الأردنيون على إيقاع الحدثين اللبناني والفلسطيني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من عمّان: يتوجب على الداخل إلى مقر جمعية مناهضة الصهيونية والعنصرية، أن يدوس على علم إسرائيلي رسم على أرضية المدخل،
وتبدو الجمعية كجزيرة صغيرة في محيط الحي الهادئ، الذي نقل عدوى الهدوء إلى مقر الجمعية، ولكن المتابعين لشؤون العمل السياسي في الأردن يعتبرون ذلك طبيعيا، حيث لا يقبل الجمهور الأردني المتعاطف مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، والقضايا العربية، وهو ما تتبناه الجمعية، على المشاركة في نشاطات جماهيرية تدعو إليها الأحزاب الأردنية أو الفلسطينية العاملة في الساحة الأردنية، بسبب ما يعتبر ضعف ثقة الجمهور بهذه الأحزاب.
ويفخر مسؤول في الجمعية، تحدث لمراسلنا، بان الجمعية تمكنت من تنظيم اعتصام تضامني ناجح، في الأسبوع الماضي، مع الأسرى الأردنيين في السجون الإسرائيلية، بدون تصريح مسبق من السلطات الأردنية، ويقول بأنه رغم أن المشاركة لم تكن كبيرة، إلا أن الاعتصام كان ناجحا لعلم كل مشارك ومشاركة ما سينتظره في حال أن الحكومة أرادت فض الاعتصام.
ولكن الحكومة، كما يعتقد، تغض النظر عن نشاطات مثل هذه، في ظل أجواء الغضب المشحونة ضد إسرائيل، بسبب ممارساتها في لبنان وفلسطين.
ويمكن للزائر للأردن أن يلحظ مظاهر الاحتقان والغضب في كل مكان بين المواطنين ويلمس تعاطفهم مع لبنان وفلسطين، ولا تتجسد هذه المظاهر في عمل على الأرض، في حين أن مؤسسات شعبية ورسمية تحاول أن تسهم عمليا في التضامن مع الشعبين الفلسطيني واللبناني، ويتباين ذلك من منطقة إلى أخرى.
ففي أحياء عمان الغربية الراقية، تنشط جمعية غير ربحية تدعى (تكية أم علي)، لجمع تبرعات ضمن حملة أطلقت عليها (حملة إغاثة لبنان وفلسطين) تحت شعار "لندعم صمودهم بتوفير الغذاء لهم..ساعدوا إخواننا في فلسطين ولبنان".
ووضعت الجمعية مندوبين لها في المجمعات التجارية الضخمة في غرب العاصمة التي يؤمها عادة الأثرياء المحليين، والسياح خصوصا من دول الخليج العربي.
وتأسست هذه الجمعية عام 2005، وكما تقول منشوراتها فإنها ساعدت نحو 47 ألف فقير في الأردن، واعتمدت في ذلك على تبرعات محلية، وتتكفل الأميرة هيا بنت الحسين بتغطية التكاليف الإدارية والتشغيلية للجمعية.
وبالإضافة إلى وجود مندوبين دائمين للتكية في المجمعات التجارية الفخمة، مثل مكة مول، وعبدون مول، واسواق السلام، والقرية العالمية، تستطيع الجمعية تسيير ما تطلق عليه (المندوب السريع) لمن يريد أن يتبرع من المدن الأخرى مثل الزرقاء واربد والعقبة.
وفي الأوساط الأكثر جماهيرية تنشط مؤسسات عرفت تقليديا بتبنيها مشاريع لجمع تبرعات لقضايا قومية مثل نقابة صيادلة الأردن التي أطلقت حملة لدعم الشعب اللبناني تحت عنوان "انتصر الدم على السيف".
ولا تتوفر إحصاءات عن مدى نجاح هذه الحملات، التي تساندها بطريقة غير مباشرة وسائل إعلام شبه رسمية مثل الصحف التي أصدرت ملصقات خلال الحرب على لبنان عن المجازر التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي بحق المدنيين، مثل صحيفتي الرأي والدستور.
ولا تثير حملات الإغاثة هذه، اهتماما لدى أوساطا شعبية عديدة، تعاني من وضع اقتصادي سيء، ولكن يمكن في هذه الأوساط لمس الحماس الشديد للشعبين الفلسطيني واللبناني.
وقال الشاعر الشعبي مشهور البصار الذي يعيش في البادية الشرقية الأردنية، بان ما يفيد الشعبين اللبناني والفلسطيني هو العمل الجدي للتضامن معهم، ويتحمس البصار لالقاء قصيدة شعبية بمرافقة آلة الربابة التي يتأبطها لكل من يرغب بسماعه عن ما يسميه صمود حزب الله، ويطلب من المستمع أن يكتم ما سمعه من آبيات خصوصا ما يتعلق ببعض الحكام العرب.
أما محمد الدرابيعي وهو سائق شاحنة، من اصل فلسطيني، فيقول بأنه مع كل شخص يطلق النار على إسرائيل، ويرى نفسه الان في معسكر السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله.
وهو لم يبدل موقفه من نصر الله، مثل زميله فايز الذي استاء من تصريحات نصر الله حول انه لما كان يقدم على اسر الجنديين الإسرائيليين لو كان يعرف بان الرد الإسرائيلي سيكون بالقسوة التي حدثت.
وقال لمراسلنا "خذلنا نصر الله، لقد تابعناه طوال فترة الحرب وكنا معه في كل لحظة، ولكنني الان اشعر بالخيبة ولو كان الأمر بيدي لحاكمته".
وتوجد قناعة في الأردن بأن هذا البلد سريع التأثر بما يجري حوله، خصوصا في العراق وفلسطين واخيرا لبنان، وكان يقال سابقا إذا عطست الضفة الغربية فان عمان تصاب بالأنفلونزا، والان فان ما يحدث في لبنان يلقي بظلال كثيفة على الأردن، وكأن المصير المشترك يربط الدول التي كان يطلق عليها بلاد الشام، وحتى أوساط لبنانية ترى في الأردن امتدادا طبيعيا لنشاطها، ويلفت انتباه الأردنيين الان المشروع الضخم الذي تنفذه شركات سعد الحريري زعيم تيار المستقبل اللبناني، في منطقة العبدلي الحيوية في العاصمة عمان، حيث تعمل الآليات طوال ساعات طويلة في إنجاز المشروع الذي سيضم فرعا للجامعة الأميركية وتجمعات تجارية ونشاطات أخرى.