أخبار

تصريح لساركوزي يثير غضب التشاديين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
قصي صالح الدرويش من باريس: أكد الرئيس نيكولا ساركوزي أنه سيعود إلى تشاد مرة أخرى لاصطحاب الفرنسيين الستة المتهمين بخطف وتهريب الأطفال مهما كانت فعلتهم، لأن دور رئيس الدولة هو التكفل بجميع الرعايا الأبرياء منهم أو من أخطأ، مضيفًا بأن معاهدة قضائية تربط البلدين وتسمح بنقل المتهمين إلى فرنسا لمحاكمتهم فيها. ساركوزي بدا واثقًا في حديثه وكأنه مطمئن لموقف الرئيس التشادي بهذا الشأن، لكن الساعات التالية حملت مفاجأة قاسية للرئيس الفرنسي، إذ سارع وزير العدل التشادي إلى الرد معربا عن ذهوله من هذا التصريح، ومشددًا على أن محاكمة المتهمين الفرنسيين الستة ستجري في تشاد وداخل أراضيها وليس الرئيس ساركوزي هو من يقرر مكان المحاكمة. الوزير التشادي أشار أيضًا إلى أن بلاده لا تطلب نقل مرتكبي الجنح التشاديين عندما توقفهم فرنسا وتحاكمهم. وفي وقت لاحق صبت تصريحات الرئيس التشادي إدريس ديبي في الاتجاه نفسه، بقوله إن نقل الفرنسيين المتهمين في قضية خطف الأطفال إلى فرنسا غير واردة على الإطلاق وأن العدالة ستطبق في تشاد. ثم ورد تأكيد مماثل على لسان محامي الدولة التشادي الذي أضاف بأن المعاهدة القضائية بين البلدين لا تتيح نقلهم ومحاكمتهم في فرنسا، وأن أحد بنودها ينص على حق الدولة التي ارتكب فيها الجرم برفض الإبعاد، الحقوقي التشادي دعا السلطات الفرنسية إلى قراءة متمعنة للنص، لكنه لم يستبعد تعاونا قضائيا وثيقا لم يحدد طبيعته. ومن جانبه أضاف أحد مسؤولي القضاء التشادي بأن ساركوزي يصب الزيت على النار عبر هذا التصريح المذل لكافة الحقوقيين التشاديين. مع ذلك قد يطلب محامو المتهمين إعادتهم وفق أحد بنود معاهدة الإبعاد ينص على تسليم أي من رعايا الدولتين يدان بعقوبة سجن أو أكثر خطورة إلى بلده الأم شرط موافقته، مما يفسح أمام المتهمين المجال لقضاء عقوبتهم في فرنسا حتى لو تمت المحاكمة في تشاد. يشار إلى أن المحامي كولار المكلف بالدفاع عن المتهمين أعلن قبل توجهه إلى نجامينا أن الشروط غير جيدة، وعن تصريحات ساركوزي قال إنه كان يفضل أن يعود مع الجميع منذ الرحلة الأولى.
تصريح الرئيس الفرنسي أثار إذا حفيظة سلطات تشاد التي تبدى تصلبا متزايدا، خاصة في ظل الشائعات التي راجت عن ضغوط سياسية من أجل الإسراع بإبعاد الموقوفين إلى فرنسا، مما أزعج الحقوقيين التشاديين. أما على المستوى الداخلي فقد أعرب نائب يميني عن قناعته بأن معالجة مثل هذه القضية كان يجب أن تتم على مستوى أقل من مستوى رئيس الجمهورية وفي ظل دعاية إعلامية أقل بكثير مما حدث. النائب جولار المقرب من رئيس الحكومة السابق دومينيك دوفيلبان أضاف بأنه يعتقد أن الأمر خطر على صعيد السياسة الأفريقية لفرنسا التي تعطي الرئيس التشادي أهمية كبيرة على الساحة الدولية.
صحافيًا، ذهب العديد من المعلقين الفرنسيين إلى القول بأن زيارة ساركوزي الخاطفة إلى نجامينا يوم الأحد وعودته مصحوبًا بسبعة معتقلين لم تحقق كل نتائجها بما أنه سيضطر إلى العودة مجددًا لاصطحاب باقي المتهمين في قضية "سفينة زوي"، هذا إذا نجح في تحقيق وعده. وكان أحد الصحافيين الفرنسيين الثلاثة الذين عادوا قد أعلن عن قناعته بحسن نوايا الجمعية الخيرية، على أساس أن القائمين عليها كانوا يطمحون إلى نقل ثلاثة ألاف طفل من دارفور، مشيرًا إلى أن شخصيات هؤلاء تجمع بين المثالية وعدم الاحتراف. هذه التطورات تواكبت مع مراجعة الإعلام الفرنسي لأسلوب ساركوزي وحصيلة عمله بعد ستة شهور على انتخابه رئيسًا. ولاحظ الجميع أنه ينشط لمعالجة مختلف الملفات المطروحة بشكل مباشر وشخصي، سواء في قضية تشاد أو في القضايا الاجتماعية، مثل الإضرابات، وآخرها إضراب صيادي الأسماك المحتجين على ارتفاع أسعار النفط، حيث واجه ساركوزي الصيادين الغاضبين مقترحًا حلولاً لم ترضهم بالكامل فقرروا تمديد إضرابهم. حركة ساركوزي الدائبة وتنطحه لكافة الملفات حقيقة أجمع عليها المراقبون، إلا أن نسبة كبيرة منهم رأت أيضا أن القضايا المعلقة لا تزال معلقة وأنه بهذه الحيوية أصبح الفاعل الوحيد ولم يعد المرجع الذي يعود إليه الحكم، فلم يبق هناك مكان رئيس الحكومة أو للوزراء، حيث غاب وزير الزراعة عن قضية الصيادين.. وغاب وزير الخارجية عن قضية تشاد مما أثار انتقادات يمينًا ويسارًا، علمًا بأن برنار كوشنر أعلن بأن هذا هو أسلوب الرئيس وعلى الجميع التعود عليه. حيوية وتواجد على كافة الجبهات أثارت انتقاد المعارضة التي رأت أن النتائج لم تكن بحجم الحركة والدعاية التي رافقتها وأن الحكومة أنفقت 16 مليار يورو على شكل تسهيلات ضريبية مختلفة ستنعكس سلبيا على موازنة الدولة. ومع أن الفرنسيين يحبذون هذه الحيوية ويعرفونها منذ شغل ساركوزي منصب وزير الداخلية، إلا أن استطلاعات الرأي بدأت تعكس تراجعًا طفيفًا في شعبيته بلغ أربع نقاط، لتصل إلى 59% وفقًا لمقياس معهد إيفوب الشهري. ومن المفارقة أن استطلاعًا آخر نشرته أسبوعية "لوجورنال دو ديمانش" أشار إلى أن ساركوزي الذي حصل في الانتخابات على 53% كان سيحصل على 55% لو أنها جرت الآن. وفيما رأى بعضهم تناقضًا بين الاستطلاعين، عزاه بعضهم الآخر إلى حالة التمزق التي يشهدها الحزب الاشتراكي مما يجعل ساركوزي وحيدًافي الساحة دون منافس حقيقي. لا بد من نهاية موسم الشتاء الذي ينتظر له أن يكون باردًا وحارًا لمعرفة مدى نجاح ساركوزي وطريقته الجديدة في السياسة، طريقة مناقضة لما كان قائما، ستدفع في حال استمرارها إلى تغيير الحكم ومؤسسات بشكل مختلف كليًا. وإذا كانت سياسات ساركوزي نابعة من فلسفته وإرادته في السلطة، فإن ما يساعده على ذلك أن المعارضة اليسارية لا تقدم ولا تملك سياسة أو أي حلول بديلة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف