أخبار

إغتيال بوتو بعيون الصحف البريطانية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لندن: كان موضوع إغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة وزعيمة المعارض بنظير بوتو هو الموضوع الذي فرض نفسه على كل الصحف البريطانية الصادرة صباح الجمعة. فنشرت الديلي تليغراف على صفحتها الأولى عنوانا مثيرا هو "ثوان قبل الاغتيال" وتحته مباشرة صورة بعرض الصفحة لبوتو وهي تلوح لأنصارها في سيارتها المكشوفة قبل ثوان معدود من اغتيالها. واختارت الديلي ميل عنوانا مشابها هو "30 ثانية من الموت" وتحته الصورة الأخيرة لبوتو وهي تلوح لأنصاره من زاوية اكثر وضوحا. وتختار "الجارديان" عنوانا مباشرا هو "بنظير بوتو اغتيلت". أما الاندبندنت فاختارت عنوانا رئيسيا هو "بنظير بوتو 1953- 2007. ماذا ينتظر باكستان الآن؟". أما "التايمز" فكان عنوانها الرئيسي "تصاعد المخاوف بعد مقتل بوتو". وجعلت "الفايناشيال تايمز" عنوانها يقول "فوضى بعد مقتل بوتو".

دلالة الحدث

التغطية الصحفية البريطانية لم تقتصر فقط على الجانب الإخباري واستعراض تطور الأحداث خلال الفترة الأخيرة في باكستان منذ ما قبل عودة بوتو إلى البلاد، بل تناولت مغزى ودلالة ومضاعفات اغتيالها وانعكاساته على الوضع السياسي في البلاد. صحيفة "الاندبندنت" تنشر موضوعا بعنوان "وقائع موت معلن" مقتبسة في ذلك عنوان رواية الكاتب الكولومبي الشهير جابرييل جارثيا ماركيز الشهيرة، بقلم رئيسة قسم الشؤون الدبلوماسية آن بنكيث.

تقول كاتبة المقال إن بوتو حضرت غذاء وداع في نادي سلاح الطيران الملكي البريطاني للمرة الأخيرة قبيل مغادرتها لندن عائدة إلى بلادها، وأبدت تفاؤلا كبيرا بقدرتها على قيادة القوى المعتدلة لمواجهة قوى التطرف بعد اجراء انتخابات نزيهة، وكانت تبدو واثقة من فوزها بفترة حكم ثالثة. وقد تحدثت بوتو أيضا، بوضوح لا لبس، فيه عن "الاتهامات بالفساد التي وجهت إليها في الماضي" كما "تحدثت بلباقة عن دور المرأة في الإسلام".

وتقول الكاتبة، التي تحدثت مع بوتو، إنها قالت لها "أعتقد أننا في الوقت الراهن نواجه اختيارا حاسما بين الديمقراطية والديكتاتورية، بين الاعتدال والتطرف". وأضافت بوتو "أعرف أن هناك مدرسة في التفكير السياسي تميل إلى أن من الأفضل مواجهة التطرف بنظام يدعمه الجيش. وبهذا المعنى يفضل البعض رؤية ديكتاتورية محكومة كحليف مستقر يعول عليه بدلا من حكومة منتخبة تتمتع بتأييد الشعب".

وتقول الكاتبة إن بوتو أبدت لها معارضتها التامة لهذا الرأي، ووصفته بأنه "خطأ استراتيجي في الحسابات" قد تكون له انعكاسات مدمرة على المعركة ضد التطرف والتعصب والحقد الذي يمثل اليوم أكبر خطر على أمن باكستان الداخلي". وتقول الكاتبة إن تلك الكلمات تبدو الآن كما لو كانت وقائع لموت معلن". وبينما كانت التوقعات تشير إلى احتمال اعتقالها عند عودتها في اكتوبر/ تشرين الأول، فقد تعرضت في اليوم الأول لوصولها للاغتيال في كراتشي.

وتستعرض الكاتبة ايضا مسار حياة بوتو منذ انتخابها رئيسة للوزراء عام 1988 "كأول زعيمة لدولة مسلمة"، مرورا باتهامها بغسيل الأموال والحكم عليها بقضاء 5 سنوات في السجن، حتى أحداث 2007 الصاخبة منذ قرار الرئيس برفيز مشرف إعفاء رئيس المحكمة الدستورية من منصبه وما أعقبه من غليان في الشارع السياسي وصولا إلى فرض حالة الطوارئ ثم رفعها، حتى اغتيال بوتو أخيرا، وهو ما ترى الكاتبة انه كان على نحو ما، أمر محتم.

الحكم العسكري

الكاتب اليساري الباكستاني الأصل طارق علي يكتب في "الاندبندنت" أيضا مقالا بعنوان "مأساة ولدت من الحكم العسكري المطلق والفوضى". يقول طارق إن التعايش الشاذ بين الاستبداد العسكري والفوضى خلق الظروف التي أدت إلى اغتيال بوتو في روالبندي. ويضيف قائلا "في الماضي كان الحكم العسكري ضمانة للأمن، وقد حقق ذلك لعدة سنوات. أما اليوم فإنه يخلق الفوضى ويشجع الخروج على القانون. ويتساءل: كيف يمكن تفسير طرد رئيس المحكمة الدستورية وثمانية من القضاة بسبب محاولتهم جعل أجهزة المخابرات والشرطة مسؤولة أمام القضاء، والتحقيق في تستر تلك الأجهزة على اغتيال زعيم سياسي بارز". ويتساءل طارق علي: "يقال إن القتلة من الجهاديين المتطرفين، وهذا قد يكون صحيحا، ولكن هل كانوا يتصرفون بمفردهم؟".

موت في روالبندي

وتحت عنوان "موت في روالبندي" تتناول افتتاحية صحيفة "الجارديان" اغتيال بوتو قائلة إنه حدث مروع ولكنه كان متوقعا. "لقد كانت زعيمة ديمقراطية شجاعة رغم كل أخطائها، وسيكون لموتها انعكاسات خطيرة، ليس فقط بالنسبة لباكستان بل للعالم كله". وتحيي افتتاحية الصحيفة شجاعة بوتو عندما قررت العودة إلى باكستان بعد قضاء 8 سنوات في المنفى، وحديثها الصريح عن احتمالات تعرضها للاغتيال قائلة إنها تعرض حياتها للخطر لأنها تشعر أن بلادها معرضة للخطر.

مسؤولية الجيش

وتقول الافتتاحية إن بوتو كانت تخوض حملتها الانتخابية بشجاعة في مناطق مثل كويتا أو سوات أو غيرها من المناطق التي تنتعش فيها العناصر المسلحة. وتضيف "إن التهديد الذي شكلته عودتها بالنسبة للمسلحين الإسلاميين لم يكن شيئا مقارنة مع ما شكله بالنسبة للمؤسسة العسكرية التي تشن حربا ضد عائلتها منذ ثلاثين عاما". "فإذا كانت بوتو قد نجحت في تحويل باكستان إلى دولة ديمقراطية وخلصتها من الحكم العسكري، لكانت ستصبح خطرا على كبار الجنرالات الفاسدين الذي كونوا ثروات ضخمة".

الفوضى السياسية

في "الجارديان" أيضا تكتب جوليان بورجر مقالا تحت عنوان "الخطوات المترددة نحو الديمقراطية قد تؤدي إلى اندفاع طائش نحو الفوضى السياسية". تقول الكاتبة إن الرصاصات التي أُطلقت على بنظير بوتو أصابت أيضا مستقبل باكستان، وجعلت جهود اعادة الديمقراطية "ترقد في غرفة العناية المركزة". وتقول إن أنصار بوتو ينظرون إلى حكومة الرئيس مشرف والمخابرات الباكستانية على أنهما إما ضالعان في الاغتيال أو أنهما فشلا في منعه. وتحذر الكاتبة من أن أعمال العنف التي أعقبت اغتيال بوتو قد تجعل الرئيس مشرف يعيد فرض حالة الطوارئ في البلاد.

وتتساءل الكاتبة قائلة إنه إذا كان مصير كل من بوتو ومشرف مرتبطين فهل يعني ذلك أنه بعد غياب أحدهما عن الساحة يمكن للآخر أن يستمر؟ وتجيب قائلة إن الأمر يعتمد جزئيا على خليفته في قيادة الجيش، الذي قد يصل إلى التفكير في أن "ربيبه" قد أصبح عقبة في وجه الاستقرار.

وتخلص إلى القول إن الرئيس مشرف اتهم المتطرفين باغتيال بوتو، وهي العناصر التي تشكل الظاهرة التي سبق له القول إنه يستطيع التحكم فيها، وكان هذا التعهد المبرر الأساسي لاستمراره في السلطة. ولكن- تقول الكاتبة- يشير اغتيال بوتو والعنف السياسي الذي انتشر في البلاد إلى أن مشرف فشل في تلك المهمة المحددة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف