قاضي صدام الجديد حازم ومنع المداخلات السياسية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مشتكية بالانفال : إبنتي وأولادها الخمسة قتلوا بالكيمياوي
القاضي الجديد حازم ومنع المداخلات السياسية
إقرأ أيضا
طالباني يخصص راتبا تقاعديا لعائلة قائد شيعي اعدمه صدام
إرغام صدام على مشاهدة فيلم يصوره لوطيا
قضية الأنفال: شوط آخر في محاكمة صدام
صدام حسين يمارس الرياضة قبل محاكمته
أسامة مهدي من لندن : ظهر قاضي المحكمة الجنائية العراقيا العليا الجديد محمد العريبي الخليفة حازما ومنع المداخلات السياسية للمتهمين والمحامين لدى استئناف جلستها العاشرة في بغداد اليوم حيث واصلت النظر في قضية اتهام الرئيس المخلوع صدام حسين وستة من مساعديه السابقين بارتكاب جرائم ابادة جماعية ضد الاكراد في حملة الانفال خلال عامي 1987 و1988 بعد قرار الحكومة نقل رئيسها القاضي عبد الله العامري الى مجلس القضاء الاعلى على خلفية قوله ان صدام ليس دكتاتورا وحيث رفعت الجلسة للاستراحة لمدة ساعة .وقد ظهر القاضي الخليفة صارما وحازما في اتخاذ القرارات التي دشنها بطرد صدام حسين من قاعة المحكمة اثر اعتراضه على تغيير العامري واتهامه لوالد الخليفة بانه كان "وكيل امن" لدى السلطات العراقية حتى سقوط النظام عام 2003 . وحرص القاضي على منع أي مداخلة سياسية حيث حاول عدد المتهمين ابداء اراء سياسية على خلفية تنحية القاضي السابق ومباشرة المحامين باتعبير عن مواقف قانونية تشكك بمشروعية ونزاخة المحكمة.. لكن الخليفة كان يضع حدا لها باستمرار وساعده في ذلك قطع الصوت لحجب بعض عبارات المتهمين التي يبدو انه راى فيها خروجا عن مجريات القضية .
فلدى بدء جلسة اليوم العاشرة اعترض صدام حسين على تغيير القاضي السابق العامري وعندما حاول القاضي الجديد الخليفة اسكاته اصر على مواصلة الكلام مما حدى بالقاضي الى طرده من المحكمة فيما انسحب فريق الدفاع منها احتجاجا لكن القاضي امر بتعيين محامين جدد بدلا عنهم .
وقد طلب صدام الكلام قائلا ان القانون يسمح له بقول مايريده وان تسمع المحكمة كلامه لكن القاضي اعترض طالبا منه السكوت غير ان صدام خاطب القاضي قائلا "ان ابوك كان وكيلا في جهاز الامن حتى احتلال (2003) .. وقد رد القاضي قائلا ان هذا غير صححيح "واتحداك امام الراي العام" كما خاطب صدام الذي رافقه حراس الى خارج قاعة المحكمة .
وقد عبر احد المحامين عن مخاوف من عدم تمتع المحكمة بالشروط العادلة لمحكمة شرعية وقال ان تغيير العامري بناء على طلب الحكومة يؤكد التدخل السافر للسلطة التنفيذية في شؤون المحكمة مما يؤكد انحيازها . واضاف انه لايتوقع توفر شروط عادلة في عدالة المحاكمة مطالبا بايقاف اجراءاتها حتى التوقف عن التدخل في شؤونها معلنا انسحاب جميع المحامين عن المتهمين السبعة .
ثم اعترض وزير الدفاع السابق المتهم سلطان هاشم على تعيين المحكمة محاميا له وقال انه سيدافع عن نفسه شخصيا .
بينما قال المتهم صابر الدوري رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية السابق انه لايريد محاميا واشار الى انه "يعيش في بلاء" وهنا قطع الصوت ومنعه القاضي من الحديث ويبدو انه تحدث عن اغتيال شقيقه العميد في الجيش السابق في بغداد امس الاول .
كما اعترض على تغيير محاميه المتهم علي حسن المجيد وقال انه لايعترق بقرار المحكمة .
وقد ساعد حزم القاضي في منع المداخلات الخارجة عن فحوى القضية والاكتفاء بالاسئلة على الاسراع في مجرياتها على الاسراع في الاستماع الى المشتكين خاصة بغياب اعضاء فريق الدفاع الاصلي الذي انسحب احتجاجا على تغيير القاضي والذين كانوا يسهبون في استجواب المشتكين ومناقشة الادعاء العام .
المشتكية الاولى في جلسة اليوم
واستأنفت المحكمة اعمالها بالاستماع الى اقوال المشتكي الاول في جلسة اليوم وهي عصمت عبد القادر احمد وهي المشتكي الخامس والعشرين منذ بدء المحكمة في الحادي والعشرين من الشهر الماضي .
وافادت المشتكية وهي امراة مسنة ترتدي الزي الكردي التقليدي انه في اذار (مارس) عام 1088 حلقت طائرتان فوق قريتها بمنطقة السليمانية لدقائق وبعدها تعرضت القرية لقصف بالراجمات حيث وجهت حوالي 40 قذيفة كيمياوية مما حدى بالسكان باللجوء الى المخابيء ورغم ذلك قتل عديدون . واشارت الى انها ذهبت الى منزل ابنتها للاطمئنان عليها برغم انها كانت مصابة بيديها فشاهدت 14 جثة بينهم ابنتها واولادها الخمسة من بين 81 قتيلا توفي منهم 70 بالقصف الكيمياوي بينما كان هناك 41 جريحا نقلوا بشاحنة الى مستوصف يبعد مسافة نصف ساعة سيرا على الاقدام فعولجوا هناك لمدة ثلاثة ايام فشفي 40 لكن امراة واحدة استشهدت . وبعد اربعة ايام هاجمت القوات العراقية ومعها افواج الدفاع المدني (مسلحون اكراد مؤيدون للحكومة) القرية واقتادوا الناجين الى جهة مجهولة لكن مجموعة من السكان وكانت هي بينهم قد غادروا القرية قبل ذلك الى مناطق قريبة برغم ان القصف كان متواصلا على القرى فيها . وقالت انها بقيت هاربة حتى انتفاضة الاكراد ربيع عام 1991 عندما عادت الى قريتها التي يعيش فيها الان حوالي 80 عائلة بعد ان كان عددهم قبل القصف يبلغ 300 عائلة .
وقدمت شكوى ضد صدام حسين وعلي المجيد طالبة التعويض عن حرق منزلها واثاثه .
ونفت المشتكية ردا على سؤال من رئيس هيئة الادعاء العام جعفري الموسوي ان قوات من البيشمركة الكردية المسلحة كانت متمركزة في قريتها لدى قصفها . واوضحت ان قريتها قصغت بعد اربعة ايام من قصف بلدة حلبجة الكردية بالاسلحة الكيمياوية "حيث تشير تقارير الى مقتل خمسة الاف شخص فيها" . واضافت انها تعرفت على الاسلحة الكيمياوية من خلال تاثيرها ورائحتها التي كانت تشبه رائحة التفاح تحول الى رائحة اخرى تشبه الغاز السائل واوضحت ان لديها تقرير طبي يؤكد اصابتها بالكيمياوي واجرائها عملية جراحية في عينها نتيجة لذلك .
المشتكي الثاني
وقال المشتكي الثاني في جلسة اليوم وهو السادس والعشرين احمد قادر مجيد (مواليد 1967) يسكن قرية كشك العليا التابعة لناحية قرة داغ في محافظة السليمانية ويعمل فلاحا انه في 22 اذار (مارس) عام 1988 قصفت قرية قريبة بالقذائف المدفعية العراقية فتوجه اليها هو وشقيقه اليها وعندما وصل شاهد سكانا يهربون منها وابلغوه ان كثيرين قتلوا داخل القرية بالاسلحة الكيمياوية وشاهد رجلا يبكي قال ان زوجته وابنته قد قتلا حيث كانت جثتهما امامه . وقال انه يعرف شخصا نجى من القصف لكنه فاقد للعقل حاليا بعد استشهاد زوجته واولاده الاثنين انذاك . واشار الى انه قام بمساعدة اقارب في دفن عشرين جثة بينهم اطفال ونساء كما قام اخرون بدفن جثث اخرى .
واصاف انه بعد حرق الجيش العراقي لقريته وهروب سكانها نحو السليمانية استطاع الجيش اعتقال عدد منهم وخاصة الشباب لكنه استطاع مع اخرين الوصول الى السليمانية والاختباء فيها.
وقدم شكوى ضد "الدكتاتور" صدام حسين وعلي المجيد وكل من يثبت اشتراكه في الجرائم ضد الاكراد طالبا التعويض عن حرق منزله وقتل اثنين من خواته وثمانية اخرين من اقاربه .
وردا على سؤال من رئيس هيئة الادعاء جعفر الموسوي عن الاثار التي شاهدها على الجثث التي دفنها قال المشتكي ان وجوه الضحايا كانت سوداء وجحوض في اعينهم ودما قد خرج من افواههم موضحا ان الضحايا كانوا اطفال ونساء ورجال مما دفع الى دفنهم بملابسهم .. اضافة الى نفوق حيوانات .
حول تغيير القاضي العامري
وفي وقت سابق اليوم اكد وزير العدل العراقي هاشم الشبلي أن رئيس الوزراء نوري المالكي أصدر قرارا بنقل القاضي العامري إلى مجلس القضاء. واشار إلى أن القرار صدر بناء على توصية من رئيس محكمة الجنايات العليا المسؤول عن تقييم أداء القضاة. وأوضح أن قرار نقل القاضي العامري جاء وفقا للصلاحيات التي يتمتع بها رئيس الوزراء دستوريا وقانونيا.
ومن جانبه اوضح المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ ان تنحية العامري تاتي بسبب "عدم حياديته" بعد وصفه صدام بانه ليس ديكتاتورا". وقال ان "حكومة العراق تشعر بان القاضي لم يعد حياديا واضاف ان "المادة الرابعة من القانون رقم عشرة للعام 2005 والذي تاسست المحكمة الجنائية العليا بموجبها تنص على ان من مسؤوليات الحكومة نقل اي قاض او مدع عام الى مجلس القضاء الاعلى اذا لم يكن يقوم بواجباته". واكد "لقد انتفض الناس الذين شعروا بانه لم تعد هناك حيادية".
وكانت الحكومة العراقية طلبت من المحكمة الجنائية العراقية العليا امس تغيير العامري قاضي محكمة الانفال بقاض اخر على خلفية قوله لصدام "انت لست دكتاتورا" وذلك بعد مروراقل من شهر على بدئها . ووجهت الحكومة الى المحكمة طلبا رسميا بضرورة تغيير العامري بقاض اخر تختاره لمواصلة النظر في القضية التي يحاكم فيها صدام ومساعديه الستة .
وكان مشتك يدلي باقواله خلال جلسة الخميس الماضي السابعة شارحا كيف حاول لقاء صدام عام 1990 لمعرفة مصير افراد عائلته بعد حملة الانفال عام 1988 فساله صدام "لماذا كنت تريد المجيء لرؤيتي وانت تصفني بالديكتاتور"؟ .
وعندها تدخل القاضي العامري قائلا "انت لم تكن ديكتاتورا" مشيرا الى ان المقربين منه جعلوه يبدو كديكتاتور. فرد صدام قائلا "شكرا".
وقد اثار قول العامري احتجاجات واسعة لدى اوساط رسمية وشعبية عديدة وخصوصا من جانب الاكراد وتصاعدت الدعوات المطالبة باقالته او ابداله حتى ان بعضهم طالب بمحاكمته الامر الذي دفع كبير القضاة في المحكمة رائد جوحي الى المسارعة بعقد مؤتمر صحافي بعد قليل من انتهاء جلسة الخميس وصف خلاله كلام القاضي بانه "سقطة كلام" لن يؤثر على السير القضائي المرموق للمحاكمة .
ومن جهته قال فؤاد حسين رئيس ديوان رئاسة اقليم كردستان امس الاول ان محاكمة صدام واعوانه تتجه نحو مسألة سياسية وتكون نتائجها خطيرة على مسألة الانفال والقضية الكردية . واضاف "اننا سنتخذ في المستقبل القريب موقفاً بهذا الشأن لاننا غير راضين عن اداء المحكمة وكيفية ادارتها". وحذر قائلا "ان ادارة المحكمة بهذا الشكل ستؤدي الى التشكك في ماضينا" .
مخاوف من فقدان المحكمة لحيادها
ومن جهتهم عبر عراقيون تحدثت معهم "ايلاف" عن مخاوف حقيقية من فقدان المحكمة الجنائية العليا لحياديتها جراء تدخل الحكومة في شؤونها .
وبرغم ان هؤلاء العراقيين عبروا عن عدم رضاهم عن وصف العامري لصدام بانه غير دكتاتوري الا انهم ابدوا رغبة بمعالجة الامر بتنبيه القاضي لخطأه من دون تنحيته .
واشار محام طلب عدم ذكر اسمه الى ان السلطة التنفيذية لا تمتلك مثل هذا الحق اعتمادا على مبدأ الفصل بين السلطات الذي اقره الدستور. واضاف انه قد تتقدم الحكومة في حالات معينة بطلبات إلى مجلس القضاء الأعلى لعزل أو تغيبر قاض عن نظر قضية ما او نقله إلى جهة قضائية أخرى لكن القرار في النهاية بيد مجلس القضاء وحده. واكد ان القرار في مسالة العامري ليس بيد الحكومة لان السلطة التنفيذية نفسها خاضعة لسلطة القضاء.
كما وصفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" ومقرها نيويورك قرار الحكومة العراقية بتنحية العامري "انتهاك فاضح لاستقلالية المحكمة" . وقالت في بيان لها "ان القرار الحكومي العراقي يظهر ان السلطات الرسمية لاتتفهم بشكل كاف استقلالية النظام القضائي عموما". واضافت "ان القرار يعرض استقامة المحكمة للمخاطر ويقضي على امال الضحايا انفسهم" .
وكان رئيس هيئة الإدعاء منقذ الفرعون خلال الجلسة السادسة للمحكمة الاربعاء الماضي قد طالب العامري بالتنحي عن رئاسة محكمة الانفال متهماً إياه بالتساهل ومحاباة المتهمين.
وقال الفرعون أن العامري يتيح لصدام الوقت لإلقاء "بيانات سياسية لا تمت بصلة إلى القضية" وأضاف ان "المحكمة تميل إلى جانب المتهمين ولهذه الأسباب فإن الادعاء العام يطلب من رئيس المحكمة الموقرة التنحي عن النظر في القضية المنظورة أمام المحكمة." لكن العامري رفض الطلب على الفور ودافع عن أسلوبه مستشهدا بخبرته خلال ربع قرن قائلاً "من دعائم القضاء معاملة الجميع بالتساوي."
المتهمون والتهم في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرين بالاضافة الى صدام حسين هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس المخابرات العسكرية وحسين رشيد رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه صدام والمجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بغداد في الحرب بين البلدين بين عامي 1980 و1988 .
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيمائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيماوية.
وتجري محاكمة الانفال هذه في وقت يواصل قضاة اخرين مشاورات لإصدار حكمهم في القضية الاخرى التي تتعلق بقتل 148 عراقيا من بلدة الدجيل شمال بغداد بعد نجاة صدام من محاولة لاغتياله فيها عام 1982. ومن المقررأن تعلن المحكمة أحكامها النهائية في قضية الدجيل في السادس عشر من الشهر المقبل .
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم . و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب ، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة . استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان " .