10 دقائق ظلام.. ثمن كل صاروخ يطلق من غزة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
إسرائيل تبدأ بتطبيق العقوبات اليوم
10 دقائق ظلام.. ثمن كل صاروخ يطلق من غزة
خلف خلف من رام الله: سيأذن وزير البنى التحتية الإسرائيلية بنيامين بن اليعيزر اليوم الجمعة ببدء تطبيق العقوبات التي وقع وزير الأمن إيهود باراك أمس على فرضها على قطاع غزة. وبحسب التوقعات تتجه نية إسرائيل إلى إنزال نسبة معينة في بعض خطوط الكهرباء في المرحلة الأولى. ولا يغيب عن الخطة أيضا نهج التنكيل، حيث أن إحدى الأفكار التي طرحتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية هي تشويش الكهرباء بالفترة التي يشهد التلفزيون خلالها ذروة المشاهدة.
وتشير التقديرات إلى أنه سيكون مبدئياً توقف للكهرباء لنحو 10 دقائق وستحصر بمناطق محدودة تطلق منها صواريخ فلسطينية محلية الصنع. وحسب صحيفة يديعوت الصادرة اليوم فأن جهاز الأمن الإسرائيلي يتوقع أيضا تقنن حكومة حماس بنفسها الكهرباء - في أي أماكن يكون فيها توقف للكهرباء. وكان باراك قرر أمس تبني توصية جهاز الأمن لفرض قيود على السكان المدنيين في غزة بشكل فوري، بما في ذلك تشويش توريد الكهرباء إلى القطاع.وأمس تلقت شركة الكهرباء الأذون اللازمة من جهاز الأمن، وجاء أنه منذ اليوم من المتوقع توقفات موضعية في الكهرباء في أعقاب التخفيض في كمية الكهرباء التي ستورد إلى مناطق قطاع غزة.
وبحسب المصادر الإسرائيلية فان الرأي السائد في هيئة الأركان الإسرائيلية هو أنه قبل الدخول في حملة عسكرية إلى داخل القطاع يجب إعطاء فرصة لممارسة روافع مدنية بما فيها تقليص توريد الكهرباء والوقود. ومع ذلك ففي جهاز الأمن يأخذون بالحسبان بأن الضغط الذي سيمارس على الفلسطينيين من شأنه أيضاً أن يؤدي إلى نتيجة معاكسة عما كان مأمولا به - تصعيد ورد عسكري من حماس.
ونقل عن المنسق الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يوسف مشلاف، قوله خلال المداولات التي عقدتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية مؤخراً بأنه "لا يؤمن بنجاعة اتخاذ خطوات مدنية ضد السكان الفلسطينيين". وبتقديره فأن "الضغط المدني لن يكون ناجعا لتغيير سلوك الفلسطينيين حيال حكم حماس أو على حماس نفسها".
وضمن خطوات العقوبات، تعتزم إسرائيل خلال الأسبوع القادم تخفيض عدد ناقلات الوقود التي تدخل إلى القطاع من 60 إلى نحو 50 وتخفيض عدد ناقلات السولار من 35 إلى 28. بالتوازي سيغلق الأسبوع القادم معبر صوفا، والبضائع ستنقل إلى القطاع عبر كرم سالم. والمعنى هو أن قدرا أقل من البضائع ستمر والعبور سيكون أكثر خضوعا للرقابة.
وتشير تقديرات نشرها مؤخراً مركز الميزان لحقوق الإنسان في قطاع غزة أن القطاع ويواجه إشكالية أيضا تتعلق بعدم وجود مخزون من المحروقات يغطي إحتياجات محطات توليد الكهرباء، حيث يدخل إلى المحطة يومياًَ 350 ألف لتر من السولار الاصطناعي باستثناء يومي الجمعة والسبت، حيث تقدر احتياجات المحطة يومياً بـ 220 ألف لتر سولار، وما يعني في حال امتنع الجانب الإسرائيلي عن تزويد المحطة بالوقود، فأنها ستتوقف عن العمل بعد فترة وجيزة, حيث يكفي الوقود الاحتياطي لـ 24 ساعة فقط.
وهذا ما حصل بالفعل حين أعلن الاتحاد الأوروبي بتاريخ 16/8/2007 توقفه عن تمويل الوقود اللازم للمحطة، وذلك بسبب شكوكه حول قيام الحكومة المقالة في غزة بتحصيل فواتير الكهرباء من المواطنين، وأن هذه القيمة لا تدخل إلى حساب شركة توزيع الكهرباء.
وبناء على ما سبق، فقد غرق القطاع في ظلام دامس، وبخاصة محافظتي غزة والمنطقة الوسطي، كما توقفت العديد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية والمصانع والشرطات التجارية عن العمل بسبب انقطاع التيار الكهربائي، كما تسبب انقطاع التيار الكهرباء إيضا إلى معاناة كبيرة لسكان القطاع الذين يواجهون مشكلات حقيقة في ايصال المياه إلى منازلهم، بل في قدرتهم إلى الوصول إلى مساكنهم، خاصة وأن مدينة غزة تعج بالأنبية المتعددة الطبقات، والتي يعني انقطاع التيار الكهرباء عدم قدرة كبار السن والمرضى من الوصول إلى منازلعم وانقطاع امدادات المياه عنهم.
ولكن في جهاز الأمن الإسرائيلي يقولون إنه في المرحلة الأولى لن يكون تغيير جوهري في الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني، ولكن القيود التي ستفرض هي إشارات أليمة لسكان القطاع ولحماس. وفي السياق يعتزمون إجراء مداولات وتقوييمات للوضع بشأن وتيرة تخفيض الكهرباء، الوقود والبضائع، حيث أن الهدف النهائي هو الوصول إلى فك ارتباط اقتصادي إسرائيلي عن قطاع غزة.
هذا فيما يرى السكان في قطاع غزة أن وقف تيار الكهرباء عقابا لهم أكثر من كونه عقاباً لحركة حماس. وترى حماس من جانبها أن "هذه الخطوات الإسرائيلية لن تؤدي لتركيع الشعب الفلسطيني، الذي سيواصل العمل ضد الاحتلال".
ومن جانبها، كتبت صحيفة هآرتس الصادرة اليوم الجمعة تقول "توجد فجوة كبيرة بين المبررات الرسمية التي تطرحها إسرائيل لقرارها اتخاذ عقوبات ذات أهمية ضد حكم حماس في قطاع غزة، وبين النوايا العملية خلفها". للوهلة الأولى، فان هدف الخطوة (تقليل الكهرباء) هو تقليص نار صواريخ القسام.
ولكن بحسب الصحيفة الإسرائيلية، عمليا، يعتقدون في جهاز الأمن بان منظمات النشطاء الفلسطينيون سيردون على العقوبات بتصعيد النار. وعليه، فان النية الحقيقية للخطوة مزدوجة: تجربة "درجة" أخرى من رد الفعل ضد غزة، قبل أن تنجر إسرائيل إلى عملية عسكرية كبيرة - وتهيئة التربة لقطيعة أكثر حدة بين إسرائيل والقطاع، تقلص إلى الحد الأدنى الالتزام الإسرائيلي بالفلسطينيين هناك.
وكان باراك قال قبل بضعة أسابيع إن إسرائيل "تقترب" من عملية كبيرة في القطاع. ومثل رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت ورئيس الاركان غابي اشكنازي، فان وزير الأمن هو الآخر غير متلهف على ذلك. فهو يعرف أن هذه ستكون خطوة باهظة الثمن، النتائج الايجابية فيها غير مضمونة. جنود كثيرون سيقتلون ومثلهم أيضا عدد اكبر من المدنيين الفلسطينيين الأبرياء، وذلك لان الجيش الإسرائيلي سيستخدم القصف المدفعي الهائل قبل أن يبعث بقواته إلى القطاع المزدحم بالسكان.
ومن جانبه، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غابي أشكنازي: "هذه ستكون "حرب قذرة"، عدوانية جدا، تذكر بصور الدمار من الحرب الأخيرة في جنوب لبنان - مع فارق واحد: في القطاع خلافا للبنان، لا يوجد للسكان تقريبا مكانا يفرون إليه. وفضلا عن ذلك: اشكنازي قال لأعضاء المجلس الوزاري الإسرائيلي "إنه سيؤيد خطوة هجومية فقط إذا كانت طويلة الأمد. فإذا ما بعد أسابيع من السيطرة، تتاح للجيش الإسرائيلي فترة زمنية طويلة للاعتقالات وجمع المعلومات الاستخبارية، فهناك برأيه معنى للعملية".
وبدون تعهد كهذا، كما حذر أشكنازي، من الأفضل عدم الدخول (لغزة) - وذلك لان العملية لن تؤدي إلا لتدهور الوضع ولن تسمح بعلاج جذري للتهديد من حماس. وقبل أن تتوجه إسرائيل إلى خطوة عسكرية كبرى (الاحتمال لذلك كبير؛ التوقيت - فقط بعد المؤتمر في انابولس) بحسب -هآرتس-، فأن باراك معني بان يثبت بأنه استنفد كل الإمكانيات الأقل سوءا.
وترمي العقوبات على قطاع غزة بالدرجة الأولى إلى منح سكان مستوطنة سديروت والمحيط إحساسا بان جهاز الأمن الإسرائيلي يفعل الآن شيئا ما كي يوقف الصواريخ التي يطلقها النشطاء من قطاع غزة، وبخاصة أن الحكومة الإسرائيلية تتعرض لانتقادات لاذعة من قبل المستوطنين المقيمين في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة.
ولكن مصادر أمنية إسرائيلية قدرت مؤخرا بأن العقوبات على قطاع غزة لن تحطم المجموعات الفلسطينية أو الموطنين بالقطاع. وبخاصة أن الأوضاع في القطاع مأساوية، ويشهد القطاع انفصالاً للكهرباء بين الفنية والأخرى بسبب الخلل في شبكة الكهرباء المحلية التي تعرضت لأكثر من قصف إسرائيلي سابقاً.
وبحسب توقعات إسرائيلية فأن الخطوات ستسجع فقط المجموعات الفلسطينية على الرد على النار بالنار لإثبات أنها لا تنكسر أمام الضغوط. أما وقف الكهرباء الطويل، لعدة ساعات، فلم تتم المصادقة عليه حاليا من وزير الأمن الإسرائيلي إيهود باراك. لان معنى تطبيق ذلك سيكون أزمة إنسانية حادة في قطاع غزة - إسرائيل ستدفع عليها ثمنا دوليا - وهذا أيضا دون أن يؤدي الأمر بالضرورة إلى تقليص كبير في حجم أطلاق الصواريخ صوب البلدات الإسرائيلية.
وبالذات تقليص نقل البنزين، الذي سيبدأ الأسبوع القادم- حسبما تقول هآرتس- من المتوقع أن يؤلم الفلسطينيين بقدر أكبر. والمعنى هو أن مولدات الكهرباء التي يستخدمها الكثير من السكان في أثناء وقف الكهرباء ستكف عن العمل وكذا حركة السيارات الخاصة ستتوقف بالتدريج.
ويوجد للقرار فوائد أخرى، -بحسب المصادر الإسرائيلية- وهو منح فعالية عملية لميل تشديد فك الارتباط عن القطاع لدرجة القطيعة التامة. إسرائيل تنقل رسالة إلى الحكم في القطاع بأن عليه أن يفتش عن بدائل للتوريدات التي تأتي منها. هذا تفكير -بحسب هآرتس- يرتبط أيضا في اليوم التالي لانابولس. فشل المؤتمر كفيل بان يدفع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس إلى أذرع حماس. في مثل هذه الحالة، ستضع إسرائيل أمامه إشارة مرور واضحة عند مخرج رام الله: المعبر إلى غزة - مغلق.