مواجهة بين روسيا والغرب بسبب استفتاء بريدنيستروفيه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
أحمد عبدالعزيز من موسكو: صوت 1ر97% من الناخبين الذين شاركوا في الاستفتاء العام في جمهورية بريدنيستروفيه، غير المعترف بها، إلى جانب الاستقلال والاتحاد مع روسيا. وأظهرت النتائج الرسمية التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية في هذه الجمهورية، التي أعلنت استقلالها من طرف واحد عن مولدافيا، أنه لم يؤيد الاتحاد مع مولدافيا إلا نسبة 4ر3% فقط من المصوتين في الوقت الذي عارضه 6ر94%.
وشارك في الاستفتاء 6ر78% من إجمالي 390 ألف ناخب في بريدنيستروفيه. واعتبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبية ومولدافيا وأوكرانيا أن نتائج الاستفتاء غير شرعية. أما المائة والثلاثون مراقبا الذين قاموا نيابة عن مختلف المنظمات الاجتماعية من بلدان رابطة الدول المستقلة وأوربا بالإشراف على سير الاستفتاء العام اعتبروا هذا الموقف دليلا على سياسة الكيل بمكيالين. وقاموا مساء يوم الأحد الماضي، عقب إغلاق صناديق الاقتراع، بتقديم استنتاجاتهم الخاصة التي أكدوا فيها بأن الاستفتاء العام جرى وفق بالمعايير الأوروبية.
وصرح وزير خارجية بريدنيستروفيه فاليري ليتسكاي بأن حصيلة الاستفتاء العام تعتبر أساس موقف بلاده في المفاوضات حول التسوية في بريدنيستروفيه. وأشار إلى أن كل الفرص باتت متاحة لروسيا اليوم لكي تراعي خيار سكان بريدنيستروفيه في سياستها الخارجية.
في غضون ذلك سارعت مولدافيا على لسان وزير خارجيتها أندريه ستراتان إلى وصف الاستفتاء بأنه "مهزلة سياسية"، وأعلنت أنها لن تعترف بنتائجه. وردا على ذلك باشرت بريدنيستروفيه بخطوات جديدة، حيث أمر رئيسها إيغور سميرنوف ببدء الإصلاحات التشريعية الرامية إلى تقريب القوانين السارية في الإقليم مع التشريعات الروسية. وقال سميرنوف "لقد حصلنا على التفويض من الشعب لإجراء هذه الإصلاحات التي ستجرى بالاشتراك مع المجلس الأعلى". ونوه رئيس البرلمان البريدنيستروفي يفغيني شيفتشوك بأن نتائج الاستفتاء الشعبي ستغدو أيضا أساسا لموقف البلاد في المفاوضات حول التسوية في الإقليم، ولن يتم النظر في موضوع الانضمام إلى روسيا إلا بعد الاعتراف الدولي بسيادة بريدنيستروفيه. وأوضح أن "الصفة التي يمكن بموجبها الدخول في قوام روسيا الاتحادية سيبت فيها فقط بعد الاعتراف باستقلال الجمهورية، الأمر الذي لابد وأن يحصل بالرغم من الرياء الذي تبديه البيروقراطية الأوروبية".
وأعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الاستفتاء جرى مع مراعاة كافة الإجراءات اللازمة. وكان ديمقراطيا وعلنيا. ورأى أن نتائجه "تؤكد مرة أخرى المقولة التي لا يمكن تغييرها بأن من الواجب تسوية النزاع على أساس الاتفاقات الموجودة". وشدد على أن روسيا تدعو إلى عودة أطراف التسوية في بريدنيستروفيه إلى المفاوضات. إذ أن تراجع أحد الأطراف عن الاتفاقات كما فعلت مولدافيا يؤدى إلى تفاقم الوضع والمضايقات، وفقا لتعبير الوزير الروسي.
وتجدر الإشارة إلى أن الاستفتاء الحالي في بريدنيستروفيه يعد السادس بعد أن أعلن الإقليم الذي يبلغ عدد سكانه 500 ألف نسمة في عام 1990 انسحابه من قوام مولدافيا التي اتبعت آنذاك نهج التقارب مع رومانيا. ويذكر أن بريدنيستروفيه تصوت لصالح استقلالها للمرة السادسة. وأجري الاستفتاء الأول في شهر كانون الأول (ديسمبر) عام 1991 حيث صوت لصالح الاستقلال 98% من السكان. ومع ذلك لم يعترف المجتمع الدولي بنتائج الاستفتاء وظلت هذه الجمهورية موجودة على الخريطة السياسية منذ 16 عاما بدون وضع قانوني.
وحاولت كيشينيوف في عام 1992 استرجاع الأراضي المتمردة، ونشب نزاع مسلح بين الطرفين أودى بحياة المئات من الطرفين. وشهدت ضفتا نهر الدنيستر جولة جديدة من الحرب الباردة في عام 2003 عندما تخلى الرئيس المولدافي فلاديمير فورونين تحت طائلة ضغوط الغرب عن خطط التسوية البريدنيستروفية التي أعدتها كيشينيوف وتيراسبول بوساطة روسيا. واتفقت مولدافيا مع أوكرانيا في الربيع الماضي على فرض حصار اقتصادي على بريدنيستروفيه مما أثار المشاعر القومية لدى السكان في الجمهورية غير المعترف بها.
وفي ما اعتبر المراقبون أن استفتاء بريدنيستروفية ما هو إلا "بروفة" لاستفتاء أوسيتيا الجنوبية المقرر إقامته في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل لتحديد علاقتها نهائيا بجورجيا، ومن ثم الانضمام إلى روسيا، أشاروا إلى أن الموقف من كوسوفو هو أساس تفجير هذه الأزمة وإجراء الاستفتاءات العاجلة في مناطق النزاع في المجال ما بعد السوفياتي.
في غضون ذلك أعرب رئيس البرلمان البريدنسيتروفي يفغيني شيفتشوك عن اعتقاده بأن نتائج الاقتراع أصبحت ردا على سياسة مولدافيا التي تسعى إلى تقرير مصير بريدنيستروفيه بدون مشاركة سكانها. كما أن الوضع المحيط بكوسوفو لعب دورا في إجراء الاستفتاء في بريدنيستروفيه. وفى حال نيل هذا الإقليم الاستقلال تحت طائلة الضغوط الغربية وخلافا لإرادة صربيا فستخلق هذه الخطوة سابقة.
وسبق أن نبهت روسيا على لسان رئيسها فلاديمير بوتين، في صلابة وبوضوح، إلى أنها ستنظر إلى نيل كوسوفو الاستقلال من هذا المنظار بالذات، وستخرج بالاستنتاجات اللازمة. ومن الواضح أن المقصود بتلميح كهذا احتمال اعتراف روسيا ببريدنيستروفيه وأبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
يذكر أن استمارات الاستفتاء تضمنت سؤالين فقط: "هل تؤيد نهج استقلال بريدنيستروفيه، وانضمامها فيما بعد إلى روسيا الاتحادية؟"، و"هل ترى أنه من الممكن التخلي عن فكرة استقلال بريدنيستروفيه وانضمامها فيما بعد إلى جمهورية مولدافيا؟".
وأيد البريدنيستروفيون النهج نحو التحالف مع روسيا لأنها قدمت المساعدة إليها في اللحظات العصيبة الحرجة، وفقا لتصريحات المسؤولين في بريدنيستروفيه. وأعربت النائبة الأولى لرئيس مجلس الدوما الروسي (البرلمان) لوبوف سليسكا عن قناعتها بأن انضمام بريدنيستروفيه المحتمل إلى روسيا سيناقش فقط إذا وجهت تيراسبول رسميا مثل هذا الطلب إلى موسكو. ويمكن في ما بعد تحل مسألة ماهية الصفة التي ستنضم بها بريدنيستروفيه إلى قوام روسيا الاتحادية. وانتقدت موقف المنظمات الأوروبية التي أعلنت مسبقا أنها لن تعترف بنتائج الاستفتاء. وأكدت بأن ذلك يؤكد مرة أخرى أن البني الأوروبية لا تريد سماع وقبول ما يريده سكان بريدنيستروفيه".
وأشار النائب الأول للجنة للشؤون الدولية في مجلس الدوما ليونيد سلوتسكي بدوره إلى أن نتائج الاستفتاء كانت "متوقعة". وأكد في الوقت نفسه بأنه سينشأ وضع معقد للغاية بنتيجة الاستفتاء. إلا أنه أشار إلى ضرورة احترام قواعد القانون الدولي وسيادة مولدافيا، وكذلك ضرورة أن تحل المشكلة بالتعاون الوثيق بقيادة كيشينوف. ولكنه، مع ذلك، اعتبر آفاق انضمام بريدنيستروفيه إلى روسيا في المستقبل القريب أو البعيد أمرا واقعيا.
وأعرب رئيس لجنة مجلس الدوما لشؤون رابطة الدول المستقلة أندريه كوكوشين عن رأيه بأن نتائج الاستفتاء في بريدنيستروفيه ينبغي أن تراعى لدى تحديد وضع الجمهورية غير المعترف بها دوليا. وشدد على أن مشكلة تحديد وضع كوسوفو أثرت كثيرا في الوضع بمنطقة بريدنيستروفيه. وقال إن واقع مناقشة مشكلة كوسوفو في الأمم المتحدة يؤثر بلا شك في أمزجة سكان بريدنيستروفيه أيضا. وحسب أقواله، أو تحذيراته، فإن تحديد وضع كوسوفو سيغدو سابقة دولية ستؤثر حتما في الوضع في جمهوريات أخرى غير معترف دوليا، ومن ضمنها بريدنيستروفيه.