قاضي الأنفال لصدام : إنك لم تكن دكتاتورا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مشتك كردي : قابلت صدام حول فقدان عائلتي فطردني
قاضي الأنفال لصدام : إنك لم تكن دكتاتورا
أسامة مهدي من لندن : اجل رئيس المحكمة الجنائية العراقية العليا في بغداد عبد الله علي العامري محاكمة الرئيس السابق صدام حسين الى الاثنين المقبل في وقن يتوقع ان تلاقي مداخلة مثيرة ردود فعل غاضبة خاطب رئيس المحكمة الجنائية العراقية العليا في بغداد عبد الله علي العامري صدام قائلا "انك لم تكن دكتاتورا ولكن المحيطين بك هم الذين يصنعون الدكتاتور" .. بينما اكد مشتك كردي انه قابل صدام عام 1990 وطلب منه اطلاق سراح افراد عائلته المعتقلين لكنه طرده من مكتبه .. وذلك لدى استئناف المحكمة اليوم الاستماع في جلستها السابعة الى اقوال ثلاثة مشتكين جدد في قضية اتهام صدام وستة من كبار مساعديه السابقين الذين يحاكمون بتهمة ارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد فيما عرف بحملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 .
وخلال مناقشة الرئيس السابق للمشتكي الاول في جلسة اليوم عبد الله محمد حسين الذي قال انه قابله في مكتبه طالبا اطلاق سراح افراد عائلته المقبوض عليهم لكنه طرده غاضبا .. سال صدام المشتكي "كيف قابلت صدام حسين وهو دكتاتور ومعاد للشعب الكردي كما تقولون؟ "
.. لكن القاضي العامري رد عليه قائلا " انك لم تكن دكتاتورا .. المحيطين بك هم الذين يصنعون الدكتاتور" .
واستطرد صدام حسين سائلا المشتكي قائلا " كيف يمكن ان تقتل القوات العراقية طفلا عمره 40 يوما كما تقول بينما هي حافظت على حياتك وقد كنت عنصرا في قوات البيشمركة المتمردة ثم ذهبت الى ايران التي كانت عدوة للعراق وفي حرب معه انذاك ؟" . واضاف الرئيس السابق ان الحرب في شمال العراق استمرت 44 عاما سقط فيها كثيرون من العرب والاكراد مسيحيين ومسلمين .. فاذا اردنا تحقيق العدل يجب فسح المجال للعرب بان يشتكوا وكذلك للمسيحيين وليس الاكراد وحدهم وان كانوا هم جزءا من الشعب العراقي .. كما يحق للجيش وللشيعة والسنة كما يقسموهم الان ان يشتكوا" .. وهنا طلب منه القاضي عدم التحدث عن هذه المسائل .
وعاد صدام فسال المشتكي كيف عاد الى العراق ولم تقم السلطات باعتقاله فاجاب انه عاد لان عفوا رسميا قد صدر . ونفى الرئيس السابق ان يكون قد زجر المشتكي وطرده من مكتبه طالبا شهادة الف عراقي قابلوه وسؤالهم فيما اذا كان قد زجرهم في أي وقت .
وكان المشتكي الاول وهو عبد الله محمد حسين (مواليد 1949) ويعمل فلاحا قال لدى استئناف المحكمة جلساتها اليوم انه من سكنة سيدا الشمالية عندما بدات الطائرات العراقية تقصف قريته التي هرب اهلها الى الكهوف ثم حاصرتها قوات الجيش من ثلاث جهات وقامت بالهجوم عليها وجمعت النساء والاطفال في مسجدها وقامت الاليات العسكرية بهدمها ثم اخذوا السكان بشاحنات عسكرية الى محتجز في مدينة اربيل . واشار الى من بين الهاربين كانت عائلته وبينهم زوجته واطفاله موضحا انه كان يراقب الاوضاع في قريته من على بعد كيلومتر بواسطة ناظور وكان معه طفله علي وعمره تسع سنوات انذاك . واضاف انه هرب مع ابنه مشيا على الاقدام لمدة اربع سنوات الى الحدود العراقية الايرانية فدخل بلدة بانة الايرانية والتجأ الى احد مساجدها .. موضحا انه كان عنصرا في قوات البيشمركة لكنه تركها قبل ستة اشهر من عمليات الانفال وسلم سلاحه لظروف شخصية .
واشار الى انه بعد ستة اشهر من هذه الاحداث سمع ان عفوا رسميا اصدره صدام حسين عن الاكراد طالبا منهم العودة الى قراهم فعاد هو وسلم نفسه الى منظمة حزب البعث في منطقة دوكان التي ارسلته الى معسكر للجيش العراقي للتدريب لانه كان متخالفا عن اداء الخدمة العسكرية وبعد 40 يوما نسب للخدمة في معسكر بمحافظة العمارة الجنوبية. واشار الى انه علم من والدته المسنة التي اطلق سراحها انهم اخذوا الى نقرة السلمان الصحراوية وكانت اوضاعهم سيئة جدا ويموت يوميا عشرة منهم يدفنون في الرمال لكن الكلاب كانت تستخرج جثثهم وتلتهمها .
واكد انه لايعرف شيئا عن افراد عائلته منذ ذلك الوقت عندما رحلوا الى الصحراء عام 1988 وهم مسجلون حاليا في عداد مفقودي الانفال . لكنه اشار الى انه عندما كان في معسكر العمارة ذهب الى ديوان رئاسة الجمهورية في بغداد وقدم شكوى عن فقدان عائلته وعدد افرادها ثمانية فابلغوه بعد ثلاثة ايام ان موعدا حدد له مع صدام حسين وفعلا قابله وساله ماهي مشكلته فاجابه بان عائلته معتقلة ملتمسا اطلاق سراحهم .. فساله صام اين تم القاء القبض عليهم فاخبره في قريتهم لكنه طلب منه السكوت وقال له " لاتتحدث عن ذلك لان عائلتك فقدت في حملة الانفال" . واضاف انه لم يشعر بالخجل لحظتها فقال لصدام "عندما انزل الله اية الانقال على النبي محمد .. هل كانت عن الكفار ام عن المسلمين" فصرخ به "اسكت ولاتتكلم .. اخرج الى الخارج" فادى التحية العسكرية له وغادر .
وقال انه ظل في الخدمة العسكرية حتى حرب الكويت عام 1991 عندما ترك الجيش وعاد الى قريته في منطقة السليمانية الشمالية حيث اعاد السكان بناءها . وقال انه ابلغ محكمة الاحوال الشخصية في السليمانية عام 1999 ان عائلته مفقودة لكنه ابلغ بعد بعد سنوات ان هويات افراد عائلته وجدت في مقبرة جماعية بالقرب من مدينة الموصل الشمالية . وقدم شكوى ضد جميع المتهمين في القضية طالبا التعويض عما اصابه من اضرار واعادة رفات افراد عائلته الى قريته . وهنا قام الادعاء العام بعرض هويات زوجة المشتكي وابنه ناصر وابنته شيرين والتي عثر عليها في مقبرة جماعية .
اما المشتكي الثاني علي محمود عمر (مواليد 1955) وعمله عضو في قوات البيشمركة الكردية ويسكن مدينة السليمانية الشمالية فال انه كان في منطقة سركلو عندما بدات عمليات الانفال في شباط (فبراير) عام 1988 حين باشرت المدفعية بقصف المنطقة التي كانت فيها مقرات رئيسية للاتحاد الوطني الكردستاني (بزعامة الرئيس العراقي الحالي جلال طالباني) بالاسلحة الكيمياوية فطلبنا من السكان الاختباء في الملاجيء والكهوف في الجبال . بعده بدا الجيش العراقي بشن هجوم من اربع جهات لكن البيشمركة قاومت ببسالة لانها كانت على حق وصدت اربعة هجومات (للعدو) لكنه اصيب في الهجوم الرابع مع اخرين . ثم نقلوا على البغال الى الحدود الايرانية وعولجوا في مستوصف ميداني للبيشمركة داخل الاراضي العراقية الحدودية .. ثم نقلوهم الى داخل ايران . وبقي في مدينة تبريز الايرانية 8 اشهر بعد ان قررت القيادة العسكرية للبيشمركة الانسحاب من المعركة نظرا لقوة الجيش العراقي .. واشار الى انه وكثيرون لجاوا الى تبريز قد عادوا الى مناطقهم في السليمانية بعد انتفاضة عام 1991 . واشار الى ان المعتقلين من قريته وبينهم افراد من عائلته قد القي عليهم القبض بعد هجوم القوات العراقية ونقلوا الى اربيل ثم اختفت اثارهم الى ان عثر على اعداد منهم في مقبرة جماعية بالقرب من الموصل بعد سقوط النظام عام 2003 وبينهم اثنين من عائلته . وقدم شكوى ضد صدام حسين وعلي حسن المجيد وبقية المتهمين وقال انه لايطلب تعويضا ويكفيه ان المتهمين هم في قفص الاتهام حاليا .
ولدى بدء جلسة صباح اليوم طالب احد محامي الدفاع ايقاف ما قال انها تجاوزات تصدر من قبل المشتكين ضد موكليهم. وقال ودود فوزي محامي صدام حسين "لقد لاحظنا في جلسات المحكمة خلال اليومين الماضيين حدوث تصرفات غير قانونية من قبل المشتكين على موكلينا سواء عن طريق الاشارات او الكلام". وأضاف فوزي الذي كان يقدم اعتراضه للقاضي عبد الله علي العامري رئيس المحكمة "لذا نطلب ايقاف تجاوزات المشتكين وبخلافه سنتخذ اجراءت معينة" دون أن يوضح ماهية هذه الاجراءات. فورد القاضي قائلا "انا لا اسمح باية تجاوزات على احد في المحكمة وحتى وان حصلت فان مردودها سيكون على القاضي وهيئة المحكمة".
20 مشتكيا كرديا لحد الان
ومن المنتظر ان تنتهي المحكمة اليوم من سماع اقوال ثلاثة مشتكين جدد في هذه الجلسة السابعة تكون المحكمة قد استمعت الى شهادات 20 مشتكيا منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من الشهر الماضي فيما ينتظر ان يمثل امامها المزيد من المشتكين والشهود خلال الجلسات المقبلة بينهم مسؤولين رسميين اكراد في الحكومة العراقية الحالية اضافة الى عرض كميات ضخمة من الوثائق عليها . وكان الرئيس العراقي جلال طالباني ووزير الخارجية هوشيار زيباري وهما كرديان قد ابديا في وقت سابق استعداهما للادلاء بشهادتيهما في قضية الانفال .
وقد تميزت جلسة المحكمة امس السادسة باتهام رئيس هيئة الادعاء العام منقذ ال فرعون رئيس المحكمة القاضي عبد الله العامري بمحاباة صدام والسماح للمتهمين بتحويل قاعة المحكمة الى منبر سياسي لهم وطالب القاضي بالتنحي عن القضية لكن هذا الاخير رفض ذلك مؤكدا انه يعمل على تطبيق المساواة بين جميع اطراف القضية .
كما اكد مشتك كردي انه لا احد في العالم يستطيع تعويضه عن قتل النظام السابق لوالديه عندما كان عمره 10 سنوات .. فيما اقر سلطان هاشم وزير الدفاع السابق انه كان مسؤولا عسكريا عن حملة الانفال .
وفي مداخلة له عقب انتهاء المشتكي الاول من اقواله في جلسة امس اقر سلطان هاشم بانه كان قائدا لحملة الانفال بالمشاركة مع قوات الفيلق الخامس كما ناقش المشتكي في الطرق التي سلكها الهاربون الى ايران ونوعية الطائرت التي هاجمت قريته . واشار الى انه كانت هناك وثائق لدى وزارة الدفاع تؤكد ان الطائرات الايرانية كانت تهبط بالقرب من هذه القرى ايام التمرد الكردي لايصال مواد غذائية الى الجنود الايرانيين الذين احتلوا المنطقة .
وفي بداية جلسة امس ايضا فاجأ رئيس هيئة الادعاء العام الجميع بتوجيه اتهامات للقاضي قائلا انه في الوقت الذي يضغط على الادعاء وعلى محامي المشتكين يسمح للمتهمين ومحاميهم بتوجيه اسئلة استهزائية وغير منتجة الى المشتكين كما سمح الى احد المتهمين في اشارة الى صدام حسين بتوجيه تهديدات للمحكمة وللمشتكين الامر الذي حول المحكمة الى منبر سياسي لهم . واشار الادعاء الى ان تصرف القاضي هذا منح المتهمين جانبا من السماح بابداء الراي لصالحهم في اشارة الى صدام حسين على الخصوص ولذلك فان هيئة الادعاء تطلب منه التنحي عن النظر في القضية المعروضة .
ورد القاضي بانه غير منحاز ولكنه حريص على تحقيق المساواة بين اطراف القضية .ثم اعترضت محامية المشتكين على السماح للمتهمين بالتجاوز على المشتكين وعلى ابناء الشعب الكردي الامر الذي يخالف العدالة ويؤثر على هيبة القضاء العراقي . فرد القاضي انه مسؤول عن ادارة جلسات المحكمة وضبطها وله خبرة في القضاء تتجاوز ربع قرن ويعرف صلاحياته وحدود تصرف المتهمين والمشتكين .
وكان صدام حسين قال امس الاول انه الان "اشبه بالاسد الذي دفع الى القفص ولكني استطيع ان اعمل شيئا ولو بسيطا " . ثم استعرض اتفاقه مع شاه ايران الذي كان يدعم الاكراد عام 1975 على انهاء المشاكل بين البلدين وقال انه بعد اذاعة بيان الاتفاق القى الاكراد 120 الف قطعة سلاح على الارض وهذا ما يعني انه لاتوجد مشكلة حقيقية بين العرب والاكراد في العراق . واضاف انه منح الحكم الذاتي للاكراد وعقد صلحا مع زعيم الحركة الكردية انذاك مصطفى البارزاني . واشار بالقول "لكن بعض الالسن تتجاوز علينا الان .. ولااعتقد انكم تريدون ازعاجنا وزعلنا .. لاننا هادئين ولكن اذا ازعجتونا سيحصل مايحصل" .
المتهمون والتهم
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيمائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يواصل قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقررأن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل .
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان " .