مقرب من جمال مبارك يتحدث عن تصعيد دوره
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
تغييرات مرتقبة خلال مؤتمر الحزب الحاكم في مصر
مقرب من جمال مبارك يتحدث عن تصعيد دوره
نبيل شرف الدين من القاهرة : في وقت يتأهب فيه الحزب الوطني الحاكم في مصر لمؤتمره السنوي مطلع الشهر المقبل، ووسط تكهنات بأن يطاح بعدد آخر من رموز الحرس القديم، تحدث حسام بدراوي العضو البارز في أمانة السياسات بالحزب الوطني، التي يرأسها جمال مبارك نجل الرئيس المصري، عن خطة تستهدف تصعيد الأخير ليخلف والده في حال غيابه لأي سبب من الأسباب . وليس هناك ثمة خلاف بين معظم المراقبين من مشارب شتى على حقيقة أن جمال مبارك أصبح يؤدي الآن دور "مهندس السياسة المصرية"، وهو جعله يقترب يوماً بعد الآخر من صفة "رئيس الظل"، إذ يضع البرامج ويدشن الخطط الإستراتيجية للحزب الحاكم، فضلاً عن أن مبارك "الابن" بات واحدا من بين شخصيات قليلة ظهرت بسرعة وبقوة على سطح السياسة المصرية في السنوات الأخيرة، وأن هناك عملية "تسويق سياسي" تجري لصالحه على قدم وساق، وتنضج ثمارها على نار هادئة، تخبو حياً وتتأجج أحياناً لكنها لا تنطفئ لحظة واحدة .
غير أنه لا يمكن إغفال ما شهده العام الماضي 2005، من تصاعد واضح لوتيرة الحراك السياسي في الشارع المصري، وارتفاع أصوات لأول مرة معلنة رفض استمرار مبارك في الحكم، وأخرى تبادر برفض ما اعتبرته "مخططات" تستهدف توريث نجله جمال، رغم الإنكار المتكرر من قبل مبارك الأب والابن، وكثيرين من كبار المسؤولين المقربين لهما .
خطة التوريث
ويتحدث المراقبون والمعنيون بالشأن الداخلي في مصر عن خطة محكمة، تتفاوت سيناريوهات تلك الخطة من مراقب لآخر، وإن كان هناك ثمة اتفاقاً على أنها تعتمد منهج "الإحلال والتجديد" داخل قيادات الحزب الحاكم، بهدف استبعاد عدد محدود من الحرس القديم، ومن خارج دائرة "رجال جمال"، مع مراعاة أن يكون ذلك على فترات متباعدة، وفي الوقت ذاته يجري إلحاق عدد من أنصاره محل المبعدين، شريطة أن تجري الأمور بهدوء وسلاسة ومن دون صخب .
ويرى المراقبون أيضاً أن تنفيذ هذا المخططيعتمد على أربع قوى كبيرة تصب جهودها جميعاً في اتجاه "دائرة التوريث"، تأتي في مقدمتها مؤسسة الرئاسة بما لديها من سلطات غير محدودة، وأدوات هي الأقوى ليس في مصر بل ربما في محيطها الإقليمي أيضاً، وهذه المؤسسة صاحبة الكلمة العليا في الشأن المصري عموماً، لا تنازعها فيه أي جهة .
أما المؤسسة الثانية التي تدفع بشدة في اتجاه التوريث، وتلعب دوراً مفصلياً في هذا السياق، فهي دائرة الضيقة التي تضم القيادات العليا في الحزب الوطني، إذ أنها بمثابة "البوابة الملكية لعبور المحيطات" الدولية والإقليمية والمحلية، والالتفاف على أمواجها الهادرة، حيث ارتقى جمال وصحبه سلم الحزب، ليتسلل لاحقاً إلى كافة المفاصل الحيوية في الدولة . تأتي المؤسسة الثالثة ممثلة في دائرة تنامى دورها على نحو ملحوظ لا تخطؤه العين خلال العقدين الماضيين، وتضم مجموعة من رجال الأعمال الذين يسيطرون على أسواق المال والاقتصاد، ويهيمنون على دوائر الأعمال، كما أصبح عدد منهم وزراء في حكومة أحمد نظيف، وتمكن بعضهم من دخول البرلمان، وارتبطت مصالحهم بتصاعد نفوذ مبارك الابن إلى الحد الذي جعل من دفاعهم عن مسألة التوريث تعني بصورة أو أخرى دفاعاً عن كيانهم ووضعهم المتميز على الخارطة الداخلية في أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وأخيراً لا يمكن أن نغفل الدور الهام الذي يلعبه المجلس القومي للمرأة ـ الذي ترأسه السيدة سوزان مبارك ـ والذي يعد رافداً مهماً لدعم فريق جمال، وتعزيز مكانته تصعيد دوره .
تصريحات بدراوي
وعودة إلى التصريحات المثيرة التي أطلقها حسام بدراوي الذي يصنف كوجه بارز في ما أصبح يوصف بـ "فريق الإصلاحيين" داخل الحزب الحاكم، حيث يؤكد أن دور الحزب الآن تجاوز مجرد المنافسة للحصول على الأغلبية، معرباً عن اعتقاده بأن معيار "نجاح عملية الإصلاح يتمثل فقط في حصول المعارضة على عدد أكبر من مقاعد البرلمان"، كما اعترف بأن هذا يواجه بمقاومة من داخل الحزب الوطني، وأضاف "نحن كحزب حاكم نتطلع للحفاظ على كراسي الحكم وأن يكون هناك مرشحون للرئاسة، سواء كان الرئيس مبارك أم من يخلفه في مرحلة تاريخية مقبلة" . ومضى حسام بداروي الذي رشحته تكهنات سابقة ـ لم تتحقق ـ لمنصب وزاري، بل وحددت حقيبة التعليم باعتباره رئيس لجنة التعليم بالمجلس الأعلى للسياسات بالحزب الحاكم، قائلاً إن "الحزب الذي لا يعد كوادر لهذه المهمة، يكون حزباً فاشلاً، وجمال مبارك هو أحد هذه الشخصيات المرشحة لدور كبير، لكن أيضاً هناك قيادات أخرى مؤهلة لهذا الدور" .
وفي دراسة هامة حملت عنوان "ظاهـرة الجمهوريات الوراثية في الوطن العربي"، يقول الدكتور عبد الله الفقيه، أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء: "اتبعت النخبة الحاكمة في مصر، في سعيها لنقل السلطة، من مبارك إلى جمال، إستراتيجية من ثلاثة أبعاد، أولها: عدم تصعيد أحد من أفراد النخبة لموقع نائب الرئيس. وثانيها، عدلت النخبة الحاكمة الآليات التي يجري من خلالها انتخاب رئيس الجمهورية بطريقة تضمن معها عدم ظهور منافس حقيقي لجمال في الانتخابات، وثالثها، بدأت النخبة، منذ العام 2000 حملة مستمرة لتلميع جمال في عيون العامة، ولإظهاره كقائد لحركة شبابية تسعى إلى التغيير"، حسبالدراسة
يبقى في الختام السؤال الذي تحيطه غلالة كثيفة من الغموض، وهو: هل ينجح مبارك "الابن" في إقناع المصريين بأنه لا يعيش في جلباب أبيه؟، الجواب الوحيد المؤكد لم يزل في عهدة الغيب، فالأيام المقبلة حبلى بالأحداث، وسيرى الجميع مدى نجاح جمال مبارك في تحقيق هذا الهدف، ومدى براعته في إنجازه بأقل متاعب ممكنة .