أخبار

أحداث أيلول قلبت صورة المقاوم الفلسطيني

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

حديث القاعدة في فلسطين
أحداث أيلول قلبت صورة المقاوم


أسامة العيسة من القدس : آخر ما كان ينتظره الفلسطينيون في الذكرى الأولى لانتفاضة الأقصى، وقوع عمليات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، التي كما يعتقد أغلبيتهم أساءت لهم، وخلطت بين صورة المقاوم المدافع عن وطنه ضد الاحتلال، وبين الصورة التي أصبحت نمطية لمنفذي تفجيرات نيويورك وواشنطن. ولكن ذلك لم يكن الانعكاس الوحيد والأخطر لتفجيرات سبتمبر عليهم، ويعتقد أن تلك العمليات بقدرتها التفجيرية الكبيرة، أثرت على قطاعات معينة لا يعرف عددها أو حجمها، جعلها تقترب من فكر منظمة القاعدة التي تبنت عمليات التفجير، وما زالت المعلومات حولها يكتنفها الكثير من الغموض.
واصبح المراقبون للأوضاع في الأراضي الفلسطينية، يتوقعون في كل وقت ظهور تنظيم القاعدة في فلسطين، وكثيرا ما تتسرع وسائل الإعلام إلى الإشارة إلى هذا الظهور مع كل عملية تشهدها الأراضي الفلسطينية، وخصوصا في قطاع غزة، أو صدور بيان لغته متاثرة بأدبيات القاعدة.

ولكن المراقبين لم يجدوا أي دليل على ظهور للقاعدة في فلسطين، حتى ربيع 2005، عندما أعلنت إسرائيل اعتقالها لشاب فلسطيني اسمه محمد عبد الرحمن مطلق وريدات (26) عاما، من قرية الظاهرية، جنوب الخليل، بتهمة عضويته في تنظيم القاعدة. وتضمنت لائحة الاتهام التي قدمت بحق وريدات الذي كان يعمل صيدليا لدى اعتقاله، اتهامات له بزيارة أفغانستان بعد أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001، والتدرب في معسكر تابع للقاعدة، وتلقي تدريبات عسكرية وإعداد عبوات ناسفة.

وحسب لائحة الاتهام فان زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن زار هذا المعسكر ثلاث مرات في أثناء وجود وريدات فيه.

ولم يكن القبض على وريدات كافيا لتشكيل قناعة بوجود خلايا للقاعدة في فلسطين، ولم يظهر أي دليل ملموس أخر رغم البيانات التي كانت تصدر بين الوقت والآخر لمنظمات مجهولة، مثل البيان الذي صدر عن منظمة أطلقت على نفسها اسم (قاعدة الجهاد في فلسطين)، ولكن البيان الذي صدر في غزة جاءت لغته شبيهة بأدبيات حزب التحرير خصوصا لجهة الحديث عن أهداف المنظمة التي أعلنت أنها ستسعى من اجل "صياغة الشخصية الإنسانية صياغة ربانية، وتطبيق شرع الله وذلك بإقامة دولة إسلامية، توحيد الأمة الإسلامية انطلاقا من توحيد المجتمعات الإسلامية، أحياء مذهب الخلافة في قلوب المسلمين ومن ثم على ارض الواقع، إقامة دولة إسلامية على جميع المعمورة".

ولوحظ انه منذ الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة في أيلول (سبتمبر) 2005، تعالت التحذيرات الإسرائيلية مما كانت تصفه، في كل مرة، تسلل عناصر من تنظيم القاعدة إلى قطاع غزة.

وكانت هذه التحذيرات تصدر عن شخصيات إسرائيلية أمنية رفيعة المستوى، كرئيس هيئة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك).ولم يقتصر التحذير الإسرائيلي على تسلل القاعدة إلى قطاع غزة، ففي إعلان مفاجئ، قالت مصادر إدارة السجون الإسرائيلية، أن 9 عناصر قيادية من حركة حماس في السجون تحولت إلى تنظيم القاعدة.

واتخذت هذه الإدارة إجراءات مشددة داخل السجون لمنع ما وصفته تبادل الرسائل والمعلومات بين العناصر التي تحولت للقاعدة فيما بينها، ومع الخارج.
ونفى رأفت ناصيف الناطق بلسان حماس في السجون ما وصفه المزاعم الإسرائيلية، ولم يعد أحد للحديث عن هذا الملف.

وبشكل بدا مفاجئا جاء الإعلان عن وجود للقاعدة في فلسطين، من مصدر غير متوقع، فالمتحدث هذه المرة لم يكن سوى محمود عباس (أبو مازن) رئيس السلطة الفلسطينية الذي أكد في حديث نشرته صحيفة الحياة اللندنية يوم 2 آذار (مارس) 2006، بأنه توجد "مؤشرات على وجود للقاعدة في غزة والضفة"، وقال بان لدى السلطة معلومات أمنية حول ذلك.

وإزاء الانتقادات التي وجهت لأبي مازن من مصادر فلسطينية، حاول التراجع عن تصريحاته والقول بأنها فهمت بشكل خاطئ، وانه أراد التحذير من امتداد لتنظيم القاعدة إلى فلسطين إذا استمر الجمود السياسي وممارسات الاحتلال ضد الفلسطينيين.

ولم يمض سوى شهرين على تلك التصريحات، حتى حدث ما كان ينتظره المتابعون عندما صدر في التاسع من أيار (مايو) 2006، بيانا في قطاع غزة يعلن بوضوح تشكيل (جيش القدس الإسلامي) التابع لتنظيم القاعدة بزعامة أسامة بن لادن.

وجاء في البيان نه تم تشكيل التنظيم تلبية لدعوات "الشيخ أسامة بن لادن والدكتور ايمن الظواهري والشيخ أبو مصعب الزرقاوي قادة تنظيم القاعدة وبقية المجاهدين في باقي البلاد الإسلامية" وان هذا التنظيم سيعمل "ضد الاحتلال الغاصب وعباد الصليب". وتوعد باستهداف "كل عدو للإسلام والمسلمين, وأننا سنضرب بيد من حديد كل الحملات الصليبية والأميركية والصهيونية, ونفجر بأجسادنا كل مواقعهم, ونزلزل الأرض تحت أقدامهم بعون الله". ووعد البيان بأن "جيش القدس الإسلامي التابع لتنظيم القاعدة في أرض الرباط سيعرض على شاشات التلفزة صوراً لمجموعاته المقاتلة".

ومرت الأيام ولم يف هذا التنظيم بوعده، وعاد الحديث عن القاعدة يطل برأسه من جديد يوم 27 حزيران (يونيو) 2006، عندما ظهر اسم منظمة مجهولة ضمن مجموعات المقاومة الفلسطينية التي نفذت عملية (الوهم المبدد) النوعية، فجر ذلك اليوم، والتي أسفرت عن خطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شليط.
واسم هذه المنظمة هو جيش الإسلام، وهو اسم يظهر لأول مرة، واكتسب مصداقية بوجوده مع اسمي الجناح العسكري لحركة حماس ولجان المقاومة الشعبية.

ولاول مرة اصبح من الممكن الحديث عن إطار فلسطيني ربما يكون له علاقة بالقاعدة، يشارك في عملية ناجحة ويتلقى الدعم والاعتراف من تنظيمين نافذين في الساحة الفلسطينية. وذهب محللون إلى أن اشتراك هذه المنظمة في العملية يمكن أن يكون تدشينا ملفتا وصاخبا لتنظيم متعاطف أو مرتبط بمنظمات الجهاد العالمي، خصوصا تنظيم القاعدة، فيما رأى آخرون انه من المهم التريث قبل الحكم على الأمور، مرجحين بان لجيش الإسلام هو تنظيم مشكل من عناصر من حركة فتح تركت الحركة لأسباب سياسية وعقائدية وتقربت من حركة حماس، بالإضافة إلى عناصر مستقلة.

مصادر فلسطينية تحدثت لمراسلنا من قطاع غزة قالت بان (جيش الإسلام) هو "الذراع العسكري للجان المقاومة الإسلامية التي انشقت عن لجان المقاومة الشعبية بعد الخلافات التي حصلت بينهما إثر قتل موسى عرفات، حيث أن مجموعة من ألوية الناصر صلاح الدين الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية هي من صفت موسى عرفات مما لاقى استنكارا من حماس وحليفتها لجان المقاومة الشعبية حيث رفض جمال أبو سمهدانة، زعيم اللجان الذي اغتيل فيما بعد، تبني العملية".

وحسب هذه المصادر التي لم يتسنى التأكد من صحة تصريحاتها، فان معظم عناصر الجيش الإسلامي هم من أفراد جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، الذي فصلهم، واكثر من هذا، وحسب نفس المصادر حاول اغتيالهم، بسبب اشتراكهم في المقاومة. وكشفت هذه المصادر لمراسلنا، بان العناصر التي شكلت فيما بعد الجيش الإسلامي، حاولوا تنفيذ عملية في معبر كارني في ربيع 2006، للإعلان عن تنظيمهم، ولكن الأمن الوقائي أفشلها.

وكانت صحيفة يديعوت احرنوت الإسرائيلية لدى إفشال الأمن الوقائي للعملية ألمحت إلى وقوف تنظيم القاعدة خلف الهجوم المحبط في معبر كارني بين قطاع غزة وإسرائيل. ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن مصادر أمنية قولها، بتوفر معلومات حول مسؤولية تنظيم القاعدة عن الهجوم الذي كان سيتم عبر إدخال سيارة مفخخة للمعبر، ولكن رجال الأمن الوقائي افشلوا المخطط. المصادر الفلسطينية التي تحدثت لمراسلنا ذكرت بان الذي قاد المجموعة لتنفيذ عملية كارني، هو مجدي تيسير حماد، والذي اصبح مطلوبا لإسرائيل والأمن الوقائي بعد اضطراره لمواجهة عناصر من الأمن الوقائي هو ومجموعته خلال عملية كارني التي كان من المقرر أن ينفذها عناصر استشهادية من المجموعة.

ولم يتمكن الأمن الوقائي الوصول إلى حماد (29) عاما، وسبقه إلى ذلك الطيران الإسرائيلي الذي نفذ عملية اغتيال يوم 5 حزيران (يونيو) 2006 ذهب ضحيتها حماد واحد رفاقه وهو عماد محمد عسلية (26) عاما. و تمت العملية بإطلاق الطيران الحربي الإسرائيلي صاروخين بفارق زمني بسيط، باتجاه سيارة مدنية فلسطينية من نوع سكودا، صفراء اللون، كانت تسير على طريق صلاح الدين الرئيس، شرق بلدة جباليا، شمال قطاع غزة، كانت تقل حماد وثلاثة من رفاقه.

ووفقا للمصادر التي تحدثت لمراسلنا فان جيش الإسلام نفذ سابقا وقبل عملية (الوهم المبدد) عمليات أخرى ضد العملاء والمستوطنين.

مصادر أخرى قدمت رواية أخرى شبيهة حول جيش الإسلام، وحسب هذه المصادر فان أفراد هذا الجيش كانوا يعملون ضمن الجناح العسكري للجان المقاومة الشعبية الذي يطلق عليه (ألوية الناصر صلاح الدين).

وكان أسس هذه اللجان مع بداية انتفاضة الأقصى الشهيد إسماعيل أبو القمصان، والتف الأفراد من ذوي التوجه الإسلامي حول قائد اللجان العسكري أبو يوسف القوقا الذي اتهم الناطق باسم اللجان أبو عبير الأمن الوقائي الفلسطيني باغتياله، وبعد اغتيال القوقا في شهر آذار (مارس) 2006، شكل هؤلاء الأفراد ذراع جديد يضمهم أطلقوا عليه (جيش الإسلام)، وكونوا جهاز دعوة خاص بهم على غرار حركة حماس، وبارك خطوتهم جمال أبو سمهدانة، الذي اغتيل فيما بعد.

ولم ينته حديث القاعدة في فلسطين مع جيش الإسلام الذي ما زال في صورة الأحداث مع استمرار المفاوضات لاطلاق سراح الجندي شليت، ولكنه عاد بقوة من جديد مع إقدام منظمة مجهولة تطلق على نفسها (كتائب الجهاد المقدس) خطف صحافيين يعملان لقناة فوكس نيوز الأميركية يوم 17 آب (أغسطس) 2006.

والملفت في عملية الخطف هذه هو الشروط التي وضعتها المنظمة المجهولة لاطلاق سراح الصحافيين، حيث ربطت ذلك بإطلاق سراح "أسرى وأسيرات المسلمين في سجون أميركا". وتشابهت عملية الخطف بعمليات القاعدة في العراق مثل توزيع شريط يظهر فيه المخطوفين يتحدثان للرأي العام، وكذلك لغة البيان التي تختلف عن أدبيات مجموعات المقاومة الفلسطينية، ولكن الموضوع انتهى مثل عمليات الخطف السابقة التي نفذتها مجموعات فلسطينية يعتقد انه قريبة بهذا القدر أو ذاك من حركة فتح، وتقدم على عمليات الخطف لأسباب داخلية ولتنفيذ مطالب لها.

وحسب المتابعين فان الحديث عن القاعدة في فلسطين سيستمر، ولكن من الصعب معرفة كيف أو متى سيظهر هذا التنظيم في فلسطين، أو مدى التقاطع أو التشابه مع تنظيمات الجهاد العالمي الأخرى؟ وان كان يوجد شبه إجماع بان الظهور المرتقب لتنظيم القاعدة مرتبط بانعكاسات أحداث سبتمبر 2001 على فلسطين، حيث يشعر الفلسطينيون بأنهم وضعوا في دائرة الاستهداف اكثر فاكثر بعد تلك الأحداث، وان ذلك يدفع مجموعات منهم للتطرف وتبني فكر القاعدة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف