غموض سوداني متعمد حول دارفور
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
الخرطوم : قال محللون إن الخرطوم تنتهج سياسة متعمدة تتسم بالغموض في ما يتعلق بنشر قوات تابعة للامم المتحدة في دارفور لتهدئة الانقسامات الداخلية وتجنب المواجهة مع المجتمع الدولي.ورفض السودان قرار مجلس الامن الدولي رقم 1706 الذي يصرح بنشر قوات حفظ سلام وشرطة قوامها نحو 22500 جندي لتحل محل قوة الاتحاد الإفريقي في دارفور. ورفض كذلك أي تسوية تشمل قوات مشتركة من الاتحاد الافريقي والامم المتحدة.
وفي كانون الاول/ ديسمبر خفف الرئيس السوداني عمر حسن البشير من موقفه بالموافقة على "عملية مشتركة" في خطاب للأمين العام للامم المتحدة في ذلك الوقت كوفي أنان وقال ان السودان "على اتفاق كامل" مع المنظمة الدولية.لكن البشير رفض أن يوضح علنا تفاصيل العملية المشتركة في حين ما زال ينفي أي اتفاق على نشر قوات تابعة للامم المتحدة أمام مستمعيه المحليين.وقال المستشار الرئاسي مصطفي عثمان اسماعيل هذا الشهر "لا نريد أن ندخل في نقاش إعلامي بشأن هذا الامر." ورفض تحديد ما اذا كان خطاب البشير يعني أن السودان سيسمح بنشر قوات حفظ سلام تابعة للامم المتحدة في دارفور.
ويقول المحللون إن هذه السياسة تسمح للبشير بتجنب الانتقادات من القوى الداخلية التي تعتبر أن التدخل الاجنبي في دارفور بمثابة غزو للبلاد وتهدئة الانتقادات الدولية بأنه يعرقل جهود إقرار السلام في غرب السودان.وقال ديف موزرسكي الخبير في شؤون السودان في المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات "إنها تمكن المجتمع الدولي من الإشارة الى التصريحات الايجابية التي تصدر عن الخرطوم كدليل على إحراز تقدم مع تجاهلتام للتصريحات المناقضة لذلك التي يدلي بها المسؤولون (في الخرطوم) والهجوم الحكومي المستمر وحملات التفجير في دارفور."وقال الاكاديمي الاميركي اريك ريفز ان مناقشة ما اذا كان السودان قد قبل "القوات المشتركة" تنتقص من حقيقة أن الخرطوم تمكنت من تعطيل القرار رقم 1706 في تحد للامم المتحدة.
وقال "النظام يدرك تماما قيمة إثارة الغموض الذي يحتاجه المجتمع الدولي لتغطية الموقف الداخلي." ووصف القرار بانه انتهى.والمناقشات بشأن نشر قوات حفظ سلام مستمرة منذ أوائل عام 2004 أي بعد نحو عام من حمل المتمردين وأغلبهم من غير العرب السلاح ضد الحكومة متهمينها بإهمال المنطقة.ومنذ ذلك الحين قدر الخبراء ان نحو 200 ألف قتلوا و2.5 مليون اخرجوا من ديارهم في اطار حملة اغتصاب وقتل وسلب ونهب في دارفور وصفتها واشنطن بالإبادة الجماعية.
وتنفي الخرطوم ذلك. وتحقق المحكمة الجنائية الدولية في مزاعم عن جرائم حرب في المنطقة حيث تجري أكبر عملية اغاثة انسانية في العالم.وقال البعض ان الموقف الغامض لحكومة الخرطوم يهدف إلى كسب الوقت لحل الإنقسامات الداخلية بين الراغبين في العمل مع المجتمع الدولي والمتشددين في الخرطوم الذين يعتبرون الامم المتحدة قوة استعمارية.وقال فيصل الباقر الناشط السوداني في مجال حقوق الانسان إن هناك مواقف مختلفة داخل الحكومة "يمكن القول إن للحكومة وجهين."
وأضاف "انهم لا يريدون أن يراهم الناس يوافقون على ما رفضوه من قبل."ويتعرض البشير إلى ضغوط داخلية لاتخاذ موقف أكثر تشددا في مواجهة الضغوط الدولية. وتعطيل قرار الأمم المتحدة أرضى هذه العناصر داخل حكومته.وشنت الخرطوم حملة إعلامية مكثفة ضد وجود الامم المتحدة في دارفور العام الماضي ووصفت ذلك بأنه مؤامرة غربية لإعادة احتلال السودان. وأدت هذه الدعاية الى تحويل آراء قطاعات من المجتمع السوداني ضد المنظمة الدولية فخرج آلاف الشبان السودانيين الى شوارع العاصمة مرددين هتافات تقول "تسقط تسقط الامم المتحدة".وأصبح التوصل الى أي تسوية تسمح بنشر قوات للامم المتحدة في دارفور أكثر صعوبة بالنسبة إلى الخرطوم في أعقاب مزاعم في الفترة الاخيرة عن انتهاكات جنسية لأطفال من جانب قوات الامم المتحدة التي تراقب اتفاق السلام في جنوب السودان.
ويقول بعض المحللين ان المجتمع الدولي سمح لحكومة الخرطوم بتحدي قرار الامم المتحدة.وقال موزرسكي "الافتقار إلى قيادة دولية قوية وحاسمة بشأن دارفور مستعدة لمحاسبة (الخرطوم) على أعمالها والتزاماتها السابقة أتاح الفرصة... للسودان لممارسة ألعاب دبلوماسية وبيروقراطية مع الامم المتحدة والمجتمع الدولي."وقال السفير الاميركي المتقاعد لورانس روسين المنسق الدولي البارز لجماعة ائتلاف أنقذوا دارفور ان الوقت قد حان لوقف مناقشة التفاصيل وضمان أن ينفذ السودان ما بدا أنه وافق عليه.وأضاف "الامر يتطلب التزاما وتصميما لممارسة جهود دبلوماسية مكثفة ومستمرة من جانب المجتمع الدولي على حكومة السودان لدفعها لاتخاذ إجراء يستند الى خطاب أنان وتنفيذه."