خسارة أفغانستان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ترجمة سامية المصري: في مقاله في صحيفة وول ستريت جورنال قال السيناتور جون كيري أنه في الذكرى الخامسة على الهجوم الأسوأ الذي تعرضت له الولايات المتحدة أجريت أبحاث عديدة عن الدروس المستخلصة من 11/9. ولكن بعد أن سكتت المزامير وتوقف قرع الطبول, وتحولت التغطية الإخبارية إلى شؤون أخرى, يبدو أن الدرس الأول لذلك اليوم نُسِيَ بسرعة: لا يمكننا أن نسمح لأفغانستان أن تصبح معقلاً للإرهاب وقاعدةً لتنظيم الهجمات على الولايات المتحدة.
إذا كانت واشنطن قد نسيت أفغانستان, فيبدو أن الطالبان والقاعدة لم يفعلوا. فبعد أقل من خمس سنوات على إطاحة الأميركيين الناجحة بنظام الطالبان, سمح الهجوم الكارثي على العراق لهؤلاء المتطرفين بالظهور مرة أخرى. والوقت ينفد لكي يكون ممكناً قلب نتائج الكارثة المتكشفة في الحرب التي كنا محقين في ابتدائها بعد 11/9.
بعد أن حصلوا على المال إثر انتعاش تجارة الأفيون, تمكن الطالبان المتمردون من السيطرة الفعالة على أقاليم كاملة في جنوب أفغانستان. فقد تضاعفت في هذا العام تفجيرات الطرق, وتضاعفت الهجمات الانتحارية أكثر من ذي قبل بثلاثة أضعاف. قال القائد البريطاني في أفغانستان أن "شدة احتدام القتال وشراسته أعظم مما يجري في العراق على المستوى اليومي."
تمكنت القاعدة من الحصول على مميزاتٍ أخرى, فحسبما يُقال: حبكت فرقة منتسبة للقاعدة في أفغانستان الخطة الأخيرة التي وُضِعت لضرب الطائرات المتجهة إلى الولايات المتحدة. إن القَتَلة أنفسهم الذين هاجموا الولايات المتحدة في 11/9 مازالوا يخططون ضدنا, ومازالوا يتخذون من أفغانستان معقلاً لهم. وكان الرئيس كرزاي أوضح الأمر بقوله: "مازال نفس الأعداء الذين فجروا أنفسهم في برجي التجارة في أميركا يسكنون هنا." وبينما يقتبس الرئيس بوش من أقوال أيمن الظواهري مراراً, إلا أنه لم يذكر أن الرجل الثاني في تنظيم القاعدة وصف الوضع في أفغانستان بأنه "جيد جداً" في الذكرى السنوية الخامسة لـ 11/9.
متى توقف منع القاعدة من اتخاذ أفغانستان ملجأ آمناً عن أن يكون أولوية أميركية طارئة؟ وصل بنا الأمر بطريقةٍ أخرى إلى أن تكون قواتنا أكثر بسبع مرات في العراق - حيث تعترف الإدارة الآن أن العراق لم يكن مرتبطاً بأحداث 11/9 - من أفغانستان حيث مازال القتلة يتجولون بحرية. وفي حين يدعي الرئيس أننا في موقف هجومي على الإرهاب, قدم القائد الأعلى لقوات الناتو في أفغانستان الجنرال جيمس جونز التماساً طارئاً لتزويده بمزيدٍ من الجنود لقتال الطالبان. كما طالب الرئيس كرزاي بمزيدٍ من الجنود ومزيدٍ من الدعم, وفي رحلتي إلى أفغانستان هذا العام أصر على أهمية الحضور القوي للجنود الأميركيين. وفي 11 سبتمبر من هذا العام أشار الكولونيل مايكل هاريسون إلى أن "إرسال مزيد من الجنود سيكون مُرحّباً به" لتتبع بن لادن وأنصاره.
وببساطة, فإن ما علينا هو تغيير النهج؛ بدءاً من نشر فوري لـ 5000 جندي إضافي أميركي على الأقل. يتضمن هذا مزيداً من القوات الخاصة لهزيمة الطالبان, ومزيداً من قوات الشؤون المدنية لتعزيز فرق إعادة البناء المؤقتة الموعودة, ومزيداً من قوات المشاة لمنع الطالبان من التسلل إلى باكستان, ومزيداً من وحدات الاستخبارات السرية لتعقب القاعدة على جانبي الحدود. ويعني هذا أيضاً مزيداً من الطائرات المقاتلة لتقوم بمهمة الاستخبارات الآنية, ومزيداً من الطائرات المروحية وطائرات النقل لتسمح بالانتشار السريع, ومزيداً من المعدات القتالية الثقيلة لإحكام السيطرة على قوات العدو.
وعلينا كذلك أن نكرر مضاعفة جهودنا في إعادة الإعمار. إذ لا يُعدّ ظهور الطالبان مفاجئاً في الوقت الذي تصل فيه نسبة البطالة إلى 40% ونقص الكهرباء إلى 90%. وكما قال الفريق كارل إيكنبيري: "حيثما تصل الطرق إلى حدها النهائي, يبدأ وجود الطالبان." ولهذا السبب يطلب جنرالاتنا مزيداً من التمويل لإعادة الإعمار لاكتساب الشعبية بين السكان المحليين. ومع ذلك, خصصت هذه الإدارة تمويلاً لإعادة إعمار العراق أكثر بأربع مرات منه في أفغانستان, وانتقصت 30% من مساعدات الأفغان لهذا العام. نحن بحاجة إلى زيادة المساعدة في التطوير والاستفادة من الوضع الأمني الذي تفرضه القوات الإضافية, لضمان وصول جهود إعادة الإعمار إلى القرى البعيدة التي يتلقى منها الطالبان الدعم والتأييد. يجب علينا ضمان أن الحكومة المنتخبة في كابول بمساعدة الولايات المتحدة, وليس الطالبان بمساعدة القاعدة, هي التي ستعيد إعمار أفغانستان.
وهذا الأمر هام جداً في مقاومة تجارة الأفيون التي ازدادت 50% السنة الماضية, وتُقدم الدعم المادي للمتمردين والإرهابيين في شتى أنحاء العالم. علينا أن نقدم مصدر رزقٍ بديل لمزارعي الأفيون, وأن نقدم الإصلاحات القضائية اللازمة لمنع مهربي المخدرات من التمتع بالحصانة. نحن لا نستطيع, ولا يجدر بنا, أن نفعل ذلك وحدنا. حين سئل الجنرال جونز عن أي البلدان من دول التحالف الـ 29 التي تتلكأ في أفغانستان قال: "جميعها." وحيث تعهد الحلفاء بالجنود والمساعدة فعليهم أن يتابعوا ذلك, وتبقى علينا مهمة القيادة. وبذلك نكسب العقول والقلوب, ونظهر للعالم الوجه الحقيقي لأميركا, وبذلك نربح الحرب على الإرهاب.
في خاتمة مقاله قال جون كيري أن علينا استخدام الدعم الاقتصادي لضمان ألا يجد الطالبان الملاذ والمُجنّدين الجدد في باكستان. لقد أَعطَينا العام الماضي لباكستان 300 مليون دولار فقط كدعمٍ اقتصادي, وهو يقارب ما ننفقه في يومٍ واحد في العراق. نحن بحاجة إلى أن نعطي الكثير من أموال التطوير المخصصة لمشاريع معينة تعيننا في الإطاحة بالمتطرفين, وأن نطالب بالكثير في مقابل ذلك من حكومة مشرف. لن نحتمل تكرار الأخطاء التي حصلت في الماضي, فالولايات المتحدة لا ينبغي أن تفر من الجبهة الأمامية للحرب على الإرهاب, بل علينا أن نكرر انتصارنا في أفغانستان.