أخبار

الديموقراطيون يضغطون على بوش لاقالة رامسفلد

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: صعد الديموقراطيون في الولايات المتحدة ضغوطهم على الرئيس الأميركي جورج بوش لاقالة وزير الدفاع دونالد رامسفلد قبل الانتخابات التشريعية التي ستجري في تشرين الثاني(نوفمبر). ومع عودة الكونغرس هذا الاسبوع من عطلة استمرت شهرا، قادت السناتور باربرا بوكسر تلك الحملة بعد ان اعلنت نيتها طرح مشروع قانون لتعديل ميزانية الدفاع يدعو الرئيس الى تعيين وزير جديد للدفاع فورا.

وتاتي تلك الخطوة بينما اعربت المعارضة الديموقراطية في الكونغرس عن غضبها من التصريحات التي ادلى بها رامسفلد الاسبوع الماضي وقارن فيها بين منتقدي السياسة الاميركية في العراق، ومن كانوا يرغبون في ارضاء النازيين، معتبرا انهم اخفقوا في فهم الطبيعة الفاشية "للارهاب الاسلامي".

وفي خطوة رمزية ينتقد مشروع القرار الذي تقترحه بوكسر تصريحات وزير الدفاع ويصفها بانها "اهانة وطنية" والقشة الاخيرة في فترة توليه وزارة الدفاع والتي حفلت بالجدل. كما وجه الديموقراطيون في الكونغرس رسالة الى بوش الاثنين دعوا فيها الى عملية اصلاح كاملة في السياسة الاميركية في العراق بما في ذلك "تغيير القيادة المدنية في وزارة الدفاع".

وجاء في الرسالة التي وقع عليها كبار اعضاء مجلس النواب والشيوخ الديموقراطيون "لا نعتقد ان القيادة المدنية الحالية لوزارة الدفاع قادرة على تطبيق مثل هذا التغيير في السياسة والاشراف عليه". واضافوا "للاسف، استراتيجتكم بمواصلة النهج (في العراق) غير مفيدة".

وجاء في الرسالة التي وقع عليها زعيم الاقلية في مجلس الشيوخ هاري ريد وزعيم الاقلية في مجلس النواب نانسي بيلوسي وغيرهم من كبار الديمقراطيين "مع وصول الهجمات اليومية ضد القوات الاميركية والعراقية الى اعلى مستوياتها منذ بدء الحرب ومع تصاعد العنف الطائفي، لا يمكننا الا ان نستنتج ان قواتنا واقعة وسط حرب اهلية على مستوى منخفض تزداد سوءا". وطالبوا بتحويل المهمة الاميركية في العراق الى مكافحة الارهاب وحماية القوات كما طالبوا ببدء عملية انسحاب تدريجي للقوات الاميركية من العراق قبل نهاية 2006 وغير ذلك من الاجراءات. وتتهم بوكسر في مشروع قرارها رامسفلد بالاخفاق في وضع الخطط الكافية لعمليات ما بعد الحرب في العراق ما ادى الى انتشار العنف وظهور مليشيات طائفية وتصاعد التمرد في العراق بشكل متسارع.

وينص مشروع القرار على ان "مجلس الشيوخ يدعو الرئيس لتعيين وزير جديد يتمتع بالرؤية والقيادة اللازمة لقيادة وزارة الدفاع". كما يدين مشروع القرار رامسفلد بسبب عدم منحه "الرجال والنساء الشجعان العاملين في القوات الاميركية المسلحة الحماية والاحترام الذين يستحقونه" وكذلك لاساءة ادارة العمليات الاميركية "الباهظة الكلفة" في العراق.

ونص مشروع القرار على انه "حتى تاريخ 31 اب(اغسطس) 2006، فقد 2635 جنديا حياتهم في العراق كما اصيب 19773 اخرون. وفي 30 ايلول(سبتمبر) 2006 بلغت التكلفة الاجمالية للحرب في العراق 5،318 مليار دولار". وقد واصل بوش تاييده لرامسفلد رغم دعوات اعضاء الكونغرس المتكررة ودعوات عدد من كبار قادة الجيش الاميركي المتقاعدين الى استقالة وزير الدفاع. واعرب العديد من الشخصيات الديموقراطية عن دعمه لمشروع القرار. وقال رئيس اللجنة الوطنية الديموقراطي هاورد دين لشبكة "سي بي اس" التلفزيونية "اعتقد ان على رامسفلد ان يستقيل. انه غير كفؤ اطلاقا".

من جهته وصف السناتور الديموقراطي جوزف بيدن رامسفلد بانه "عائق" في جهود الحرب. وقال ان رامسفلد "لا يقدم الاجابات، ودول العالم تنظر الى ما يقوله وتواصل فقدان الثقة في قدراته". الا ان كبار الشخصيات الجمهورية لا تزال تتسمك بتاييدها لرامسفلد. وقال السناتور الجمهوري متش ماكونيل للتلفزيون الاحد "اعتقد ان رامسفلد قام بعمل ممتاز". واضاف "اعتقد ان التاريخ سيذكره بصفته واحدا من اعظم وزراء الدفاع الاميركيين".

الحرب على الارهاب تسببت بعزل الولايات المتحدة

وقف العالم غداة الحادي عشر من ايلول(سبتمبر) صفا واحدا وراء الولايات المتحدة لمكافحة الارهاب، الا ان هذا الاجماع تبخر بعد خمس سنوات واصبحت السياسة الخارجية الاميركية تمن صعوبات على كل الجبهات. ويقول المسؤول السابق في البيت الابيض ووزارة الخارجية جيمس دوبينز الخبير في الشرق الاوسط "بعد خمس سنوات من اعتداءات 11 ايلول(سبتمبر)، نجحت الدبلوماسية الاميركية في عزل الولايات المتحدة بدل عزل الارهابيين".

وقدمت الولايات المتحدة تشكيل حكومة ديموقراطية في افغانستان بعد هزيمة حركة طالبان في خريف 2001، على انها الانتصار الاول لتحالف واسع كان يفترض ان ينجز الامر نفسه، بحسب واشنطن، في العراق وايران وفي النزاع الفلسطيني الاسرائيلي. لكن حكومة الرئيس حميد كرزاي لم تتمكن من وضع حد للهجمات المتكررة لحركة طالبان وانصار تنظيم القاعدة بقيادة اسامة بن لادن الذي لا يزال متواريا عن الانظار، وذلك رغم انتشار عدد كبير من قوات حلف شمال الاطلسي والولايات المتحدة في افغانستان.

اما العراق فهو، بحسب اختلاف الاراء، على حافة الحرب الاهلية او انه انزلق اليها، مع اعتداءات يومية واعمال عنف طائفية تتسبب بسقوط العديد من القتلى، وذلك بعد ثلاث سنوات من سقوط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين. ودخلت ايران التي عزز موقفها النفوذ المتزايد لحلفائها الشيعة في المنطقة، في صراع قوة مع الغرب حول ملفها النووي. وتصاعد اخيرا التوتر بين اسرائيل والدول العربية بعد النزاع في لبنان وغياب اي تقدم في عملية السلام مع الفلسطينيين.

وفي ظل هذا المشهد الدبلوماسي القاتم، تجد ادارة الرئيس جورج بوش نفسها معزولة اكثر فاكثر. وتسبب تفردها في التعاطي مع الامور في افقادها دعم بعض حلفائها، كما ان هذه العزلة تحد من قدرتها على التاثير. وترى جوليان سميث من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن ان "التحالف الدولي الذي نشأ بعد 11 ايلول(سبتمبر) بدأ ينهار وهو في حاجة ماسة الى تقويته". وترى هذه الخبيرة وغيرها ان قرار الحكومة الاميركية توجيه سياستها الخارجية عبر منظار الحرب على الارهاب، ادى الى سلسلة اعمال متسرعة وعدائية.

ويقول الخبير في الشؤون الايرانية وفي منع الانتشار النووي جون ولفستال "بدأ الرئيس وحكومته عبر اقامة ربط بين الحرب على الارهاب والحرب في العراق واجتياح افغانستان، باعادة تكوين الشرق الاوسط في مجمله". وقال "اطلق ذلك شرارة امور كثيرة نرى انعكاساتها الآن (...) من ارتفاع اسعار النفط، الى انعدام الاستقرار، وتمسك ايران ببرنامجها النووي اكثر من اي وقت مضى".

ويرى زبغنيو بريجنسكي، مستشار الرئيس الاميركي جيمي كارتر بين 1977 و1981، ان انصار التشدد في حكومة بوش "استغلوا الاثر العاطفي الذي تركته اعتداءات 11 ايلول(سبتمبر) لادخال اميركا في سياسة مغامرة وفئوية ومدمرة". واضاف ان "الحرب على الارهاب، والكراهية الهستيرية للاسلام، وتضخيم التهديد الارهابي، واعلان العراق جبهة مركزية لمكافحة الارهاب، وتخلي الولايات المتحدة عن دورها كوسيط في الشرق الاوسط، كل ذلك اساء الى المصالح الاميركية". وترى جوليان سميث ان من نتائج ذلك انعدام الاستقرار والعنف في العراق، انما ايضا مزيد من التطرف لدى المجموعات الاسلامية وازدياد النفوذ الايراني.

بوش استفاد من خوف الاميركيين بعد الاعتداءات لكن اثار ذلك قد تتبدد

واستفاد بوش من خوف الاميركيين بعد اعتداءات 11 ايلول(سبتمبر) وواصل التاكيد انه واصدقائه الجمهوريين، وخلافا للديموقراطيين، يرون الوقائع على حقيقتها منذ وقوع هذه الهجمات. لكن هذه الرؤية لم تعد تلك التي يشاطرها كل الاميركيين، حيث تشير استطلاعات الراي بعد شهرين ونصف الشهر على انتخابات الكونغرس الى ان الاميركيين اصبحوا يعتقدون ان التهديد الارهابي يجب الا ينسيهم الامور الاخرى.

وجاء في افتتاحية "نيويورك تايمز" قبل ثلاثة اسابيع من احياء ذكرى اعتداءات 11 ايلول(سبتمبر) "اصبحنا نعرف اليوم نتائج المشروع الاخير للبيت الابيض لاستغلال الارهاب لغايات سياسية". وقد اظهرت ردود على الصحافة في الايام الماضية ان بوش لم يتراجع عن هدفه معتبرا ان واجبه هو حماية الاميركيين وهذه المعركة تتم في كل مكان، الولايات المتحدة والعراق او حتى لبنان. وحين سأله صحافي ما اذا حان الوقت لتغيير الاستراتيجية في العراق الذي اصبح على شفير حرب اهلية، رد بوش انه اذا انسحب الاميركيون من العراق "قبل انجاز المهمة، فان الارهايين سيلاحقوننا الى هنا".

وقد حولت اعتداءات 11 ايلول(سبتمبر) مسار رئاسة كانت في مستهلها حيث اعلن بوش مساء اليوم نفسه ان البلاد في حالة "حرب ضد الارهاب" واصبح منذ ذلك الحين وبحسب عباراته الخاصة "رئيس فترة حرب". ووضعت السياسة الخارجية للولايات المتحدة والى حد ما السياسة الداخلية تحت شعار "الحرب العالمية ضد الارهاب". وضرورات النصر هذه على الارهابيين سيستخدمها بوش والجمهوريون لمواجهة الديموقراطيين في الانتخابات البرلمانية التي تجري في 7 تشرين الثاني(نوفمبر) وتجنب نهاية صعبة لولاية الرئيس.

وهي تبرر ايضا للبيت الابيض التدخل في العراق واعتقال "مقاتلين اعداء" في غوانتانامو وانشاء محاكم استثنائية او حتى اعطاء الادارة صلاحيات تلاقي اعتراضات من اجل مكافحة الارهاب. وقد جعل الديموقراطيون من النكسات في العراق حيث قتل اكثر من 2600 جندي اميركي، حجتهم الرئيسية في الحملة الانتخابية ونددوا بالخلط بين الحرب في العراق و"الحرب ضد الارهاب". وسأل احد الصحافيين الرئيس قبل ايام "ما علاقة العراق بالحرب ضد الارهاب"، ورد بوش "لا شيء انما الدرس من 11 ايلول(سبتمبر) هو: واجهوا التهديدات قبل ان تصبح ملموسة".

لكن حملة الديموقراطيين يبدو انها اتت بثمارها. فقد اظهر استطلاع للرأي اجري لحساب "نيويورك تايمز" وشبكة "سي بي اس" في نهاية اب(اغسطس) انه ليس فقط 53% من الاميركيين يعتقدون ان شن الحرب كان خطأ وانما 51% لا يرون اي علاقة بين هذه الحرب والحرب ضد الارهاب.

وبين فترة ما بعد 11 ايلول(سبتمبر) مباشرة واليوم تراجعت شعبية بوش من حوالى 90% في ما اعتبر رقما قياسيا منذ ولاية فرانكلين روزفلت (1933-1945)، بحسب معهد غالوب، الى اقل من 40%. واقر بوش بوجود "الكثير من الاشخاص الذين يقولون فلننسحب" لكنه اضاف "انهم على خطأ".

وقال في اب(اغسطس) بعدما اعلن قاض ان عمليات التنصت التي جرت بدون تفويض قضائي مخالفة للدستور "اولئك الذين يرحبون بهذا القرار لا يفهمون بكل بساطة طبيعة العالم الذي نعيش فيه". وكان بوش سمح بعمليات التنصت هذه غداة اعتداءات 11 ايلول(سبتمبر).

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف