لبنان: خطة متواضعة لمساعدة لاجئي مخيم نهر البارد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
البداوي (لبنان): لا تزال سعاد السيد وأبناؤها يخَيِّمون موقتاً في إحدى القاعات الدراسية بعد شهرين على نهاية المعارك التي شهدها مخيم نهر البارد شمال لبنان. وعلى الرغم من الروائح الكريهة المنبعثة من الحمامات ومن أكوام النفايات التي تملأ الممرات، إلا أن سعاد لا تبدو مرتاحة للأخبار التي تفيد بأن مدة إقامتها الموقتة في هذه المدرسة في مخيم البداوي قد شارفت على النهاية. وتشرح السبب في عدم ارتياحها لهذه الأخبار قائلة: "تقول إدارة المدرسة بأنهم سينقلوننا غداً، ولكن لا أحد أخبرنا بالوجهة التي سينقلوننا إليها".
وكانت سعاد تتحدث عن قلقها وهي تحمل حسن، طفلها البالغ من العمر أربعة أشهر والذي وُلِد خلال حصار الثلاثة أشهر الذي فرضه الجيش على مخيم نهر البارد وانتهى في الثاني من شهر سبتمبر/أيلول. ويعاني حسن باستمرار من ارتفاع في درجة الحرارة وصعوبات في التنفس وفي النوم. وتعزو سعاد مشاكل حسن الصحية لقلة نظافة البيئة التي يعيش فيها.
وأفاد بعض الشهود وعدد من الفلسطينيين الذين يسكنون في المدرسة بشكل موقت بأن حوالى 150 مواطنا لبنانيا قاموا في 25 أكتوبر/تشرين الأول بتنظيم تظاهرة طالبوا فيها بضرورة فتح المدرسة أبوابها أمام الطلاب. ويقول أحد النازحين في المدرسة، عرف عن نفسه باسم أبي محمد، وهو أب لأربعة أطفال: "لقد كانوا يشتموننا ويهددون بالهجوم علينا. لحسن الحظ إن الجيش حضر إلى المكان وأبعدهم. لا أستطيع حماية أطفالي في مثل هذا المكان".
غضب على الأونروا
وبعد مرور أسبوعين من بداية عودة الفلسطينيين إلى منطقة "المخيم الجديد" داخل نهر البارد، بدأ الإحباط يتزايد في أوساط النازحين بسبب ما يرون أنه تباطؤ في إعادة البناء وتقصير في تقديم المساعدة اللازمة. ويصب النازحون جم غضبهم في الغالب على وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ويقول خالد اليمني، وهو أحد سكان مخيم البداوي ومنسق إنساني لحملة إغاثة نهر البارد وغيرها من المنظمات غير الحكومية: " الأونروا مسؤولة عن اللاجئين الفلسطينيين. كان يجب عليها أن تتأكد على الأقل من ضمان حاجاتهم الأساسية قبل بداية عودتهم. ليس هناك كهرباء ولا يوجد سوى القليل من المياه والصرف الصحي غير كاف".
وكان معظم اللاجئين الذين فروا من مخيم نهر البارد قد غادروه بالملابس التي يرتدونها دون أي متاع آخر. ويبقى التحدي الذي تواجهه الأونروا كبيراً جداً، فهي تقدر بأن المواجهات بين الجيش اللبناني ومقاتلي فتح الإسلام أسفرت عن تدمير85 بالمئة من مباني المخيم بما فيها المباني التي لا زالت قائمة ولكنها أصبحت غير صالحة للسكن. كما تسببت المواجهات في إلحاق الدمار بالبنية التحتية بالمخيم، ودفع سكان المخيم البالغ عددهم 40,000 للفرار منه، حيث نزح معظمهم إلى مخيم البداوي الذي يبعد بحوالى 10 كيلومترات إلى الجنوب.
وكانت المواجهات بين الجيش ومقاتلي جيش الإسلام قد بدأت في 20 مايو/أيار عندما شنت قوات الشرطة غارة على المخيم لإلقاء القبض على بعض عناصر فتح الإسلام. وردّاً على ذلك، قامت عناصر فتح الإسلام بالإغارة على نقطة تفتيش عسكرية وقتلت 33 جندياً. كما أدت المواجهات التي تلت ذلك بين قوات الجيش وعناصر فتح الإسلام إلى مقتل 169 جندياً على الأقل و287 مقاتلاً و47 مدنياً.
ولا زال الصحافيون ومجموعات حقوق الإنسان ممنوعين من دخول المخيم، إلا أن المنظر من الخارج يدل عن دمار المباني التي تتداخل في بعضها البعض مثل أكوام الورق المضغوط، والقليل منها فقط يبدو قائماً. وتقول هدى السمرة، الناطقة باسم الأونروا: "الظروف داخل المخيم صعبة للغاية، ولكننا نعمل ما بوسعنا لتوفير الاحتياجات الأساسية. المكان غارق في الغبار وتنعدم فيه الكهرباء وتقل فيه المياه. ولا توجد سوى القليل من المولدات وهي تعمل بشكل متقطع فقط".
وأضافت أنه سيتم نقل سكان المدرستين الباقيتين إلى منازل موقتة أو مبنى مؤجر في المخيم الجديد.
البيوت الموقتة
وقامت الأونروا بإنشاء 30 مبنىً موقتاً في المخيم الجديد وتتوقع أن تنتهي من إنشاء 116 مبنىً آخر خلال ثلاثة أسابيع. ويمكن لكل مبنى أن يأوي عائلة واحدة. وتُجري الوكالة حالياً مفاوضات لاستئجار قطعة أرض أخرى لإقامة المزيد من المباني حتى تتمكن من إيواء 1,000 أسرة.
من جهتهم، تظاهر السكان المحليون ضد هذه الخطط وألقوا باللوم على الفلسطينيين لوجود تنظيم فتح لإسلام، الذي يعتبر تنظيماً إسلامياً شاملاً أكثر منه فلسطينياً.
وقال اليمني بأن الأونروا قدمت هذه الوعود منذ عدة أشهر، وعدم تحققها بدأ يزيد من الإحباط الذي يشعر به النازحون. وحتى البيوت الموقتة التي تم نقل الناس إليها لا زالت غير منتهية.
أما حسن فاعور، من مخيم البداوي، ومتطوع مع منظمة "الحفاظ على حياة الأطفال" لتقييم احتياجات الأطفال في مخيم نهر البارد فقد وصف البيوت الجديدة بأنها "كارثة". وجاء في وصفه: "تبدو [البيوت] لا بأس بها من الخارج. ولكن لا شيء فيها من الداخل، فقط جدران من الطوب وأرض من الإسمنت. الناس ينعتونها بحظائر الأبقار لأنها لا تناسب سوى الحيوانات".
أما بعض عمال الإغاثة الذين زاروا هذه البيوت، فيقولون إنها مكتظة وتأوي أسراً يتراوح عدد أفرادها من 8 إلى 10 أشخاص. ولأنها لا تزال من دون شبابيك، فإن سكانها يشعرون بالقلق لافتقارهم إلى الخصوصية وعدم الراحة كذلك مع بداية الأمطار.
وفي هذا الإطار، قالت السمرة من الأونروا: "إننا نعي بأن البيوت صغيرة وقد أقمناها بشكل سريع وعاجل للتمكن من إيواء الناس وإخراجهم من الظروف الصعبة التي كانوا يعيشون فيها. كما أضافت أن هناك خططا لبناء بيوت أكبر للأسر المتعددة الأفراد.
ويقدر المنسقون الفلسطينيون في مخيم البداوي بأن أكثر من 5,000 شخص قد عادوا إلى نهر البارد، وهو عدد لا يمثل سوى جزء يسير ممن تشردوا بسبب الدمار الذي لحق بالمخيم.
غياب التنسيق
بدوره، أكد مايكل كوبلاند، مستشار برامج في المجلس النروجي للاجئين، على الحاجة لتنسيق جيد بين المنظمات حيث قال: "هناك درجات عالية من الإحباط لدى المجتمعات المضيفة التي تعاني ازدحاما شديدا. ولذلك لا بد من تزويدهم بالمعلومات بشكل منتظم وواضح وإشراكهم [المجتمعات المضيفة] في العملية قدر المستطاع".
كما أضاف أن المنظمات الإنسانية تعمل في بيئة جد معقدة وذلك بسبب الاحتياجات المتضاربة للنازحين من جهة والمواطنين اللبنانيين من جهة أخرى. وأوضح أن "التنسيق يجب أن يتخذ أشكالاً عدة تتضمن توفير المعلومات للبنانيين والجيش حول تأمين الوصول والعمل مع المدنيين لاستغلال المصادر على أكمل وجه".
وتخطط بعض المنظمات غير الحكومية، بما فيها المجلس النروجي للاجئين ووكالة التعاون والتنمية الفنية، وبروميير أورجونس لتوزيع صناديق معدات على العائدين حتى يتمكنوا من القيام بالتصليحات التي تحتاجها بيوتهم بأنفسهم.
من جهتها أطلقت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مخططاً لثلاثة أشهر لإصلاح أعطاب شبكة المياه وقنوات الصرف الصحي وأربعة آبار. كما ستقوم بوضع مولد لضخ المياه من بئر آخر وتوصيل قنوات المياه إلى موقع مساكن الأونروا الموقتة.
المصدر: شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)