دعوات للحد من عمليات تفتيش المارة العشوائي في بريطانيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
عادل درويش من لندن: صدر عن كبار ضباط البوليس البريطاني عدد من الدعوات الجادة لاعادة النظر في سياسة اعتراض البوليس للمارة وتفتيشهم في حال الاشتباه في تورطهم بالارهاب بعد تذمر المسلمين البريطانيين مما اعتبروه تعمد رجال الشرطة استهداف الأسيويين اومن تبدوا ملامحه اسيوية او شرق اوسطية او يرتدي ملابس اسلامية.
وقد اصدر رؤساء الشرطة البريطاني توصية الاسبوع الماضي تطالب باعادة النظر في استراتيجية " رسم البروفايل" Profiling والتي تستهدف الشخص الذي تقارب اوصافه بروفايل من يحتمل قيامه بعمل ارهابي، وليس لمجرد الاشتباه به او بتصرفاته.
وقالت مصادر الاتحاد السبتان اعادة النظر في هذه الاستراتيجية، قد يؤدي ببوليس العاصمة لندن، وحكمدارية وبوليس غرب مقاطعة يوركشير، حيث يقيم اكبر تجمع من الاسيويين، بالتخلي عن هذه السياسة والعودة للسياسة القديمة بمراقبة المشتبه بهم .
الجدير ذكره انه ونتيجة لاستراتيجية البروفايل خلال العامين الماضيين، تعرض الشباب الاسيوي أكثر من غيرهم للتفتيش في محطات القطارات والمطارات والأماكن العامة.
وقد جاءت المبادرة من ريتشارد غارجيني، منسق سياساتا لاتحاد القومي للتعاون بين المجتمعات لرؤساء قوات الشرطة المختلفة في بريطانيا، الذي يعتقد ان المادة 44 من قانون مكافحة الأرهاب لعام 2000، قد يعاد صياغتها، بعد ان ادت لمشاكل كثيرة واغضبت الكثير من مسلمي بريطانيا، خاصة الاسيويين. وكان غارجيني يتحدث في ندوة عقدتها جمعية حوار السلامة السلامية في المركز الاسلامي الاجتماعي بشرق لندن حيث اتهم فيها زملائه من البوليس البريطاني بالتمييز والتحيز ضد المسلمين.
كما لم تنجو الصحافة بفروعها المرئي والمسموع والمقروء من الانتقادات ايضا، حيث اتهم، وزير شؤون المجتمعات المحلية والأقليات في وزارة الداخلية، فيليب وولاس، الصحافة بعدم فهم الأسلام وبالتكاسل واتباع اجندة سهلة مسبقة بانطباعات سلبية ضد المسلمين.
وضرب الوزير العمالي مثالا بمساحة التغطية الصحفية والبث الذي خصص لمتابعة قضية ضد الحزب القومي البريطاني اليميني الذي كان يعد لعملات ارهابية وتفجيرات، مقارنة بالتغطية الصحفية الواسعة والكبيرة وساعات البث المخصصة لتغطية الجماعات الأسلامية المتطرفة والخطر من الأرهاب الاسلامي، متهما الصحافة بعدم التوازن. وقال انه لا مبرر لهذا الاهمال، خاصة وان تغطية المعلومات حول قضية الحزب القومي المتطرف متوافرة وبالتفاصيل في مواقع نشاط المراكز الأسلامية .
لكن بعض الحاضرين، خاصة من الليبراليين اتهموا الوزير بالتركيز على مايراه تحيزا من الصحافة، تهربا من مواجهة القضية التي طرحها غارجيني، من انتقاد للبوليس؛ خاصة وان كل من قانون الأرهاب الصادر عام 2000، والتعديلات على قوانين الطوارئء بعد ذلك تمت في عهد حكومة توني بلير العمالية، التي ينتمي اليها الوزير وولاس.
وقانون مكافحة الارهاب لعام 2000، صدر قبل احداث 11 سبتمبر بعام ونصف وبدأ العمل به في يناير 2001، اي قبل الهجمات الارهابية على نيويورك بتسعة اشهر. وكان قانون الأرهاب القديم الصادر عام 1972، والذي ركز على مكافحة الأرهاب الذي اعتادته بريطانيا من منظمة الجيش الجمهوري الأيرلندي IRA منح، البوليس لأول مرة الحق في ايقاف اي شخص وتفتيشه او تفتيش سيارته، بشرط ان يكون هناك شكا او اشتباها معقولا Reasonable grounds for suspicion بان الشخص المشتبه فيه يحمل اسلحة او مواد يمكن ان تستخدم في اعمال ارهابية.
لكن قانون 2000، وسع من سلطة وصلاحيات البوليس وفق المادة 44 التي تعطي البوليس الحق في اعتراض سبيل الشخص واستجوابه وتفتيشه دون حاجة لأن يكون هناك اسباب معقولة للإشتباه، وانما بمطابقة الشخص او اقتراب مواصفاته من " بروفايل" الأرهابيين او الذين يتعاطفون مع الارهابيين .وحسب الاحصائيات المتاحة، فأنه خلال العام 2003/2004 ( اي قبل هجمات 7/7 الارهابية على لندن)، اعترض البوليس 32 معظمهم من الاسيويين .
هذه الأرقام احرجت حكومة العمال والمسؤولين عن وكالات الأمن، خاصة عقب التصريحات والتأكيدات الصادرة عن الحكومة ان قانون ألارهاب الجديد لن يستهدف جماعات عرقية او طوائف دينية بعينها. وكانت هيزيل بليرز، رئيسة مجلس الأدارة التنفيذي لحزب الحكومة حاليا ، قالت عام 2005، عندما كانت والوزيرة المسؤولة عن الامن في وزارة الداخلية انه لسوء الحظ فإن كثير من مسلمي بريطانيا سيجدون انفسهم، اكثر من غيرهم، يتعرضون لكثير من المواقف غير المريحة في الاجراءات الجديدة، ولا وسيلة للهروب من ذلك الواقع.
وكان ايان جونستون، قائد عام شرطة المواصلات قال في العام الماضي في مؤتمر صحفي " من الحماقة اضاعة وقت البوليس في تفتيش السيدات ذوات البشرة البيضاء المسنات"؛ وترجمت الصحافة ذلك وقتها الى ان " البروفايل" الذي رسمه البوليس لتفتيش المشكوك فيهم في المواصلات العامة هو عكس الصفات الثلاث " سيدة. بيضاء. مسنة." اي شباب من الذكور، من غير البيض. وكان التركيز على الأسيويين ، ومن يشتبه في انهم مسلمين، خاصة وان الذين قامو بالعمليات الارهابية، في جميع انحاء العالم، كانوا من المسلمين، ومن سجلوا شرائط تبرير الأرهاب استخدموا اسم الأسلام، وبعضهم ردد ايات من القرآن.
لكن هذه الأتجاهات، التي تعتبر رسمية في تعامل البوليس مع المشتبه بهم ، تناقض ماقاله غارجيني، في اول تصريح علني منذ انتخابه من جانب اعضاء الأتحاد، مسؤولا عن منصب التنسيق بين المجتمعات والطوائف والتواصل معها، يوم السبت. وكان غارجيني قبلها شغل منصب رئيس وحدة التعاون الدولي لمكافحة الجريمية في شرطة سكوتلانديارد.
فعندما طرح البعض في الندوة هذه التناقضات، قال غارجيني ان هناك اعادة تفكير في اوساط البوليس بجدوى سياسة اعتراض الشباب وتفتيشهم، حيث يجب توخي الحذر عند تطبيق الاستراتيجية التي يجب ان تطبق بحساسية شديدة. واضاف بن التوصيات التي يقدمها الأتحاد الآن لأعضائه هي اعتماد البوليس على معلومات من المخابرات لتعقب المشتبه بهم او مراقبتهم بدلا من اعتراض سبيل الناس عشوائيا، ولو انهم يطابقون مواصفات " بروفايل"الارهابيين. " وحذر من ان التأييد والدعم الذي يقدمه المسلمين للبوليس، قد يتلاشى اذا ماستمرت سياسة توقيف الشباب لمجرد انهم اسيويين، او مسلمين.
ويقوم الأتحاد بعملية مسح شاملة لتقارير اعضائه عن عمليات الإعتراض والتفتيش وعرقية من تم تفتيشهم، واعادة النظر في السياسة ألاستباقية لتجنب الأرهاب، حيث يقود هذا المسح اندرو هيمان مساعد قومندان سكوتلانديار لشؤون مكافحة الأرهاب. واعترف هيمان بان سياسة اعتراض سبيل الناس وتفتيشهم تسبب مشاكل كثيرة وتؤذي مشاعر المسلمين والمجتمعات التي يفترض ان نخدمها ونعتمد على التعاون المتبادل معهم." واعترف غارجيني بسوء فهم رجال البوليس للإسلام وعدم معرفتهم العميقة بتقاليد المسلمين، وقال ان سوء الفهم هذا تجلى في استخدام سيء للغة واستخدام الفاظ وكلمات تثير اشمئزاز المسلمين. وقال انه ايضا كلف برعاية لجنة تسعى لتوظيف اعداد اكبر من المسلمين في قوات الشرطة المتعددة في مقاطعات بريطانيا المختلفة.