حالوتس يحمل بيرتس المسؤولية عن حرب لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خلف خلف من رام الله: يدلي دان حالوتس رئيس الجيش الإسرائيلي المستقيل بشهادته عن حرب لبنان الثانية أمام لجنة فينوغراد يوم الأحد المقبل، وسيحمل بيرتس خلال روايته وزير الدفاع عمير بيرتس المسؤولية الأولى عن شن الحرب، حيث أفادت صحيفة معاريف اليوم توقعات تشير الى ان حالوتس سيقول أمام اللجنة: الجيش الإسرائيلي لم يوصِ على الإطلاق القيادة السياسية بشن حرب شاملة على حزب الله في أعقاب اختطاف الجنديين اودي غولدفاسر والداد ريغف في الحدود اللبنانية في 12 تموز. فبعد الاختطاف عُرضت على القيادة السياسية سلسلة من الإمكانيات ووزير الدفاع عمير بيرتس هو الذي دفع باتجاه رد جوي بالقوة الأشد، والتي أدت بالضرورة إلى حرب.
وشهادة حالوتس هي جزء من سلسلة شهادات إسرائيلية لأصحاب المناصب المركزية في الحرب، تُنهي مرحلة جباية الشهادات في لجنة فينوغراد. وتنظر اللجنة في رفع كتب تحذير قبل بضعة أيام من ذلك وفي غضون بضعة أسابيع من المتوقع أن يصدر تقرير مرحلي أولي.
ومنذ أن بدأت اللجنة عملها مثل أمامها عشرات الشهود. ومرحلة الشهادات دخلت في أطوارها الأخيرة يوم الأربعاء، عندما مثلت وزيرة الخارجية تسيبي لفني أمام اللجنة. ويوم الخميس مثل وزير الدفاع عمير بيرتس ورجال طاقمه للإدلاء بشهادة استمرت نحو أربع ساعات ونصف الساعة. وبعد الشهادة المصيرية التي سيدلي بها حلوتس يوم الأحد من المتوقع أن يشهد أمام المحكمة الأسبوع القادم نائب رئيس الأركان موشه كابلنسكي وقائد المنطقة الشمالية إبان الحرب، اللواء اودي ادام. اما رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت فسيدلي بشهادته بعد أسبوع من ذلك.
بيرتس يستعين بمحامين
وقبل الشهادات التي من شأنها أن تؤثر على مستقبل الساسة والعسكريين الإسرائيلينن، استعان معظم أصحاب المناصب الكبرى بالمحامين. وزير الدفاع الإسرائيلي عمير بيرتس مثلا تلقى مشورة قانونية من جملة من المحامين ابرزهم محامي القيادات د. يعقوب فاينروت والعقيد احتياط المحامي رامي بوبليل، القائم بأعمال المحامي العسكري الرئيس في الاحتياط. وعلى مدى الأسبوع نبش الوزير ورجال فريقه، مع المحامين في أكوام الوثائق في عهد الحرب وحللوها. وادعى بيرتس أمام اللجنة بأنه كأنه له تأثير على إدارة الحرب، وأن مساهمته كانت ايجابية.
وخلافا لبيرتس، فان رئيس الأركان المستقيل ادعى بأنه يرفض بشكل مبدئي الاستعانة بالمحامين، وان كانوا في قيادة الجيش الإسرائيلي على قناعة بأنه رغم ذلك تشاور مطولا قبل شهادته مع بعض أصدقائه المقربين الذين هم محامون. شهادة حالوتس تعتبر هامة على نحو خاص: شهود مثلوا امام اللجنة أخذوا انطباعا بأن بعض اعضائها حددوا رئيس الأركان هدفا وهم يركزون في أسئلتهم على سياقات اتخاذ القرارات التي انتهجها في الحرب. وهذه الرسالة نُقلت إلى حالوتس قبل أن يعلن عن قراره الاستقالة.
هذا وستعنى لجنة التحقيق في ثلاثة مواضيع مركزية: الاستعدادات التي تمت قبل الحرب في الشمال في الست سنوات السابقة لها، الطريقة التي اتخذ فيها قرار شن الحرب والشكل الذي أديرت فيه، سواء من قيادة الجيش الاسرائيلي أم من القيادة السياسية.
وفي كل ما يتعلق بإدارة الحرب، وضع حالوتس صعب للغاية. فقد ادعى ضباط كبار في شهاداتهم بان القيادة السياسية أعطته يدا حرة تقريبا وأنه اتخذ سلسلة طويلة من القرارات المغلوطة وحده، دون تشاور حقيقي مع هيئة الأركان. كما ادعوا بان حلوتس عارض بحزم خطوة برية واسعة، وتمسك لزمن طويل بمفهوم يقضي بان الحسم سيأتي من الجو. وعندما أوصى في النهاية بالخطوة البرية الواسعة، كان هذا متأخرا جدا. ولكن التطورات الدراماتيكية المتوقعة يوم الأحد مع شهادة حالوتس أمام اللجنة تتعلق بمسألة كيف اتخذ القرار بشأن الحرب.
محفل تفكير بقيادة حالوتس
من الشهادات التي نشرتها صحيفة معاريف الإسرائيلية اليوم الجمعة يتبين أن النقاش الأكثر مصيريا في الجيش الإسرائيلي بالنسبة للحرب عقد يوم الأربعاء 12 تموز، في ساعات الظهيرة، بعد نحو أربع ساعات من اختطاف الجنديين. وكان الحديث يدور عن عقد "محفل تفكير" برئاسة حالوتس في غرفة الاجتماعات في مكتب رئيس الأركان، لفحص جرى لأول مرة لإمكانيات الرد القائمة على جدول الأعمال.
وفي محفل التفكير شارك، إلى جانب حالوتس نفسه، نائبه اللواء موشيه كابلنسكي، رئيس شعبة العمليات غادي أيزنكوت، رئيس دائرة العمليات، العميد سامي ترجمان، رئيس شعبة الاستخبارات اللواء عاموس يدلين، رئيس دائرة البحث في شعبة الأركان العميد يوسي بايديتس، رئيس شعبة التخطيط اللواء اسحق هرئيل، رئيس دائرة التخطيط الاستراتيجي في شعبة التخطيط العميد اودي ديغل، قائد سلاح الجو اللواء اليعيزر شكدي ومسؤولون كبار آخرون. وكانت الأجواء صعبة. وكان واضحا لكل المشاركين بانه واجب رد حاد وحازم من اسرائيل. والسؤال كان أي رد.
في المداولات طرحت عدة امكانيات. واحدة، تنفيذ خطة جارور للجيش الإسرائيلي في حالة حرب حيال حزب الله، تسمى "مي مروم" (مياه من علٍ). وكانت الخطة تستند الى خطوة برية واسعة لعدد من الفرق لغرض السيطرة على مناطق اطلاق الكاتيوشا، بالتوازي مع عملية لسلاح الجو، تهاجم مراكز حزب الله في الجبهة اللبنانية الداخلية. ولكن في قيادة الجيش الإسرائيلي لم يكونوا معنيين بخطوة برية واسعة.
خطة أخرى سحبت من الجارور، وكانت تبلورت على مدى السنين، تتحدث عن هجوم بالتوازي على عشرات وسائل إطلاق صواريخ فجر، التي أخفاها حزب الله داخل منازل السكان في كل أرجاء جنوب لبنان. وكان هناك تخوف من أنه اذا ما هوجمت هذه المنصات فسيقتل نحو 200 مواطن لبناني، الأمر الذي سيؤدي إلى ضغط دولي على إسرائيل وإطلاق الصواريخ من حزب الله على كل إرجاء شمالي البلاد. الإمكانية الثالثة كانت الاكتفاء بالهجوم على حزب الله في العمق اللبناني، هجوم على أهداف بنى تحتية مثل جسور والمطار الدولي في بيروت. وحسب هذه الخطة، فبعد الهجوم الأول تجمد إسرائيل الخطوة وتطرح قائمة مطالب على الحكومة اللبنانية تحت التهديد بتجديد الهجمات إذا لم تستجب المطالب.
ووفي ختام المداولات المتوترة تقرر في قيادة الجيش الإسرائيلي التوصية بشكل قاطع على مهاجمة أهداف بنى تحتية مثل الجسور والمطار (بدعوى أن الأمر يرمي إلى منع تهريب الجنديين المخطوفين) وكذا ضرب القصر. ومع ذلك لم تكن هناك توصية بمهاجمة صواريخ فجر وتقرر طرح الموضوع لحسم القيادة السياسية دون توصية. وقدرت محافل في قيادة الجيش الإسرائيلي بأنه إذا لم تهاجم اسرائيل صواريخ فجر، فان حزب الله لن يرد بالضرورة بنار الصواريخ نحو الشمال. في مثل هذه الحالة، كان يمكن لإسرائيل أن تفكر بخطواتها التالية وفقا لرد الحكومة اللبنانية وحزب الله.
فلماذا رغم ذلك هاجمت إسرائيل صواريخ فجر وانطلقت في هجوم على حزب الله؟ حسب رواية الجيش الإسرائيلي فان الامكانيات المختلفة التي طرحت في "محفل التفكير" عرضت على وزير الدفاع عمير بيرتس، وهو الذي قرر بتنفيذ خطة الهجوم على منصات الصواريخ. وفي مداولات أمنية برئاسة بيرتس، حسب الشهادات قال أن "من ينام مع الصواريخ لن يستيقظ". وبناء على ذلك أوصى المجلس الوزاري الذي انعقد في ذات المساء، 12 تموز، بمهاجمة صواريخ فجر.
بيرتس عرض على الحكومة الإسرائيلية خطة مهاجمة صواريخ فجر في قلب التجمعات السكانية بصفتها توصية جهاز الأمن. وفي المداولات مع الوزراء عرض آيزنكوت ويدلين الخطة من خلال عرض محوسب. وقال رئيس ا لاركان في المداولات أن اسرائيل ستوشك على التعرض لهجوم صاروخي قاسٍ. وفي أثناء المداولات اقتنع رئيس الوزراء إيهود أولمرت بموقف بيرتس. القرار بشن الهجوم الكبير اتخذ في الحكومة بالإجماع.
قبل اندلاع الحرب: أهداف محدودة
وفور المداولات في المجلس الوزاري المصغر، والتي انعقدت في مكتب رئيس الوزراء في دار الحكومة في تل أبيب، عقد رئيس الأركان دان حالوتس "محفل التفكير" ووضعه في صورة أن الحكومة الإسرائيلية قررت تنفيذ خطة الهجوم على منصات الصواريخ. وأخذ الجنرالات الانطباع في تلك الليلة بان وزير الدفاع ورئيس الوزراء، اللذين تعوزهما التجربة الأمنية، لم يفهما حقا معنى القرارات بعيدة الأثر التي اتخذوها. واستنادا إلى قرار المجلس الوزاري الإسرائيلي صدر في الجيش الإسرائيلي أمر الحرب رقم (1) وضعت فيه الأهداف التالية:
1- تعزيز الردع.
2- تجسيد الثمن (لقاء الاختطاف).
3- تحديد عملية ترتيب لتطبيق المسؤولية الامنية للحكومة اللبنانية في جنوب لبنان على أساس قرار الأمم المتحدة 1559، والعمل على تسريع الضغوط الدولية والداخلية لنزع سلاح حزب الله.
4- تقليص تهديد حزب الله للجبهة الداخلية وتخفيض إمكانية تحقق التهديد من جانبه.
5- حزب الله لا يعود لاحتلال مواقعه في جنوب لبنان.
6- خلق الظروف لإعادة المخطوفين.
7- الامتناع عن حرب واسعة، عدم الوصول إلى خطة "مي مروم".
8- الامتناع عن التدهور الإقليمي. إبقاء سوريا خارج إطار الحرب.
ورغم هذا الأمر، فقد صرح أولمرت منذ الأيام الأولى من الحرب بان الأهداف هي نزع سلاح حزب الله وإعادة الجنديين المخطوفين. محافل في محيط بيرتس أكدت في الفترة الأخيرة بأنه هو الذي دفع باتجاه تنفيذ خطة مهاجمة صواريخ فجر، بل انه فخور بذلك.
حالوتس من شأنه أن يسند أقواله بالوثائق والمحاضر. ويمكن لروايته أن توفر تفسيرا محتملا لأقوال قالها في أعقاب ما كشفت "معاريف" النقاب عنه في أنه أمر ببيع ملف أسهمه صبيحة الاختطاف، وتقضي بأنه لم يكن يعرف بأنه ستنشب حرب. ويرفض حالوتس التعاون مع وسائل الأعلام والتطرق بأي شكل إلى شهادته المتوقعة.
محافل رفيعة المستوى في الجيش الإسرائيلي تتطرق إلى تسلسل الأحداث المعروض هنا يجدون صعوبة في أن يقدروا ماذا كان سيحصل لو أن عمير بيرتس ما كان سيدفع باتجاه مهاجمة صواريخ فجر منذ الليلة الأولى من الحرب، وكان الجيش الإسرائيلي أرسل إلى مهمة هجوم أكثر حصرا.
وتقول تلك المحافل انه "من المحتمل أن نصل بعد رد لبنان الى استنتاج بان لا معنى لحرب شاملة. ومن جهة اخرى يحتمل أن تكون صواريخ فجر قد هوجمت بعد يوم أو يومين. غير أن احد المستشارين المقربين من بيرتس في فترة الحرب يدعي قائلا: "في نظرة إلى الوراء واضح لي أن وزير الدفاع فهم المعنى الكامل للقرارات التي اتخذها في كل مرة بتأخير حرج لأسبوع".
وجاء من مكتب عمير بيرتس أمس التعقيب في أن "وزير الدفاع عمل بتنسيق تام مع كل القيادات، العسكرية والسياسية. القرارات اتخذت انطلاقا من التفكر وحسب خطط تنفيذية وبدائل عرضت عليه وعلى القيادة السياسية. ووزير الدفاع لا يتناول هذه المواضيع إلا في المحافل المناسبة في وزارة الدفاع.