رايس لعباس: واشنطن ستبذل كل ما في وسعها لانعقاد مؤتمر السلام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أميركا تنفي علمها بوجود اتصالات بين سوريا واسرائيل
خلف خلف من رام الله-وكالات:أكدت وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس الجمعة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ان الولايات المتحدة ستبذل كل ما في وسعها لرفع العراقيل المحتملة على انعقاد الاجتماع الدولي حول الشرق الاوسط مع نهاية كانون الثاني/نوفمبر في انابوليس (ماريلاند).
واعلن ذلك الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة مؤكدا أن رايس قالت ذلك لعباس في مكالمة هاتفية تناولت خلالها تطور المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية الجارية استعدادا لذلك الاجتماع. واضاف ابو ردينة ان رايس وعدت خاصة بمواصلة الجهود من اجل تطبيق المرحلة الاولى من خارطة الطريق. وقامت رايس مطلع الشهر الجاري بثامن زيارة الى المنطقة في اطار الاستعدادات لاجتماع انابوليس.
وتنص خارطة الطريق، خطة السلام التي اعدتها اللجنة الرباعية حول الشرق الاوسط (الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي والامم المتحدة وروسيا) في كانون الاول/ديسمبر 2002 في مرحلتها الاولى على ان يضع الفلسطينيون "حدا لأعمال العنف والارهاب" من جهة وان "تجمد اسرائيل كافة نشاطات الاستيطان" من جهة اخرى.
وبدأت اسرائيل والفلسطينيون مناقشات مكثفة لصياغة وثيقة مشتركة ستعرض على اجتماع انابوليس ومن شأنها ان تكون قاعدة تفاوض غير رسمية لقيام دولة فلسطينية.
تساؤلات حول فرص نجاح المؤتمر
و لكن ماذا تريد إسرائيل من إرجاء الحديث عن قضايا الحل النهائي في صراعها مع الفلسطينيين؟ ولماذا تتهرب من إيجاد جدول زمني لإنهاء المفاوضات؟ وهل الإدارة الأميركية فعلاً جادة بإنجاح مؤتمر انابوليس أم تحركاتها الدبلوماسية في هذا الاتجاه هي مجرد حملة علاقات عامة لتصدير أزمات داخلية وخارجية؟ وما جدوى المسيرة السياسية المستمرة منذ ما يقارب عقدين من الزمان؟ أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات ممكنة ومستحيلة، بالتوازي مع قرب توزيع الدعوات على الدول المشاركة في المؤتمر الدولي المقرر بعد أسبوعين في وقت ما زال الغموض مسيطراً على أسماء الدول المستعدة لدخول هذا الغمار."إيلاف" بدورها حاولت التنقيب عن الإجابات والتقت بعض الأكاديميين والكتاب لهذا الغرض.
إدارة للصراع وليس..
بلال الشوبكي، المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية في نابلس يقول لـ"إيلاف": إسرائيل تقليدياً ومنذ لحظة نشوئها واجهت إشكالية تتعلق بترسيم حدودها، وهذه القضية كانت أولى نقاط الخلاف بين الرئيس الأميركي ترومان وتل أبيب التي سعت جاهدة إلى تجاوز هذا الأمر عبر عدم وضعها دستور يجبرها على ترسيم الحدود، وتعريف ماهية الدولة الإسرائيلية".
ويضيف الشوبكي: "ومنذ ذلك الحين، لم تعد هذه القضية مسألة ظاهرة على الساحة الإقليمية، إلا أن بداية الحديث عن دولة فلسطينية سيعيد بالنسبة إلى إسرائيل هذه الإشكالية، فمن المعلوم أنه بحسب الجيوبوليتيكس أن ترسيم حدود دولة واحدة يعني ترسيم حدود الدول المحيطة، وبالحديث عن إقامة دولة فلسطينية سيتم الحديث عن حدودها أيضا، وحدود فلسطين، إذا ما حددت، تلقائياً ستكون حدود إسرائيل، وهذا ما تخشاه تل أبيب، التي تريد إدارة للصراع، وليس إنهاؤه".
البحث عن الغنائم
وبحسب الخبير الإسرائيلي افرايم عنبار في بحث عنوانه "التحدي الفلسطيني الذي تواجهه إسرائيل" فإن الفلسطينيين ما فتئوا غير قادرين على التسليم بوجود إسرائيل، بل يعملون في إثارة الدول العربية المجاورة على إسرائيل، وما زالوا غير قادرين أيضا على إنشاء دولة قادرة على الحياة، ولهذا -حسب عنبار- فان حل "دولتين لشعبين" لم يعد قائما، فيجب من أجل ذلك على إسرائيل أن تأخذ بتوجه واقعي، وان تعمل لا في إنهاء النزاع الإسرائيلي - الفلسطيني، فهذا أمر غير ممكن، بل في إدارة هذا النزاع على نحو يضمن لإسرائيل أقل قدر من الخسائر، واكبر قدر من الربح السياسي والمعنوي، وان تشرك مصر والأردن إشراكا اكبر في حل النزاع، وإنهاء القضية الفلسطينية.
أما حامد أبو ثابت المحاضر في جامعة القدس المحتلة، فيرى أن إسرائيل لا تريد إنهاء النزاع، ولهذا ترفض الموافقة على وضع جدول زمني لإنهاء المفاوضات حول قضايا الحل النهائي، بل هدفها الحالي مؤداه حصولها على المزيد من الوقت لتوسيع المستوطنات وتعزيز سياسة الأمر الواقع وإبقاء باب المناورة السياسية قائماً، وأضاف: "كذلك القيادة الإسرائيلية لا تستطيع أن تقدم دولة فلسطينية تقوم بمثابة تراجع عن المبادئ الصهيونية أمام الشعب الإسرائيلي، وخاصة أن مؤيدي الأحزاب اليمينية المتطرفة".
قصة النجاح والفشل..معيارية
وفي ما يتعلق بجدية واشنطن في إنهاء الصراع، يرى الشوبكي أن الجدية هذه المرة متوفرة، ويوضح قائلا: "الولايات المتحدة جادة في إنجاح المؤتمر، ولكن علينا أن نتنبه لقضيةأن مفاهيم النجاح والفشل، هي قضايا معيارية، وما يمكن أن يوصف بأنه ناجح من المنظار الأميركي، ربما يكون هو عين الفشل، بالمنظار الفلسطيني".
وتابع قائلا: "لذلك لا يمكن الحديث عن نجاح جميع الأطراف أو فشلها، فمجرد انعقاد المؤتمر، هو نجاح جزئي لأميركا التي ودون أدنى شك ستلقي بأي خلل يحدث بالمؤتمر إلى الساحة الفلسطينية، فتخرج أمام الشعب الأميركي ودول العالم على أنها راعية السلام، فيما دول الصراع هي التي لا تزال تقف جامدة عند مطالبها، وختم الشوبكي حديثه قائلا: "ولنا تجربة في كامب ديفيد التي كانت بالمنطق نفسه ".
فيما يعتبر أبو ثابت أن متانة العلاقات الأميركية- الإسرائيلية، ستشكل ورقة ضغط على الجانب الفلسطيني، الذي سيطالب خلال المؤتمر بتقديم التنازلات، وأهمها التنازل عن حق العودة للاجئين وتعديل حدود الدولة الفلسطينية المرتقبة، فبدلا من حدود عام 1967 ستكون الدولة بالمساحة نفسها بناء على مبدأ التبادلية واحد مقابل واحد، ويضيف أبو ثابت: "هذا بدوره سيكون بمثابة صفعة كبيرة للرئاسة الفلسطينية، التي ستخسر شعبيتها على حساب تنامي قوة حركة حماس".
وكانت شعبية أبي مازن قد انخفضت لأدنى مستوياتها قبل ثلاث سنوات، حين كان رئيساً للوزراء وألقى خطابه المشهور في قمة العقبة آنذاك والذي تجاهل خلاله قضية اللاجئين، وهو ما بدا، نوعاً من التنازل الذي يرفضه الفلسطينيون.
واشنطن الرابح الوحيد
ويقول الدكتور رائد نعيرات رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح إن الولايات المتحدة الأميركية هي الرابح الوحيد من هذا المؤتمر، وبتعبير أدق الإدارة الحالية، التي تريد أن تنهي ولايتها بمشهد يعزز صورتها كحام للسلم العالمي، وسواء نجح المؤتمر أو فشل، عقد أم لم يعقد، فإن الإدارة الأميركية ليست بحاجة إلى أكثر من الإثارة الإعلامية، فهي تدرك تمام الإدراك أن حل القضية الفلسطينية لن يكون في عهدها".
ويضيف: "تاريخ السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية يعزز هذا الاتجاه في تقويم الأمور، فمع نهايات كل ولاية تشهد الساحة الدولية اهتماما استثنائيا بالتسوية السلمية، والتي لا تخرج تقليديا عن عملية تجميل لوجه الإدارة الأميركية الذي شابه الكثير من العيوب من أفغانستان إلى العراق، إن لم نقل حتى في نيواورلينز أيضا".
وهكذا يمكن القول إن الحجيج لمؤتمر انابوليس، هو سلوك ارادوي، وليس إراديا، بمعنى أن الظاهر منه يشير إلى رغبة في المشاركة، إلا أن ما خفي يوحي بأن الفشل الذي تخشاه يحول دون رغبة حقيقية في المشاركة، ولا أدل على ذلك من كلمة قالها نبيل شعث السياسي الفلسطيني المقرب من الرئيس محمود عباس (نحن مستعدون للهروب من انابوليس، لكن بغطاء عربي).