صدام : اتهام العرب باضطهاد الاكراد يمهد للتقسيم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أسامة مهدي من لندن: قال الرئيس العراقي الاسبق صدام حسين ان ادعاء الشهود بانهم تعرضوا للاضطهاد والقتل لانهم اكراد هو اتهام خاطئ خطير لعرب البلاد بالعنصرية ويهيء لانقسام البلاد وذلك في مداخلة قبل رفع جلسة المحكمة الجنائية العراقية العليا الثانية التي تحاكمه وستة من كبار مساعديه السابقين الى يوم غد الثلاثاء بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد فيما عرف بحملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 وذلك بعد ان استمعت الى اقوال ثلاثة شهود اكراد رووا احراق ونهب قراهم من قبل قوات الجيش العراقي انذاك .
وفي مداخلة له اعترض صدام حسين بشدة على بدء الشهود افاداتهم بالقول ان الاكراد قتلوا وان قراهم هدمت واحرقت لانهم اكراد مشيرا الى ان وراء ذلك دوافع لخلق انقسام بين ابناء الشعب العراقي . وقال "اريد ان اصحح بما يفيد الشعب العراقي ويعطي خلفية تاريخية لعلاقة العرب والاكراد" . ثم قال بصوت عال "والله ليخسأ الاشرار وينتصر الحق" .. وهنا طلب منه القاضي عبد الله العامري الهدوء وان يكون صدره رحبا .. فاجاب صدام متسائلا "الا تعلم مدى التجاوز الي يح
في ايلاف ايضا
محكمة صدام تستمع لستة شهود اليوم
صدام: الشعب لم ينزعني الرئاسة وانما الغزاة
صل .. ليس هناك ارحب من صدر صدام حسين في الكون" . واضاف ان هناك محاولات لخلق فتنة بين العرب والاكراد .. واذا تم حجب كلامي حول العلم العراقي فانا قادر على ايصال راي الى الشعب العراقي بطريقتي (في اشارة الى قطع صوته حين اراد في جلسة الصباح الحديث عن منع مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان منع رفع العلم العراقي الحالي في الاقليم) .وقال انه من العار ان يتهم الشعب العربي في العراق باضطهاد اخوه الشعب الكردي .. واكد انه يثق بالاكراد وقام عام 1991 خلال حرب الكويت بتشكيل لواءين من الاكراد فقط لحماية الحرس الجمهوري الذي كان يقاتل في الكويت وتساءل قائلا "هل هذه عنصرية؟" . واضاف انه زار محافظة الكوت بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية والقى خطبة نقلت بالتلفزيون وهذا مسجل ويمكن الرجوع اليه واعلن فيها عن منع الاجهزة العراقية كلها باعتقال او التحقيق مع أي كردي .. وقال "اني اعلنتها للجميع ان أي شخص لديه شكوى ضد أي كردي عليه ان يشتكي عند صدام حسين دون تدخل الاجهزة الاخرى .. ولم افعل هذا مع تكريت مسقط راسي او مع البصرة او مع كربلاء وفيها جدي (في اشارة الى مرقد الامام الحسين بن علي بن ابي طالب) " .
واوضح انه اقنع الزعيم الكردي الراحل مصطفى بارزاني والد مسعود بعد سنوات من الحروب وذلك في عام 1969 بوقف القتال بعد ان استجاب لكل مطالبه ومنها منح المناطق الكردية حكما ذاتيا . وقال انه لوكان العرب عنصريون لما تصرفوا بهذا الشكل واضاف "يهمني ان لا يوصف الشعب العربي في العراق بالعنصرية لان هذا يهيء للانقسام .. وان كنت متاكدا ان العراق لن ينقسم" كما قال . وشدد بالقول "ان العراق لن يقسم .. إن تاريخ العراق قبل (7500) سنة يشهد على أصالته ووحدته."
وقبل تاجيل جلسة اليوم التي استؤنفت بعد ساعة من الاستراحة استمعت المحكمة الى الشاهد الثالث والاخير حيث اشار الى انه من سكنة قرية في كردستان واعتقل مع حوالي 126 شخصا لكنه وبعد ايام اطلق سراحه مع 57 اخرين موضحا ان اخوين له كانوا من ضمن المعتقلين الاخرين مؤكدا انه لايعرف عنهما شيئا منذ ذلك الوقت . وقدم شكوى ضد جميع المتهمين طالبا التعويض .
وكانت الجلسة الرابعة قد بدأت صباح اليوم بجدل بين هيئة الدفاع ورئاسة المحكمة بشأن القواعد التي تحكم ممارسة هيئة الدفاع دورهم بالكامل إنفاذاً لحكم القانون ثم انسحب محامي تونسي كان انضم الى هيئة الدفاع عن الرئيس السابق بذريعة عدم سماح رئيس المحكمة عبد الله العامري له بالكلام .
واحتج رئيس المحكمة على اضفاء محام لقب رئيس الجمهورية على صدام وهنا اعترض هذا الاخير على كلام القاضي مشيرا الى ان القانون يقول ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته وهذا لم يحصل .. واكد انه مازال رئيسا لان لقب الرئاسة لم ينتزعه منه الشعب العراقي وانما الغزاة الاميركيين . واضاف ان العلم العراقي الحالي قد "ورثه صدام حسين" لكنه اضاف اليه عبارة "الله اكبر" وهو لم يرفع بما سمي في قضية الانفال مشيرا الى انه يعلق هنا على منع مسعود بارزاني رئيس اقليم كردستان منع رفعه في الاقليم .. وهنا ضحك قائلا "وإن هذه الكلمة لن يستطع أحد إزلتها .. ثم قطع الصوت ولم يتسن معرفة بقية حديث الرئيس السابق .
وطلبت الهيئة تأجيل مرافعات القضية لمدة (90) يوما من أجل أخذ الوقت الكافي للاطلاع على ملف القضية ,فيما رفض قاضي المحكمة عبد الله علي علوش هذا الطلب. وقالت في طلب مكتوب قدم للقاضي " نطلب منحنا (90) يوما من إجل إتاحة الوقت الكافي للنظر بقضية الانفال." وأشار طلب هيئة الدفاع إلى أن " الفترة التي منحت غير كافية حيث قضيناها في التنقل لتوفير مسكن آمن بعد التهديدات والقتل التي تعرض اليها أعضاء هيئة الدفاع."
وأضاف أن "المحكمة تفتقر الى التوازن بين الادعاء العام وبين الدفاع حيث استغرق الادعاء العام فترة طويلة لجمع الادلة وكانت تسانده جميع المنظمات الدولية والسفارة الاميركية والحكومات العراقية المتعاقبة وعمل أكثر (1500) شخص على جمع الادلة وصرفت ملايين الدولارات لاجل ذلك في حين أن الدفاع مهدد ولايتمكن من تحقيق الامان في عمله."
وجاء رد القاضي عبد الله علي العامري رئيس المحكمة على هذا الطلب بالرفض وقال" المحكمة أمهلت الدفاع شهرين وهو وقت أكثر من الوقت المحدد وفق القانون والذي يتمثل في (45) يوما." وأضاف " فيما يخص التشكيك باستقلال المحكمة فأنا أقول إن القضاء العراقي يتمتع باستقلاليته ونزاهته حيث كان منذ السبعينات من القرن الماضي عضوا فى عصبة الامم المتحدة."
واحتج محام اخر على طريقة تنظيم الجلوس فس المحكمة وقال انه يرى للمرة الاولى تنظيم القاعة يجعل من الشهود يتلقون إشارات مباشرة من الإدعاء العام وهيئة المحكمة وطلب جلوس الشهود في مواجهة رئيس المحكمة. ولمح المحامي إلى أن إفادات الشهود تتم أحياناً بإيحاءات من الإدعاء. كما طلب محام اخر ان تكون فترة التاجيل بين الجلسات اطول مما هو عليه الان وذلك لاتاحة الوقت للمحامين على دراسة اقوال الشهود بشكل كاف .
شاهدة كانت عضوة في البيشمركة
وقالت الشاهدة الأولى الدكتورة كاثرين ميخائيل وهي تعمل حاليا كاتبه في ولاية فيرجينيا بالولايات المتحدة انها كانت عام 1987 عضواً في البشمركة في وادي "قليزيوه" "عندما اغارت في السابعة مساءاً علينا طائرات عراقية "سوخوي" شاهدت منها أربعة.. رمتنا بقنابل كيمائية.. سأشرح لاحقاً لماذا قلت كيمائية.. وفي هذه الأثناء توجهت إلى الملجأ مع جميع الموجودين.. وكنت مع الرفيقة أم علي (أجهل أسمها الكامل) وطفلها سمسم (عامين) وأخاها مشمش (أربعة أعوام)." واضافت "اغارت علينا الطائرات مرة أخرى.. وشممت رائحة احتراق.. ركضت الرفيقة "أم هندرين" لمداواة الدكتور خابور الذي كان يصرخ من الألم الشديد.. ورأيت الشهيد أبورزكار وهو يتقيأ ويقول يبدو إنني استنشقت الكثير من البارود.. تقدمت نحو مستشفى ورأيت أبو فؤاد ممداً على الأرض..وكان شبه مغمى عليه، سادت حالة إحباط بين جميع الموجودين في المستشفى حيث سقطت القنابل بصورة مباشرة.. استيقظت على صوت صراخ الرفيقة "نشمين" وهي تقول لي بأننا استهدفنا بأسلحة كيمائية.. حملت سلاحي.. توجهت إلى فصيل السجن (حيث نعتقل رجال استخبارات عراقية وقوات حكومية والأمن .. سبق وأن أسرت البشمركة اثنين من كبار الضابط بالجيش العراقي.. كان الجميع يتقيأ ويصرخون من ألم في البطن.." ثم انقطع البث جراء عطل فني.
واشارت قائلة "عند وصولي إلى فصيل الإسناد كنت قد أصبت بالعمى المؤقت.. في اليوم الثاني جاء الرفيق "أبو روزا" عربي من الجنوب - حيث أخبرني بوفاة الرفيق أبوفؤاد.. بدأنا في غسل وجوهنا في جدول للمياه.. أصيبت الطبيبة "أم هندرين" بالعمى المؤقت تماماً.. في اليوم الثالث تفقدت الرفيق "أبورزكار" الذي أصيب بدوره بالعمي.. سألني إن كان في مقدوري الرؤية.. كان يبدو الاحتراق على ظهره.. أخبرني أنه مشتاق إلى زوجته وأطفاله.. بعد الظهر سمعت ثلاث طلقات نارية من كلاشينكوف.. وهي تعني إشارة بالخطر.. وجاء خبر استشهاد أبورزكار". وقدمت الشاهدة شكوى ضد صدام حسين وابن عمه علي حسن المجيد وجميع الشركات العالمية التي قالت انها زودت النظام السابق بالاسلحة الكيمياوية .
وبعد الانتهاء من الادلاء باقوالها سالها علي حسن المجيد عن الدول التي كانت تتعاون معها الاحزاب في شمال العراق وكيف ميزت العلم العراقي على الطائرات التي قالت انها هاجمت القرى بالكيمياوي .. فاجابت ان للاحزاب كان هناك تعاون مع الدول المجاورة من دون ان تذكر اسماء هذه الدول واوضحت ان فرق الاسناد العسكرية في البيشمركة تعرفت على هوية الطائرات .
.. وشهادة فلاح كردي
وقال الشاهد الثاني في جلسة اليوم واسمه احمد عبد الرحمن من مواليد 1922 ويعمل فلاحا ويسكن قرية داربلورا انه في الثالث من ايلول (سبتمبر) عام 1987 حاصرت قوات الطواريء القرية ثم قامت باحراقها بعد اخراج السكان منها والاستيلاء على المواشي فيها وكان له هو 100 راس من الغنم لكنها رفضت وقامت باعتقالهم واقتادتهم الى مديرية امن السليمانية التي احتجزوا فيها لمدة اربعة اشهر وجرى التحقيق معهم مع تعذيب شديد. واضاف ان حرس الحدود اقتادوا في احدى الليالي اربعة من المعتقلين وقاموا باعدامهم رميا بالرصاص موضحا انه لم يشاهد عملية الحراس لكن الحراس ابلغوهم بذلك وان الاعدام تم بامر من علي حسن المجيد. وقال انه قد تم اطلاق سراحه بعد ذلك مع سبعة معتقلين واشار الى انه يريد ان يشتكي ضد صدام حسين وعلي حسن المجيد جراء حرق بستانه ومنزله طالبا التعويض عن ذلك لكنه نفى تعرضه للتعذيب او ضرب قريته بالسلاح الكيمياوي.
شهادات سابقة تصف اثار القصف بالكيمياوي
وجلسة اليوم هي الرابعة منذ بدء النظر بالقضية في الحادي والعشرين من الشهر الماضي حين بدأت بمشادة كلامية بين صدام والقاضي الحالي عبد الله علي العامري حيث دخل صدام أولا إلى قاعة المحكمة ورفض التعريف باسمه عندما طلب رئيس المحكمة منه قائلا "ألا تعرف اسمي". فقال القاضي "أنا أعرف اسمك لكن وفق قانون أصول المحاكمات الجنائية الصادر عام 1969 ألزم القاضي ان يسأل المتهم عن اسمه فقال صدام "أنا احترم هذا القانون كله وليس مجزءا لانكم جالسون الان باسم الاحتلال وليس باسم العراق وان اسمي معروف للعراقيين والعالم أنا صدام حسين المجيد رئيس جمهورية العراق والقائد العام للقوات المسلحة المجاهدة". وخاطب القاضي صدام "هل أنت مذنب" فرد قائلا "هذا الكلام يراد له كتب وأنا التزم الصمت". واتخذ الموقف نفسه ابن عم صدام علي حسن المجيد او "علي كيمياوي" الذي كان يتولى قيادة المنطقة العسكرية الشمالية عند وقوع حملة الانفال واوكلت اليه مهمة تنفيذ الاوامر.
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية.
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيمائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يجري قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقرر أن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل.
وقد أرجأ القاضي عبد الله العامري المحاكمة في الرابع والعشرين من الشهر الماضي الى اليوم موضحا ان التأجيل جاء بناء على طلب تقدمت به هيئة الدفاع حيث يواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988.
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".