لماذا فشلت اسرائيل في حرب لبنان؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من القدس : عادت الصحف الإسرائيلية، في بداية الأسبوع العبري، متثائبة، تجتر نفس المواضيع التي كانت أثارتها بجدارة سابقا، مثل الاخفاقات في الحرب على لبنان، وفضائح الرئيس الإسرائيلي المفترضة، او التوقف عند ما توسعت به وسائل الاعلام مثل القوات الدولية والتطورات في الملف النووي الايراني .
وذكرت صحيفة معاريف، بان ايهود اولمرت، رئيس الوزراء الإسرائيلي، عقد اجتماعا مطولا الليلة الماضية مع كبار مستشاريه، لبحث تشكيل لجنة تحقيق رسمية في فشل حرب لبنان، وقالت بان نصف الوزراء في الحكومة الإسرائيلية ابدوا موافقتهم على تشكيل اللجنة التي ستكون ذات صلاحيات واسعة .
وتوقعت صحيفتا معاريف ويديعوت احرنوت أن يترأس اللجنة في حالة تشكيلها رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية الذي يستعد لتوديع مقعده في الشهر المقبل اهارون باراك .
وقالت الصحيفتان، بان اولمرت سيعقد اجتماعا اليوم مع مستشاريه لاتخاذ قرارا بشان تشكيل اللجنة، ولكن تفاؤل الصحيفتين، يبدو انه لم يكن في محله، ففي صباح اليوم، نفت مصادر مقربة من اولمرت، للإذاعة الإسرائيلية، بان تشكيل لجنة للتحقيق في الحرب على لبنان، لن يطرح اليوم في جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية .
ومع استمرار اولمرت في المراوغة بشان تشكيل لجنة تحقيق رسمية، مفضلا تشكيل لجنة فحص حكومية في اخفاقات الحرب، والفرق بين اللجنتين كبير جدا، فان الغضب الشعبي على سير الحرب ونتائجها يتصاعد، وتجري التظاهرات التي يقودها جنود الاحتياط في مناطق مختلفة من البلاد، والتي يتوقع ان تتصاعد وستجبر اولمرت في النهاية على تشكيل لجنة تحقيق رسمية .
وفي حين اهتمت الصحف الإسرائيلية، بتصريحات الشيخ نعيم قاسم نائب أمين حزب الله، بان الحزب فوجئ بحجم الرد الإسرائيلي على اسر الحزب لجنديين إسرائيليين، نشرت صحيفة جيروسالم بوست تقريرا ذكرت فيه ان إسرائيل أيضا فوجئت من عملية الاسر الناجحة التي نفذها حزب الله، مما يؤكد ضعف الإمكانيات الاستخبارية الإسرائيلية .
وحسب الصحيفة فأن ضعف المعلومات الاستخبارية لم يكن فقط قبل الحرب، وانما خلالها، وطرحت الصحيفة بعض القضايا، مستندة الى مصادر عسكرية ووثائق، التي يتعين على أي لجنة تحقيق تشكل في إسرائيل دراستها لمعرفة مكامن الاخفاقات في الحرب، ومن بينها :
* الاجتياح البري: تقول الصحيفة بأنه بعد مرور ساعات على اسر الجنديين، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي بسرعة على خطة الجيش إعلان الحرب على لبنان، والتي تتعلق بالضربات الجوية، وحسب الصحيفة فان الغارات الجوية استنفذت نفسها بسرعة، وثبت أنها لن تكفي لتحطيم حزب الله، وبعد سقوط عشرات المدنيين اللبنانيين وتدمير مئات الاهداف، واصل حزب الله، إطلاق 100 صاروخ يوميا في المعدل على إسرائيل، وكان طبيعيا أن يتم استدعاء الاحتياط لشن غزو بري، وتكرر الفشل بنجاح مقاتلي حزب الله بإيقاع خسائر بشرية في صفوف الجيش الإسرائيلي.
وفوجئ الجيش الإسرائيلي بانتشار عناصر لحزب الله في نحو 130 قرية، بعد أن زرعوا الألغام وجهزوا الكمائن، في انتظار وصول الدبابات الإسرائيلية، مما أدى إلى خسائر إسرائيلية كبيرة .
* الصواريخ المضادة للدبابات: تقول الصحيفة استنادا إلى مصادر عسكرية، بان الجيش الإسرائيلي كان يعرف بان مقاتلي حزب الله مزودين بأحدث الصواريخ المضادة للدبابات، ومنها سوفيتية الصنع، ومع ذلك فان مقاتلي الحزب فاجؤوا الجنود الإسرائيليين .
ولم تكن هذه الصواريخ فعالة ضد الدبابات الإسرائيلية فقط، ولكن أيضا ضد الجنود، والمثال الأبرز على ذلك مقتل 9 من جنود الاحتياط في قرية دبل، قرب بنت جبيل، عندما قصف المنزل الذي اختبئوا فيه بمضادات الدبابات .
والنتيجة، انه خلال 35 يوما من القتال، وكما قال قائد المدرعات في الجيش الإسرائيلي العميد هالوتسي رودوي للجيروسالم بوست، تضررت 40 دبابة من اصل 400 دبابة عملت في لبنان، 20 منها دمرت، وقتل 30 من طواقم الدبابات .
وتحاول مصادر الجيش الإسرائيلي تحميل المسؤولية عن هذا الإخفاق للدبابات إلى ما تسميه قيود الميزانية، التي أدت إلى عدم تطوير الدبابات، لتكون قادرة على مواجهة الغام حزب الله وصواريخ المضادة للدبابات، ويجري نقاش واسع في أوساط الجيش الإسرائيلي حول هذا الموضوع .
* البحرية: ليلة 14 تموز (يوليو) كانت مميزة خلال الحرب، حيث وقع حادث لن تنساه إسرائيل بسهولة، عندما تمكن أفراد حزب الله من قصف البارجة الاسرائيلية المتوقفة قبالة شواطئ بيروت بصاروخ تقول المصادر الإسرائيلية انه إيراني الصنع من نوع سي 802، مما أدى إلى مقتل أربعة جنود، وفتح النقاش حول فعالية النظام المضاد للصواريخ على متن السفينة، الذي وقف عاجزا امام الصوارخ .
ويحاول سلاح البحرية الإسرائيلي إثبات جدارته بعد النكسة التي مني بها، من خلال فرض الحصار البحري على لبنان، الذي ربما يستمر لعدة اشهر، أو حتى انتهاء قوات الأمم المتحدة من الانتشار .
وتقول الصحيفة أن هذا الحصار الذي تنفذه سفن الأسطول الإسرائيلي، هو أطول واوسع عمليات لسلاح البحرية .
وعلى الأرجح فان النشاط الفعال الذي يحاول أن يثبته سلاح البحرية الان، لن يقلل من أهمية الأسئلة التي على أي لجنة تحقيق إسرائيلية فحصها مثل لماذا لم تدرك إسرائيل بان حزب الله يملك صواريخ مدمرة، ولماذا لم تشغل الأنظمة المضادة للصواريخ؟
*فشل الجو: نفذت إسرائيل 15،500 طلعة جوية، وضربت اكثر من 7،000، وتم تدمير معاقل حزب الله، ولكن إلى جانب ما تسميه الصحيفة هذه النجاحات، فان إسرائيل أخفقت في ما تطلق عليه عمليات القتل المستهدف وتقصد بذلك عمليات الاغتيال، التي نجحت ضد القادة الفلسطينيين، فيما فشلت ضد قادة حزب الله .
ولم تنجح إسرائيل في اغتيال السيد حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، أو أي من زملائه في القيادة، رغم انه كان يتوفر لإسرائيل في كل مرة "معلومات موثوقة" عن مكان وجوده، ومن ابرز الاخفاقات في استهداف نصر الله، عندما أسقطت الطائرات الإسرائيلية 23 طنا من المتفجرات .
وتحاول مصادر عسكرية تفسير سبب هذا الفشل الاستخباري، إلى وجود ثلاثة أجهزة أمنية تعمل في إسرائيل هي الاستخبارات العسكرية، والموساد، والشاباك، ربما مستوى التنسيق بينها ليس كما يجب .
ورغم ما ينظر إليه في إسرائيل بنجاح سلاح الجو في تحقيق الأهداف من ضرب وتدمير، إلا أن حزب الله، نجح في إسقاط عدد من المروحيات الإسرائيلية، بالإضافة إلى سقوط مروحية تقول إسرائيل بأنها بسبب أعطال ميكانيكية .
وتتطرق الصحيفة إلى ما تصفه الضعف في العلاقات العامة، الذي ظهر بعد المجزرة في قرية قانا، ففي حين كانت محطات التلفزة، تبث صورا مروعة عما حدث، لم ينجح الناطقون باسم الجيش الإسرائيلي تقديم ولو دليل واحد على انه تم إطلاق صواريخ الكاتيوشا من القرية، خلال المؤتمرات الصحافية التي عقدها هؤلاء بعد المجزرة .
وترى المصادر العسكرية ان الأضرار الناتجة عن لمجزرة، هو اقتناع وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس، بان على إسرائيل إيقاف النشاط الجوي الإسرائيلي لمده 48 ساعة .
* التموين: في إسرائيل يسود الاعتقاد بان الحرب الأخيرة على لبنان هي حرب الاحتياط، بدأت باسر حزب الله لجنديين من الاحتياط، وقتل خلال القتال 46 منهم، والان يقود جنود الاحتياط حركة الاحتجاج على الحرب، ويتهمون الجيش بالزج بهم في الحرب دون استعداد .
ويصف هؤلاء بالعار النقص في الماء والغذاء والمعدات، وحسب الصحيفة، فان كثيرا من جنود الاحتياط الذين زجوا في الحرب لم يجدوا أمامهم سوى نهب المتاجر اللبنانية، وأصبحت قصص الجنود الجوعى والعطشى مثار اهتمام كبير في إسرائيل .
ويعترف الجيش الإسرائيلي، بوجود الأخطاء في إمدادات الغذاء والماء والمعدات لجنود الاحتياط، ولكنه يضع اللوم على الحكومة الحالية والحكومات السابقة التي خفضت ميزانية الدفاع .
ويقول الميجور جنرال افي ميزراشي المسؤول عن عمليات التموين "كنت أتمني أن يكون لدينا المال لشراء كل اللوازم، ولكن عندما يكون لديك قيود في الميزانية فأنت مضطر لتقرر ما هي الأوليات" .
وواضح تماما بأنه لم يكن من تلك الأولويات الاهتمام بجنود الاحتياط، الذين تمردوا بعد صمتت المدافع ويهددون بالتمرد على قيادة الجيش، وهو أمر ينظر إليه بخطورة كبيرة في إسرائيل، حيث كان الجيش دائما أهم مؤسسة تحظى بالثقة، منذ تأسيس الدولة، ولكن هذه الصورة بدأت تتشوه الان.