السياحة التونسية أول المتضررين من 11 سبتمبر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
السياحة التونسية أول المتضررين من 11 سبتمبر
إيهاب الشاوش من تونس: في نيسان (أبرايل) من عام 2002، و بعد أقل من سنتين من الهجمات الإرهابية التي ضربت الولايات المتحدة في عقر دارها. انتحاري تونسي، يفجر شاحنة ملغومة مستهدفا واحدا من أقدم المعابد اليهودية في العالم، و رمزا من رموز التسامح الديني، الذي عرفته جزيرة جربة التونسية منذ عقود. ظن الجميع انه مجرد حادث عرضي. قبل ان يعلن تنظيم القاعدة مسؤوليته عن الحادث. جزيرة الأحلام و السياحة تتحول الى ثكنة عسكرية.
التونسيون ما يزالون يتذكرون ذلك اليوم بألم، فلم يضرب الإرهاب ذلك المعبد فحسب، بل مس ايضا قوتهم اليومي. فالحكومة التونسية تعتمد على قطاع السياحة باعتباره رافدا أساسيا من روافد التنمية الاقتصادية والاجتماعية إذ يساهم بمعدل 6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ويمثل أكثر من 5 بالمائة من جملة الاستثمارات. كما وفر سنويا خلال العشر سنوات الأخيرة بين 17 و19 بالمائة من العملة الأجنبية للبلاد من جملة مداخيل الخدمات. و أصبح القطاع السياحي يساهم في تغطية عجز الميزان التجاري للبلاد بنسبة 54 بالمائة. وتوفير أكثر من 340 ألف موطن شغل مباشر وغير مباشر. أي ما يمثل حوالي 12 بالمائة من القوى العاملة بتونس. هذه الأرقام تعكس مدى خطورة انعكاسات هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ثم تفجير المعبد اليهودي، على الإقتصاد التونسي.
حملات ترويجية للخروج من الأزمة:
بعد قرابة الشهر من أحداث برجي نيويورك، شهد قطاع السياحة تراجعا بنسبة تقدر بحوالي العشرة في المائة مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2000. إلا ان الزنايدي وزير السايحة الأسبق، أكد بأن هذه النسبة دليل على محدودية التأثير الناجم عن هجمات 11 ايلول اذا ما قورنت، بمدى تأثيرها على العديد من الدول الأوروبية...
ولم تتمكن تونس من الخروج فعليا من أزمة تراجع القطاع السياحي، جراء أزمة 11 أيلول، إلا في سنة 2004.
وأفاد التيجاني الحداد، وزير الساحة الحالي، أن الخروج من الأزمة كان فعليا سنة 2004 إذ استقبلت تونس 6 ملايين سائح بمداخيل تفوق 2.2 مليار دولار.
لكن استعادة القطاع السياحي لعافيته إلى جانب الخروج من المأزق كانت نتيجة عدة اجراءات، أخذتها الحكومة التونسية، و تمثلت في إعادة جدولة ديون الوحدات السياحية مع البنوك بإمهال، و تكثيف الميزانية لترويج و إعانة أصحاب الشركات و إمهالهم في دفع مستحقات الصناديق الاجتماعية...
وحرصت تونس في إطار الحد من انعكاسات التداعيات السلبية على السياحة العالمية على القيام بحملات ترويجية استثنائية. فضلا عن شطب ديون بعض أصحاب النزل. ومعالجة مديونية الوحدات السياحية. ودعم النقل الجوي .وتنشيط السياحة العربية. والداخلية .وإرساء آلية لتمويل برامج تأهيل المؤسسات السياحية.
وتمكن القطاع بفضل هذا التمشي من تحقيق انتعاشة كبرى انطلاقا من عام 2004 حيث تدعمت منذ مطلع عام 2005 وتمّ تسجيل مؤشرات طيبة من ذلك تطور المداخيل السياحية بـ4 فاصل 6 بالمائة وتطور عدد الليالي بـ15 فاصل 9 بالمائة وعدد الوافدين بـ4 فاصل 9 بالمائة.
استراتيجية تونس للوقاية من التطرف و الإرهاب:
بعد أحداث 11 ايلول،كان الموقف التونسي مثل بقية دول العالم واضحا اذ سارعت إلى إدانته، وقد جاء هذا الموقف على لسان الرئيس التونسي زين العابدين بن علي و كذلك من خلال حديث ادلى به الى احدى الصحف النمساوية كما ورد في مختلف بيانات الحكومة التونسية الصادرة في هذا الشأن ثم اكده بيان التجمع الدستوري الديموقراطي(الحزب الحاكم) فضلا عن بقية الأحزاب السياسية المعارضة و مكونات المجتمع المدني من جمعيات حقوقية و نقابات.
عمليا، و في العاشر من كانون الأول(ديسمبر)، الذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان، اقر الرئيس التونسي قانون "مكافحة الإرهاب"، الذي ترى فيه الحكومة التونسية مساهمة فعلية في الجهود الدولية في حربها على الإرهاب، في حين عبرت بعض الأحزاب المعارضة و المنضمات الحقوقية عن تخوفها من هذا القانون معتبرة انه يتضمن تعريفا "واسعا" للإرهاب.
وفضلا عن قانون مكافحة الإرهاب، تقول الحكومة التونسية انها اختارت تغليب الحلول السلمية و التفاوضية منهجا و اسلوبا في تناولها للأزمات التي تهم منطقتها، و اسهامها في القضاء على بؤر التوتر تعلقا منها بميثاق الأمم المتحدة، مضيفة ان هذا السعي من قبل تونس لتجنب العنف بين الدول في حل الأزمات، لا يضاهيه الا "رفض قاطع لإرهاب الجماعات المتطرفة أيا كانت ايديولوجياتها و مذاهبها"... وتجسم ذلك في توقيع تونس على كل الإتفاقات و المواثيق الدولية و الإقليمية المدينة للإرهاب و العاملة على مقاومتها و كذلك في "استعدادها للتعاون مع كل الجهات التي تسعى الى تطويق هذه الظاهرة الخطيرة" كما اكدت تونس على ذلك في عديد المناسبات.
و بخصوص معالجة اسباب الإرهاب و نتائجه تؤكد الحكومة التونسية على ضرورة اعتماد سياسة تتكامل فيها الجوانب الإقتصادية مع الجوانب الاجتماعية لقطع الذرائع و التعلات التي يمكن ان تسهل الطريق للتطرف و الإرهاب و تؤدي الى انقسام المجتمع و تطاحن أفراده. و تتمثل هذه السياسة التونسية في توزيع ثمرات التنمية بأكثر ما يمكن من العدالة على كل افراد المجتمع و توظف في جانب كبير منها للخدمات الإجتماعية، كالسكن و الصحة و التعليم، وسد منابع الفقر...و كمثال على ذلك انشأت الحكومة التونسية الصندوق الوطني للتضامن(26-26) الذي خصص للنهوض بالمناطق النائية المحرومة، و الصندوق الوطني للتشغيل(21-21) الذي يوفر للشباب فرص عمل و يشجعهم على احداث المؤسسات الصغرى، ثم ما يحسب لتونس خاصة في هذا المجال هو تحرير المرأة التي تمثل نصف المجتمع، و إصلاح التعليم إصلاحا جذريا حرصا منها على ان يكون التعليم موجها اكثر نحو العقلانية و الأسلوب العلمي و المنطقي في التعامل مع المشكلات و ايجاد الحلول لها بعيدا عن الدغمائية التي تعمي العيون و تغلق ابواب الإجتهاد و الابتكار.