن المعتدي إنما على العكس برأه وجاء بالمضمون وبالمحصلة مستجيباً لمطالب الاحتلال ولكن في النهاية نحن سنتعامل مع هذه التحفظات الموجودة بما تمليه عليه مسؤوليتنا الوطنية".
بري
وأوضحت مصادر متعددة، ان العديد من المسؤولين لم يفاجأوا بالتحفظ، ومنهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي نُقل عنه قوله ان "القرار مقبول والفارق كبير بينه وبين المسودة السابقة وهذا الذي استطعنا عليه".
وتوقع مبعوث الامم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الاوسط ألفارو دي سوتو، أن تبدأ القوة الدولية انتشارها في غضون ما بين أسبوع وعشرة أيام. وأعربت إيطاليا ونيوزيلاندا عن استعدادهما للمشاركة في القوة، كما وعدت ايرلندا بإرسال "بضعة مئات من الجنود" إلى جنوب لبنان. وقالت تركيا والسويد إنهما ستناقشا المشاركة باهتمام
مجلس التعاون الخليجي .... "غير متوازن"
وانتقد مجلس التعاون الخليجي بشدة القرار 1701 واعتبره "غير متوازن". ودان مجلس التعاون الذي يتخذ من الرياض مقرا له، من جهة اخرى إسرائيل لانها لم توقف هجماتها على لبنان. وقال الامين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن بن حمد العطية في بيان السبت ان "القرار 1701 الخاص بلبنان ينقصه التوازن لانه لم ياخذ في الاعتبار بشكل كاف مصالح لبنان ووحدته وامنه واستقراره وسلامته الاقليمية". واضاف ان القرار "لم يتطرق الى الدمار والخراب الذي لحق بالمدنيين الابرياء والبنية التحتية جراء العدوان الاسرائيلي على لبنان كما انه لم يتناول مسالة الاسرى والمعتقلين" في اسرائيل. وجدد "ادانة مجلس التعاون لاستمرار اسرائيل في مواصلة اعتداءاتها العسكرية على لبنان رغم تبني مجلس الامن للقرار وطالب الحكومة الاسرائيلية بتنفيذ القرار".
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف