عبدالله II يقود ثورة كلنا الأردن بين جيلين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حشد يتلو حشداً توجت أمس بالشباب "فرسان التغيير"
عبدالله II يقود ثورة كلنا الأردن بين جيلين
نصر المجالي من لندن: صيف ساخن بكل الأبعاد والمواصفات عاشه الأردن، محليا حيث انطلاق مسيرة (كلنا الأردن) التي تصمم استراتيجيات الإصلاح لسنين تأتي، وعربيا حيث اشتعال جبهة الحرب الإسرائيلية على لبنان واستمرار "حرب الطوائف" ومعها تواصل الاحتلال الأميركي ـ البريطاني في العراق شرقا، وغربا تواصل عملية السلام سباتها وسط تعنت إسرائيلي يرفض التفاهم والتفاوض مع حكومة حماس المنتخبة وعلى هامش محاولات حوار فلسطيني وطني يائس يصطدم بعقبات ومماحكات بين طرفين مهمين هما حماس وعدوتها اللدودة حركة فتح التي فقدت على ما يبدو كل حصون دفاعاتها. وهذه التطورات الساخنة وتداعياتها على ما يبدو لم تقف عائقا أمام الأردن الذي بادر إلى فك حصار مطار بيروت وإشهار نفسه ممرا دوليا آمنا لعمليات الإغاثة والإسناد للشعب اللبناني في محنته وآثارها الإنسانية المفجعة.
وما لمسه زوار الأردن في الصيف الحار أحداثا وطقساً، فإنه على مدى الشهرين الماضيين ظل عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني يقود محاولة تلو أخرى لوقف نزيف الدم اللبناني على يد العدوان الإسرائيلي، وخارجيا نفذ مجموعة من الزيارات واللقاءات الدولية في سبيل تنفيذ تلك المهمة الصعبة بمشاورة مع شقيقين كبيرن هما المملكة العربية السعودية ومصر، حيث ما تم تحقيقه لبنانيا يمكن أن يكون مثالاَ لحسم قضايا عالقة أخرى لعل اهمها استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، والملك الهاشمي داخليا دشن مسيرة جديدة في بلده الصغير قليل الإمكانيات هدفها حشد كل الجهود للبناء والمشاركة في وضع الخطط والبرامج لمواجهة التحديات الداخلية والخارجية على الصعد كافة.
وفي إطار مسيرة (كلنا الأردن) التي تصمم استراتيجيات الأردن الشاملة لسنوات تأتي، كان للملك عبدالله الثاني لقاءات على مستويات مختلفة على الساحة الأردنية، كانت ذروتها أمس في منطقة البحر الميت حيث احتشد مئات من الشباب الأردني في مركز الملك حسين للمؤتمرات للمشاركة في المؤتمر التحضيري لشباب ملتقى (كلنا الأردن). وكانت سبقت هذا المؤتمر لقاءات أخرى في الشهر الماضي بمشاركة سبعمائة شخصية من كافة أطياف المجتمع الأردني سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، كما كان لزعماء وشيوخ العشائر لقاء مماثلا.
وفي لقاء الأمس، وجه الملك الأردني كلمة لشباب مملكته وصفهم فيها بـ "فرسان التغيير"، وهو أكد قناعته الراسخة، بأهمية دور الشباب، وضرورة مشاركتهم في صنع القرار، وبناء الحاضر والمستقبل، الذي يليق بعزيمة الشباب، وطموحاتهم وإمكانياتهم الكبيرة، وحماسهم للتحديث والتطوير. كما وضع الاجتماع التحضيري لملتقى شباب كلنا الاردن أمام استحقاق مشاركتهم في صناعة حاضر الوطن ومستقبله.
وقال الملك عبدالله الثاني "نحن حريصون على تأمين المستقبل الأفضل للشباب، وأريدكم أن تكونوا متأكدين أن الهموم والمخاوف التي تراود بعضكم حول توفير فرص العمل، وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، هي على رأس أولوياتنا، لأنها قاعدة أساسية في بناء الأردن الأنموذج".
وحذر من خطورة الانجرار وراء الشعارات الفارغة، ولا أن نكون أدوات بأيدي جهات لا تريد الخير لهذا البلد، مؤكدا جلالته ان الخطوة الأولى لمواجهة التحديات الخارجية أو الداخلية هي الحفاظ على الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية، ووضع مصلحة الأردن فوق كل المصالح والاعتبارات، فالأردن أولا وكلنا الأردن وكلنا للأردن.
وأكد عبدالله الثاني ان تحقيق هذا الهدف يتم فقط ضمن سياق عملية متكاملة وشاملة ذات أهداف مدروسة، قائلا "هذا هو السبب وراء اهتمامه بمسيرة التعليم في بلدنا، الذي يريد له ان يكون تعليما نوعيا، حتى نتمكن من تأهيل الشباب بأسلوب علمي وتفعيل قدراتهم وطاقاتهم لمواجهة تحديات القرن الجديد، فالعالم من حولنا يتغير ولا بد من العمل على إحداث التغيير المطلوب".
ويأتي عقد الملتقى لتحديد أهم اولويات المرحلة المقبلة من وجهة نظر الشباب عبر نقاش مستفيض للتحديات ورؤية الشباب للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يرون أنها ضرورية لمستقبل الأردن.
ويستند ملتقى شباب كلنا الاردن المنبثق عن ملتقى كلنا الأردن الذي عقد الشهر الماضي بمشاركة سبعمائة شخصية من كافة أطياف المجتمع الأردني سياسيا واجتماعيا واقتصاديا الى استطلاع أجري لمعرفة رأي الشباب بالاولويات الضرورية لمواجهة التحديات المستقبلية في كافة المجالات. وكان حدد المشاركون في الاجتماع 15 اولوية تمهيدا لمناقشتها ضمن اعمال الملتقى المزمع عقده خلال الاسابيع القليلة المقبلة .
ومن وجهة نظر 750 شابا وشابة يمثلون مختلف الجامعات والمؤسسات الاكاديمية فان محاربة الفساد تاتي في صدراة اولولياتهم تتبعها الامن الوطني، وجاءت أولوية توفير عمل جديد في المرتبة الثالثة فيما تبعتها أولوية محاربة الفقر ثم غلاء المعيشة ومحاربة الواسطة والمحسوبية وتلتها في المرتبة السابعة اولوية ترسيخ الوحدة الوطنية في حين كانت اولوية مشاركة الشباب في المرتبة الثامنة .
وخلال مؤتمر أمس التحضيري تحاور الشباب الأردنيون حول اولوية محاربة الارهاب والتكفير لياتي كاولوية وطنية تاسعة من وجهة نظرهم في حين كانت اولوية تطوير التعليم وترسيخ قيم الشفافية والمساءلة والمحاسبة واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وتعزيز علاقات الاردن العربية وتوفير البنية التحتية في المحافظات خلفها.
وجاءت وحدة وسيادة العراق فقد جاءت في المرتبة الخامسة عشر من ضمن اولويات الشاب الاردني. كما استمع المشاركون من الشباب الى ايجازات قدمها نائب رئيس الوزراء وزير المالية زياد فريز حول التحديات الاقتصادية التي تواجه الاردن ، وايجاز من مدير المخابرات العامة اللواء محمد الذهبي حول التحديات الامنية فيما قدم وزير الخارجية عبدالاله الخطيب ايجازا حول السياسة الخارجية الاردنية والتحديات التي تواجهها. كما قدم مقرر هيئة (كلنا الاردن) عبدالله وريكات ايجازا حول الهيئة واجتماعات الملتقى السابق التي نتج عنها 15 اولوية ووثيقة كلنا الاردن .
وأثنى معلقون أردنيون عاليا على لقاء الملك عبدالله الثاني بقطاعات الشباب وحديثه معهم، وقالوا أنه اتصف بهذه اللغة الملكية المباشرة والصريحة والواضحة والتي تأخذ بعدها ودلالاتها على مساحة الوطن الاردني وتتجاوز في قراءتها الراهنة الى فضاءات المستقبل الذي يحمل في طياته الامل والتغيير وبخاصة ان قائد الوطن وصف الشباب بأنهم فرسان التغيير، القادرون على احداث التغيير المطلوب والمأمول.
وقالت صحيفة (الرأي) القريبة من الحكم في افتتاحية لها "ولأن مثل التغيير لا يتحقق ولا ينهض ولا يأخذ طريقه الى الترجمة الميدانية الا وفق شروط ومعطيات يجب ان تتوفر فان جلالة الملك رسم معالم الطريق لشبابنا عبر الطلب الصريح اليهم بالتعبير عن افكارهم وطموحاتهم والمساعدة في ايجاد الطرق المناسبة للوصول اليها لمواجهة تحديات القرن الجديد".
واستطردت تقول "حتى لا تبدو الامور في نظر الشباب وكأنها ذهاب الى التخمين والتوقعات فان جلالة الملك طمأنهم الى انه طلب الى بعض المسؤولين السياسيين والأمنيين والاقتصاديين وضعهم "اي الشباب المشاركين" في صورة التحديات الداخلية والخارجية على كافة الأصعدة كي تتم الاستفادة من ابداعاتهم وقدراتهم وافكارهم وكي يكونوا كما ارادهم جلالة الملك شركاء في التفكير ووضع الخطط والبرامج لمواجهة هذه التحديات التي يؤكد قائد الوطن قدرة بلدنا وشعبنا وشبابنا على وجه الخصوص على تجاوزها والتصدي لها وبما يضمن ان تكون عزائمهم واراداتهم العامل الرئيس والاساس في بناء الاردن والمحافظة على منجزاته وترسيخ الديمقراطية والتعددية التي تغني المسيرة وتساهم في بناء المجتمع الحضاري القادر على التعامل مع الواقع والمستجدات باسلوب وادوات عصرية قادرة على مواكبة كل التطورات".
ورأى المعلقون الأردنيون أن ملتقى شباب كلنا الاردن التحضيري خرج الى فضاء رحب ودعوة ملكية مفتوحة بلا حدود كي ينخرط الشباب الاردني في ورشة العمل الوطنية التي دشنها ملتقى كلنا الاردن الذي عقد في شهر يوليو (تموز) الماضي بمشاركة كافة اطياف المجتمع الاردني وشرائحه السياسية والاجتماعية والاقتصادية وكي يرتبوا الاولويات الـ 37 التي تم تحديدها وفق اهميتها وما يرونه ازاءها بعد نقاشات صريحة ومقابلات تأخذ في الدرجة الاولى والاخيرة مصالح الأردن العليا وان يكونوا في اعلى درجات الوعي والمسؤولية في المحافظة على امن بلدهم واستقراره ومستقبله الذي يتأسس ويتم تحصينه وتتكسر عليه كل المؤامرات كما التحديات الداخلية والخارجية.
ويقول هؤلاء ان مثل هذه اللقاءات والمؤتمرات في إطار (كلنا الأردن) تؤكد كلها على مسيرة الوحدة الوطنية وتماسك الجبهة الداخلية بما يستدعي المحافظة عليها وحمايتها ووضع مصلحة الاردن فوق كل الاعتبارات والمصالح الفئوية او الشخصية او الحزبية او الجهوية وان يكون شعار الجميع الاردن اولا وكلنا الاردن وكلنا للأردن.
وكان الملك عبدالله الثاني حض من أسماهم بـ "فرسان التغيير" وهم الذين كان لامس همومهم وتحدث بلغتهم والتقاهم اكثر من مرة وحاورهم وشجعهم على الحديث بكل صراحة ودون وجل او خوف ولهذا طمأنهم الى مستقبلهم الذي هو مستقبل بلدهم وشعبهم، والملك قال لشباب مملكته بكل شفافية وصراحة ومكاشفة "ان الهموم والمخاوف التي تراود بعضهم حول توفير فرص العمل وتحقيق العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص هي على رأس اولوياتنا لأنها قاعدة اساسية في بناء الاردن الانموذج".
وأخيرا، فإن الملك الأردني وضع شباب بلده امام مسؤولياتهم و"ان الكرة في ملعب الجميع بما نحن شركاء كلنا في المسؤولية وفي اتخاذ القرار والتنفيذ وتحمل الامانة ما يعني ان يلتفت الشباب الى ما يقوي مسيرتنا ويرفد ابداعاتنا وتعين قدرتنا على تحقيق الاهداف الموضوعة التي وبالضرورة وراء ضمان ان تأتي في سياق عملية متكاملة وشاملة ذات اهداف مدروسة تسهم في بناء المجتمع الحضاري القادر على التعامل مع الواقع والمستجدات باسلوب وادوات ومقاربات عصرية تمتلك القدرة على مواكبة كل التطورات بما تطلبه من مرونة ووعي وعلم وارادة، كما علقت صحيفة (الرأي).