طهران لم تتخل عن برنامجها النووي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الياس يوسف من بيروت - فيينا : واصلت ايران تخصيب اليورانيوم رغم تحديد الامم المتحدة مهلة لها لتعليق هذه النشاطات تنتهي منتصف ليل اليوم . وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير سري رفعته الى مجلس الامن الدولي ان "ايران لم تعلق النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم". فيما دعا الرئيس الاميركي جورج بوش مرة اخرى ايران الى احترام المهلة التي حددتها لها الامم المتحدة ، مشددا على ضرورة ان تتحمل "العواقب" في حال لم تفعل.وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقرير رفعته الى مجلس الامن الدولي ان "ايران لم تعلق النشاطات المتعلقة بتخصيب اليورانيوم". وجاء في التقرير "واصلت ايران اختبار محركات طرد مركزي من طراز +بي 1+ في مصنعها" في نطنز "عبر وضع غاز من طراز +يو اف 6+ (هكسافلورو اليورانيوم) في بعض من الآلات، وذلك لاوقات قصيرة".
ويتابع التقرير ان هذه المحاولات وغيرها تلاها "استئناف استخدام غاز +يو اف 6+ في مجموعة الاجهزة ال164 في 24 آب/اغسطس"، اي قبل ايام من انهاء المهلة المحددة من الامم المتحدة.و قال مسؤول كبير في الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا ان المفتشين لا يملكون "ادلة ملموسة" على ان البرنامج النووي الايراني له جانب عسكري. واوضح المسؤول للصحافيين "لم يكشف المفتشون عن اي دليل ملموس بان برنامج ايران النووي له طبيعة عسكرية".
من جهته قال محمد سعيدي نائب رئيس المنظمة الايرانية للطاقة الذرية ان تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية "ليس سلبيا" وان "نشاطات التخصيب تتواصل في اطار الابحاث". واوضح سعيدي بعيد نشر التقرير "ان انشطة تخصيب اليورانيوم تتواصل في اطار بحثي وتحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
و بدوره قال وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي بعد نشر التقرير ان فرنسا "تأسف" للرد الايراني "غير المرضي" على صعيد ملفها النووي لكنها على اقتناع بضرورة "تغليب الحوار". وقال بلازي في بيان "اعرب عن اسفي لرد ايران غير المرضي على عرض التفاوض الطموح الذي عرضته عليها الدول الست" الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا والمانيا. واضاف الوزير الفرنسي "ومع ذلك فاني اظل على اقتناع بضرورة تغليب سبيل الحوار".
واعرب "في هذا الصدد عن الاسف" ايضا من "عدم التمكن من عقد لقاء قبل 31 آب/اغسطس" بين الممثل الاعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الاوروبي خافيير سولانا وكبير المفاوضين الايرانيين علي لاريجاني.
و كان من المتوقع ان تؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذریة عدم تجاوب ایران مع طلب مجلس الامن توقفها عن تخصيب اليورانيوم. وذلك مع انتهاء المهلة التي حددها مجلس الأمن الدولي في القرار ١٦٩٦ والذي أمهل ایران حتى نهایة شهر أغسطس (آب ) الحالي لوقف تخصيب اليورانيوم، وإلا واجهت احتمال فرض عقوبات عليها بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبالتحدید المادتين ٤٠ و ٤١ اللتين تعنيان التهدید بعقوبات اقتصادیة ووسائل التدخل العسكري.
وكان دبلوماسيون قريبون من الوكالة افادوا ان ایران باشرت مرحلة جدیدة من تخصيب اليورانيوم قبل یومين، وان وكالة الطاقة الذریة تعتزم الكشف عن عملية التخصيب الجدیدة التي تقوم بها ایران في تقریرها الصادر اليوم، مستشهدة بمسؤولين في واشنطن وعواصم اوروبية یراقبون الأزمة الایرانية. وهذه العملية الجدیدة تنطوي على تخصيب آميات صغيرة من اليورانيوم الى مستوى منخفض للغایة لا یمكن استخدامه في أسلحة نوویة. وقال وكيل وزارة الخارجية الاميرآية نيكولاس بيرنز: "لم نرَ أي مؤشر إلى ان ایران تعتزم الالتزام بشرط مجلس الأمن الدولي بتعليق برنامجها النووي". وأضاف: "اذا لم تلتزم خلال ساعات ، واذا أكد تقریر وكالة الطاقة ان ایران تواصل جهودها لتخصيب اليورانيوم فستنتقل الولایات المتحدة الى مناقشة فرض عقوبات في الأمم المتحدة ونتوقع اصدار قرار بفرض عقوبات".
وكانت التحركات الدبلوماسية الاوروبية قد تكثفت عشية انتهاء المهلة ، لا سيما الفرنسية التي يبدو دورها أساسيا في الترويكا الاوروبية لإيجاد صيغة للحوار مع ايران. ولكن يبدو ان ایران مصممة على مواجهة احتمال فرض مجلس الأمن عقوبات عليها، إذ رفض الرئيس الايراني احمدي نجاد عشية انقضاء المهلة قرار المجلس وأبدى استعداد طهران لمواجهة مفاعيله، معتبرا ان الرد الايراني على عرض الحوافز الاوروبي يشكل مقدمة لحوار منطقي قد يساعد على حل كل الأمور العالقة، ليس بين ايران واوروبا فحسب، بل كل مشاكل العالم. وتراهن ایران على رفع عائق مجلس الأمن عن الملف النووي أقله في المرحلة المقبلة ونقل الكرة مرة أخرى الى المفاوضات المباشرة مع الترويكا الاوروبية، معتبرة ان النجاح في ابعاد ملف برنامجها النووي عن مجلس الأمن من شأنه ان یفسح في المجال لأن تأخذ المفاوضات مجراها الطبيعي، وانه في حال توصل الجانبان الى نتيجة مرضية لكل منهما فإن هذا الملف قد يعود مرة أخرى الى المنظمة الدولية للطاقة الذرية في فيين، حيث ستكون المباحثات تقنية بحتة ولن تدخل في اعتبارات سياسية اقليمية او ما يتعلق بموازين القوى.
الایرانيون قدموا ما لدیهم في ردهم على سلة الحوافز الاوروبية: قبول وقف التخصيب نتيجة لمسار تفاوضي وليس شرطا مسبقا لبدء المفاوضات، تحديد الفترة الزمنية التي يفترض ان يتلازم فيها التوقف عن التخصيب مع جهود لمد جسور الثقة بين حكومة طهران والمجتمع الدولي - علماً أن الاميركيين يريدون ترك السقف الزمني مفتوحا- استمرار حق ايران في تخصيب اليورانيوم للأغراض البحثية والعلمية وليس للأغراض الصناعية ، اضافة الى امكانية القبول بمشاركة دولية وتحديدا اميركية في كل مسار البرنامج النووي، باعتبار ان هذا يمكن ان ينتزع أي ذريعة لدى واشنطن وعواصم الترويكا الاوروبية للذهاب في تصعيد يؤدي في مرحلة لاحقة الى فرض عقوبات على ايران.
ولكن الواضح ان الادارة الاميركية عازمة على حصار ایران ونزع أوراقها التفاوضية والاقليمية. فهي تريد رؤية ايران تنصاع للقرار ١٦٩٦ الذي ينص بشكل جلي على انه يجب عليها تعليق جميع نشاطات تخصيب اليورانيوم، والا ستواجه العقوبات. فهذا الشرط ليس أمرا فرضته الولايات المتحدة بل شرط عملت من خلاله الدول الاوروبية الثلاث: فرنسا وبريطانيا والمانيا.
ما يحصل الآن هو مشاورات بين العواصم وفي ضوئها سينظر في الاستراتيجية وكيفية متابعة القضية. ومن المتوقع ان یستأنف مجلس الأمن مناقشة الملف الایراني منتصف أیلول/ سبتمبر المقبل وسط تضارب في وجهات النظر في شأن فرض عقوبات على طهران لرفضها الامتثال لقرار مجلس الأمن، وربما تكون عقوبات خفيفة ولكن ذات دلالة رمزية وتكون بمثابة نقطة توازن يوافق عليها الروس والصينيون مقابل ألا يذهب الاميركيون أبعد في المنحى التصعيدي.