أخبار

ميركل أقوى امرأة في أوروبا

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد غياب طويل للمرأة الحديدية
ميركل أقوى امرأة في أوروبا

اعتدال سلامه من برلين: بعد غياب طويل للمرأة الحديدية في أوروبا مثل رئيسة الحكومة البريطانية سابقا مارغرت تاتشر، تمكنت انجيلا ميركل المستشارة الألمانية من أن تكون المرأة الوحيدة في الغرب التي تتزعم أحد أكبر الأحزاب في العالم والسياسية الوحيدة، بحيث إعترف الإعلام الالماني بأنها أقوى رئيس للحزب المسيحي الديمقراطي بعد أن انتشلته من فضائح مالية خطرة في التسيعينات، حتى أن أحد الإعلاميين قال عنها إنها قادرة على إنجاز أي مهمة مهما كانت صعبة في الإتحاد الوطني المشكل من حزبها والحزب المسيحي البافاري المحافظ. ووصف العديد من السياسيين الألمان الفيزيائية سابقًا بالداهية، إذ إستغلت وجهها الطفولي وابتسامتها اللطيفة والحنكة التي تعلمتها من والدها رجل الدين الانجيلي، للوصول إلى أعلى مركز سياسي في ألمانيا. ولم تتأخر يومًا عن التخلي عمّن مدّ لها يد المساعدة مثل المستشار السابق هلموت كول كي تصل إلى مآربها الحزبية.

وقد تكون هذه التهم محقة، لكن كما هو معروف لا ينتظر قطار السياسة أحدًا، والقوي وصاحب الحنكة السياسية هو الذي يصعد في اول قاطرة. وما اثار حفيظة اعضاء في الحزب المسيحي الديمقراطي ان رئيستهم لم تتدرج في سلم الحزب في ألمانيا الغربية عندما كانت ألمانيا منقسمة كما هي العادة، بل قضت كل سنوات شبابها في ألمانيا الشرقية، ثم توجت لمناصب رفيعة بعد مجيئها مباشرة الى بون عام 1989وتبني المستشار كول لها. لكن من يعرفها حق المعرفة، يقول ايضًا إن مواجهتها للامور خاصة الصعبة بصبر كما تعلمت من والدها ووزنها بمقاييسها الحقيقية جعلها سريعة الخطى في الصعود سلم الحزب.

ولدت ماركل في هامبورع عام 1954 لكنها عادت مرغمة إلى المانيا الشرقية بسبب رجوع والدها القس الانجيلي الى مسقط رأسه للعمل. إلا أنها لم تحقق حلمين لها ان تكون راقصة باليه وتمارس التدريس لأن السلطات الالمانية الشرقية حالت دون ذلك عقابًا لها على مواقفها السياسية المعارضة، فتوجهت الى دراسة الفيزياء والعلوم الطبيعية في جامعة ليبزيغ وتخرجت لتعمل في اكاديمية برلين الشرقية حتى عام الوحدة.

ولكي تتغلب على اجواء برلين التي كانت تصفها بالحزينة بسبب الجدار الذي قسمها أكثر من ثلاثين عامًا وحولها إلى أكبر سجن في العالم قامت بانشطة لا تقوم بها عادة ابنة رجل دين، فساعدت في اصلاح ديسكو وعملت فيه وباعت بطاقات للمسرح. ولا تخلو حياة انجيلا مركل من المغامرات فعاشت بشكل غير قانوني في منزل مهجورببرلين الشرقية لمدة طويلة عقب انفصالها عن زوجها لرفضها افكاره وعقيدته الشيوعية وكانت عقوبة هذا التجاوز الخطر في دولة شيوعية شديدة. كما أنها رفضت الالتحاق بالحزب الشيوعي الحاكم.

عداؤها للنظام الشيوعي جعلها ملاحقة بشكل دائم من جهازه السري " الشتازي" الذي صنفها بأنها " عقائدية سياسية هجومية مموهة". لكن بصفتها ابنة قسيس لم يتصور احد انها ستتجاوز الخط الاحمروتنخرط في صفوف حركة الانتفاضة الديمقراطية التي تأسست في اواسط الثمانينات للتحضير للوحدة.

بعد الوحدة مباشرة، كان حضور مركل في أورقة مبنى الحزب المسيحي الديمقراطي ملوحظًا، لأنها كانت دائمًا الى جانب المستشار هلموت كول وكان زعيمه فقرّبها ايضًا الى الهيئات الحزبية العليا، وإختارها لتكون عام 1999نائبة فزادت النقمة عليها في صفوف الحزبيين الرجال .

ومع الوقت، رفضت البقاء عضوًا حزبيًا صغيرًا لأنها كانت توجه نظرها الى مجلس النواب الاتحادي فرشحت نفسها، على الرغم منأن حظها كان ضعيفًا ضد مرشحين رجلين من الأقاليم الغربية لهما باع طويل في الحياة السياسية والحزبية. وكان عليها أن تقنع القيادة الحزبية بأن تكون المفضلة، فعادت مرة اخرى الى حكمة ابيها في وزن الامور بميزان الذهب كما تقول دائمًا ومساندة المستشار كول لها. وكانت المفاجأة الكبير، فبعد جلسة حزبية حامية واقتراع داخلي حصلت على 12 صوتًا أكثر من منافسيها واصبحت المرشح المفضل لدخول البرلمان فكانت اول خطة باتجاه هدفها. بعد ذلك تسلمت وزارة الشباب ثم البيئة.

ولا تنكر ماركل حتى هذا اليوم بأنها كسبت من المستشار كول خصالاً كثيرة منها ترويض الاعداء والخصوم بالحجة او بوسائل اخرى اذا ما احتاج الامر، لكنها في الوقت نفسه، تعتقد ان قوتها في ضعفها. وهي لا تصر على سماع التفاصيل اذ كان ذلك يخدم النتيجة النهائية والكاملة " والمهم عندها كما تقول ان اطرح الاسئلة المهمة واترك من امامي ينهي حديثه بشكل خرج عنه المحصلة التي اريد فليس هناك نتائج نافعة بدون تحديد اسئلة ". وتحلل الأمور باعصاب باردة وبعيدة عن الانفعالات لكن من عاداتها عند مواجهة الامور المعقدة النقر على الطاولة.

ولكي لا توصم بلقب "فتاة المستشار كول "لم تكتف ماركل بشن هجومًا عنيفًا على " والدها الروحي" بعد فضيحة التبرعات المالية التي اخفاها عن الحكومة لصالح حزبه بل كتبت في مقالة لها إنه ألحق العار بالحزب وعلى القاعدة ازاحته جانبًا وامساك زمام أمور المستقبل بيدها، بعدها وافقت على تشكيل لجنة لتقصي حقيقة التبرعات دون مراعاة لأي شخصية متورطة فيها فأصبحت بنظر الحزبيين الشبان والنساء القيادية التي لا تُنتقد وقارب النجاة .

وبصفتها " الرجل " الحزبي الوحيد النظيف السترة والبعيد عن كل الشبهات، لأن لا علاقة لها بالفضائح، استطاعت بسرعة ترتيب امور الحزب الداخلية من جديد لصالحها وأضعفت بعض الرموز الحزبية العتيقة والمنافسة لها مثل رئيس الحزب السابق ووزير الداخلية الحالي فولفغانغ شويبليه، لأنه من مجموعة المستشار كول، لكن ظلت هناك عقبة واحد في وجهها وهي ادمون شتويبر رئيس الحزب الشريك الصغير المسيحي البافاري والشريك في الحكم حاليًا فهو محافظ عنيد ولا يقبل ان يكون شريكه امراة تقف معه على مستوى واحد، فلجأت الى خطة هجومية من موقع قوة فاتصلت به وقالت له " إذا كنت تعتبرني يسارية من الاقاليم الشرقية ولا تريدني شريكًا، فقل ذلك بوضوح".

هذه اللهجة المتمردة والواضحة التي لا يعرفها شتويبر اشعرته بوجوب دعوتها للمشاركة في احتفال تقليدي بافاري معظم المشاركين فيه رجال ، فجلسا جنبًا إلى جنبًا كما كان يفعل أيام المستشار السابق كول وشربا البيرة البافارية. وفي المؤتمر الحزبي الطارئ عام 1998 بعد ازمة التبرعات كان لحصول مركل على 95,9 في المئة من الاصوات في الحزب، ولم يحصل احد من قبلها على هذه النسبة، وقعًا قويًا حتى على الاحزاب الالمانية الاخرى لأنها اصبحت بالنسبة إليها المنافس العنيد الذي تسانده قاعدة حزبية واسعة جدا، ومن اجل الحد من تأثير خصمها الحزبي شوبيله عينته نائبًا لها.

وعلى الرغم من شعبيتها الواسعة، إلا انها لم ترشح نفسها للمستشارية بعد ان اصبحت رئيسًا لحزبها عام 2002 لإدراكها بأنها ستحرق كل أوراقها بعد 13سنة من العمل السياسي المضني لتدني شعبية حزبها مع الشريك المسيحي البافاري بسبب الفضيحة المالية، واعتبرت بأن الوقت لم ينضج بعد للترشيح، وتركت المجال لرئيس الحزب الشقيق المسيحي البافاري شتويبر وخسر بفارق بسيط امام المستشار الاشتراكي غرهادر شرودر. وجاءت الفرصة ا لجيدة عندما فقد شرودر بعد عامين ثقة مجلس النواب واستقال وضعف الاشتراكيون.

وعلى الرغم منقوتها السياسية، إلا أن مركل تظهر احترامًا كبيرًا لخصومها السياسيين الاقوياء كالمستشار السابق شرودر وقالت مرة إنه يجب الاعتراف بقدراته السياسية مع الايمان بأنني قوية ايضا". ويقترن عملها دائمًا بما كسبته من والدها وتعلمت العمل بالصمت وبالهدوء للوصل الى اهدافها التي لا تصرح بها او تعلن عنها بل تكتفي بالقول "لا اضع حواجز أمام امنياتي".

ومن خصالها التي ورثتها من والدها الروحي المستشار السابق كول ايضًا " الدكتاتورية الحزبية"، على الرغم من نفيها لذلك بالقول "لا يوجد ديكتاتورية في حزب ديمقراطي لكنني اتعامل مع القضايا بأسلوبي الخاص". هذه الدكتاتورية الناعمة مكنتها من تجحيم بعض القياديين الحزبيين مع ذلك تغضب جدًا عندما يصفها صحافيون بانها "الرجل الصلب الوحيد في الحزب المسيحي الديمقراطي"وتحاول عدم الرد على اسئلتهم.

وبعكس الكثير من السياسيين لا تحاول الحديث جدًا عن حياتها الخاصة فهي متزوجة للمرة الثانية ومن دون اولاد وغير نادمة على ذلك. وتحاول المستشارة ماركل سرقة بعض الوقت لتقضيه مع زوجها الكيميائي البروفسور زاور في قرية صغيرة بعيدة عن ضجيج المدينة والسياسة فتطبخ له شوربا البطاطس وتعتني بحديقتها التي تزرع فيها شتى انواع الخضار مثل البندورة والفاصوليا.

ومن الممثلين المفضلين لها دوستين هوفمان وتحاول ألا تفوت فيلمًا للممثل الاميركي روبرت ريدفورد. وليس لديها شخصية مثالية تقتدي بها لكن هناك اشخاص أثروا عليها مثل وزير الخارجية الاميركي السابق هنري كيسنجر. ولا يعرف وجهها الكثير من المكياج بل تكتفي بأحمر الشفاه عند حضورها حفلات وتستبدل ذلك بملابسها التي تتصف بالتقليدية لكنها أنيقة مع عقد يتناسب معها، وتقول أقبل بمنظري الخارجي كما هو لكن اذا ما تمنيت تغيير شيء فيه فأغير شعري فقط وأحبه أحمر وكثيفًا، ولا تلبس مركل احذية عالية الكعب لأنها ترتاح عندما تشعر بالارض تحت قدميها.

ولا تعترف بأن فشل زواجها الاول سببه شخصيتها القوية القتالية فبرأيها هذا ليس بالامر السيئ لكنها تسارع لتقول :" لا اخوض أي معركة كان، قبل ان اقدر حجم الخسارة والربح ، وعلى الانسان ألا يحارب على اكثر من جبهة في وقت واحد وهناك معارك بإمكانها تأجيلها كي لا يخسرها". وزوجها هو الشخص الوحيد الذي يواسيها عندما تشعر بالضيق، في الوقت نفسه لا يتدخل في شؤونها كمستشارة فكل واحد له ميدان عمله وعندما تزوجا كان الاتفاق أن يهتم هو ببحوثه العلمية وهي بالسياسة. لكن صندوق اسرارها هي أختها التي تصغرها بعشرة اعوام.

وامنتيها التي تعرف انها لن تحقق طالما انها تمارس السياسة هي السفر في قطار سيبيريا للقيام برحلة طويلة جدا عبر آسيا لتقف في عدة محطات في روسيا ولتتحدث الروسية لانها الشيء الوحيد الذي احبته وتعلمته خلال الحكم الشيوعي في المانيا الشرقية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف