تابو الشذوذ والجنس بمحاكمة الفتى الفرنسي المغتصَب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
دبي: استمعت محكمة الجنايات في دبي الأربعاء إلى شهادة فتى فرنسي، ادعى تعرضه للاغتصاب من قبل ثلاثة إماراتيين، حيث تم تدوين أقواله في جلسة سرية، استقطبت اهتمام الكثير من المراقبين، بعدما أصبحت أشبه بكرة الثلج التي تضخمت بفعل ما تحتويه من قضايا شائكة في المجتمعات العربية، مثل الشذوذ والاغتصاب والايدز.
وبعد الجلسة، قال ألكسندر روبير، 15 عاماً إنه عاد إلى دبي التي غادرها قبل فترة لأنه "يريد العدالة،" مشيراً إلى أن ليس لديه ما يخجل منه أو يخفيه بالنسبة للقضية. في حين أكدت والدته فيرونيكا روبير، أن الفحوص الطبية التي أجريت له في فرنسا أكدت بأنه ليس شاذاً، بخلاف ما جاء في تقرير الطب الشرعي الإماراتي.
وقالت: "إن تقرير الطب الشرعي الصادر في الإمارات يقول إن ألكسندر شاذ جنسياً منذ فترة طويلة، ولهذا السبب نحن هنا.. هذا التقرير غير صحيح على المستوى الطبي، لأن ألكسندر فُحص بأمر من محكمة باريس، وقد جاء تقرير الطبيب الشرعي الفرنسي معاكساً تماماً."
ولفتت روبير إنها عجزت عن تعيين طبيب شرعي خاص بعد الواقعة في دبي لأن القانون يحول دون ذلك، إلى جانب أنها لم تتمكن من معرفة تفاصيل أساسية في الدعوى، وبخاصة بشأن إصابة أحد المعتدين بالإيدز، بعدما رفضت الشرطة إطلاعها على ملف التحقيقات قبل إحالته إلى القضاء.
وتابعت: "في اللحظة التي اطلعنا فيها على التقرير، اكتشفنا أن أبسط المعايير الطبية لم تطبق.. إذ أن الطبيب اكتفى بالنظر إلى مؤخرة ألكسندر دون أي أدوات طبية، وأطلق حكمه قائلا: أنا أعرف عملي."
من جانبه، عبر الدكتور حبيب الملا، المتحدث باسم الحكومة، عن تفهمه لما تمر به العائلة حيال ابنها، وقال: "نحن متفهمون لنفسية وشعور العائلة، وهذا وضع طبيعي بالنسبة لأي عائلة أو شخص يمر بمثل هذا الظرف، ومثل هذه الحادثة."
ولم ينف المتحدث باسم الحكومة في دبي أن الفتى الفرنسي تعرض لاغتصاب، وقال: "هناك عدة تهم وجهت إلى المتهمين حسب لائحة الإدعاء المقدمة من النيابة العامة، والعقوبات تتراوح ما بين السجن وحتى عقوبة الإعدام، إذ كان هنالك خطف وتهديد بالسلاح...الخ، ولكني لست هنا في معرض التعليق على نتيجة الحكم الذي قد تصل إليه المحكمة، ففي النهاية المحكمة تصدر حكمها ضمن الأطر القانونية المنصوص عليها في قانون العقوبات الاتحادي."
وأضاف في رده على ما قالته الوالدة من تشكيك بتقرير الطبيب الشرعي في الإمارات، في مقابلة خاصة بشبكة CNN فقال: "إن المحاكم لديها قانون وإجراءات لابد من اتباعها، والمحكمة هي التي ستقوم بموازنة التقرير المعتمد من قبل الشرطة، أو أي تقرير آخر مقدم إليها، وإن كان لدى الأسرة تقرير آخر من شأنه أن يغير في نظرها من نتيجة المحاكمة، فإن المحكمة بالطبع سترحب بمثل هذا التقرير، وستقوم بموازنة الأدلة، وفي النهاية ستصدر حكمها الذي تطمئن إليه."
وشدد على أن: "المحكمة مستقلة ولا سلطان على القضاة غير ضمائرهم، وفي النهاية هم سيقررون نتيجة هذه المحاكمة، من واقع الأدلة المطروحة أمامهم."
وقالت روبير إن ابنها قرر العودة إلى دبي لأن محامي الدفاع "نصحه بذلك،" مشيرة إلى أن الحكومة الفرنسية "تتابع القضية باهتمام كبير"، وقد طلبت من نظيرتها الإماراتية متابعة السير في الدعوى حتى النهاية.
وزعمت والدة الفتى بأنها تلقت ضمانات من أبوظبي وباريس بعدم توقيف ابنها.
وألمحت روبير إلى وجود تعقيدات بما يتعلق بقضيتها بسبب تطرقها إلى "التابو" أو "المحرمات" فقالت: "هناك محرمات في هذه البلاد تتعلق بالاغتصاب والمثلية الجنسية والايدز.. وفي هذه القضية اجتمعت كل هذه العوامل معاً، ولذلك أنا لا ألوم الشرطة."
وأضافت أنها تخوض المحاكمة، التي وصفتها بـ "المعركة" لأجل "العدالة،" وبهدف دفع الحكومة الإماراتية إلى "تعديل قوانينها،" متهمة الشرطة الإماراتية بالنظر إلى ضحايا الاغتصاب من الذكور على أنهم "مثليين جنسياً"، والنظر نحو الإناث "كعاهرات،" على حد تعبيرها.
وأردفت بالقول: "من غير المقبول في دبي وفي القرن الواحد والعشرين أن يتم إخفاء حقيقة أن أحد المغتصبين مصاب بالإيدز لمدة شهرين من الزمن، دون أن يتم حماية ابني.. لقد حرمنا بذلك من فرصة معالجة ألكسندر خلال الأسبوع الأول للإصابة أو إخراجه من البلاد لأن العلاج غير متوفر هنا."
أما الدكتور الملا فرفض اعتبار أن الأجهزة الأمنية تأخرت بالتبليغ، وقال: "أنا لا أوافق الرأي بأن كان هناك تأخير.. فالشرطة والأجهزة الرسمية يجب أن توازن بين تعريض خصوصية الآخرين للإعلام وبين إبلاغ الأطراف المعنية بأي معلومات قد تهمها. وفي ضوء هذه الموازنة، والإجراءات المتبعة، الشرطة لم تقم بأي شيء مخالف للإجراءات الرسمية وللأنظمة والقوانين المعمول بها. ولا أظن أن هناك أي تأخير من قبلها في إبلاغ الأطراف بأي معلومات من شأنها أن تهمهم."
وعرض المتحدث باسم حكومة دبي توفير الرعايا الطبية للفتى الفرنسي جراء الإيدز، وقال: "العائلة اختارت أن تقوم بنفسها بعرض ابنها على مستشفيات خارج الدولة وعلاجه في الخارج، وبالطبع فقد تم هذا نتيجة لاختيار مطلق من قبل العائلة، وهي لها الحرية في هذا الاختيار، ونحن ندعم العائلة سواء رغبت بمعالجة الفتى داخل الدولة أو خارجها."
وبعد ذلك، تحدث ألكسندر عن ظروف الجلسة، فقال، "سألني القاضي ما الذي حدث وطلب مني التعرف على المتهمين وتعرفت عليهما." وأضاف ألكسندر: "يمكنني أن أقول إنني أرغب في أن أرى العدالة تطبق.. شعوري في هذه اللحظة لا يوصف لأنني بت أرى دبي من زاوية جديدة لم أعتد عليها... يمكن أن يحدث هذا في أي مكان في العالم، في الهند أو سويسرا، لكن كان بإمكانهم في دبي تأمين حماية أكبر للأحداث."
وأكد الفتى الفرنسي أنه لا يعرف طبيعة رد المتهمين على ما سيق بحقهم، وما إذا كانوا قد دفعوا بالبراءة أو اقروا بذنبهم، كونه جاء لأداء شهادته فقط.
ومن المقرر أن تغادر روبير وولدها دبي، حيث أشارت إلى أن ألكسندر سيحتاج إلى سنوات من العلاج لتجاوز ما تعرض له.
وقالت إن ألكسندر يخضع حالياً لرقابة طبيب نفسي، ولكن بالنسبة للأيدز، "فقد كان من الممكن لنا إخضاعه لعلاج بعد أسبوع من إصابته، لكن امتناع الحكومة عن إخبارنا بأن أحد المغتصبين كان مصاباً بالإيدز فوت عليه فرصة العلاج، وبات علينا التعايش مع هذا الأمر الآن.. وهذا يشكل ضغطاً مزدوجاً عليه، لأن عليه التفكير في الجوانب الصحية والقانونية."
وبعد شهادة ألكسندر، استمع القاضي إلى صديقه سابريس، وهو فرنسي الجنسية أيضاً، ويعتقد أنه قد تعرض بدوره للاختطاف على أيدي المجموعة المتهمة بالاغتصاب، دون أن يتم الاعتداء عليه، لأسباب ظلت مجهولة.
وقد قرر القاضي رفع الجلسة حتى 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، على أن تخصص للاستماع إلى إفادة رجال الشرطة الذين أثبتوا الواقعة، وابن عم أحد المتهمين.
وقد حضر إلى جانب ألكسندر عدة محامين من الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، فيما حضر عن المتهمين، المحامي روكز حبيقة، وهو لبناني الجنسية، "تبرع" للدفاع عنهما، ورفض بشكل مطلق الإدلاء بأي تعليق.
وكانت مصادر مطلعة في الحكومة الإماراتية قد رفضت قبل أيام التعليق على هذه المعلومات، واعتبرت أن القضية "باتت بين يدي القضاء" الذي سيفصل فيها بموجب القوانين المرعية الإجراء.
وأكدت المصادر، التي رفضت الكشف عن اسمها، في تصريح خاص بشبكة CNN، أن الحكومة الإماراتية "لا يسعها التعليق أو التدخل في مسألة ما تزال خاضعة للسلطة القضائية."
ويمثل واحد من المتهمين الثلاثة في حادثة الاغتصاب التي وقعت في 14 يوليو/تموز الماضي أمام محكمة للأحداث بحكم سنّه، فيما يبلغ الآخران على التوالي 18 و35 سنة.
وكان ألكسندر وصديقه يهمان بمغادرة أحد المراكز التجارية في منطقة الجميرا، حيث التقيا بالمتهم الحدث، وعندما سألهما عن وجهتهما، قالا إنهما سيذهبان إلى البيت، وأقلهما بسيارته وأخذهما إلى منطقة تدعى البرشاء، إلى أن حضر المتهمان الآخران حيث هتكا عرض المجني عليه داخل السيارة بالتناوب، بحسب التقارير.