ميل إلى الأصولية لدى مسلمي ألمانيا رغم رفض غالبيتهم للإرهاب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
برلين: أشارت دراسة أجريت مؤخرا بتكليف من وزارة الداخلية الألمانية استندت على استطلاع شمل نحو ألف شخص أن واحدا من أصل سبعة مسلمين في ألمانيا يتبنى رأيا سياسيا متشددا، غير أن هذه الدراسة أشارت في الوقت ذاته إلى رفض ساحق للإرهاب، حيث وافق 90 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع على مقولة إن منفذي العمليات الانتحارية جبناء وأنهم يضرون بمصلحة الإسلام. كما يعتقد 90 بالمائة أنه من غير الجائز لأي مسلم أن يقتل آخرين باسم الله.
كما أوضحت الدراسة أن 4 بالمائة من المسلمين الذين شملتهم عينة الدراسة يمثلون "نموذج رأي إشكالي" يتميز برفض الديمقراطية ودولة القانون ويتقبلون بشكل ملحوظ أعمال عنف تبررها إيديولوجيات سياسية دينية. وأجاب نحو نصف من شملهم الاستطلاع بـ "نعم" على السؤال عما إذا كان من حق المسلمين اللجوء إلى القوة بهدف الدفاع عن أنفسهم إذا تعرض الإسلام إلى تهديد من الغرب. غير أن 5.5 بالمائة فقط من المستطلعة آراؤهم يؤمنون باستخدام العنف لنشر الإسلام. ويعتقد نحو ثلث المشاركين في الاستطلاع أن المسلمين الذين يقتلون في حرب مسلحة من أجل العقيدة الإسلامية يدخلون الجنة.
وكما جاء في موقع مجلة "ديرشبيجل" الالكتروني الذي عرض ملخصا لهذه الدراسة فإن 6 بالمائة من المسلمين في ألمانيا لديهم "استعداد لاستخدام العنف" في سبيل معتقداتهم، كما لديهم الاستعداد على الانتقال إلى "أشكال عنف جماعية مدفوعة بأسباب سياسية دينية". وفضلاً عن ذلك كشفت الدراسة أيضا أن جميع المشاركين في الاستطلاع ذكروا من دون استثناء أنهم يستطيعون ممارسة دينهم بحرية في ألمانيا، وأنهم يكنون الكثير من التقدير لألمانيا بسبب ما توفره من حرية ممارسة العقيدة.
سياسة الاندماج على المحك
كما وجد منظمو الاستطلاع أن أكثر من نصف المشاركين فيه من المسلمين يشعرون بأنهم مهمشون كأجانب، وأن واحدا من كل خمسة ممن شملهم الاستطلاع تعرض خلال الاثني عشر شهرا الماضية لممارسات عدائية للأجانب. كما أظهرت الدراسة التي جاءت في 500 صفحة تقريبا، مدى القصور الذي اعترى الجهود الرامية لإدماج المسلمين في المجتمع الألماني، وأكدت على أن كبار السن من المهاجرين المسلمين في ألمانيا يغلب عليهم اليأس من قبول المجتمع لهم ويحبذون "الانطواء" في الوسط الدافئ للمهاجرين، حيث يشعرون بالحماية، وذلك خلافا للشباب المسلم الذي رصد الباحثون لديهم طموح بإثبات الذات كمواطنين معترف بهم في المجتمع، لكن الدراسة بينت أن هذه الرغبة تصطدم أحيانا بردود فعل من جانب المجتمع الألماني.
وفي هذا الإطار أكدت الدراسة الأهمية الكبيرة للدين، حيث تبين من خلالها وجود ارتباط ديني قوي لدى أغلبية المسلمين بشكل أقوى مقارنة بالجاليات الأخرى غير المسلمة. كما أشار الاستطلاع إلى وجود توجهات معادية للسامية لدى الشباب المسلم، بما فيهم الطلاب المسلمون، بنسبة أكبر من الشباب غير المسلم في ألمانيا.
ردود أفعال متباينة
وقد خلصت هذه الدراسة في مجملها إلى استنتاج مفاده أن "آراء المجتمع المسلم في ألمانيا تشكل وسيلة مهمة لانتشار التشدد والتطرف". كما أوضحت النتائج أن ذلك يحصل بشكل خاص "في صفوف المسلمين الذين لم ينخرطوا في المجتمع الألماني ولديهم مستوى متدن من التعليم".
دور هام للتعليم
وفي معرض تعليقها على نتائج هذه الدراسة قالت المختصة في شؤون الحركات الإسلاموية، كلاوديا دانتشيكه، إنها "متفاجئة من ارتفاع نسبة الأرقام التي تعبر عن التوجهات الأصولية" التي خلصت إليها نتائج الدراسة. واعتبرت دانتشيكه في مقابلة لها مع موقع ديرشبيجل الالكتروني ، أن نسبة الـ 6 بالمائة التي تعبر عن استعداد المسلمين للعنف، تشكل تحديا كبيرا لهيئة حماية الدستور، إذ يتوجب وضع أطر جديدة للتعامل مع من يؤمن بهذه التوجهات. بينما رأت المختصة بشؤون الإسلام من الحزب المسيحي الديمقراطي كريستيانا كولر، بأن هذه النتائج تؤكد "صدق ملاحظاتها" بشأن "الاستعداد للعنف" لدى المسلمين. وطالبت في الوقت ذاته بدعم "المسلمين المعتدلين الذين يعانون من المتطرفين الإسلاميين من خلال تنمية روح الانتماء لدولة القانون والمواطنة الصالحة".
ودفعت نتائج الدراسة لاليه أكجون، المكلفة برعاية شؤون الإسلام من الحزب الاشتراكي الديمقراطي للمطالبة بإلغاء مؤتمر الإسلام الذي دأبت الداخلية الألمانية على تنظيمه، إذ لا يمكن ـ في رأيها ـ الجلوس مع من يشكل إطارا للتشدد. غير أن نائب رئيس الكتلة البرلمانية للحزبين المحافظين، المسيحي الديمقراطي وشريكه المسيحي الاجتماعي البافاري، فولفجانج بوسباخ، دعا إلى "تأهيل أئمة المساجد في ألمانيا وتخصيص حصص للدين الإسلامي في المدارس". وفي السياق ذاته يرى عالم الاجتماع الألماني، فيرنر شيف آور، في مقابلة مع صحيفة فرانكفورتر روندشاو بأن ميل الشباب المسلم للتطرف يعود إلى "التهميش" الذي يطالهم في هذا المجتمع.
أما الروابط والمنظمات الإسلامية في ألمانيا فقد دعت من جانبها إلى التعامل مع نتائج هذه الدراسة بطريقة موضوعية وليست أحادية الجانب، مشيرة إلى أن نتائج الدراسة المتعلقة بالميل للتطرف ليست لها دلالة تمييزية إحصائية عن تلك النتائج التي أظهرتها لغير المسلمين.
وبدورها وصفت وزارة الداخلية الألمانية أن نتائج هذه الدراسة بـ"غير مثيرة للقلق". وقال متحدث باسم الوزارة في برلين إن إحدى نتائج الدارسة فقط كانت مثيرة للقلق والتي أفادت بتطور ملحوظ للتطرف الإسلامي في ألمانيا. وأضاف المتحدث أنه بخلاف هذه النقطة، تعطي الدراسة نتائج متوازنة إلى حد كبير وتوضح أن المسلمين في ألمانيا يمثلون "عنصرا أساسيا ثابتا ومندمجا إلى حد كبير".
وأشار المتحدث إلى أن "غالبية كبيرة" من المسلمين في ألمانيا غير مستعدين للعنف، كما أنهم سعداء بالعيش في بلد ديمقراطي. وشدد المتحدث على مسئولية المجتمع بأكمله في المساهمة في دمج المجموعات التي من الممكن أن تتسبب في مشكلات وأشار في هذا السياق إلى الدور الهام لمؤتمر الإسلام الذي خرج للنور قبل عامين.
يذكر أن الدراسة قد أجريت عبر الهاتف مع مسلمين بالغين، ينحدر ثلثاهم من أصل تركي. أما الثلث الأخير فيتكون من مسلمين من أصول إيرانية وعراقية وأفغانية وباكستانية. وقال القائمون على الدراسة أن ثلث المشاركين فيها يحملون الجنسية الألمانية والربع ولد فيها والأكثرية من المتزوجين، في حين يتمتع أكثر من النصف بمستوى تعليمي متدن أو متوسط.