أخبار

بينظير بوتو: نهاية دموية لحياة سياسية حافلة

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن: بينما كانت تتهيّأ للمشاركة في الانتخابات التي تجري بعد فترة قليلة، اغتيلت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو في انفجار انتحاري وإطلاق نار خلال تجمع انتخابي لحزب الشعب الذي كانت تتزعمه في مدينة راولبندي. ويكرّس اغتيالها "القدر" المأساوي لعائلة والدها الراحل الذي جرى إعدامه بعد عامين من انقلاب الجنرال ضياء الحق فأصبحت أول وأصغر رئيسة وزراء لدولة إسلامية في العصر الحديث، متعهدة "بالانتقام على طريقتها" لرحيل والدها.

غير أنّ حياتها السياسية التي ارتبطت لفترة ما بالتحديث والديمقراطية، ارتبطت أيضا بالفساد والثروة الفاحشة. وتنحدر بوتو من عائلة سياسية شهيرة في باكستان، كانت النظير لعائلة نهرو وغاندي في جارتها وغريمتها الهند.

واحتل والد بينظير الراحل، ذو الفقار علي بوتو، منصب رئيس وزراء باكستان في أوائل السبعينات، فكانت حكومته إحدى الحكومات القلائل التي لم يرأسها عسكري في العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال.

تراث سياسي
ولدت بينظير بوتو في إقليم السند عام 1953، وتلقت تعليمها في جامعتي أكسفورد ببريطانيا وهارفارد بالولايات المتحدة، واعتمدت على تراث والدها لتبني "مجدًا" سياسيّاً اعتبرت أنّه سيكرّس النظرة لعائلتها. وشغلت بينظير بوتو منصب رئيسة وزراء باكستان مرتين، ما بين عامي 1988 و1990، و ما بين عامي 1993و1996.

وفي الحالتين أقالها رئيس البلاد من منصبها بعد اتهامها بالفساد. والإقالتان مجرد مرحلتين في حياة بوتو السياسية التي اجتاحتها العديد من حالات المد والجزر. فقد كانت فور انتخابها لأول مرة ـ وفي قمة شعبيتها ـ إحدى أشهر القيادات النسائية في العالم. وصورت نفسها ـ بشبابها وأناقتها ـ كالنقيض الحيوي للمؤسسة السياسية التي يهيمن عليها الرجال. لكن بعد أن هوت من السلطة للمرة الثانية أصبح اسمها مرتبطا بالفساد وسوء الحكم.

قسوة السجن
تجلت صلابة وعناد بوتو أول ما تجلت لدى سجن الجنرال ضياء الحق لوالدها عام 1977 واتهامه بالقتل، وبعد عامين تم إعدام والدها. وسجنت بوتو قبيل إعدام والدها، وقضت أغلبية السنوات الخمس من سجنها في حبس انفرادي، وقد وصفت تلك الفترة بشديدة القسوة.

وأسست بوتو ـ خلال الفترات التي قضتها خارج السجن للعلاج ـ مكتبا لحزب الشعب الباكستاني في العاصمة البريطانية لندن، وبدأت حملة ضد الجنرال ضياء الحق.

عادت بينظير بوتو إلى باكستان عام 1986، وتجمعت في استقبالها حشود جماهيرية ضخمة. وأصبحت رئيسة للوزراء بعد وفاة الجنرال ضياء الحق في انفجار طائرته عام 1988. اتهامات بالفساد

زوج مثير للجدل
وأثار آصف زرداري زوج بينظير بوتو الكثير من الجدل خلال فترتي حكمها. وكان لزرداري دور رئيسي أثناء حكم بينظير بوتو، واتهمته حكومات باكستانية عديدة باختلاس ملايين الدولارات من الدولة، وهي تهم ينكرها وتنكرها زوجته. كما اتهم بإيداع هذه الأموال في حسابات سرية في مصارف أوروبية متعددة. ويجادل محللون بأن "طمع زوج بوتو" قد سارع في سقوطها. غير أنه وبعد عشرة أعوام لم يتم بعد إثبات أي من نحو 18 تهمة بالفساد وارتكاب الجرائم أمام المحكمة على زرداري، وإن كان قد قضى 8 أعوام في السجن.

اتهامات بالفساد
وأطلق سراح زرداري عام 2004 بكفالة بعد اتهامات بأن التهم الموجهة إليه واهية، ولن تؤدي إلى إدانة. وأنكرت بوتو بشدة الاتهامات الموجهة ضدها قائلة إن دوافعها سياسية. وواجهت بوتو ـ حتى العفو عنها هذا الشهر ـ خمس اتهامات على الأقل بالفساد، لم تدن في أي منها. لكنها أدينت عام 1999 بعدم المثول أمام المحكمة، إلا أن المحكمة العليا في باكستان نقضت هذا الحكم. وظهرت بعيد إدانتها شرائط تسجيل عن محادثات بين قاض وعدد من كبار مساعدي رئيس الوزراء حينها "نواز شريف" تبين القاضي يتعرض لضغوط لإصدار حكم الإدانة.

المنفى
وغادرت بوتو باكستان في نفس العام ـ بعد إدانتها بوقت قصير ـ لتقيم في الخارج مع أولادها الثلاثة، فيما كان زوجها في السجن. وظلت تلاحقها ـ حتى في الخارج ـ التساؤلات حول ثروتها وثروة زوجها. وتقدمت بوتو باستئناف ضد إدانتها في المحاكم السويسرية بتنظيف الأموال. في المنفى الاختياري.

وأقامت بوتو مع أولادها الثلاثة بعد خروجهم من باكستان في دبي بالإمارات العربية المتحدة، حيث انضم إليها زوجها بعد الإفراج عنه عام 2004. وكانت بوتو دائمة التردد على العواصم الغربية، لإلقاء محاضرات في جامعات ومؤسسات فكرية وللقاء مسؤولين حكوميين.

ثقة الجيش منعدمة
ويقول مراقبون إن النظام العسكري الذي يحكم باكستان يرى في بينظير بوتو حليفا طبيعيا في محاولاته لعزل القوى الإسلامية والجماعات المسلحة التي ترعاها. غير أنها كانت قد اعتذرت عن قبول عرض من الحكومة بترؤس حزبها حكومة الوحدة الوطنية بعد انتخابات عام 2002، والتي حصل الحزب فيها على أغلبية الأصوات. وظهرت في العام الماضي كمنافسة قوية لتسلم السلطة في بلادها.

ويعتقد البعض في باكستان أن المحادثات السرية الأخيرة التي أجرتها مع النظام العسكري هي بمثابة الخيانة للقوى الديمقراطية، لأن هذه المحادثات عززت قبضة الجنرال برويز مشرف على السلطة.

فيما يقول آخرون إن الجيش قد يكون قد تغلب أخيرا على انعدام ثقته على مدى عقود طويلة ببوتو وحزبها ، وإن هذا يبشر الديمقراطية في البلاد بخير .

وترى القوى الغربية في بينظير بوتو زعيمة تتمتع بشعبية ولها توجهات ليبرالية قد تضفي بالشرعية على حكم الجنرال مشرف في "الحرب على الإرهاب"، شرعية هو في أمس الحاجة إليها.

عائلة ليست سعيدة
وبينظير بوتو هي الأخيرة في حملة لواء التراث السياسي لوالدها. فشقيقها الأكبر مرتضى ـ والذي كان يتوقع أن يلعب دورا متزايد الأهمية كزعيم للحزب ـ فر بعد سقوط والده إلى أفغانستان الشيوعية حينئذ. ومن هناك ـ ومن عواصم عديدة في الشرق الأوسط ـ قاد جماعة مسلحة تحت اسم "ذو الفقار" ضد الحكم العسكري في باكستان.

وفاز مرتضى ـ وهو في المنفى ـ في انتخابات عام 1993، وعاد بعدها بوقت قصير ليقتل بالرصاص في ظروف غامضة عام 1996. أما الشقيق الآخر شاهنواز ـ والذي كان له نشاطه السياسي لكن دون اللجوء للسلاح ـ فقد كان قد عثر عليه ميتا في شقته بالريفيرا الفرنسية عام 1985.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
مسلمون للإستبداد
العراقي -

رحم الله عائلة بوتو في كفاحهم من أجل باكستان بلا حكم عسكري يهلك البلاد والعباد كما فعلت جمهوريات الكذب والدجل العسكرية في البلاد الإسلامية عموما والعربية خصوصا التي تموت حبا في حكم الطغاة والإستبداد وتخاف الديمقراطية كخوف القط من الماء.

اتت لتموت
محمد فوزى طه -

اتت بعد رحله اغتراب ومنفى لتموت ! .. الجميع كانوا يترقبون ذلك بما فيهم المعجبين بتلك المرأه الفولاذيه..كانت مسأله وقت ولا ننسى كيف انها نجت باعجوبه من التفجير بعد قدومها من منفاها مباشره .. لكن هى السياسه وتلك هى باكستان حيث الصراع لابد فيه دم.. رحمها الله

الى رحمة الله
عائدة رمضان -

رحم الله بناظير بوتو فقد كانت امرأة صلبة قوية الارادة شجاعة ومتفانية في تحقيق ما تؤمن به. لقد احزنني هذا الخبر واتعسني اولا لان بناظير بوتو امرأة ويشرفنا ان تكون من بنات جنسنا امرأة من هذا الطراز الشجاع وثانيا لان باكستان تشبه كثيرا من بلداننا التي لا تعرف غير لغة القتل وتعذيب والعنف لاسكات معارضيها لانها لا تحسن لغة الحوار والعقل , وكم من زعامات واعدة تركت الساحة مبكرا لانها كانت وقودا لماكنة الموت الغبية. بالتأكيد كان لبوتو برنامج عمل لصالح فقراء وجياع باكستان ولكن ..؟ انه خبر غير سار نختم به مفكرة هذا العام ولكننا نقول انت الان بين يدي الله ايتها السيدة المحترمة والله ارحم بنا من عباده .

لا حول الا بالله
فاهم الوضع -

رغم ان فترة قيادتها البلاد شابتها بعض الشكوك ولكن هذا لا يعطي الارهابيين الحق في هدر دمها .. رحمة الله عليها والله ينتقم من مغتاليها

الرحمة
أم -

يا لطيف يا ربي العالم كل ماله بيصير من سيئ لأسوأ يا عالم يا ناس اترجاكم ما تخلفوا وتجيبوا اطفال لدنيا مليئه بالقتل والدماء حرام ارحموهم وارحموا برائتهم فهذه الدنيا ليس فيها ما يسر خذوا كلامي هذا على محمل الجد ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

عزائنا وبكائنا واحد
الشتوي علي مختار -

شكرا على كل الكتابات التي كتبت من قبل الاخوة عن هذه الزعيمة وما جاءت به وما قدمت من تضحيات من اجل شعبها وكل ما يقال عنها هو جزء بسيط عن ما قدمته وهذه الاصالة التي يجب ان يقتدى بها اي زعيم يراد ان يكون زعيما ...واخيرا عزائنا مع الشعب الباكستاني على رحيل المناضلة والبطلة بنظير بوتو ...رحمه الله برحمته وادخله الجنة هي ومن معها والله يصبر عائلته وانصاره من الشعب الباكستاني...اخوكم الشتوي علي...طرابلس ..ليبياالغد

لا تعليق
محمود -

سبحان من له الدوام