أبو نصار لـ(إيلاف) : اولمرت بطة إسرائيل العرجاء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سمية درويش من غزة : قال المحلل السياسي وديع أبو نصار مدير المركز الدولي للاستشارات لـ"إيلاف" ، إن إقدام رئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت على اتخاذ قرارات جريئة ترى بحل القضية الفلسطينية محورا لحل الصراع العربي- الإسرائيلي ، من شأنه الحفاظ على حكم أولمرت وجلب الاستقرار والازدهار لإسرائيل ، وإدخاله كشخصية عظيمة من أوسع أبواب التاريخ.
وأضاف المتخصص بتقديم خدمات استشارة سياسية وإعلامية لعدد من الحكومات الأجنبية ، بان المبادرة العربية التي من المتوقع أن تطرح قريبا بصورة رسمية على الأسرة الدولية من خلال المؤتمر الذي سيجمع قادة العالم في نيويورك بعد نحو أسبوعين ، تشكل أرضية معقولة لمثل هذا المؤتمر ، وعلى أولمرت أن يقبل بها كنقطة انطلاق لمفاوضات سلام حقيقية بين إسرائيل وجيرانها العرب والمسلمين.
وبين المحلل السياسي المخضرم ، بان التصريحات المتضاربة لزعماء إسرائيل تعبر عن الأزمات الحالية التي تعيشها الحلبة السياسية بعد الحرب بين إسرائيل وحزب الله ، خاصة إثر الخلاف بين أولمرت وخصومه ، بما في ذلك بعض وزراء الائتلاف حول الحاجة إلى تشكيل لجنة تحقيق رسمية لفحص الإخفاقات الإسرائيلية خلال الحرب الأخيرة من جهة ، وحول بنود ميزانية الدولة للعام المقبل من الجهة الأخرى.
وأوضح أبو نصار ، بان أولمرت يعاني حاليا من ضعف سياسي نتيجة لعدة عوامل مجتمعة تجعل منه يبدو وكأنه "بطة عرجاء" ، لعدم قدرته الكبيرة على اتخاذ قرارات مصيرية.
وحول هذه العوامل قال المحلل السياسي ، أولا : الفضائح التي تحوم حول أولمرت بدءا بالقرارات الخاطئة التي اتخذها عشية وخلال الحرب ، ومرورا بالشبهات حول تلقيه رشوة غير مباشرة عندما باع منزله في القدس لمقاول بناء بثمن يفوق معدل الأسعار في السوق ، ووصولا إلى فضيحة التعيينات السياسية لبعض مقربيه الذين لا يملكون كفاءات وافية عندما كان وزيرا للتجارة والصناعة في حكومة أرئيل شارون.
تصدع الائتلاف الحاكم
أما العامل الثاني بحسب أبو نصار ، التصدع الذي يعاني منه الائتلاف الحاكم بالأساس إثر الخلافات بين "كاديما" من جهة و"العمل وشاس" من جهة أخرى حول بنود مختلفة من ميزانية الدولة للعام 2007.
وبين غياب الدعم المالي الأميركي الأوتوماتيكي والكاف للتعويض عن الخسائر الفادحة التي مني بها الاقتصاد الإسرائيلي جراء الحرب الأخيرة ، إلى جانب عدم وجود تصور واضح المعالم في الأفق حول احتمال قيادة إسرائيل نحو مستقبل أفضل بالذات في ظل غياب عملية سلام بين إسرائيل وأي من جيرانها العرب.
وقال أبو نصار ، وبالرغم من العوامل التي تضعف أولمرت سياسيا ، فإن بعض مقربيه يتحدثون عن وجود ثلاثة عوامل رئيسية تجعل أولمرت يعتقد بأنه قادر على الاحتفاظ بمنصبه لفترة طويلة من الزمن ، حيث اعتقاد أولمرت بأن غالبية أعضاء الكنيست ، بما في ذلك معظم خصومه، غير معنيون بانتخابات مبكرة ، لاسيما وأن الانتخابات الأخيرة جرت فقط قبل خمسة أشهر، لأن هؤلاء يدركون المخاطر السياسية والعقبات المالية التي قد تنجم في حال إقرار انتخابات مبكرة.
شاس والعمل
أما العامل الثاني فيشير المحلل السياسي ، إلى اعتقاد أولمرت عدم وجود منافس قوي له على رئاسة الحكومة في الحلبة السياسية الإسرائيلية حاليا ، مشيرا إلى أن خصومه من اليمين واليسار على حد سواء غير قادرين على هزيمته بالرغم من الضعف الذي يعتريه في هذه الأيام.
وأوضح بان أولمرت على قناعة بأن حلفائه الرئيسيين في الائتلاف الحالي ، أي "شاس والعمل" لن يتخلوا عنه لخشيتهم فقدان مواقع التأثير على صناعة القرار في الدولة ، وبالتالي هو يعتقد بأنه يمكن أن يشتريهما مقابل بعض التعديلات في ميزانية الدولة للعام المقبل.
وأضاف أبو نصار ، إلى ذلك اعتقاد أولمرت بأن انضمام حزب " يهدوت هتوراه" الأشكنازي المتدين لحكومته هو مسألة ثمن مادي هو الآخر ، أي أنه أمرا من المقدور عليه ، ويحتفظ به أولمرت كورقة لصالحه التي من الممكن تفعيلها في أي وقت يراه مناسبا، على حد اعتقاده.
الحرب الأخيرة
وبين بان التخوفات من تزايد الأصوات المنادية بضرورة تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول مجريات الحرب الأخيرة ، والنقاشات الحادة حول ميزانية الدولة والائتلاف المهتز ، دفعوا أولمرت إلى إرسال بعض المؤشرات نحو اليمين فاحصا إمكانية إعادة ترتيب أو توسيع ائتلافه بهذا الاتجاه ، ملمحا في الوقت ذاته بأنه مستعد لتأجيل ما يسمى بخطة الانطواء حتى إشعار آخر.
وأشار إلى أن رد أحزاب اليمين يبدو رافضا لرسائل أولمرت ، ومصرا على إسقاط الحكومة في أقرب فرصة، وهذا الأمر يتمثل بالتصريحات والمواقف عبر عنها اثنان من رموز الأحزاب اليمينية في إسرائيل، أي بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان.
بطة إسرائيل العرجاء
وأكد بان تزامن هذا الرد مع الواقع السياسي الصعب حوله جعل من أولمرت يبدو فعلا وكأنه "بطة عرجاء" ، فبالرغم من كونه رئيسا لوزراء إسرائيل إلا أن إمكانياته لاتخاذ قرارات مصيرية محدودة جدا نظرا للانتقادات اللاذعة الموجهة إليه ، سواء تلك المتعلقة بقراراته السياسية وتلك الخاصة بقراراته الشخصية.
واستطرد أبو نصار قائلا ، " إن وضع أولمرت الحالي يذكرني في مقال كتبته قبل عامين عن وضع رئيس الحكومة آنذاك أرئيل شارون الذي وقف مهزوما في داخل الليكود بعد أن فشل بتمرير خطة الفصل في مؤسسات الحزب وخسر استفتاء الحزب على هذه الخطة ، مما جعله يبدو وكأنه بطة عرجاء بالذات عقب تزامن هذه الهزائم السياسية مع أخبار نشرت حول رشاوى تلقاها من بعض رجال الأعمال اليهود".
وأضاف ، لكن إصرار شارون على المضي قدما في تطبيق خطة الفصل ساعده على الحصول على دعم واسع من الأسرة الدولية التي رأت بخطته بأنها أفضل من لاشيء بالرغم من قناعة الكثيرين بأن خطة الفصل مثلت خطة أمنية إسرائيلية أكثر من كونها خطة للسلام مع الفلسطينيين.
ولفت إلى أن الهدوء النسبي الذي ميز الطرف الفلسطيني خلال تطبيق
خطة الانفصال وحتى في الفترة التي تلتها ساهم في تعزيز شعبية شارون في إسرائيل والعالم ، مما جعله يبدو كرجل قوي بالرغم من تضعضع مكانته السياسية داخل حزبه ، والفضائح الكثيرة التي حامت حوله.
أميركا تسبب المتاعب
وقال أبو نصار ، أن ما لم يفهمه شارون آنذاك ويتردد أولمرت بفهمه حاليا هو أن الخطوات أحادية الجانب التي قامت أو قد تقوم بها إسرائيل لن تقنع أحدا ، بالذات العرب ، بأن إسرائيل تريد السلام ، بل على العكس من ذلك ، حيث أن مثل هذه الخطوات تعزز قناعة معظم العرب بأن النموذج الذي عبر عنه حزب الله في لبنان هو النموذج الذي يجب أن يتبعه العرب في تعاملهم مع إسرائيل.
وأوضح إذا ما أراد أولمرت البقاء في منصبه وقيادة إسرائيل نحو مستقبل أفضل فإن الاحتمال الوحيد لهذا يتمثل في التعاون مع ما يطرحه الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، من أفكار بخصوص عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط ، مشيرا إلى إن المبادرة العربية التي من المتوقع أن تطرح قريبا بصورة رسمية على الأسرة الدولية من خلال المؤتمر الذي سيجمع قادة العالم في نيويورك بعد نحو أسبوعين ، تشكل
أرضية معقولة لمثل هذا المؤتمر وعلى أولمرت أن يقبل بها كنقطة انطلاق لمفاوضات سلام حقيقية بين إسرائيل وجيرانها العرب والمسلمين.
وأكد المحلل السياسي ، بأنه على أولمرت الإدراك بأنه من غير المجدي انتظار مؤشرات إيجابية من الإدارة الأميركية للمضي قدما في اتجاه مؤتمر سلام لأن الإدارة الحالية قد تسبب له متاعب أكثر من مساعدتها له ، لأن فهم هذه الإدارة للشرق الأوسط خاصة ، وللسياسة العالمية عامة مغلوط ومبني على معتقدات خيالية وأوهام كثيرة.