مأساة عائلة فلسطينية جراء ممارسات اسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أسامة العيسة من القدس : كشفت منظمة أصدقاء الإنسان الدولية في تقرير موسع أصدرته عن ما اعتبرته مأساة حقيقية طالت عائلة فلسطينية كاملة بعد تعرض أبنائها الثلاثة لانتهاكات خطيرة للغاية من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي.
ويحتوي تقرير المنظمة التي تتخذ من فينا مقرا لها، على العديد من الحقائق والأحداث على مدى 14 عاماً، تنشر لأول مرة وتتعلق بما جرى لعائلة ساطي الأشقر من قرية صيدا قرب طولكرم، شمال الضفة الغربية، التي وارت بالأمس جثمان نجلها محمد بعد مقتله على يد الفرق الأمنية الإسرائيلية في معتقل النقب الصحراوي يوم الاثنين الماضي الموافق 24/10/2007.
واستدلت المنظمة في تقريرها من خلال الإصابات التي لحقت بالأسرى خاصة في منطقتي الرأس والصدر وكذلك إصابة محمد الأشقر القاتلة أن عمليات إطلاق النار من قبل فرق الاحتلال الأمنية خلال هجمتها على الأسرى في ذلك المعتقل كانت تهدف إلى قتل أسرى.
وقالت المنظمة أنها تلقت تقريراً مفصلاً عن الهجمة العنيفة التي نفذتها الفرق الأمنية الإسرائيلية المختصة بعد منتصف الليل- صباح الاثنين 22/10/2007 في معتقل النقب الصحراوي، حيث داهمت قوات كبيرة من وحدات المتسادا والنخشون الأمنية الإسرائيلية وعددها 550 عنصراً قسمي 5 و6 من أقسام الاسرى الذي صدرت بحقهم احكاما، عند الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، بحجة البحث عن مواد ممنوعة وإجراء بعض التنقلات بين الأسرى الناشطين، خلافاً لتفاهم سابق كان تم التوصل إليه بين المعتقلين وإدارة مصلحة السجون، يقضي بعدم إجراء أية تفتيشات ليلية مفاجئة بعد إجراء تعداد الاسرى المسائي.
وقالت المنظمة "حاول الأسرى الدفاع عن أنفسهم خلال هجمات الفرق الأمنية الإسرائيلية، والتي رافقتها قوات كبيرة من الشرطة، مدججة بأنابيب الغاز (البودرة) والدروع وقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيلة للدموع، ورشاشات الفلفل الحارقة، وسط إطلاق النار من الأسلحة التي بحوزتها واستخدام الضرب بالهراوات، وقام الأسرى بالإحتجاج على عملية الإقتحام والتفتيش، فما كان من إدارة السجن إلا أن أعلنت الاستنفار بين جنود جميع الوحدات وشرعت باقتحام القسمين، وقد ووجهت بدفاع من قبل الأسرى الفلسطينيين، فشرعت بإطلاق كثيف للرصاص والقنابل الغازية وقنابل الصوت عليهم، مما أدى إلى اشتعال النار في خيم القسمين المذكورين".
وأضافت المنظمة "ومع ارتفاع ألسنة اللهب في القسمين شرعت بقية عناصر وحدات المتسادا والنخشون باقتحام بقية أقسام المحاكيم دفعة واحدة، فتعالت أصوات التضامن من الأقسام الأخرى في المعتقل التي يحتجز بداخلها أسرى آخرون، ما أدى إلى تراجع إدارة السجن عن الاستمرار في التنكيل بالقسمين المذكورين الذي استمر حتى الساعة الخامسة فجراً".
واكملت المنظمة روايتها مشيرة، إلى أن إدارة السجن نقلت على إثر ذلك "أسرى قسم 5 إلى زنازين العقاب وأغلبهم مصابون بجروح وحروق واختناقات، وانتظم رجال الشرطة العسكرية الإسرائيلية في صفين متوازيين حول الأسرى الخارجين للنقل، وقاموا بالاعتداء عليهم بالضرب المبرح، رغم إصاباتهم وجروحهم، ووضعت القوات المقتحمة حوالي 200 من الأسرى في الغرفة المخصصة للقاء الأهالي في وقت الزيارة، والتي تبلغ مساحتها 80 متر مربع، بعد ذلك إقتحمت قوات المتسادا الغرفة عليهم، وأطلقت النيران، مما أدى إلى إصابة الأسير محمد الأشقر ووقوع أكثر الإصابات خطورة".
ووثقت أصدقاء الإنسان الدولية شهادات أفراد العائلة عن الإنتهاكات المتواصلة التي ترتكبها قوات الإحتلال بحقهم، وجاء في شهادة رب العائلة المنكوبة "أن ضابط المنطقة في جيش الإحتلال داهم مرة منزله مع قوات كثيرة فقال له: والله سأجعل كل أيامك سوداء، وسأجعل كل أهل قرية صيدا يكرهونك". واستدل ساطي بهذه الكلمات قائلاً "إن مقتل إبني محمد في معتقل النقب عملية إنتقام مقصودة، وإلا فلماذا يُقتل محمد بالذات بين مئات الأسرى، لم أسمع على مر الأيام عن قتل أسير في رأسه، وكذلك ماذا تعني كلمات ضابط المنطقة تلك".
وحول ما حدث مع الأسير محمد الأشقر الذي لقي حتفه قالت المنظمة، بانه أصيب برصاصة في أعلى رأسه من الجهة اليمنى خرجت من الخلف، ودخل إثر ذلك في حالة موت سريري منذ ساعات الصباح، وبعد نقله إلى مستشفى سوروكا في مدينة بئر السبع، تم تقييده، على سرير المستشفى، وسمحت السلطات الإسرائيلية لوالدته وزوجته ووالدة زوجته من الوصول إلى مستشفى سوروكا بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، وسمح لهن بإلقاء نظره عليه لمدة زمنية قصيرة، وامتنعت عن السماح لوالدته أو زوجته بمرافقته في المستشفى.
وذكرت المنظمة الحقوقية أنه منذ شهر أيار (مايو) عام 1993 وحتى الآن، تعرض منزل عائلة الأشقر في القرية المذكورة، إلى 25 عملية مداهمة عسكرية من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي وفرقه الأمنية، نتج عنها ترويع أفرادها وإتلاف وتخريب العديد من الممتلكات المنزلية والمنتوجات الزراعية الخاصة بالعائلة.
وفي احدى المداهمات، عمدت قوات الإحتلال إلى إتلاف منتوج العائلة السنوي الكامل من الزيتون (بلغ وزنه طنين)، واوردت المنظمة هذا المعلومات "على سبيل المثال وليس حصرا".
وأعادت المنظمة إلى الأذهان ومن خلال شهادة موثقة تعرض نجل العائلة الأكبر لؤي ساطي الأشقر (31 عاماً)، خلال فترة التحقيق معه بعد اعتقاله في 22 نيسان (ابريل) 2005، إلى ما وصفته التعذيب الوحشي في معتقل كيشون من قبل محققي الشاباك الإسرائيليين والذي أدى إلى شلل دائم في جسده.
وقالت المنظمة في تقريرها أن الإقتحامات المتكررة، والإعتداءات وعمليات التخريب المستمرة لمنزل العائلة، من قبل قوات الإحتلال الإسرائيلي، أدت إلى اختفاء نجل العائلة الثالث أُسيمر (24 عاماً) وتشريده بعيداً عن أفراد أسرته، بعد أن قال لهم إنه غير مستعد لأن يمر بما مر به شقيقه الأكبر لؤي.
وأشارت أصدقاء الإنسان إلى إحدى عمليات المداهمة المتكررة بتاريخ 14/6/2007، والتي قتلت فيها قوات الإحتلال، صديق أسيمر الشاب محمد عبد الجبار طوير (23 عاماً) من قرية عتيل المجاورة، في باحة منزل العائلة بعد أن ظنت خطأً أنه هو هدفهم المطلوب.
ومن ضمن مطالبها دعت المنظمة إلى ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية في ما وصفتها الجرائم التي ترتكب ضد الأسرى الفلسطينيين وإجراء محاكمات للضباط والجنود الذين تسببوا بإصابة الأسرى ووفاة محمد الأشقر في معتقل النقب الصحراوي، وكذلك بينت أن الحاجة ملحة لعرض الأسرى المصابين على أطباء أكفاء وتقديم العلاج المناسب والفعال لهم.
وأكدت على أن عائلة ساطي الأشقر لا بد وأن تعوض عما لحق بها، خاصة بعد وفاة نجلها محمد وتسبب التعذيب في شلل الإبن الأكبر لؤي.
وتطالب منظمة أصدقاء الإنسان الدولية سلطات الإحتلال الإسرائيلي ممثلة بالحكومة الإسرائيلية وسلطة مصلحة السجون والجيش الإسرائيلي، بوضع حد لعمليات قمع وقتل الأسرى الفلسطينيين في السجون والمعتقلات الإسرائيلية. وقالت أنه يتوجب على السلطات الإسرائيلية عزل الضباط والمسؤولين عن وقوع المداهمة والإنتهاكات العنيفة لحقوق الأسرى ووثقت أسمائهم.
وقالت أصدقاء الإنسان الدولية، أن الصليب الأحمر الدولي كراع لاتفاقيات جنيف مطالب بضرورة تكثيف زياراته للأسرى بهدف حمايتهمً.