صحف لبنانية: ترشيح سليمان مبادرة إنقاذية أم مناورة

بيروت، وكالات: ركزت الصحف اللبنانية الخميس على طرح إسم قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيسا توافقيا، وفي حين إعتبرت الصحف القريبة من الأكثرية أن هذا الطرح مبادرة إنقاذية تحدثت الصحف المعارضة عن "مناورة". واشارت صحيفة النهار الموالية الى "بوادر تحفظ في المعسكر المعارض" عن ترشيح سليمان "ذهب معها بعض المعارضين الى التوجس من فخ نصبته الموالاة للمعارضة بقصد احراجها". من جهة اخرى، لفتت الصحيفة الى "مأزق دستوري كبير مع نفاد المهلة الدستورية لانتخاب رئيس جديد وحكومة انتقلت اليها صلاحيات الرئاسة".

في المقابل، اتهمت صحيفة السفير القريبة من المعارضة رئيس كتلة تيار المستقبل (اكثرية) النائب سعد الحريري بانه "استبق التوافق السياسي على سليمان باعلانه الترشيح عبر احد نواب كتلته"، اي النائب عمار حوري. واضافت ان "الطريقة التي تم من خلالها طرح الامر (...) طرحت علامات استفهام عند المعارضة حول ما اذا كان الطرح مجرد مناورة ام مبادرة انقاذية".

بدورها، اوردت صحيفة الاخبار المعارضة ان الغالبية "تعمدت اطلاق حملة اعلامية تعتبر ان التوافق ممكن على سليمان"، ونقلت عن مصدر مطلع ان "التركيز على ترشيح قائد الجيش هدفه نقل الارتباك الى المعارضة واحراج حزب الله وحليفه (النائب المسيحي ميشال) عون".

من جهتها، اتهمت صحيفة المستقبل التي تملكها عائلة الحريري حزب الله الذي يقود المعارضة ب"مواصلة قصفه على الاكثرية ووضع عراقيل امام ترشيح سليمان وتحميل الاخرين مسؤولية التعطيل والفراغ". وادرجت ترشيح سليمان في اطار "ملامح عدة تؤسس لمخرج ينهي الفراغ الرئاسي ويؤسس لمرحلة جديدة".

مسؤول اميركي: لا تحفظ على تولي سليمان الرئاسة

وقال مسؤول اميركي رفيع المستوى هنا اليوم ان واشنطن لا تعترض على توافق لبناني حول تولي قائد الجيش رئاسة الجمهورية مؤكدا ان بلاده "لم تقايض القضية اللبنانية مع سوريا في مؤتمر انابوليس". وقال المسؤول الذي فضل عدم الكشف عن هويته في حديث مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) "اتفهم بالطبع هذا القلق الذي يشعر به الكثير من اللبنانيين" مؤكدا ان الولايات المتحدة تضع "خطا قاطعا بين لبنان وقضايا اخرى لدينا مع سوريا". واضاف مؤكدا ان "لبنان بالنسبة لنا ليس للتفاوض مع سوريا وان لا مقايضة او رابط بين لبنان وعملية السلام بما ان واشنطن يمكنها التعامل مع اكثر من قضية واحدة في نفس الوقت".

واشار المسؤول الاميركي الى ان الولايات المتحدة تأتي على ذكر لبنان مع سوريا "فقط حين نطلب منهم عدم التدخل بشؤونه" مشددا على ان ادارته "لا تحاول فك عزلة سوريا وان على دمشق اظهار تغيير واضح في تصرفها". وقال في اشارة تحتمل التأويل انه "في حال قرر المجلس النيابي اللبناني انتخاب العماد ميشال سليمان لتولي الرئاسة فسيكون بدون شك مرشحا مقبولا" لدينا. ويتقدم اسم سليمان لائحة المرشحين في لبنان بعد انتهاء ولاية الرئيس الاسبق اميل لحود الاسبوع الماضي وسط خشية متزايدة من مغبة استمرار الفراغ السياسي.

واعرب المسؤول الامريكي عن امله ب"ان تجتمع الاطراف معا وراء مرشح لديه مصلحة لبنان اولا واخيرا" مشددا على ان اي مرشح يحظى بدعم المجلس ويلتئم الجميع حوله هو مرشح مقبول وان "واشنطن لن تلعب لعبة الاسماء ولا يعود لها الموافقة على اسم الرئيس لانه قرار لبناني". واعاد التأكيد ان بلاده تتوقع من اي رئيس منتخب ان يكون قادرا على دعم المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء الاسبق رفيق الحريري وتنفيذ قرارات مجلس الامن المتعلقة بلبنان. وتطرق المصدر الى وجود مجموعة من مرشحي الرئاسة وان بعضهم " قد يحتاج الى اتخاذ خطوات اضافية لطرح ترشيحه" في اشارة غير مباشرة الى قائد الجيش بما انه موظف من الفئة الاولى ويحتاج الى تعديل المادة 49 من الدستور.

تجدر الاشارة الى انه تم تعديل المادة 49 خمس مرات في تاريخ لبنان ثلاث مرات لتجديد ولايات الرؤساء بشارة الخوري والياس الهراوي واميل لحود ومرتين لانتخاب قائد الجيش فؤاد شهاب رئيسا في العام 1958 وقائد الجيش آميل لحود رئيسا في العام 1998. وردا على سؤال حول تحول موقف واشنطن من قضية تعديل الدستور قال المسؤول الاميركي "لم نعتقد سابقا انه كان ضروريا تعديل الدستور من اجل ايجاد مرشح جيد". لكنه اعتبر انه في حال قرر المجلس النيابي تعديل الدستور ليسمح لسليمان بالترشح فهذا الامر "يتوافق مع المسار الدستوري" مشيرا الى انه لا يوجد "ديمقراطية كاملة".

من جهته رأى الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى ديفيد شينكر ان بروز الاجماع حول قائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان بعد يوم واحد فقط من مؤتمر انابوليس يعني "ان قوى 14 مارس شعرت بتخلي الادارة الاميركية عنها وهي تخاف من صفقة تعقد بين الولايات المتحدة وسوريا". وتابع قائلا ان واشنطن لا تضغط على حلفائها في لبنان من اجل التوصل الى تسوية حول الرئاسة ولكن "اذا ابدت قوى 14 مارس رغبة في قبول سليمان والتعايش معه فلن تقف الادارة الاميركية بوجه قرارها".

واعرب المسؤول الاميركي عن قلقه "من احتمالات اعمال العنف" في حال عدم التوصل الى اتفاق حول مرشح توافقي منوها "بحذر وتنبه" كافة القيادات اللبنانية من خطورة هذا الامر. وفضل عدم توقع ما قد يحصل في الجلسة الانتخابية السادسة يوم الجمعة المقبل قائلا "قد تكون سريعة وقد تأخذ وقتا هذا لبنان في نهاية الامر". وختم بالقول " من سينتخب وما هي قدرات الرئيس حين يصل الى الحكم هذه امور لا يمكن توقعها في هذه اللحظة".