أداء الخارجية الأميركية على المحك في الكونغرس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: لم تغب العراق عن القضايا الداخلية المثارة في الكونغرس الأسبوعين الماضيين والتي تزداد أهمية مع دنو الانتخابات الأميركية وذلك لتفاعل الناخب الأميركي معها وقدرة القضايا الداخلية على التأثير على اتجاهات التصويت ولعل أبرز هذه القضايا المثارة:
برنامج الرعاية الصحية للأطفال ٍSCHIP
كفاءة أداء وزارة الخارجية الأميركية في التعامل مع ملف العراق.
كفاءة أداء وزارة الخارجية الأميركية في التعامل مع ملف العراق
كانت الحرب على العراق موضوع جلسة استماع لوزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس عقدها الكونجرس في 25 أكتوبر 2007 ولكن الجدير بالإشارة هو أن هذه الجلسة لم تعقدها اللجنة الفرعية لشئون الشرق الأوسط وجنوب آسيا في مجلس النواب ولا لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ ولكن لجنة المراقبة والإصلاح الحكومي في مجلس النواب هي التي عقدت هذه الجلسة وتعني هذه اللجنة بشكل أساسي بقضايا الحكومة ذات الطابع الفيدرالي مثل أنشطة الحكومة ومدى كفاءة أدائها والمتحصلات الفيدرالية والخدمات المدنية الفيدرالية وإحصاءات السكان وأوضاع الموظفين في الولايات المتحدة والعلاقة بين الحكومة الفيدرالية وحكومات الولايات وجدير بالذكر أنها اللجنة الوحيدة المخول لها إجراء تحقيقات واستقصاءات بشأن أي مشروع قرار مطروح على الكونجرس بمجلسيه ويندرج تحت هذه اللجنة لجان فرعية هي: السياسة الداخلية، والموظفين الفيدراليين والخدمات البريدية وشئون مقاطعة كولومبيا District of Columbia ، الأمن القومي والعلاقات الخارجية، السكان والمواضيع المتعلقة بتبادل المعلومات ويرأس هذه اللجنة السيناتور الديمقراطي هنري واكسمان عن ولاية كاليفورنيا وتضم 23 سيناتور ديمقراطي و 18 سيناتور جمهوري.
وركزت هذه اللجنة على العراق من منظور أميركي داخلي خالص، وقد بدأ تناول اللجنة لموضوع الحرب على العراق منذ يوليو الماضي حيث عقدت عدة جلسات استماع ناقشت فيها أنشطة شركة بلاك ووتر في العراق - أنشئت هذه الشركة عام 1997 وأسسها ضابط سابق في سلاح البحرية الأميركية وتعد من أبرز شركات القطاع الخاص العاملة في مجال التدريب العسكري وأنشطة حفظ السلام ودعم الاستقرار سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها - كما ناقشت انتشار الفساد داخل حكومة المالكي لدرجة تعرض القوات والمصالح الأميركية للخطر وكذلك مسالة تكاليف توفير الحماية القصوى للسفارة الأميركية في العراق ودبلوماسيها من خلال عقود مع شركات أمن خاصة وكفاءتها في تأدية مهمتها دون الإضرار بصورة الولايات المتحدة في العراق وتستمد هذه الجلسة أهميتها من كون وزارة الخارجية هي الجهة الرسمية المسئولة عن تلك الأوجه لحرب العراق.
وردت رايس على هذه القضايا مشيرة إلى أن الادعاءات التي أثيرت حول قيام المالكي رئيس الوزراء العراقي بإيقاف التحقيقات في الفساد مجرد مزاعم وأن تصديقها سيؤذى العلاقات العراقية الأميركية وقد تقوم الميلشيات بالفعل بالحصول على تمويل معتمدة على وجود فساد إلا أن المصدر الرئيسي للتمويل هو التمويل القادم من إيران.
وفيما يخص أنشطة شركة بلاك ووتر أشارت إلى أن الخارجية الأميركية أرست قواعد جديدة لتنظيم عمل الأمن الخاص كما ستقوم بالاشتراك مع روبرت جيتس وزير الدفاع بإصدار توصيات إضافية في هذا الشأن.
وفي هذا الصدد سبق وأن أقالت وزيرة الخارجية كونداليزا رايس ريتشارد جريفين ، مساعد وزير الخارجية لتأمين المكاتب الدبلوماسية ، بعد أن كشفت لجنة شكلتها رايس عن مخالفات خطيرة في مسألة التعاقد مع شركات الأمن الخاصة يأتي ذلك في ضوء حادثة مقتل 17 مدني عراقي على يد رجال شركة بلاك ووتر المتعاقدين في العراق في سبتمبر الماضي والقائمين على حماية السفارة الأميركية وهو ما أدى إلى طلب الحكومة العراقية منع شركة بلاك ووتر من العمل على أراضيها وخضوع رجالها لأحكام القانون العراقي وفي المقابل طلبت الشركة من وزارة الخارجية الأميركية منح حصانة قضائية لرجالها المتورطين في الحادث، وأوضح مسئولون في وزارة الخارجية انه لا يمكن منح المتورطين في الحادث حماية شاملة.
ويسعى الكونجرس في إطار العمل على ضمان فعالية وكفاءة عمل المتعاقدين في القوات الأميركية على إدراج من يعمل منهم في أماكن الصراع داخل نطاق الاختصاص العسكري على أن يكونوا خاضعين للمساءلة والمحاكمة، وقد أدرج مجلس الشيوخ في مشروع قراره الخاص بأذونات الدفاع لعام 2008 إعطاء القادة من المحاربين سلطة أعلى من المتعاقدين بما يضمن كفاءة عملها.
ومع اقتراب انتخابات 2008 سيزداد الجدل حول القضايا الداخلية وستظل ورقة الحرب على العراق هي العصا التي يلوح بها الديمقراطيون في مواجهة الجمهوريين وإجهاد الإدارة الأميركية من خلال إظهار أوجه إخفاقاتها في التعامل مع ملف العراق واكتشاف مكامن جديدة لهذا الإخفاق.
برنامج الرعاية الصحية للأطفال ( SCHIP )
برزت هذه القضية على مدار الأسبوعيين الماضيين كساحة للمواجهة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي من جهة وفيما بين الكونجرس والبيت الأبيض من جهة أخرى فقد أخفق الكونجرس في 18 أكتوبر 2007 في الوصول للأصوات اللازمة لمواجهة فيتو الرئيس على مشروع سبق وأن قدمه الديمقراطيون ويهدف إلى توسيع قاعدة المستفيدين من برنامج الرعاية الصحية للأطفالSCHIP) ) ليشمل 10 مليون طفل بدلا من 6.6 مليون طفل الذين تشملهم البرامج الحالية مما يعني زيادة المخصصات المالية لبرامج الرعاية الصحية لتصبح 60 مليار دولار لمدة 5 سنوات بدلا من 25 مليار دولار.
واحتاج الديمقراطيون إلى 286 صوت لتمرير مشروع القرار لمواجهة الفيتو الرئاسي إلا أن 273 صوت جاءوا لصالح المشروع المطروح حيث انضم 44 نائب جمهوري يمكن تصنيفهم كجمهوري الوسط إلى أصوات 229 نائب ديمقراطي في حين أعترض 156 صوت، مما يعني أن على المجلس تعديل المشروع وإعادة عرضه للتصويت مرة أخرى.
وبالتالي تجري الآن محاولات من قبل أعضاء الكونجرس للوصول إلى صيغة توافقية تحظي بقبول أغلبية الأعضاء من الحزبين بما يسمح بتمريره خاصة وأن فرق الأصوات ليس كبيراً-13 صوت- مما يعني أن إمكانية الوصول إلى حل وسط ليست مستحيلة ولكنها تحتاج إلى مجهودات تفاوضية ليست باليسيرة.
وتعتبر الأغلبية الديمقراطية تخفيض عدد الأطفال المستفيدين من البرنامج عن 10 مليون طفل بمثابة خط أحمر لا يمكن تجاوزه وما يمكن التفاوض بشأنه هو كيفية أبراز الفئة المستهدفة من البرنامج و ما يتعلق بمصادر توفير نفقات البرنامج المطلوبة بشرط ألا تؤثر على العدد المستهدف.
وفي 25 أكتوبر تم تعديل مشروع القرار وصوت مجلس النواب عليه بعد تعديله بأغلبية 265 صوت لصالح المشروع ومقابل 142 صوت معارض.
وقد أكد مشروع القرار المعدل على زيادة تكاليف البرنامج المقدرة بـ60مليار دولار على أن يتم تمويل الفرق المقدر بـ35 مليار دولار من خلال زيادة الضرائب على التبغ . وفي ذات الوقت حرص الديمقراطيون على جعل المشروع الجديد موائم لتحفظات الجمهوريين من خلال تقليل احتمالات استفادة الأسر القادرة والمهاجرين غير الشرعيين والبالغين من البرنامج الموجه للأطفال.
وفي المقابل يرى الجمهوريون أن مساهماتهم في تعديل المشروع كانت مساهمات ضئيلة كما أن المشروع في جوهره لم يبتعد عن الصيغة السابقة وهو ما يبرر عدم قدرته على جذب أصوات جمهورية أكثر، مما يعني أن مشروع القرار المعدل سيظل مهدد بفيتو رئاسي مرة أخرى .
ويعمل أعضاء الكونجرس على الوصول إلى صيغة لمشروع القرار تحظي بتأييد أكـبر عـدد من الأصوات بما يضـمن الوصول إلى حالة a veto-proof majority - والتي تعني توافر عدد من الأصوات تشكل هامش كاف، أي ثلثين أو أكثر، لتجاوز حق النقض في حال حدوثه عند عرضه على الكونجرس - عند عرضه على الكونجرس خاصة بعد أن أعلن الرئيس بوش أن سيعترض على أي مشروع قرار يتضمن زيادة في الضرائب.
وقد شكك الجمهوريون بشكل عام في جدية الديمقراطيين واهتمامهم بقضية دعم الرعاية الصحية بقدر اهتمامهم بالحصول على مكاسب انتخابية من خلال تحويل هذه القضية إلى جدل سياسي مستمر فيما بين الديمقراطيين وبين المعارضين للمشروع خاصة وان السمة الغالبة على أحاديث نانسي بلوسي رئيسة مجلس النواب والأعضاء الديمقراطيين في هذا الشأن هي مقارنة تكاليف الحرب في العراق بالنفقات المطلوبة لتغطية تكاليف المشروع، ويفسر الجمهوريون تحول الحديث الديمقراطي عن العراق إلى لغة الحسابات والإنفاق وتراجع الخطاب المطالب بانسحاب القوات هو نتيجة للنجاح الذي تحققه القوات في العراق، وهو ما عبر عنه العضو الجمهوري زعيم الأقلية في مجلس النواب John Boehner بأنه اعتراف بتحقيق تقدم على أرض الواقع.
وبشكل عـام فان الطبيعة الإنسانية لمشروع البرنامج المقدم يدعم مركز الديمقراطيين ويجعل دور منظمات مثلAmerican academy of pediatrics, association American Medicalدورا فعالا في الترويج لمشروع الديمقراطيين ودعم مجهودات الديمقراطيين للضغط على الإدارة الأميركية من خلال دفعها في اتجاه تحويل النفقات الموجهة إلى حرب العراق إلى تمويل البرامج الداخلية الأخرى مثل الرعاية الصحية الإسكان والتعليم و المواصلات وتنظيم العمل داخل الولايات المتحدة.