قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
نزار عليان من غزة: على بعد أمتار قليلة من الشاطئ يقع منزل رجل يمتلك عدة هوايات تبدو عادية في أي مكان آخر إلا في غزة. محفوظ الذي درس إدارة الأعمال في جمهورية مصر العربية ويمتلك محلاً لبيع الانتيكا والأدوات المنزلية في وسط المدينة، له هوايات متعددة أحبها إلى قلبه جمع السيارات القديمة ومن ثم إصلاحها وإرجاعها إلى حالها الطبيعي لتبدو تحفة نادرة في هذا المكان المليء بالمشاكل والصراعات والحركات الراديكالية التي تعكر صفو المدينة الأصيلة. الرجل في الخمسينات من عمره ويهوى إلى جانب ذلك الرسم وتجميع الأشياء القديمة وبخاصة الكاميرات إضافة إلى كونه رئيساً لاتحاد نادي الشراع في غزة ويفتخر بكونه أول من فكر بإنشاء الاتحاد الفلسطيني لرياضة التزلج على الأمواج التي تبدو غريبة في هذا المجتمع العجيب. يقول محفوظ وهو يحاول أن يدير محرك سيارة " ستاندرد" الانكليزية التي تم بناؤها في سنة 1934:" لن أبيعها ولو حتى بمليون دولار، أترى كم هي رائعة! عندما وجدتها عند أحد الأقارب كانت في حالة يرثى لها، مليئة بالأوساخ والأعشاب وكل قطعها صدئة وتفوح منها روائح كريهة، إلا أن قلبي دق عندما رأيتها وخلتها فتاة رائعة الجمال". ليست ال"ستاندرد" الوحيدة في مجموعة محفوظ، فهناك ال"فيات" التي تعود إلى الستينات من القرن الماضي والتي يعشقها محفوظ ويفضل ركوبها بخاصة عندما يذهب لزيارة الأصدقاء . على الرغم من امتلاكه لسيارتين حديثتين ماركة "مرسيدس" و" تويوتا"، فإنه يحب" الفيات" في صحبة ابنه "حبيب" خلف مقود" الفولكس فاجن" الخضراء الرائعة من إنتاج الستينات والمغطاة بسقف جلدي فاخر. يقول محفوظ:" الفولكس فاجن هي أروع إبداعات العقل الألماني.... لم تنتج سيارة في العالم بهذا العدد، فهي كانت ولاتزال المحببة للجميع، والدليل على ذلك انك تراها في شوارع أغنى مدن العالم، وأكثرها حضارة ، ويعتبر اقتناؤها مفخرة لأي هاوٍ للسيارات القديمة". عندما كنت أتحدث لمحفوظ الذي كان متحمساً جداً للحديث عن هواياته الرائعة، جاء صديقه ومعه سيارة" جيب" من نوع " مرسيدس" من إنتاج ستينات القرن الماضي فقفز الرجل وأخذ يتفحص تحفته الجديدة. "كما ترى السيارة الآن في حالة يرثى لها، ولكنك ستراها بعد عدة أشهر عندما أعيدها إلى وضعها الأصلي"، قال محفوظ وهو يشكي من قلة قطع الغيار و المواد اللازمة للسمكرة والدهان بسبب الإغلاق المستمر من قبل السلطات الإسرائيلية التي تتحكم بالمعابر بين غزة والعالم الخارجي. ويضيف محفوظ:"أغلب قطع الغيار الخاصة بهذه السيارات توجد في مصر، ولكن المانع الأهم هو قيام إسرائيل بإغلاق المعابر ولذا لا استطيع الحصول على المواد اللازمة لتصليحها". بالإضافة إلى سياراته الرائعة يمتلك الرجل عدداً من الدراجات النارية النادرة، فإحداها من إنتاج عام 1942 تعود إلى مخلفات جيش الانتداب البريطاني في فلسطين. يوضح محفوظ وهو يعرض التحفة الجميلة" أنظر وكأنها خرجت من المصنع لتوها"، وبالفعل أدار محرك الدراجة الذي عمل وكأنه جديد، ثم أخذ يعرض على كنزه المكون من أكثر من عشر دراجات نارية أغلبها يعود إلى أربعينات وخمسينات القرن الماضي وبينها كانت المفاجأة- دراجة من إنتاج سوفيتي إلا أنها لا تعمل لعدم توفر قطع الغيار على الرغم من كل محاولات محفوظ. وعن السبب في اختياره لهذه الهوايات أجاب محفوظ:"غزة اليوم أصبحت مدينة غريبة وكئيبة، أنا أحزن عندما أخرج إلى الشوارع فهي أصبحت مكتظة ومهملة ومرعبة، حتى الجلوس على شاطئ البحر أصبح يعني للناس تدخين" النارجيلة "وشرب القهوة، أنا لا أريد أن يفعل أبنائي مثلهم، أنظر إلى" حبيب" فهو أصبح مولعا بالسيارات والميكانيكا والبحر أيضاً وهذا شيء جميل، هو لا يدخن ولا يلعب الورق والكلام الفارغ..." . غادرت الرجل بعد أن زرت معه أحد أصدقائه الذي يهوى أيضاً جمع السيارات القديمة وكنت فرحاً عندما وجدتهما يتحدثان عن حلمهما بتنظيم معرض كبير للسيارات القديمة ليكون أول معرض من نوعه في فلسطين وكنت أرى الحماس في أعينهما لهذه الفكرة التي تبدو مستحيلة في المدينة المحاصرة.