الصحف البريطانية: المسلمون اليوم ..اعادة لمعاناة يهود القرن الماضي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن: تناولت الصحف البريطانية الصادرة اليوم الاعتقالات التي تتمبحق المسلمين في اطارحملات مكافحة الارهاب من زوايا مختلفة. ففيالصفحة التاسعة من جريدة التايمز الصادرة هذا الصباح إعلان لكتاب مراسل البي بي سي للشؤون الأمنية، فرانك جاردنر، الذي أطلق عليه النار في العاصمة السعودية الرياض عام 2004 وأصيب بست رصاصات.
الكتاب اسمه "دماء ورمال"، وقد كتبه جاردنر بعد الحادث الذي تعرض له، وهو يدور عن خبرته التي اكتسبها كمراسل في الشرق الأوسط خلال النصف الثاني من عقد التسعينات والنصف الأول من الألفية الثانية.اللافت هذا الصباح هو توقيت الإعلان الذي جاء عنوانه كالتالي: "عاش ليروي..."، وفي السطور التالية نقرأ عن الكتاب أنه "وصف مميز للشرق الأوسط، الحرب على الإرهاب، انتظار الموت، ورحلة العودة المدهشة إلى الحياة".
كان يمكن لهذا الإعلان أن يكون كمثله من الإعلانات التي تنتشر في الصحف البريطانية وتروج لسلع وخدمات وكتب وأحيانا برامج تلفزيونية. لكن الجديد هذه المرة أن هذا الإعلان هو لكتاب صدر منذ ستة أشهر وحظي حينها بحملة ترويجية كبيرة. وأن الصفحتين السادسة والسابعة من صحيفة التايمز اليمينية تتناولان موضوع الساعة في الجزر البريطانية وهو: علاقة المسلمين الذي يعيشون على هذه الأرض بالإرهاب.
إذن ليست صدفة أن يتجدد الترويج للكتاب وأن ينشر الإعلان في الصفحات اللاحقة لموضوع الساعة، والذي تفجر بالطبع بعد قيام الشرطة البريطانية باعتقال عدد من المسلمين البريطانيين على خلفية الاشتباه بتحضيرهم لعمليات خطف لجنود بريطانيين مسلمين وقتلهم بطريقة مماثلة لتلك التي نفذتها جماعات مسلحة في العراق ونقلتها بعض مواقع الانترنت.
مسلمو سباركبروك
الصفحة السادسة من التايمز تناولت تحقيقا حول المسلمين الذي يعيشون في منطقة سباركبروك، وقد عنون أندرو نورفولك تحقيقه بـ: "المؤامرات والبارانويا تسيطران على وجهات نظر غالبية المسلمين في سباركبورك". وفي عنوان فرعي كتب نوروفولك: "من الصعب أن تجد أي شخص في هذا الحي الهادئ لا يعتقد بأن الاعتقالات (التي نفذتها الشرطة البريطانية) هي حيلة من أجل تشويه صورة المسلمين". وداخل التحقيق نقل نورفولك وجهة نظر محمد إدريس (37 عاما)، الذي وصفه بأنه "مهذب وودود ومتأكد بأن أية مؤامرة لقتل جندي بريطاني مسلم هي من عمل الحكومة أو رجال أجرتهم الحكومة".
وقال نورفولك إن "إدريس شرح (له) بأنه واجبه كمسلم يأتي قبل واجبه لبريطانيا. وأنه يفضل أن يترك هذا البلد لو وجد نفسه سيقاتل مسلمين في بلاد مثل العراق وأفغانستان."
المسلمون يتلقون نفس المعاملة التي كان اليهود يتلقونها منذ قرن مضى
وفي التحقيق أيضا نقل نورفولك وجهة نظر جندي مسلم سابق في الجيش البريطاني قال إن "المؤامرة التي أعلنت عنها الشرطة البريطانية لو كانت قد نفذت فإنها كانت ستحمل عواقب خطيرة للمسلمين في العالم أجمع، مضيفا أن ما يود قوله للمتطرفين هو أن التطرف لا يساعد على تغيير أي شيء. وأنه إذا أراد أي منهم أن يحدث تغييرا وأن يكون فعالا، فيجب عليه أن يكون جزءا من النظام وأن يعمل داخله بسلام". ي الصفحة السابعة من التايمز أيضا موضوع عن المتطرفين البريطانيين من المسلمين الذين يقال لهم في معسكرات تدريبهم في أفغانستان: عودوا إلى بريطانيا وحاربوا هناك.
ويقول دانيال مكجروري في بداية الموضوع "إن معسكرات تدريب تنظيم القاعدة في الخارج قد قررت من أجل سلامتها أن تكون بريطانيا هي أرض التجارب في الغرب من أجل تكتيكاتها الإرهابية الجديدة، مثل استعمال مجندين نشأوا في بريطانيا لتنفيذ اعتداءات التنظيم."
ويضيف أن "المجندين الذي ولدوا في بريطانيا ويحملون جوازات سفر بريطانية يمكنهم بسهولة السفر إلى باكستان دون التدقيق أمنيا في أسباب السفر نظرا لوجود صلات أسرية لهم هناك". "وأنه في كل مرة تقريبا تم الكشف عن مؤامرة إرهابية كبرى في بريطانيا، فإن الأشخاص الرئيسيين المتورطين في المؤامرة لابد وأن أمضوا في فترة سابقة من حياتهم وقتا في معسكر للمتطرفين في الخارج."
كما أن "كثيرا من البريطانيين الذين ذهبوا إلى باكستان من أجل التطوع كمقاتلين جهاديين في حروب كشمير والشيشان وأفغانستان، قيل لهم من قبل قادتهم في القاعدة أنهم سيكونون أكثر فائدة لو عادوا إلى ديارهم ونقلوا الحرب إلى المدن البريطانية."
في الجارديان كتبت مليحة مالك عن أوضاع المسلمين هذه الأيام والتي قارنت بينها وبين أوضاع اليهود منذ مائة عام. فتحت عنوان "المسلمون يتلقون نفس المعاملة التي كان اليهود يتلقونها منذ قرن مضى"، بدأت مليحة، والتي تحاضر في القانون في جامعة كينجز كولدج في لندن، مقالها بوصف أوضاع المهاجرين اليهود الذين كانوا يعيشون في شرق لندن منذ مائة عام، وهو وصف يقترب كثيرا من أوضاع المسلمين الحالية في نفس المنطقة من العاصمة البريطانية. وبعد عقد المقارنات تقول مليحة إن "المقارنة بين أوضاع اليهود والمسلمين في بريطانيا تكشف عن حقيقة متكررة في التاريخ البريطاني الحديث وهو: الانزلاق السريع للمخاوف الأمنية المتعلقة بالأقليات الدينية نحو مفهوم "الحضارة في مواجهة البربرية"."
وتختم مليحة مقالها بالاستشهاد بتحذير للسير كين ماكدونالد، رئيس جهاز مراقبة سير إجراءات العدالة والتقاضي في بريطانيا، والذي قال فيه: "لو أردنا الحفاظ على أمننا فإننا يجب أن نتخلى عن أوهام أننا نخوض حروبا، وأن نتعامل مع الإرهاب في سياق العدالة الجنائية."
"أكثر من 28 يوما..."
وفي خطوة ذات صلة بالأحداث الجارية، فإن وزير الداخلية البريطاني جون ريد حذر من أن أمن بريطانيا سيتعرض للخطر لو لم يتم تمديد فترة الاعتقال والاستجواب دون توجيه تهم أكثر من 28 يوما، وهي الفترة الحالية التي ينص عليها قانون مكافحة الإرهاب. هذا الخبر غطته صحيفة الاندبندنت اليسارية التوجه في الصفحة السادسة وفي الصفحة السادسة والثلاثين ردت على اقتراح ريد بالقول في رأيها اليومي: "إنه عندما صوت البرلمان على زيادة فترة الاعتقال والاستجواب دون توجيه تهم للمشتبه بتورطهم في أعمال إرهابية من 14 يوما إلى 28 يوما، فإن البرلمان فرض تقييدا خطيرا على حرياتنا المدنية. لكن الآن يقال لنا أنه حتى فترة الثمانية والعشرين يوما ليست كافية. بل أن وزير الداخلية جون ريد يسعى من أجل الحصول على سلطات جديدة في مجال الاعتقال."
وتختم الصحيفة رأيها بالقول إنه "لا يوجد سبب يدفع وزراء الحكومة الحالية التي يرأسها توني بلير إلى إلحاق الضرر بسمعتهم عبر تبني هذه المحاولة المجنونة من قبل السيد ريد التي تهدف إلى استغلال مخاوف الناس من أغراض سياسية."