محكمة صدام تستمع لستة شهود اليوم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إستئناف محاكمة المتهمين بالمسؤولية عن جرائم الانفال
محكمة صدام تستمع لستة شهود اليوم
وجلسة اليوم هي الرابعة منذ بدء النظر بالقضية في الحادي والعشرين من الشهر الماضي حينن بدأت بمشادة كلامية بين صدام والقاضي الحالي عبد الله علي العامري حيث دخل صدام أولا إلى قاعة المحكمة ورفض التعريف باسمه عندما طلب رئيس المحكمة منه قائلا "ألا تعرف اسمي". فقال القاضي "أنا أعرف اسمك لكن وفق قانون أصول المحاكمات الجنائية الصادر عام 1969 ألزم القاضي ان يسأل المتهم عن اسمه فقال صدام "أنا احترم هذا القانون كله وليس مجزءا لانكم جالسون الان باسم الاحتلال وليس باسم العراق وان اسمي معروف للعراقيين والعالم أنا صدام حسين المجيد رئيس جمهورية العراق والقائد العام للقوات المسلحة المجاهدة". وخاطب القاضي صدام "هل أنت مذنب" فرد قائلا "هذا الكلام يراد له كتب وأنا التزم الصمت". واتخذ الموقف نفسه ابن عم صدام علي حسن المجيد او "علي كيمياوي" الذي كان يتولى قيادة المنطقة العسكرية الشمالية عند وقوع حملة الانفال واوكلت اليه مهمة تنفيذ الاوامر.
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية.
وخاطب القاضي المتهمين في الجلسة الاولى قائلا "ان قاضي التحقيق أحالكم الى المحكمة الجنائية العليا بثلاث تهم هي الابادة الجماعية وجرائم الحرب وجرائم ضد الانسانية . ثم تلى المدعي العام جعفر الموسوي محضر الاتهام متهما صدام حسين باصدار الاوامر باعتباره القائد العام للقوات المسلحة. وتحدث عن القصف الذي قامت به القوات العسكرية العراقية في القرى والحرمان والاضطهاد والاحتجاز لآلاف الاسر في معتقلات في كركوك والسماوة والاستيلاء على ممتلكاتهم ومواشيهم والقبض على المدنيين المتبقين وعزل النساء عن الشباب وتصفيتهم جميعا". كما اتهم المسؤولين السابقين باستخدام اسلحة كيماوية ضد ثلاث قرى بالتحديد بهدف القضاء على معاقل القوات المعارضة الكردية.
ويواجه السبعة اتهامات بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية لدورهم في حملة الانفال فيما يواجه صدام والمجيد تهمة اضافية هي الابادة الجماعية وعقوبة جميع هذه الاتهامات الرئيسية الاعدام.
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف.
وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يجري قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقرر أن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل .
وتطعن هيئة الدفاع بشرعية محكمة الانفال معتبرة انها شكلت بقانون تحت الاحتلال . وقال خليل الدليمي رئيس الهيئة ان العراق تحت الاحتلال الفعلي وانعدام السيادة وقانون المحكمة الجنائية تم تشكيله في وقت مجلس الحكم الذي تم تعيينه من قبل سلطة الائتلاف المؤقتة التي ترأسها بول بريمر الامر الذي يجعله غير منتخب من الشعب العراقي . واضاف ان المحكمة غير شرعية لانها لم تشكل تحت القانون العراقي وغير شرعية لعدم اسنادها لا من حيث السلطة ولا من حيث نظامها القانوني . واشار الى ان علماء القانون الدولي جميعهم اجمعوا على انه لا يمكن انشاء محكمة إلا بتنظيم بقانون حسب دستور الدولة . واوضح ان المحكمة شكلت بصورة مباشرة من قبل الاحتلال وبذلك الدولة فاقدة للسيادة . وطالب بإيقاف عمل المحكمة بالتوقف عن جلساتها لانها لم تنشأ بموجب القانون الذي يخول لها اصدار القوانين مؤكدا ضرورة ان يعتمد المعيار الموضوعي الذي يتطابق مع المبادئ العامة للقانون .
ومن المنتظر ان تستمع المحكمة العراقية اليوم الاثنين الى ستة شهود ادعاء جدد بالاضافة الى اولئك الذين استمعت لهم قبل ثلاثة اسابيع فيما اكد الرئيس العراقي جلال طالباني ووزير الخارجية هوشيار زيباري وهما كرديان انههما على استعداد للادلاء بشهادتهما في المحكمة .
وقد أرجأ القاضي عبد الله العامري المحاكمة في الرابع والعشرين من الشهر الماضي الى اليوم موضحا ان التأجيل جاء بناء على طلب تقدمت به هيئة الدفاع حيث يواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان " .
قبيل حملة الأنفال أجرت القيادة العراقية تغييرا في المواقع العسكرية العليا من خلال تعيين علي حسن المجيد الذي عرف فيما بعد بـ "علي كيمياوي" حاكما مطلقا لكردستان العراق ، يتولى المهمات العسكرية والحزبية، وبالتحديد تنفيذ قرار مجلس قيادة الثورة المنحل في 25- 4 - 1987المعنون بـ "حسم نشاط المخربين" .
قبل الحملة عرض حاكم الشمال العسكري على سكان المناطق الخاضعة للبيشمركة وهي فصائل كردية قاتلت النظام السابق إنذارا نهائيا "للعودة للصف الوطني" وكان معنى ذلك لسكان القرى ترك بيوتهم ومزارعهم والعودة للمجمعات الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية. وقد سبق الحملة إحصاء سكاني بدأ يوم 17 تشرين الأول (اكتوبر) عام 1987 في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة واعتبر السكان خارج التسجيل غير موجودين.
وبدأ تنفيذ الخطة على ثماني مراحل تمتد من شباط (فبراير) إلى أيلول (سبتمبر) عام 1988 واستمر حتى مطلع عام 1989. وقد اتبعت الحملة أسلوب الإبادة الجماعية التقليدي الذي يقوم على الثوابت الثلاث : تحديد - حجز - إبادة . وتضيف تقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن النظام العراقي أضاف لهذه الثلاثية الثابتة بادرة جديدة كونه أول نظام في العالم يستخدم الأسلحة الكيمياوية ضد مواطنيه.
ومع استخدام الغازات السامة أو التهديد بها شكلت الفيالق القادمة من جبهة الحرب مع إيران مثل قوات الحرس الجمهوري ، قوات الطوارئ ، قوات الجيش الشعبي ، الافواج الخفيفة الكماشة اللازمة لمنع سكان القرى المضروبة من الهروب خارج الطوق .
بعد ذلك بدأت عمليات فصل الرجال عن النساء ثم الترحيل . وقد كانت محطات الترحيل الأولى هي ثلاثة معسكرات : معسكر الجيش الشعبي في طوبزاوه القريب من كركوك ، سجن النساء في دوبز الواقع عند ملتقي طريق كركوك- الموصل ، وسجن نقرة السلمان في الصحراء الجنوبية الممتدة الى السعودية . في هذه المعسكرات انزل الرجال القادرون على حمل السلاح وأخذوا مربوطين مع بعضهم في حبال جماعية ثم عذبوا. وبعد جولات التعذيب هذه أوقفوا على حافة حفر طولية مهيأة مسبقا .. عيونهم معصوبة ووجوههم باتجاه الحفر وأطلقت عليهم النار من رشاشات متوسطة ثم غطتهم الجرافات بالتراب.
الشيوخ اقتيدوا إلى سجن نقرة السلمان الصحراوي ليموتوا هناك دون رصاص من الجوع وقلة الماء. أما النساء اللواتي اعتقلن في معسكر "طوبزاو" فقد عشن عذابا يهون أمامه الموت بين الخوف على مصائر رجالهن الذين اقتيدوا إلى جهات مجهولة و الخوف على الأطفال الذين يموتون بمعدل ستة أطفال في اليوم الواحد.
المصادر الكردية قالت عن عدد ضحايا الأنفال من المفقودين بلغ 182 ألفا . وحسب شهادة القائد الكردي محمود عثمان فإن هذا الرقم طرح خلال المفاوضات بين القادة الكرد والقيادة العراقية عام 1991 فاعترض علي حسن المجيد الذي كان حاضرا الاجتماع مصححا بغضب بأن الرقم 100ألف فقط .