لا الحرب توقف براميرتز ولا وقف النار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
زار دمشق وسينتقل قريباً لساعات إلى بيروت
لا الحرب توقف براميرتز ولا وقف النار
إيلي الحاج من بيروت: أمسك القاضي البلجيكي سيرج براميرتز مستنداته بقوة خلال الحرب المتعددة التسمية بين إسرائيل و"حزب الله"، فهو لم يعطّل قسريا خلالها كاللبنانيين والإسرائيليين في شمال الدولة العربية، لا بل رددت معلومات توحي مصادرها الثقة في بيروت، ولكن من دون إسناد رسمي، أنه انتقل من مقره الموقت في نيقوسيا إلى دمشق في عز صولات المعارك في لبنان، وطرح أسئلة على مسؤولين في العاصمة السورية ، كأن شيئاً من معارك وقتل جماعي وتدمير شامل لا يجري في البلد الذي يحقق رئيس لجنة التحقيق الدولية في جريمة اغتيال رئيس وزرائه السابق رفيق الحريري ذات 14 شباط/ فبراير 2005 .
ونقل عن براميرتز قوله ان ظروف العمل في جزيرة قبرص تساعد أعضاء اللجنة درس الوثائق والملفات وسط مناخات هادئة بعيدا عن الضغط الأمني والسياسي الذي كان سائدا لبنان قبل ١٢ تموز/ يوليو، تاريخ اندلاع الحرب التي استمرت 33 يوما. والأرجح ان يبقى وفريقه هناك رغم انتهاء الحرب ووقف العمليات العسكرية في انتظار وقف نهائي لإطلاق النار، وذلك لأن التداعيات السلبية لهذه الحرب لن تغيب قريباً، إن سياسيا أو أمنياً واقتصاديا واجتماعيا.
وآخر أخبار براميرتز أنه سينتقل إلى العاصمة اللبنانية خلال اليومين المقبلين في زيارة يلتقي خلالها وزير العدل شارل رزق ومدعي عام التمييز سعيد ميرزا وقاضي التحقيق في ملف الجريمة ايلي عيد وكبار المسؤولين القضائيين المعنيين، ويبحث معهم في تطورات القضية والنتائج التي توصلت إليها اللجنة الدولية في المدة التي انشغل فيها لبنان بالحرب.
ومن المقرر أن يرفع براميرتز تقريره الى الامين العام للأمم المتحدة يوم الثلاثاء في 19 ايلول، وفق ما كشفت مصادر قضائية في بيروت. وتؤكد مصادر قريبة من أجواء التحقيق أن القاضي البلجيكي ليس في وارد تأجيل تقديم التقرير بذريعة الحرب، خصوصا ان المعطيات التي توافرت لدى لجنة التحقيق تؤمن لها مادة كافية لهذا التقرير.
وفي الموازاة يتوقع أن يصل إلى لبنان منتصف الشهر المقبل مساعد الامين العام للأمم المتحدة للشؤون القانونية نيكولا ميشال ليضع اللمسات الاخيرة على صيغة الاتفاق بين لبنان والامانة العامة للأمم المتحدة على إنشاء المحكمة الدولية للنظر في قضية اغتيال الرئيس الحريري، على أن يناقش مجلس الوزراء لاحقا هذا الاتفاق ويقره ، ثم يحيله على مجلس النواب للمصادقة عليه في شكل عاجل. وبعد ذلك تنصرف الحكومة الى انشاء المحكمة وتعيين القضاة اللبنانيين فيها.
"ظل لحزب الله في اغتيال الحريري!"
وكانت أوساط متابعة لهذه القضية توقفت عند تقرير نشرته صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية لمراسلها في المنطقة جورج مالبرونو، الذي سبق أن اختطف وبقي أشهرا رهينة لدى مسلحين في العراق، وقد وضع له عنواناً :"ظل حزب الله في عملية إغتيال الحريري"، مشيراً إلى شبهات تحوم حول تورط ما لهذا الحزب مع الاستخبارات السورية في الجريمة.
وجاء في التحقيق: " يعمل المحققون اللبنانيون المعنيون بقضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري (في 14 فبراير 2005)، منذ أشهر، على خيط جديد يوصل إلى حزب الله. وأكّد شخص قريب من النائب سعد رفيق الحريري للوفيغارو أن "التحقيق الدولي الذي يديره القاضي سيرج براميرتز يتّجه بدوره في هذا الإتجاه". وقد أحيط قاضي التحقيق الفرنسي جان-لوي بروغيير، الذي يتولى التحقيق في إغتيال الكاتب والصحافي سمير قصير في بيروت، علماً بهذا الخيط الشيعي أثناء زيارته أخيراً للبنان. وجدير بالذكر أن القاضي براميرتز لم يتعوّد التعليق على تحرياته.
"وكانت نقطة الإنطلاق هي نجاح قوى الأمن الداخلي اللبنانية في تعيين مجموعة من الهواتف النقّالة، التي لم يتم إستخدامها سوى قبل عملية الإغتيال وبعدها مباشرةً. ويقول مصدر قريب من قوى الأمن الداخلي في بيروت أن "مالكي هذه الهواتف، وهم عشرة كحد أقصى، توقّفوا عن استخدامها بعدما تلقّوا تعليمات بالفرار من الملاحقة بعد مقتل الحريري". ولكن أحد هؤلاء ارتكب خطأً، إذ اتصل استخدم هاتفه للإتصال بصديقٍ له لم تكن عضواً في شبكة المتواطئين في عملية القتل.
"وبفضل كشوفات شركة الهاتف، سجّل رجال الشرطة رقم الصديق، ثم استجوبوه. فكشف لهم إسم الشخص الذي اتّصل به. ويعتقد أن هذا الشخص هرب من لبنان، وأنه قد يكون موجوداً في سورية باعتبار أن عائلته في لبنان تلقّت إتصالاً من دمشق. ويقول الشخص القريب من النائب سعد الحريري، أن هذا المشبوه لبناني، وعلى صلة بأوساط حزب الله وبأجهزة إستخبارات الحزب. والتحرّيات حثيثة للعثور عليه، مع أنه لم يتم توجيه طلب إلى "الإنتربول" للمساعدة في اعتقاله. في حين يقول مصدر قريب من التحقيق أن "المحققين اللبنانيين يشعرون بالذعر مما اكتشفوه". أما الأعضاء الآخرون في الشبكة، فلم تتحدد هوياتهم.
وأضاف مالبرونو في تحقيقه: "إن حزب الله لا يجهل أياً من تفاصيل هذا العنصر الجديد في ملف التحقيق. والواقع أن قوى الأمن الداخلي اللبنانية ارتكبت حماقة حينما استجوبت أعضاء عائلة الشخص الجاري البحث عنه، فأبلغت هذه العائلة حزب الله. إن الموضوع كله ليس أكثر من خيط للتحقيق حتى الآن. فقوى الأمن الداخلي والقاضي براميرتز لا يملكان على الأرجح أي إثبات على صحة هذه الشكوك. ولكن قوى الأمن والمحقق الدولي يعتبران هذا الخيط "جدّياً". ولا يغيّر هذا الخيط شيئاً في الوجهة العامة للتحقيق: فسورية (النظام) تظلّ المشبوه الأول. وحسب إختصاصي في الشؤون الأمنية: "قام السوريون بتجزئة عمليتهم، إذ كلفوا حلفاءهم المتعددين في لبنان إعداد جريمة الإغتيال، من غير أن يعرف كل من هؤلاء ما يقوم به الآخر".
سورية تظل المشبوه الأول
ويتابع : "حسب هذا المخطّط، كان لحزب الله دور خاص به. ويتساءل الشخص القريب من سعد الحريري: "من كان يملك القدرة على إدخال كمية من المتفجرات تعادل 1200 كيلوغرام من مادة "تي إن تي" إلى لبنان؟ إما سورية، وإما جهاز أمن لبناني يعمل لمصلحة سوريا، وإما حزب الله". وكان 4 جنرالات لبنانيون يديرون أجهزة الأمن أول المعتقلين في آب/أغسطس 2005 بتهمة التواطؤ في عملية إغتيال الحريري.
ويسأل : "هل كان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مطّلعاً على تحضيرات الإغتيال؟ أم يعني ذلك، وبالعكس، أن "عرّابه" السوري، الذي كان يتحكم في عمليات مرور الأسلحة الإيرانية الموجّهة إلى حزب الله، قد فرض عليه ذلك بالإكراه؟" وينقل عن مصدر قريب من قوى الأمن الداخلي في لبنان قوله إن "السوريين، عبر توريطهم لحزب الله في جريمة إغتيال الحريري، يملكون ورقة إبتزاز للسيد نصرالله". وهذا ما يمكن أن يفسّر أنه طوال فترة الحرب الأخيرة مع إسرائيل، أبدى زعيم حزب الله حذراً كبيراً إزاء السوريين، حسب مصدر مطّلع في جهاز الأمن اللبناني. ويعتقد هذا المصدر أن إبتعاد حزب الله عن حليفه السوري يمكن أن يكون خطراً جداً على الحزب بعد الآن".
الحريري كان يزعج مخططات حزب الله؟
ومع أن العلاقات بين الرئيس الحريري وحزب الله لم تكن متينة في أي وقت، فما هي مصلحة حزب الله في اغتياله؟ يجيب المصدر القريب من سعد الحريري أن "الرئيس الحريري، الثري السنّي، كان بحكم مكانته ونفوذه يزعج مخططات حزب الله في لبنان، وكذلك مطامح إيران الساعية إلى تعزيز نفوذ حلفائها الشيعة في لبنان".
ويختم : "هل تورّطت إيران في عملية الإغتيال؟ ما هي الصلات التي تربط الشخص الجاري البحث عنه بالباسداران؟ يبحث المحققون عن إجابات لهذه الأسئلة. وفي الظرف الراهن، يمكن أن تكون أي معلومة يتم الكشف عنها خطرة جداً. خصوصاً أنها يمكن أن تزيد حدة التوتّر الطائفي بين الشيعة والسنة في لبنان".
جدير بالذكر أن النائب سعد الحريري صرح قبل أيام لشبكة "سي. ان. ان" الاميركية انه لوكان والده الرئيس الحريري حياً لما وقعت الحرب الأخيرة بين إسرائيل ومقاتلي "حزب الله" . وتابع: "أعتقد انه لو كان لا يزال حيا لما كانت سورية معزولة وكل العالم يوجه اليها أصابع الاتهام باغتيال رفيق الحريري".
وسئل: هل تعتقد أن النظام السوري أدى دوراً في اغتيال والدك؟
أجاب: "أجل أعتقد".