الصرب يختارون بين الأفق الأوروبي والتشدد البلقاني
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الياس توما من براغ: تكثفت الحملات في صربيا اليوم بالصلة مع اقتراب موعد الانتخابات النيابية المبكرة التي سيختار الناخبون الصرب فيها يوم الأحد القادم 250 نائبا عنهم في البرلمان لأربعة أعوام قادمة وذلك من بين 3799 مرشحا من 20 حزبا سياسيا وائتلافا من مختلف ألوان الطيف السياسي . وقد جاء تنظيم هذه الانتخابات بعد إقرار دستور صربي جديد في نهاية تشرين أول أكتوبر الماضي تحتم وضعه كنتيجة مباشرة للتطور السياسي الأبرز الذي حدث العام الماضي وتمثل بالطلاق المخملي بين صربيا وجمهورية الجبل الأسود .
وعلى الرغم من أن هذه الانتخابات تعتبر الاقتراع الثامن الذي ينظم في صربيا منذ الإطاحة بنظام سفوبودان ميلوشوفتشس في عام 2000 غير أنه يجري النظر إليها من قبل العديد من الأوساط الأوربية والبلقانية على أنها الأكثر حسما.
ويرى الرئيس الصربي بوريش تاديتش أن صربيا في هذه الانتخابات تختار بين المستقبل الأوربي وبين العودة إلى " الماضي المظلم "غير البعيد أي إلى حقبة سلوبوان ميلوشوفيتش متوقعا أن تفوز بها الأحزاب الديمقراطية والسياسة التي " لها هدف واحد وهو ضم صربيا إلى الاتحاد الأوربي وتحسين مستوى معيشة المواطنين ".
وتشير استطلاعات الرأي التي أجريت حتى الآن إلى أن الانتخابات ستكون نزالا سياسيا من النوع الثقيل ولاسيما بين أربعة أحزاب رئيسية هي حزب الرئيس الصربي الحزب الديمقراطي وبين الحزب الصربي الراديكالي والحزب الاشتراكي الذي كان يتزعمه ميلوشوفيتش وحزب رئيس الحكومة فويسلاف كوشتونيستا الحزب الديمقراطي لصربيا . كما يتوقع لحزب غ 17 الليبرالي أن ينجح أيضا في دخول البرلمان الجديد فيما ينتظر أن يتمكن ممثلي الأقليات العرقية من الحصول على15 مقعدا في البرلمان الجديد .
وبالنظر للتشتت المنتظر للأصوات بين هذه الأحزاب وأحزاب أخرى فان مسالة تشكيل حكومة ائتلافية تحظى بدعم الأغلبية في البرلمان لن تكون سهلة . وينفي الرئيس الصربي أن يكون قد اتفق مع حزب رئيس الحكومة على تقاسم المنصب الحكومية منذ الآن غير انه لم يستبعد قيام ائتلاف بين الحزبين والحزب الديمقراطي الليبرالي بعد الانتخابات الأمر الذي إذا ما تم يمكن له أن يعزز أمال صربيا بالحصول على وضعية المرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوربي من جهة ويعزز النهج الإصلاحي الذي تقوم به حكومة كوشتونيتسا منذ تسلمها السلطة في أيار مايو من عام 2004 .
وكان كوشتونيتسا قد حاول أن يشكل ائتلافا في المرة الماضية مع الحزب الديمقراطي غير أن محاولته فشلت الأمر الذي جعل حزب الرئيس الصربي يختار صفوف المعارضة فيما شكل كوشتونيستا حكومة مع بعض الأحزاب الأخرى الصغيرة غير أنها كانت حكومة بدون أغلبية برلمانية ولذلك اعتمدت بشكل أو بأخر على دعم الحزب الاشتراكي المعارض الأمر الذي قيد يديها في بعض الأمور الرئيسية .وعلى خلاف الانتخابات العديدة الماضية التي جرت في العشرة أعوام الماضية فان انتخابات الأحد ستتصف بعدم مقاطعة ألبان صربيا بعد أن أعلنوا مشاركتهم فيها لأول مرة.
وقد قدمت الأحزاب الرئيسية للألبان في وادي بريشوفو التي تمثل نحو 75000 صربيا من الأقلية الألبانية اللوائح المشتركة لهم وسط توقعات بان تحصل على 3 مقاعد في البرلمان الجديد . وتحظى انتخابات الأحد باهتمام بلقاني ودولي كبيرين الأمر الذي انعكس في زيارة العديد من المسؤولين الأوربيين بلغراد في الأيام القليلة الماضية والتعبير عن دعمهم للقوى الديمقراطية الصربية ولعملية ضم صربيا إلى الاتحاد الأوربي كما انعكس الاهتمام الدولي من خلال تأجيل المبعوث الدولي مارتي اهتساري طرح اقتراحه الخاص بالوضع النهائي لإقليم كوسوفو بعد أن أخفقت المحادثات الصربية الألبانية التي جرت في فيينا العام الماضي في التوسط إلى حل وسط يكون مقبولا من الطرفين وذلك كي لا تصبح مسالة وضع الإقليم ورقة انتخابية للمزايدة ولاسيما من قبل الحزب الصربي الراديكالي خاصة وان التوقعات تتحدث عن إمكانية اقتراحه نوعا من الاستقلال المشروط للإقليم الأمر الذي يمكن له أن يثير ردود فعل قوية في صربيا .
صربيا بعد هذه الانتخابات تنتظرها قائمة طويلة من التحديات ولذلك فان فوز القوى الديمقراطية فيها ونجاحها بتشكيل حكومة ائتلافية قوية يمكن أن يجعلها تواجه بنجاح هذه التحديات بدعم أوربي في حين أن فوز القوى القومية المتشددة يمكن له أن يعمق عزلة صربيا ويعقد علاقاتها الإقليمية والأفق الأوربي لها وربما يجعل خسارة إقليم كوسوفو مؤكدة .