لماذا يحتاج الكونغرس إلى نواب من العلماء؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
واشنطن: (إنهم لم يتواجدوا قط بقوة داخل الكونغرس، لكن مع التحدي الذي يواجه عملهم، ربما يسعون لتغيير هذا الوضع )، بهذه العبارة يبدأ الصحفي بريت شوالت Bret Schulte مقاله المنشور على موقع صحيفة U.S Newsamp; World Report يوم 6 ديسمبر 2007 تحت عنوان "مطلوب للكايبتول هيل: بضعة علماء أكفاء"، ليصف حاجة الكونغرس الأميركي إلى مزيد من النواب العلماء في التخصصات المختلفة في المرحلة المقبلة.
السياسيون يشوهون الحقائق العلمية
شهدت الفترة الأخيرة اهتماما متزايدا بهذه القضية بعد أن عقد الاتحاد الأميركي لتطوير العلوم the American Association for the Advancement of Science خلال الصيف الماضي ورشة عمل مصغرة تتناول طريقة خوض العلماء للحملات السياسية. وعادة ما تقتصر هذه الورش على وجود 15 فرد فقط، لكن هذه الورشة التي عقدت في قاعة للمؤتمرات بواشنطن قد شهدت إقبالا واسعا واستضافت أكثر من 60 شخصا ممن يهتمون بهذه القضية.
وبعد استماع الحضور لعدد من واضعي الاستراتيجيات من كل من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، الذين كان أبرزهم "جو تريبي Joe Trippi" رئيس حملة المرشح الرئاسي "جون إدواردز John Edwards"، سيطر الحماس على الحضور وعلى المنظمين، حيث أشار "مايكل براون Michael Brown" منسق ورشة العمل والمدير التنفيذي لجمعية "علماء ومهندسين من أجل أميركا Scientists and Engineers for America"، إلى أن الجمعية بدأت تطرح تساؤلا جديا هو: أين يمكننا أن نجد مديرا ميدانيا، أي متخصصا في واقع أمر علمي من أمور الحياة؟
ويضيف براون قائلا: "لقد حان الوقت لانتقاء العلماء، إذ الواضح أن الخطاب الحزبي والسياسي يهيمن على النقاشات الدائرة حول ارتفاع درجات حرارة الأرض وتنظيم النسل والأبحاث المعنية بالخلايا الجذعية (خلايا المنشأ) والتطور.إلخ، وأنه قد حان الوقت للعلماء أن يروا طريقتهم الحياتية بنمط مختلف يساعدهم في مواجهة هذه التحديات المتعلقة بعملهم بشكل مباشر وأن يردوا على هذا الهجوم عبر أدوات السياسة لا العلم فقط". ودعا براون الناخبين إلى دعم ترشيح العلماء الأكثر عملا وإفادة عن أولئك الذين تعلو أصواتهم بالضجيج فقط.
وتجدر الإشارة إلى أن العلماء لم يلعبوا سابقا دورا قويا في السياسات الأميركية، وأن عدد النواب العلماء في الكيمياء والفيزياء والطبيعة في الكونغرس الحالي يقتصر على ثلاثة فقط. وحتى إذا ما أشير إلى كلمة "العلماء" بالمعنى الأشمل للعلم ذاته، فإنه يوجد فقط 24 نائبا من بين 535 نائبا في مجلسي الكونغرس قد يقعوا ضمن هذا التصنيف، منهم خبير في علم قياس البصر وآخر طبيب بيطري.
ويرى أنصار دخول العلماء حلبة السياسة في أميركا أن غياب الأصوات العلمية عن النقاشات العامة يؤثر بالسلب على نتائج تلك النقاشات ويهمش دور العلم في صياغة السياسات خاصة بعد أن بدأ دور العلم في التضاؤل منذ العام 1995 حينما قامت الأغلبية الجمهورية بالكونغرس في هذا الوقت بإلغاء مكتب التقييم التقني the Office of Technology Assessment بهدف تقليص النفقات بعد أن كان هذا المكتب يتولى مسؤولية إعداد تقارير علمية شديدة التفاصيل تقدم للكونغرس حين يطلب ذلك، وبحيث لا تنحاز هذه التقارير لرأي حزب بعينه في قضية فنية أو تقنية أو علمية محددة.
وعلى سبيل المثال يرى بعض العلماء أن تشويه الحقائق غير السائغة علميا قد أصبح أمرا شائعا لغرض خدمة الأهداف السياسية. ويصف "أدريان ميلوت Adrian Melott" العالم الفيزيائي بجامعة كانساس إدارة بوش الحالية بأنها أسوء إدارة عرفتها أميركا فيما يرتبط بتشويه الحقائق العلمية. وعلى سبيل المثال، فقد صدر مؤخرا تقرير عن مراكز السيطرة على والوقاية من الأمراض the Centers for Disease Control and Prevention يحذر من التداعيات الصحية السلبية المترتبة على ظاهرة ارتفاع درجة حرارة الأرض (الاحتباس الحراري)، لكن البيت الأبيض نقح التقرير بحيث أصبح يركز بشكل كامل على الإجراءات التي يجري اتخاذها لحماية الصحة العامة في مستقبل يتسم بارتفاع درجات الحرارة.
ماذا يقول العلماء؟
من جانبهم لم يكف عالمي الطبيعة الفيزيائيان والنائبان بالكونغرس عن الدعوة لأن يدخل العلماء حقل السياسة والتشريع. وعلى الرغم من أنه عادة ما تقابل دعوات عضو مجلس النواب الجمهوري "فيرنون إهلرز Vernon Ehlers" (ولاية ميتشيجان) للعلماء بالترشح لتولي مناصب سياسية بالسخرية، فإنه يظل متمسكا بترشح العلماء، مؤكدا أن البلد بحاجة إلى جهودهم.
ويدرك "إهلرز" تمامًا أهمية وجود أنصار للعلم بالمناصب السياسية، ويعتقد أن العلماء قد أدركوا مؤخرا فوائد تولي المناصب السياسية، وإن كانوا لم يخطوا الخطوات الملائمة في هذا المجال".
ويذكر أن إهلرز عالم الفيزياء النووية لم يصدق الناس في عام 1974 أنه قد شغل موقعا سياسيا بولاية ميتشيجان على حساب مرشحين مدعومين بالأموال، وتميز لمدة 20 عاما بعمله السياسي داخل الولاية حتى أصبح عضوا بمجلس النواب منذ عام 1993.
واليوم يعد إهلرز من أشهر نواب الكونغرس على الإطلاق، فهو من أنصار اعتماد مقاييس المحاسبة والرقابة في مجال التعليم العلمي، ومؤثر قوي على مدير محطة ناسا الفضائية ميكال جريفين Michael Griffin".
أما العالم الفيزيائي والمليونير الديمقراطي "بيل فوستر Bill Foster" فقد بدأ بالفعل في إحراز نصر انتخابي مبكر عن مقعد ولاية إلينوي والخاص بالرئيس السابق المتقاعد لمجلس النواب "دينيس هاسترت Dennis Hastert". وتعتمد حملة "فوستر" الانتخابية على العلماء، حيث حصل على تأييد 19 على الأقل من الفائزين بجائزة نوبل، إلى جانب أن 71% من المساهمين في حملته والذين يتجاوز عددهم 680 فردًا من العلماء. وتعتبر هذه المرة الأولى التي يسهم الكثير منهم في حملات انتخابية، حتى أن ليون ليدرمان Leon Lederman الحائز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1988 قد ذكر بأنه "على العلماء أن يدعموا من يرغب منهم في الوصول للكونغرس لأن صانعي السياسية لا يجيدون التطبيقات العملية".
ويبدي فوستر رغبته في أن يعبر العلماء عن أنفسهم بصوت عال، ويؤكد أن الفارق اليوم هو في إبداء رغبتهم واستعدادهم للوقوف لفعل شيء ما بخصوص ذلك. وقد اتضح ذلك العام الماضي عندما ألحق السناتور الديمقراطي "جيري مكرنري Jerry McNerney" المهندس المتخصص في التوربينات العاملة بطاقة الرياح، هزيمة مدوية بعضو مجلس النواب عن الحزب الجمهوري "ريتشارد بومبو Richard Pombo " في ولاية كاليفورنيا الشمالية. ويذكر أن "بومبو" الذي كان يعد العدو الأول لجماعات الخضر في الولايات المتحدة.
وتبعا لذلك يأمل "مايكل براون" منسق ورشة العمل والمدير التنفيذي لجمعية "علماء ومهندسين من أجل أميركا"وآخرون من العلماء في المجالات المختلفة في تنامي هذا الزخم في الآونة المقبلة. نظرا إلى خبرته الطويلة قي حقل العمل السياسي لما يزيد عن 17 عاما، فإن براون قد عكف مؤخرا على إعداد مشروع يقدم للعلماء دروسا في السياسة، ويعمل مع مجموعة متنوعة من الأكاديميات والجمعيات لتعزيز فكرة ترشح العلماء للمناصب السياسية ودعم فكرة خوضهم انتخابات الكونغرس وكيفية ممارستهم حقل العمل السياسي. وسوف تعقد الجمعية أكثر من ورشة عمل في الربيع المقبل للتدريب على هذا الأمر قبل انتخابات الكونغرس رقم 111 المقبلة في نهاية عام 2008.