بريطانيا تراهن على أمن جنوب العراق قبل إنسحابها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
البصرة (العراق): حين يسأل القادة البريطانيون عن الأمن في جنوب العراق بعد إكتمال إنسحاب 5000 جندي بريطاني من هناك يكتفون بالهمهمة بكلمتين لا غير "موهان" و"جليل". والفريق موهان الفريجي هو قائد الجيش العراقي في الجنوب واللواء عبد الجليل خلف هو قائد قوات الشرطة في الجنوب هما مسؤولان عن أمن وسلامة مليونين في مدينة ومحافظة البصرة. توجها في يونيو حزيران الماضي من العاصمة العراقية بغداد الى جنوب العراق بقرار من الحكومة العراقية ويعلق عليهما القادة البريطانيون آمالاً عريضة. فكلما حققا نجاحًا في مهمتهما، كلما تسارعت وتيرة انسحاب القوات البريطانية من العراق تاركة ورائها الاميركيين بعد خمس سنوات من قيامهم معًا بغزو العراق عام 2003.
وقال الميجر ادوارد ويلسون الذي يدرب الجنود العراقيين لينضموا الى قوة موهان "الناس يعولون كثيرًا على الفريق موهان وفي واقع الامر كان له تأثير. "يرجع الكثير الى القيادة ولقد تمكن من اعطائها دفعة قوية. وهو ايضًا تربطه علاقة وثيقة ومثمرة بجليل الذي يكافح الفساد في الشرطة. انهما يشكلان فريقًا جيدًا." لا يعرف الكثير عنهما وان تردد ان الاثنين قاما بدور أمني خلال حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين قبل ان يختلفا مع النظام الذي أطاح به الغزو الاميركي. وهما يعرفان بعضهما البعض منذ سنوات وعملا معًا من قبل.
ويوصف موهان الذي يتردد انه على علاقة وثيقة بنوري المالكي رئيس وزراء العراق بأنه قائد قوي يحيط نفسه بقدر من الغموض ولا يحب اضاعة الوقت في اشياء غير مجدية. ويحرص موهان على الالتقاء بالقادة البريطانيين بشكل منتظم ليسمع منهم ما يريدون قوله وفي احيان يعمل بنصيحتهم لكنه في الاغلب يحب ان يفعل الاشياء بطريقته. لقد كان موهان هو الذي طلب من القوات البريطانية بعد فترة قصيرة من تعيينه مغادرة قلب مدينة البصرة حيث كان يتمركز نحو 500 جندي بريطاني يتعرضون دومًا للهجمات.
وانسحب الجنود البريطانيون من قلب البصرة في سبتمبر ايلول. ومنذ ذلك الحين انخفضت بشكل ملحوظ الهجمات التي تستهدف الجنود البريطانيين من نحو 60 هجوما في الاسبوع في اغسطس اب الى أقل من خمسة هجمات في الاسبوع الان. وتتمركز كل القوات البريطانية الان في قاعدة جوية خارج البصرة على بعد ستة كيلومترات من المدينة ولا يغامر الجنود البريطانيون بدخولها، إلا نادرًا وعادة ما يحدث ذلك وهم في طريقهم الى مكان اخر.
حين كان الجنود البريطانيون متمركزين في المدينة قدر القادة البريطانيون ان تسعين في المئة من اعمال العنف في البصرة كانت تستهدفهم. وعلى الرغم من ان ما من أحد يقول ان مدينة البصرة أصبحت أكثر أمنا بنسة 90 في المئة، إلا ان الاحصائيات واستطلاعات الرأي غير الرسمية تشير الى ان الاوضاع تحسنت بشكل ملحوظ وهو ما أدهش الجميع تقريبًا.
ويمهد الامر الطريق امام تسليم القوات البريطانية المسؤولية الامنية في محافظة البصرة للعراقيين في منتصف ديسمبر/ كانون الاول القادم وهو ما يعني ان تعود المحافظات الاربع في جنوب العراق التي كانت تحت القيادة البريطانية الى مسؤولية العراقيين مفسحة الطريق امام انسحاب بريطاني كامل. لا يعرف أحد تحديدًا ما فعله موهان وهو شيعي تولى المسؤولية الامنية من قبل في مدينة كربلاء الشيعية لكن الكل يسانده بقوة.
ويوجد الان تحت قيادته نحو 30 ألف فرد نصفهم تقريبًا من الجيش والنصف الاخر من الشرطة التي يشرف عليها (جليل) في الشؤون اليومية ويرفع تقريره لموهان. ويمكن ان تتسبب عملية تجميع كل خيوط السلطة في يد موهان في حدوث مشاكل على المدى البعيد خاصة اذا تشتت ولاءاته لكن الجيش البريطاني يغض الطرف عن هذه المخاوف. كما هناك مخاوف اخرى من ان المسؤوليات الملقاة على كتفي هذين الرجلين قد تجعلهما هدفا للاغتيال من ميليشيات شيعية متناحرة ومن عصابات نشطة في البصرة. ونجا الاثنان من محاولات سابقة للاغتيال وكان من نصيب (جليل) خمسة وتحرسهما الان قوات خاصة وترافقهما عربات مدرعة.
والمخاطر المحيطة (بجليل) أعظم لانه يعمل مع الشرطة المخترقة منذ أمد بعيد بالميليشيات والتي لا يحبها الشعب لسمعتها التي يلوثها الفساد واللجوء الى العنف في تطبيق العدالة. وقال اللفتنانت كولونيل مايكل اودواير الذي تدرب كتيبته القوات العراقية "بالنسبة لي ترك جليل انطباعا خاصا لانه كان عليه ان يفصل كثيرين لاقتلاع السيئين ويجعل الباقين يعملون. انه أمل كبير." لم يمض سوى خمسة أشهر فقط منذ وصول الرجلين (موهان وجليل) الى البصرة ولم يمض سوى شهرين على تحسن الموقف الامني في البصرة. ومخاطر انزلاق البصرة من جديد الى القتال والعنف والفوضى مازالت قائمة.
كما ان الهيكل السياسي في البصرة ضعيف والمحافظ غير محبوب ولا يلقى مصداقية حتى من البريطانيين وهو ما يثير مخاوف من ان تقع المسؤولية على رجال مسلحين في الفترة التي تسبق اجراء انتخابات محلية متوقعة الصيف القادم. لكن رغم كل هذا يصر المسؤولون البريطانيون على ان "الحركة الديناميكية تغيرت" ويراهنون على "موهان وجليل."