الأنفال: متهم يتمنى الحكم بإعدامه والمحكمة إلى الأسبوع المقبل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأنفال: جثث الأكراد لم تسعهم مبردات الطب العدلي أسامة مهدي من لندن: أكد محامو الحق الشخصي في المحكمة الجنائية العراقية العليا التي تنظر في قضية الأنفال التي أبيد خلالها عشرات الالاف من الاكراد خلال عامي 1987 و1988 والمتهم فيها صدام الذي نفذ بحقه حكم الاعدام وستة من كبار مساعديه السابقين ان هؤلاء المتهمين وعلى ضوء الوثائق المقدمة من الادعاء العام تشير الى انهم قد ارتكبوا جرائم ابادة جماعية في حين اكد المتهم حسين رشيد التكريتي انه يتمنى صدور حكم باعدامه .. وقد تم تأجيل المحاكمة الى الاسبوع المقبل .
وقد اعلن القاضي محمد الخليفة العريبي ان المحكمة ستستمع في جلساتها المقبلة الى 18 شاهد دفاع لكنه اوضح ان المحكمة قررت عدم اخذ اقوال الشهود الموجودين في الخارج والذين طلب المتهمون الاستماع الى شهاداتهم .
وقال المحامون في جلسة بعد ظهر اليوم ان الوثائق تشير الى ان جثث الضحايا تصل الى المستشفيات من دون تفاصيل عن اسباب الوفاة وتاريخها وجنس وعمر المتوفى موضحين ان الوفاة كان سببها التعذيب والتجويع وسوء المعاملة . واكدوا ان عمليات الإعدام واستخدام الأسلحة الكيميائية وتدمير القرى التي اوضحتها الوثائق تؤكد ان المتهمين ضالعون بجرائم ابادة جماعية . واضافوا ان شكوى الطب العدلي في كركوك من كثرة الجثث التي تصله يؤكد اقوال المشتكين الذين ادلوا بأقوالهم في اوقات سابقة بان الوفيات في معسكرات الاعتقال كانت كبيرة جدا .
ومن جهتهم شكك محامو الدفاع في بعض الوثائق بسبب عدم حملها تواريخ وقالوا إن بعض عمليات الترحيل كان سببها جمع شمل العائلات المتفرقة . كما شكك فيها دافعين ببراءتهما المتهمان سلطان هاشم وفرحان الجبوري الذي اكد عدم علاقته بأي قرارات للاعدام وتنفيذها .
اما المتهم حسين رشيد التكريتي فقد اشار الى ان القادة العسكريين لايستطيعون الامتناع عن اوامر عسكرية عليا موضحا انه واخرين كانوا ضباطا في جيش نظامي يخوض حربا ضد جيش مماثل هو الايراني وفي حالة حرب بين البلدين . واضاف انه يتمنى ان يصدر الحكم عليه غدا وان يكون الاعدام مؤكدا انه سيتلقى الرصاص بصدره . وتحدى وجود أي خطاب رسمي يحمل توقيعه شخصيا يأمر فيه بإعدام اكراد او ارتكاب عمليات تهجير او حرق وهدم قرى .
ومن جانبه نفى المتهم علي حسن المجيد أنه أصدر اوامر ضد المواطنين الاكراد زاعما ان عمليات التهجير كانت تستهدف منع الايرانيين من دخول المناطق القريبة من الاراضي الايرانية وطعن ببعض الوثائق التي تدينه مشيرا الى انها مزورة .
وكان رئيس هيئة الادعاء منقذ ال فرعون قد عرض على المحكمة في جلسة الصباح وثائق تؤكد ان مبردات الطب العدلي في محافظات الشمال لم تعد تستوعب جثث المتوفين في معسكرات اعتقال الاكراد وتشير الى اوامر بملاحقة واعتقال الاشخاص الذين يهربون من قراهم وكذلك استخدام الاسلحة الكيميائية ضد مقاتلين اكراد .
وتشير الوثائق وهي عبارة عن خطابات رسمية صادرة عن "لجنة مكافحة النشاط المعادي" وعن "الاستخبارات العسكرية" الى تنفيذ عمليات إعدام ميدانية ضد عشرات الاكراد . وفي وثيقة صادرة عن مديرية صحة محافظة كركوك تشكو من أن جثث الاكراد المتوفين في معسكرات الاعتقال التي تصلها كبيرة العدد وبشكل لم تعد مبرداتها تسعها . وتؤكد وثائق رسمية اخرى على الاجهزة الامنية والحزبية والعسكرية بملاحقة وحجز جميع العوائل النازحة من قراها في قواطع العمليات العسكرية الى المدن وتسليمها الى الاجهزة الامنية . وتشدد وثائق اخرى على ضرورة استخدام الطائرات وجميع الاسلحة ومنها الكيميائية لضرب "المخربين الاكراد" . كما تشير مراسلات اخرى الى تنفيذ عمليات هدم وتدمير عشرات القرى الكردية وإعدام عدد من مختاري القرى لعدم ابلاغ السلطات عن قيام ساكني قراهم بهجرة القرى .
ويعتبر المتهم الرئيس في القضية حاليا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الاعدام بصدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيس فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق انه وراء الاوامر التي صدرت بقصف الكرى الكردية بالاسلحة الكيميائية . ومن المنتظر ان تنتهي المحكمة اليوم من عرض بقية وثائق الادانة لتدخل الاسبوع المقبل مرحلة الاستماع الى إفادات المتهمين تهيئة لتقديم محاميهم مرافعات الدفاع عنهم .
وعرض الادعاء خلال الاسبوعين الماضيين حوالى 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية وادارة الحكم الذاتي ومديرية الامن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش الى تنفيذ الاعدام باي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول اليها ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و70 عاما من دون محاكمة ولكن بعد التحقيق معهم لاستحصال معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق ايضا . واشارت وثائق اخرى الى ازالة وتدمير عشرات القرى في مناطق مختلفة من شمال العراق واعتقال المرحلين منها ومصادرة اموالهم عام 1987 . وتحدثت وثيقة عن تنفيذ حكم الاعدام بسبعة اكراد من دون محاكمة .. واخرى عن ترحيل اكراد تقل اعمارهم عن 9 اعوام .
وتعقد محكمة الانفال جلساتها للاستماع الى اقوال خبراء والاطلاع على وثائق تتعلق بقضية عمليات الانفال الناتجة من استخدام النظام السابق للاسلحة الكيميائية ضد الاكراد عامي 1987 و1988 ما اسفر عن مصرع حوالى 180 الف كردي وتشريد الاف اخرين وتدمير 3 الاف قرية. وستخصص جلسات الاسبوع المقبل لعرض مزيد من الوثائق والافلام المرئية والمسموعة قبل أن تنتقل الى الاستماع الى إفادات المتهمين. وتعمل المحكمة حاليا على التعاقد مع خبراء في الأدلة الجنائية تابعين الى وزارة الداخلية بهدف دراسة الأدلة الخاصة بالقضية والضربة العسكرية الكيميائية التي تعرض لها الاكراد عام 1988.
وكان صدام حسين المتهم الرئيس في القضية قد تم اسقاط التهم عنه بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعددا من مساعديه بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لاغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية. وقد استمعت المحكمة الى حوالى 100 مشتك وشاهد وخبير اجنبي كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.
المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من الشهر الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيميائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيميائية.
وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".