لبنان خارج الحصار
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الألمان يراقبون البحر والجو ومعهم "كل الأطلسي"
لبنان خارج الحصار... ولكن بأي ثمن ؟
إيلي الحاج من بيروت: تدرجت المواقف والتطورات التي أدت إلى رفع الحصار الإسرائيلي البحري اليوم ، وقبله الحصار الجوي مساء أمس، من عقدة أساسية الثلاثاء الماضي بوضع شروط إضافية تقضي بتوسيع صلاحيات "اليونيفيل المعززة " في المراقبة داخل "مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي" في بيروت ، جعلت رئيس الحكومة فؤاد السنيورة ينفعل وهو يقول هاتفياً للأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان "إننا عندما نتخذ اجراءات نقوم بواجباتنا كدولة لبناني، ومسؤوليتكم كمجتمع دولي ان تضغطوا على اسرائيل وليس علينا كي تلتزم القرار ١٧٠١ ، وفي كل الأحوال لن أتحدث معكم بهذت الأمر بعد الآن" .
وعلى الأثر دخل على خط الاتصال بالإدارة الأميركية الملك الاردني عبدالله الثاني والرئيس المصري حسني مبارك دخلا ولوّحا باتخاذ موقف عربي من استمرار الحصار واعتبرا الحصار الإسرائيلي "محاولة لتقويض الاستقرار والحكومة اللبنانية".
في انتظار الألمان
وتم الاتفاق على رفع الحظر بعد اتصالات استمرت حتى فجر الأربعاء بين أنان ورئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت ، وبين السنيورة ووزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس وانتهت الى اتفاق على ست خطوات متسلسلة وضعها أنان نتيجة المشاورات التي أجراها مع كل الأطراف المعنيين لرفع الحصار. خطوات تحققت على التوالي من خلال:
- وصول فريق من عشرة ضباط وخبراء ألمان في مجال الشرطة والجمارك مساء الأربعاء الماضي٦ أيلول/ سبتمبر لتأمين مساعدة الحكومة اللبنانية في المراقبة على المطار، وقد وصلوا إليه بأسلحتهم الفردية ومعهم صناديق مقفلة تردد انها تحوي معدات تقنية حديثة ومتطورة تستخدم في المطارات والموانىء للتدقيق والتفتيش.
- تسليم الرئيس السنيورة الأمين العام للأمم المتحدة أمس الخميس رسالة تؤكد طلب لبنان انتشار قوة بحرية بقيادة المانية ومشاركة دول اسكندنافية عدة للمساعدة على تسيير دوريات مراقبة للشاطىء اللبناني.
- طلب أنان ، في تدبير موقت، من قوة بحرية فرنسية ان تقود وحدات بحرية ايطالية ويونانية تشاركها فرقاطة بريطانية، في انتظار وصول الوحدات البحرية الالمانية بعد أسبوعين .
- طلب الأمين العام من قائد "اليونيفيل"المعززة" الجنرال الفرنسي آلان بيلليغريني تنسيق مهمة القوة البحرية الموقتة وعملها.
- أعطى أنان تعليماته الى الجنرال بيلليغريني بضم الخبراء الألمان العشرة في المطار الى إمرة قوة "اليونيفيل المعززة".
- إعلان اسرائيل رفعها الحصار الجوي الساعة السادسة مساء أمس الخميس، والبحري اليوم الجمعة.
ونقل عن وزير النقل محمد الصفدي قوله ان عمليات الرقابة في حرم مطار بيروت ستكون محصورة بالسلطة اللبنانية، وأن عمل الضباط والخبراء الالمان ينحصر في تقديم المساعدة، وقوله أن "اليونيفيل" ستتولى الرقابة البحرية في مجال ستة أميال بعد الأميال الستة الأولى التي سيتولاها الجيش اللبناني وبالتنسيق الكامل معه وتحديداً إذا شاء الجيش اللبناني أن تتدخل في تلك البقعة المائية - علماً ان المياه الاقليمية تبلغ ١٢ ميلا عن الشاطىء- كما ان الرقابة على المعابر البرية بين لبنان وسورية ستكون محصورة بالقوى العسكرية اللبنانية "وفق ما نصت عليه بوضوح قرارات مجلس الوزراء اللبناني".
وقد عبّر وزير الدفاع الالماني فرانز يوزيف يونغ عن امتعاضه من الشروط التي تضعها الحكومة اللبنانية للموافقة على مشاركة بلاده في القوة الدولية. وقال خلال اجتماع لجنة الشؤون العسكرية في البرلمان الالماني إن المشاركة الالمانية ستكون "عديمة المعنى" اذا كانت في ظل هذه الشروط ، معتبراً ان إبعاد وحدات البحرية الالمانية ستة أميال عن الشواطىء اللبنانية لن يبقي للمشاركة البحرية الالمانية أي جدوى.
كذلك صرح وزير الدولة في وزارة الخارجية الألمانية جيرنوت آرلر أن تفويض مجلس الأمن يسمح للبحرية الالمانية بتفتيش السفن المشتبه فيها أمام سواحل لبنان رغم إرادة ربان السفينة المشبوهة.
وقد أثار موضوع الضباط والخبراء الألمان والصلاحيات المعطاة لهم والمدة اللازمة لما سموه "تدريب رجال الأمن والجمارك اللبنانيين" تحفظات لدى "حزب الله" - الذي دأب هذه المرحلة في التحفظ على كل ما يعرض عليه ثم القبول به - وكذلك لدى الرئيس نبيه بري الذي استقبل وزير الخارجية الالماني وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير خلال زيارته لبيروت أمس ولم يتطرق في حديثه معه إلى هذا الموضوع.
وطبيعي أن تكون مهمة الفريق الأمني الألماني في المطار محور استيضاح ليسمع المعترضون من الرئيس السنيورة ما يطمئنهم الى هذه المهمة وطبيعتها ومداها الزمني.
تحفظ سوري... وأكبر قوة بحرية
في هذا الوقت كانت المعلومات تتقاطع في بيروت عن تحفظ سوري عن الرقابة البحرية الدولية على الشواطىء اللبنانية ، رغم ان لبنان الرسمي وجد مخرجا لهذه المشكلة بتكليف الجيش اللبناني تولي الرقابة بمساندة دولية. لكن المجتمع الدولي الداعم لوجهة نظر سرائيل في مسألة منع وصول أسلحة الى "حزب الله" ، يعرف أن إمكانات الجيش اللبناني متواضعة في هذا الاطار.
يشار في هذا السياق إلى تقرير ورد اليوم في صحيفة "النهار" البيروتية، وفيه أن القوات المحتشدة حاليا في البحر قبالة لبنان تضم ما مجموعه 75 طائرة مقاتلة وطائرات تجسس ومروحيات، اضافة الى السفن الحربية المزودة أحدث الاسلحة والتقنيات العالية، وحاملة الطائرات الفرنسية "شارل ديغول" المزودة طائرات "رافال" وصواريخ واجهزة مراقبة وزوارق حربية تتسع لـ 2800 جندي، وتجهيزات مائية وغذائية تكفي 90 يوماً.
وفي المتوسط أيضاً حامله الطائرات الايطالية "غاريبالدي" التي تحمل 10 طائرات مقاتلة و6 مروحيات متطورة وقاذفات صواريخ.
وتتحدث مصادر عسكرية غربية عن وصول السفينة الحربية "ماونت ويتني" التي تحمل 1800 جندي "مارينز" وطاقماً طبياً وخدمات مراقبة. وتعتبر من أهم السفن القيادية لكونها تتمتع بأجهزة اتصالات متطورة محمية، ومتصلة بكل السفن الحربية الاميركية في المنطقة. وبحسب ما تبلغ لبنان تصر القوات الألمانية والتركية على ان تكون موجودة في المتوسط، مما يعني ان الدول الخمس الاساسية في حلف شمال الأطلسي سيكون لها دور مشابه لطبيعة عمل "الناتو"، اكثر مما هي عليه مهمتها في "اليونيفيل المعززة".
أسباب إسرائيل لفك الحصار
وبالعودة إلى الحصار ، بدا جلياً أن اسرائيل لعبت حتى النهاية على وتر امساكها بهذه الورقة وفاوضت عليها بموافقة بعض الدول الغربية لنيل أقصى حد من المكاسب. وحتى اللحظة الأخيرة حاول قادة الجيش الاسرائيلي الضغط على أولمرت كي يتراجع عن قراره فك الحصار عن لبنان، وأفادوا من انضمام ذوي الجنديين الأسيرين الذين اجتمعوا مع أولمرت وأسمعوه اتهامات قاسية باهمال ولديهم وتركهما لمصير مجهول وربما ينقلان إلى إيران على غرار ما حصل للطيار رون أراد الذي أسر عام 1986 واختفت آثار ولا أحد يعرف حتى اليوم ما إذا ميتاً أو حياً.
أما أولمرت فوافق على فك الحصار بسبب كلفته السياسية، مع تهديد الحكومة اللبنانية بخرقه واعلان جهات اوروبية عن تحديه. وهو اعترف ضمناً بأنه لم يعد قادرا على مواجهة الضغوط، اذ قال خلال لقائه مع ذوي الأسيرين ان الحصار لم يعد مجديا، وانه لم يعد مفهوما في الخارج "فأصدقاؤنا جميعا يطالبوننا بوقفه ويؤكدون أن استمراره يعرقل الجهود للأفراج عن الجنديين الأسيرين.
وقالت مصادر سياسية في اسرائيل ان فك الحصار نجم في الأساس عن قرارات أولمرت بالسماح للطائرات الآتية من العاصمة الاردنية عمان والعاصمة القطرية الدوحة بالهبوط في مطار بيروت، إذ تساءل الأوروبيون بعد ذلك عن سبب تمييز قطر والاردن عنهم، وهل أن إجراءات الأمن في مطاري عمان والدوحة أفضل من الاجراءات الأمنية المتبعة في المطارات الاوروبية؟ وأعربوا عن اقتناعهم بأن فرض الحصار وقصره على دول الغرب انما هو عملية ضغط وابتزاز على حكومات الدول الأوروبية كي تحقق لاسرائيل إنجازات سياسية مجانية، كأن تمارس اوروبا الضغط على حكومة لبنان لتتفاوض مع اسرائيل على اتفاق سلام وغير ذلك.
ولوحظ أن وزيرة الخارجية الاسرائيلية تسيبي ليفني تجندت للدفاع عن قرار أولمرت، فقالت ان حكومته حققت "انجازات كبيرة، قسم منها لا يرى ولن يعرف في القريب، وأهمها ارتفاع مكانة اسرائيل في العالم في شكل لا سابق له ، مكانة باتت اليوم أفضل بما لا يقاس مما كانت قبل الحرب، وذلك جهود الحكومة الإسرائيلية وتنسيقها مع دول الغرب خلال الحرب".
ولاقتها في موقفها الناطقة باسم رئيس الحكومة الاسرائيلية إذ ذكّرت بأن اسرائيل تحتفظ بالحق في مهاجمة مواكب امداد "حزب الله" بالسلاح على الحدود اللبنانية - السورية حتى بعد رفع الحصار الجوي والبحري عن لبنان. وان اسرائيل تحتفظ بحقها في الدفاع عن نفسها وستطبق الحصار على طول الحدود السورية - اللبنانية.
وكان الرئيس السوري بشار الاسد الذي تتهمه اسرائيل بنقل أسلحة الى "حزب الله"، تعهد أمام أنان اتخاذ تدابير على الحدود مع لبنان للمساهمة في تطبيق القرار الدولي ١٧٠١ ، غير ان الناطقة باسم رئيس الحكومة الاسرائيلية وصفت تعهده هذا بأنه"سخيف"، مؤكدة أن النظام السوري ناشط في محاولاته لإمداد حزب الله بالأسلحة والدعم".