أخبار

إسرائيل والسلاح الفلسطيني يهددان حريات الصحافيين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في وطن الحكومتين واللادولتين
إسرائيل والسلاح الفلسطيني يهددان حريات الصحافيين

تابع ملف الصحافة العربية وفيه يعرض مراسلو إيلاف واقع الحريات الإعلامية في : الإمارات المتحدة، الأردن، اليمن، المغرب، سوريا، مصر، الجزائر، العراق

إيلاف تفتح ملف الحريات الصحافية العربية

أسامة العيسة من القدس: عندما تأسست السلطة الفلسطينية، عقب اتفاق أوسلو، لم تلتزم قيادة السلطة، بالتسميات الموجودة في الاتفاق، والتي أطلق فيها على مؤسسات السلطة أسماء دوائر، واستبدلتها من طرف واحد بمسميات وزارات، تفاؤلاً بما ستكون عليه الحال في المستقبل. وبعد كل هذه السنوات، تحقق التفاؤل، بشكل لم يدر بخلد أحد، حيث اصبح للفلسطينيين حكومتان، ورئيسان للوزراء، ووزارتا اعلام، تتنافسان على الشرعية "على الرغم من انها لا توجد شرعية في ظل الاحتلال"، كما كان صرح الدكتور علي خشان، وهو قانوني فلسطيني، قبل أيام من تسميته وزيرًا للعدل في حكومة الدكتور سلام فياض، ولكن رأيه بعد أن اصبح وزيرًا تغير.

ولم يكن للمسميات أن تغير الوقائع، فالأرض الفلسطينية محتلة، والاحتلال هو المتحكم في كل شيء عليها، ولكن هذا لم يمنع من ان تشهد الدوائر أو الوزارات الفلسطينية صراعات داخلية حادة.
وفي وزارة الاعلام مثلاً، فإنها عانت مثل مختلف الوزارات، مما عرف حينها ثنائية الوزير والوكيل، وهي سياسة اتبعها ياسر عرفات أول رئيس للسلطة، بتعيينه وزيرًا ووكيلاً قد تكون العلاقات بينهما متضاربة، ولكن كل منهما يقدم تقاريره لعرفات، ويتلقى الأوامر منه، وبسبب هذه الازدواجية، التي كانت تناسب شخص مثل عرفات، لا يحب العمل المؤسساتي، كثيرًا ما وقعت مشادات وعراك، بين الوزير والوكيل، في الوزارات الفلسطينية المختلفة، ووصل الأمر في بعض الحالات ان يستقل الوزير بوزارة والوكيل بوزارة تحمل نفس الاسم، ولم تشذ وزارة الاعلام عن ذلك، حيث اتهم وكيلها الفتحاوي آنذاك، وزير الاعلام حينها ياسر عبد ربه وجماعته بضربه والاعتداء عليه، وطرده من الوزارة.

ويمكن ان يكون هذا الحادث مؤشرًا على طبيعة الدور الذي اطلعت فيه وزارة الاعلام الفلسطينية، في السنوات الأولى للسلطة، فالوزارة المنقسمة على نفسها، وغير القادرة على حماية موظفيها، تراجع دورها لصالح الأجهزة الأمنية التي كانت تنفذ القيادة في اعتقال الصحافيين، أو إغلاق المحطات الخاصة، فترات تطول أو تقصر.

ولم تفعل وزارة الاعلام شيئًا، حيال رفض الأجهزة الأمنية المتكرر لتطبيق قرارات المحاكم التي كانت تصدر لصالح الصحافيين المعتقلين او المحطات المغلقة، او تحطيم مقار هذه المحطات على يدي ملثمين معروفين لمن يتبعون، او اغتيال صحافيين خاصة في قطاع غزة، وتحطيم سياراتهم ومكاتبهم، ضمن ما وصف بانه جزء من ظاهرة الفلتان الامني.

ولم تتخذ موقفًا من القرار الذي اتخذه قائد الشرطة الأسبق غازي الجبالي، عندما منع توزيع الصحف التي تصدر في الضفة في غزة، وهو ما يتكرر الان، حيال منع طباعة وتوزيع صحيفتي الرسالة الأسبوعية وفلسطين اليومية، بدعوى قربهما من حركة حماس.

ولم تعدم الظروف التي تأسست فيها الوزارة، من يحاول من داخل الوزارة ان يفعل شيئا، وهو ما حدث عندما صدر قرار، احاط به الغموض بمنع كتب الدكتور إدوارد سعيد، وجمعها من مكتبات رام الله، وفهمت الخطوة بانها رسالة من جهة ما أو شخص في الوزارة، الى عرفات الذي ضاق ذرعا بانتقادات سعيد للسلطة ولقيادة عرفات.

ولكن خطوة الوزارة هذه في المنع، لم يقدر لها النجاح، لأن السلطة في واقع الأمر، لا تملك، بسبب الظروف التي تعمل بها، في تنفيذ مثل هذا القرار.

وكثيرًا ما كانت الاجهزة الامنية وبقرارات اعتباطية من مسؤوليها المحليين، تصادر كتبًا او صحفًا، كما حدث مثلاً مع بعض الكتب التي تروي قصصًا عن رموز حركة حماس مثل يحي عياش، ولم تكن وزارة الاعلام تعلم شيئًا.

وكان أحد مؤشرات وجود الوزارة، هو إصدارها لبطاقات تمنح للصحافيين، لتسهيل عملهم، ولكن لم تكن هذه البطاقات تلقى الاحترام من الجهات الأمنية، وظهر خلال اشهر الانتفاضة الأولى، من حاول من مسؤولي الأجهزة الأمنية في المناطق الفلسطينية، فرض رسوم وترتيبات معينة على عمل الصحافيين، خصوصًا الأجانب منهم، دون مراعاة لأية قوانين.

ولم يكن لدى وزارة الإعلام الوسائل، للتصدي لسياسات الاحتلال، ضد الصحافيين والتي أوقعت العديد منهم شهداء مثل نزيه دروزة، أو للمعتقلين من الصحافيين في السجون الإسرائيلية.

ومثلما هي حال مؤسسات السلطة، فإن ظروف الانتفاضة أثرت كثيرًا على وزارة الإعلام، وهو ما حدث أيضًا بعد فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية، وصولاً إلى الواقع الحالي حيث توجد وزارة اعلام في قطاع غزة تحاول فرض شرعيتها، من إلزام الصحافيين العاملين هناك حمل البطاقات الصحافية، الصادرة عنها، وهو ما أثار وزارة الاعلام وحكومة الدكتور فياض في رام الله، التي أنذرت المؤسسات التي ستقبل ببطاقات وزارة غزة، باتخاذ إجراءات ضدها في الضفة الغربية، وهي المشكلة التي لم تحل حتى الان.

وفي حديث لفضائية الأقصى التابعة لحماس قال الدكتور حسن أبو حشيش، وكيل وزارة اعلام غزة، بأن وزارته تعمل على توفير الحريات الإعلامية للصحافيين، ولكنها تحتاج لتعاون الصحافيين معها.
وقال إن وزارته ستكشف عن معلومات تتعلق بمقتل صحافيين في القطاع، خلال الفترة الماضية، وستكون هذه المعلومات مدهشة، وستؤكد بأن العهد الجديد يشهد انفتاحا وحريات إعلامية اكثر بكثير من العهد السابق.

ومثلما توجه اتهمامات لحكومة غزة بقمع الصحافيين والاعتداء عليهم، وهو ما لم تنكره الحكومة واعتذرت عنه، باعتباره تصرفات فردية، فان الوضع في الضفة شهد حالات مماثلة، ومنها اقدام قائد منطقة الخليل العميد سميح الصيفي على صفع صحافي كان يغطي اضرابًا طلابيًا في جامعة المدينة.

وبسبب وضع وزارة الاعلام الذي وجدت نفسها فيها، موضوعيا، نتيجة وجود الاحتلال، وذاتيا، بسبب الإشكاليات المحلية، فإن انتقادات عديدة يوجهها الصحافيون للوزارة.

(وزارة الإعلام عين الدولة على الصحافيين)...

ويقول الصحافي عبد الرازق أبو جزر الذي واكب علاقة وزارة الاعلام بالصحافيين منذ سنوات السلطة الاولى "منذ تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية ظل دور وزارة الإعلام كجزء من المؤسسة الرسمية الفلسطينية محدودًا في ما يتعلق بعلاقته مع الإعلاميين أو المؤسسات الإعلامية من خلال منح التراخيص أو البطاقات الصحفية كما أن الوزارة في مختلف المراحل عجزت عن إظهار قانون مطبوعات ونشر توافقي لإقراره من قبل المجلس التشريعي وظلت على حالة من الاقتراب والابتعاد مع نقابة الصحافيين الفلسطينيين وكانت للأسف الخطوط السياسية أو العلاقات الشخصية أساس حالة التوافق بين الطرفين من عدمها".

ويرى أبو جزر في لقاء مع "إيلاف" انه "في كثير من الأحيان مثلت وزارة الإعلام عين الدولة على الصحافيين وهو ما نراه أيضا في حالات غير الحالة الفلسطينية، ومكملاً لدور رقابي لأجهزة أخرى بينما لم تستطع أن تفتح الباب ولو جزئيا لحرية التعبير والحركة للإعلاميين فيما يتعلق بتناول القضايا الحساسة أو حتى المجتمعية الهامة، وظلت قوانين الدولة الرسمية الإطار القانوني لهذه السياسات الإعلامية التي تنفذها وزارات الاعلام في إطار المؤسسة الرسمية للدولة وهذه الحال تنطبق بالطبع على الحالة الفلسطينية".

ويعتقد أبو جزر انه في ظل حالة الانفتاح والعولمة وثورة الاتصالات "لا حاجة إلى وزارات إعلام وان كنت أن أرى أن ذلك سوف يستغرق وقتا طويلا في العالم الثالث ومنه العالم العربي طبعا ولذلك فأنى أرى بضرورة تشكيل أي إطار توافقي للإشراف على متابعة وإدارة الإعلام في أي دولة بما لا يفسد السياق العام لاساس الحرية الإعلامية ويفضل أن يكون على شكل لجنة عليا للإعلام أو مجلس أعلى للإعلام أو هيئة استشارية أو اى جسم من هذه القبيل، وان يتم ذلك على أساس توافق ورضا وبعد نقاش مستفيض مع الإعلاميين وان لا يكون دوره مقيدا بقدر ما يكون ناظما".

ولا يعتقد أبو جزر أن وضع الحريات الإعلامية في فلسطين، هو الأسوأ مقارنة مع تجارب عربية أخرى، ولكنه يشير إلى أن الصحافيين يعملون في ظل "بعض القيود والمماحكات بسبب زيادة التوترات السياسية والتجاذبات بين القوى الفلسطينية، ولهذا وجد الصحافيون أنفسهم في حلبة المواجه من خلال التأثير السيئ للفصائل على الساحة وهو ما انعكس في حالات التهديد بالقتل أو التشويه أو إغلاق المكاتب والاعتداء على المؤسسات الصحافية كما أن هنالك محاولات من كل الأطراف وعبر تجييش صحافيين حزبيين أو مؤسسات إعلامية حزبية على خلط الأوراق، واعادة العجلة إلى الوراء، بالنسبة للحريات الإعلامية التي دفع الصحافيون ثمنًا لتحقيقها".

ويشعر أبو جزر بالتفاؤل، ويقول بان الصحافيين سينتصرون على السياسات الرسمية والحزبية، وسيحافظون على منجزاتهم في مجال حرية الاعلام. ويقول إن الصحافيين في فلسطين والعالم العربي يحتاجون إلى ثورة مهنية وعلمية ومعرفية من اجل تحقيق تأثير حضاري ليس لمشروعهم المهني بل لمشروعهم الوطني والمعرفي في "مواجهة حضارات لديها إمكانات هائلة وهى أشبه ما تكون بالغول الذي سيرسم لأحادية في كل القطاعات ومنها الإعلام طبعا".

وبالنسبة إلى تعامل الدول مع الإنترنت، فيرى أن ذلك يتفاوت لعدة اعتبارات منه القانون الخاص المعمول به في كل دولة، والتعددية السياسية في الدولة، ودور منظمات المجتمع المدني، ونسبة الوعي المجتمعي والسياسي للمواطنين، ومدى انفتاح نظام الدولة على العالم وإيمانه بالمتغيرات والحريات العامة والخاصة.

ويقول "لا تزال دول كثيرة لا تمنح التراخيص لمواقع النت بينما دول أحرى تعمل على فلترة الإنترنت فيها وتحظر المواقع التي توافق سياساتها، وعمومًا فإنه حتى الآن فان الإعلام الإلكتروني في بداية الطريق ويحتاج إلى تطوير ليس بالشكل وإنما في الأداء ويحتاج إلى زرع المزيد من الثقة لدى الجمهور وهذا يأتي من خلال معالجة قضاياه وهمومه".

وفي فلسطين، يكاد يتفق صحافيوها، على ان من هدد ويهدد الحريات الصحافية هو حامل السيف، سواء كان جندي الاحتلال، او مجموعات المسلحين المثلمين، او الاجهزة الامنية.
في فلسطين خفافيش الليل والعسكر تواجه الصحافيين، بينما وزارة الاعلام تتوارى خلف ظروفها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف