رياح الأزمة الدبلوماسية بين المغرب وإسبانيا تعصف بالثقافة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: امتدت رياح الأزمة الدبلوماسية التي نشبت بين مدريد والرباط، على خلفية قيام الملك خوان كارلوس بزيارة لجيبي سبتة ومليلية، لتعصف بالثقافة، إذ أعلنت اللجنة المنظمة لمهرجان المغاربة المقيمين بإسبانيا إرجاء تنظيم هذه التظاهرة إلى موعد لاحق، بعد أن كانت برمجت خلال الشهر المقبل ببرشلونة. وكان من المتوقع أن تشكل التظاهرة، التي بدأ الاستعداد لها قبل سنة من لدن منظم معرض المغاربة بباريس الشهير ب "سماب إيكسبو" سمير الشماح، أول موعد هام تنظمه الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا وبمنطقة كطالونيا على وجه الخصوص.
كما كان منتظرا أن يحتفي هذا الحدث الثقافي بمفهوم الصداقة في "بعدها الشعبي المكثف بين المغاربة بشبه الجزيرة الإيبيرية والإسبان والكاطالانيين"، غير أن زيارة الملك خوان كارلوس، التي صدمت بعمق مشاعرنا، حسب المنظمين، تتناقض والروح السائدة ضمن هذه التظاهرة.
واعتبر المنظمون أن برمجة المهرجان لم يعد له أي مبرر رغم الأضرار "المعنوية والمادية والتجارية " التي ستتكبدها الجهة المنظمة. وسيجري تحديد موعد جديد حينما تسمح الظرفية بذلك حتى يستطيع هذا الحدث تحقيق أحد أهدافه الأساسية المتمثلة في التقريب بين البلدين. وبالرغم من محاولات حكومة مدريد احتواء هذه الأزمة، بعد أن استدعت الرباط سفيرها بمدريد قصد التشاور لمدة غير محددة، إلا أن الغضب المغربي ما زال في أقصى درجاته، إذ دعت حكومة المملكة، في آخر تعليق لها على هذا الموضوع على لسان وزير الخارجية والتعاون الطيب الفاسي الفهري، الكف عن استعمال المغرب "كرأس حربة في السياسة الداخلية لبلادهم"، وإلى معاملته "على قدم المساواة، وباحترام"، وبدون ما "منة" من إسبانيا.
وفند الفاسي الفهري، في حديث سابق مع صحيفة (إيل باييس) الإسبانية، الادعاءات "الكاذبة والفاضحة" لحكومة مدريد بخصوص سبتة ومليلية، وأعرب عن رفضه "للمبادرات أحادية الجانب" على غرار زيارة الملك خوان كارلوس التي مثلت "إهانة" لشعور المغاربة جميعا، من رجل الشارع إلى الملك محمد السادس.
وقال المسؤول الحكومي "لدينا نزاع ترابي، ولو أن هناك من يسعى جاهدا إلى إنكاره"، لكن هذه الزيارة "لا تساعد على حله، فمثل هذه الخلافات لاتحل سوى بالحوار". وأضاف إن زيارة العاهل الاسباني ل "هذين الثغرين المحتلين تسير عكس تيار العلاقات الممتازة التي بنيناها خلال السنوات الأخيرة، ولست أدري ما هي الفائدة التي ستجنيها إسبانيا من هذه الزيارة، وأنا أدعوكم الى التساؤل عما إذا كانت هذه المبادرة قد أدت إلى تحريك المطلب المغربي".
وكانت زيارة العاهل الإسباني فجرت غضب الملك محمد السادس، إذ بعد استدعاءه سفيره الرباط أصدر بيانا خاصا شديد اللهجة حمل فيه إسبانيا مسؤولية "المجازفة بمستقبل وتطور العلاقات بين البلدين، والاخلال الجسيم للحكومة بمنطوق وروح معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة سنة1991".
وأعرب العاهل المغربي، في البيان الذي تلاه مستشار الملك محمد معتصم في مستهل أشغال مجلس الوزراء المنعقد بالدار البيضاء، عن إدانته القوية واستنكاره الشديد لهذه الزيارة غير المسبوقة، مشددا على أن هذه "الخطوة غير المجدية تسيء للمشاعر الوطنية المتجذرة والراسخة لدى جميع مكونات وشرائح الشعب المغربي".
وقال الملك محمد السادس "إننا نرفض بكل حزم وصرامة إقحام ثوابتنا الوطنية المقدسة في مساومات إسبانية داخلية واستغلال مقوماتنا ومصالحنا في كل مرة، كمتنفس وهمي لمزايدات ومساجلات سياسية محضة".
وإذ نعبر عن حرصنا على كفالة وضمان كافة حقوقنا السيادية الثابتة والمشروعة، يضيف العاهل المغربي، "نعتبر ألا شيء يمكن أن يغير أو يمس بالوضع القانوني للمدينتين السليبتين والجزر التابعة لهما، الذي يعكس حقائق التاريخ وبديهيات الانتماء الجغرافي وعدالة مطالبتنا المستمرة باسترجاعها إلى الوطن الأم".