في إسرائيل أيضا الهزيمة بدون أب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من القدس
لا تقنع الإجراءات التي توصف في إسرائيل بأنها مخدرة ومؤقتة بخصوص التحقيق في مجريات الحرب على لبنان، الرأي العام، بينما يستمر جنرالات إسرائيل وساستها في تبادل الاتهامات حول الاخفاقات الإسرائيلية في تلك الحرب.
والتطور الأبرز الان على هذه الصعيد إعلان شاؤول موفاز، وزير المواصلات في حكومة ايهود اولمرت، تأييده لتشكيل لجنة تحقيق رسمية في مجريات الحرب، ليكون بذلك أول وزير من حزب كاديما يؤيد تشكيل مثل هذه اللجنة وهي تختلف عن اللجنة المتعثرة التي لم تبدأ عملها بعد التي اعلن عنها اولمرت، والتي أراد لها أن تكون لجنة فحص حكومية، والفرق بين اللجنتين كبير، فاللجنة الرسمية، إذا شكلت فلها صلاحيات قضائية واسعة، وتستطيع توجيه الاتهامات لأي شخصية، أما لجنة الفحص الحكومية فترفع توصيات للحكومة لتدارك ما وقع من أخطاء.
وقال موفاز بان تشكيل لجنة تحقيق رسمة بات ضرورة ملحة لأنه بغير ذلك، لن تستعيد أجهزة الدولة المدنية والأمنية الثقة المفقودة من قبل الإسرائيليين.
ويرى متابعون للشأن الإسرائيلي أن موقف موفاز الجديد، الذي سيجعله يدخل في مواجهة مع اولمرت، جاء بعد توجيه الاتهامات له من قبل عمير بيرتس وزير الدفاع الحالي، الذي قال في مقابلات صحافية، بان الذي يتحمل المسؤولية عن اخفاقات الحرب هو من سبقه إلى كرسي وزارة الدفاع، ووضع فرضيات وخطط لمواجهة خطر حزب الله تم العمل في الحرب الأخيرة على أساسها، ملمحا إلى دور موفاز الذي شغل منصب وزير الدفاع وقبل ذلك كان رئيسا للأركان.
وقال مقربون من موفاز، بان لدى الأخير وثائق تؤكد بانه كان اعد الجيش الإسرائيلي بشكل جيد لمواجهة أية تهديدات مفترضة لحزب الله، ويتضح ذلك من الخطط العملية التي كان صودق عليها في أثناء تولي موفاز لرئاسة الأركان ومن ثم حقيبة الدفاع، محملين ما أسموه الاخفاقات في الحرب الأخيرة إلى قلة خبرة عمير بيرتس العسكرية مما جعله يتخبط ولا يتمكن من إصدار الأوامر المناسبة في الأوقات المناسبة.
ولم يثر هذا الموقف بيرتس فقط، ولكنه أيضا اغضب اولمرت، بعد أن برز موفاز الان كأول وزير في الحكومة ومن حزب كاديما يخالف اولمرت ويطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية، مما ذكر بالخلافات تحت السطح بين الرجلين، عندما عين اولمرت موفاز وزيرا للمواصلات، رغم ان الاخير كان يطمح بوزارة الدفاع.
وفي خطوة ذات مغزى سرب المقربون من اولمرت إلى الصحافة، تصريحات تقول بأنه إذا تم تشكيل لجنة تحقيق رسمية فان الشخصية الرئيسية المتهمة في اخفاقات الحرب الأخيرة ستكون موفاز نفسه، وليس أحد غيره.
وتضاربت الأنباء حول مصير اللجنة التي كان أعلن اولمرت نيته تشكيلها لفحص أداء المستوى العسكري خلال الحرب وعين لرئاستها رئيس الموساد السابق ناحوم ادومني، وأصبحت تعرف بلجنة (ادموني) حتى قبل أن تستكمل تشكيلتها أو تبدأ عملها.
وقالت مصادر مقربة من اولمرت انه سيطرح مسألة تشكيل اللجنة للمصادقة عليها على اجتماع مجلس الوزراء غدا الثلاثاء، ولكن مصادر مستقلة استبعدت ذلك، مشيرة إلى العقبات التي تواجه تشكيل هذه اللجنة، والتي بدأت باستبعاد اثنين من عضويتها هما دافيد عبري ويديديا يعاري، بسبب ما اعتبر "تضارب المصالح" لديهما والقضية التي ستحقق بها اللجنة، وهو ما يتوقع أن يشمل رئيس اللجنة نفسها، حيث لجأت إحدى المنظمات في إسرائيل إلى المحكمة العليا لإلغاء تعيين ادومني رئيسا للجنة العتيدة، على خلفية "تضارب المصالح" أيضا، وحسب ادعاءات هذه المنظمة فان اولمرت كان عين زوجة ادموني في مناصب عامة، مما يشكك في نزاهة ادومني إذا تراس لجنة الفحص.
وبسبب هذا التعثر، فان اولمرت، سيلجا، في خطوة تخديرية أخرى, حسب تعبير مصادر إسرائيلية، إلى مراقب الدولة، لإعداد تقرير حول جهوزية الجبهة الداخلية خلال الحرب.
وقالت صحيفة هارتس في عددها الصادر اليوم، بان اولمرت، سيشكل لجنة فحص حكومية برئاسة قاض متقاعد، حول جهوزية الدولة في أثناء الحرب الأخيرة.
وقال النائب العربي في الكنيست محمد بركة، رئيس كتلة الجبهة الديمقراطية البرلمانية، تعليقا على الجدل الدائر حول الحرب والتحقيق في مجرياتها "إن المطلوب الآن هو لجنة تحقيق رسمية تحقق في قرار شن الحرب على لبنان، وليس فقط في مجرياتها".
واضاف بركة في بيان اعلامي معقبا على المظاهرة التي جرت في تل أبيب، التي شارك فيها نحو 30 ألفا، من مختلف القوى السياسية خصوصا من اليمين المتطرف "إن هذه المظاهرة يقودها، بالأساس، أولئك الذين لم يعارضوا الحرب، لا بل عارضوا وقفها وتمنوا أن تنتهي بدمار أكبر في لبنان، وبـانتصار ساحق، ولهذا نسمعهم يطالبون بالتحقيق بمجريات الحرب، وليس بقرار الحرب من حيث المبدأ، وهذا على الرغم من أن ما "حققته" إسرائيل، من خلال القرار 1701، كان بالإمكان التوصل إليه من خلال المفاوضات، وليس من خلال الدمار والقتل والموت، الذي ضرب الشعب اللبناني، وأيضا الجمهور في إسرائيل".
وقال بركة "إننا نطالب بإقامة لجنة تحقيق رسمية تحقق بقرار الحرب، أولا، وأن تستخلص النتائج ضد أولئك الذين بادروا للحرب"، محذرا مما وصفه بخلط الأوراق "بعد الحرب الشرسة على لبنان، بين أولئك الذين عارضوا وناهضوا الحرب منذ يومها الأول، وبين أولئك الذين أيدوا الحرب، ويحتجون على نتائجها، ويجب أن يكون فصل واضح في النشاط الاحتجاجي بين الطرفين، فمن جهتنا سنثابر على المطالبة بمحاربة أولئك الذين قرروا شن هذه الحرب الإجرامية على لبنان".