التحالف العسكري بين روسيا والصين: واقع تمليه التطورات الدولية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
واقع تمليه التطورات الدولية
التحالف العسكري بين روسيا والصين
فالح الحمـراني من موسكو : المعروف ان صقرا برأسين يطل على الناظرين من قمة الشعار الوطني لروسيا الاتحادية، الاول ينظر دوما الى الغرب والاخر نحو الشرق. في عهد الرئيس بوريس يلتسين كان هناك ميلان في السياسة الروسية نحو الغرب واستخفاف متعمد بالشرق، بيد ان الرئيس فلاديمير بوتين منذ وصوله للسلطة سعى لان ينظر صقراه بمستوى واحد، لكن الريح ( في الساحة الدولية) سارت بما لا تشتيه السفن فمالت الكفة اكثر نحو الشرق، حيث الصين والهند وايران وكوريا الشمالية واسيا الوسطى والشرق الاوسط، وتضبب افق الغرب.وثمة مؤشرات على ان التطورات قد تدفع موسكو بكين التخلي عن نهج التخلي عن خطاب التحالفات العسكرية.
وعلى خلفية كل ذلك يكتسب التحالف بين روسيا والصين طابعا عسكريا ـ سياسيا، ويصبح حقيقة موضوعية على الساحة الدولية. وتجلى ذلك اكثر عند تصويت موسكو وبكين في آن واحد ضد قرار مجلس الامن في مطلع اكتوبر الحالي، الذي رمى لفرض عقوبات على بورما اثر الاضطربات التي اندلعت فيها. وجرى التوقيع في نفس اليوم بدوشنبيه، عاصمة طاجيكستان السوفياتية سابقا، على مذكرة للتفاعل بين منظمة معاهدة الامن الجماعي ومنظمة شنغهاي، مما حدى بالمراقبين الحديث عن بداية تشكيل "حلف ناتو" في الشرق. وهذه ليست المرة الاولى التي تعمل فيه موسكو وبكين كفريق واحدا في اطار مجلس الامن الدولي. بيد ان موسكو في دفاعها عن حكومة بورما، من قرار فرض العقوبات الاميركي تكون قد حددت بشكل قطعي اولويات استراتيجية سياستها الخارجية التي تنظر باقامة تحالف شراكة عسكرية استراتيجية مع الصين والاستعداد للدفاع عن القضايا الحيوية لهذا التحالف.
واشير الى ان السبب الرئيسي الذي دفع روسيا والصين لاحباط المشروع الاميركي بصدد حقوق الانسان في بورما ينحصر بان الاضطرابات التي نشبت في هناك لاتهدد الامن الدولي، لذلك فيتوجب النظر في هذه القضية باطار اجهزة الامم المتحدة الاخرى، وليس في مجلس الامن. بيد ان الخبراء السياسيون يرون ان السبب الحقيقي الذي يجمع موسكو وبكين يعود الى دوافع اخرى.
ويشيرون بذلك الى ان بورما تدخل في منطقة المصالح الحيوية للصين . وتجدر الاشارة هنا الى انه ورغم تحذير بعض الدوائر بروسيا من زحف العنصر الصيني على غالبية سيبيريا، فان الوقائع تشير الى ان الاراضي الجنوبية تحتل المرتبة الاولى في اولويات الصين. وبورما هي احدى تلك البلدان التي تهتم الصين بها اكثر من اهتمامها بالشرق الاقصى. فالمواطنون من اصل صيني يمتلكون 90% من اقتصاد بورما. علاوة على ذلك فان بورما تقع بالقرب من طرق نقل النفط من دول الخليج العربي الى المنطقة.وتعمل الصين على التحكم بتلك الطرق.
في مقابل ذلك تلوح المصالح الروسية في بورما ليست بذلك الحجم. وحقا فجرى مؤخرا التوقيع على اتفاقية تقضي ببناء روسيا مفاعل نووي للاعراض البحثية في بورما. علاوة على ذلك فان موسكو تخوض منذ عدة سنوات مع رنغون مباحثات لتصدير الاسلحة لبورما. ويذكر ان بورما تستورد 90% من اسلحتها من الصين وان روسيا هي الدولة الوحيدة التي يمكن ان تسمح لها بكين بعقد صفقات الاسلحة مع بورما. وحسب تقدير غالبية المراقبين فان تحرك موسكو ازاء بورما على تلك الشاكلة يبرهن على ان الكرملين يراهن بجد على التحالف العسكري مع الصين.
وكان الخبراء قد تحدثوا حين التوقيع على مذكرة التفاعل بين منظمة معاهدة الامن الجماعي ومنظمة شنغهاي للتعاون عن اقامة حلف عسكري كبير يتحدى الناتو ليس في اسيا الوسطى وجسب وانما في عموم منطقة يفرو/اسيا.وتضم منظمة معاهدة الامن الجماعي بالاضافة الى روسيا كل من بيلاروسيا وارمينيا وكازاخستان وقيرغيزيا وطاجيكستان واوزبيكستان اما في منظمة شنغهاي للتعاون فالاضافة الى روسيا والصين هناك كل من كازاخستان وقيرغيزيا وطاجيكستان واوزبيكستان. ويقضي البروتوكول الموقع بين المنظمتين التعاون في قضايا الامن ومكافحة تهريب المخدرات واعادة اعمار افغانستان بعد انتهاء الحرب فيها، اضافة الى التصدي للتطرف السياسي والديني. ومن المرتقب ان تجري دول المنظمتين مناورات عسكرية.
ويرى المراقبون الروس ان الصين غدت بعد التوقيع على المذكرة شريكا استراتيجيا لارمينيا وبيلاروسيا، وجرى تدشين ظهور محور جيو/ سياسي في يفرو/ اسيا يضم مينسك ـ موسكو ـ بكين، وسيصبح الحلف القوة التي ستواجه الناتو. ولايستبعد انضمام تركمانيا له.
ويعرب المحللون من اصحاب التوجه الغربي عن الشكوك بافاق مثل التحالف. ويشير خبير مركز كارنيجي فرع موسكو الكسي مالاشينكو على سبيل المثال الى انه لايميل للتضخيم من ابعاد التعاون الصيني السياسي/ العسكري مع الصين. وبرايه فان اهمية منظمة شنغهاي للتعاون بالنسبة للصين تنبع بالدرجة الاولى من كونها اداة اقتصادية. فالصين تختط سياسة متعددة المسارات، بما في ذلك توظيفها اموال ضخمة في الاقتصاد الامريكي، وان بكين اكدت بلا ملل، بانها لاتفكر بالمواجهة مع اي طرف كان. اضافة لذلك، والحديث مازال لمالاشينكو، فان الصين تتوقف تدريجيا عن استيراد التكنولوجيات العسكرية الروسية وتضايق على روسيا في اسيا الوسطى.
وعلى حد راي خبير مركز " الانفتاح الاقتصادي" بيوتر كوزما فان الحقيقة من نصيب الطرفين." لان منظمة شنغهاي للتعاون من ناحية، تعد اداة لهيمنة الصين الاقتصادية في اسيا الوسطى وان بكين تبتعد عن مشاريع التحالفات العسكرية واسعة النطاق، وتفضل الحديث عن مكافحة الارهاب". ومن ناحية اخرى كما يقول كوزما فان المناورات المشتركة لمنظمتي شنعهاي للتعاون ومعاهدة الامن الجماعي ستكون اكثر سعة .
بيد ان غالبية المراقبين يتحدثون عن ان التطورات على الساحة الدولية جعلت دوائر صناعة القرار في روسيا والصين وروسيا ودول اسيا الوسطى تدرك وجود مصلحة مشتركة للتصدي لخطة الغرب الرامية لبسط سيطرته على المنطقة الواسعة ذات الاهمية الاستراتيجية التي يطلق عليها الافرو/ اسيوية. وان التحالف باي شكل كان سيصب في مصلحة الجميع.