خطة أمن بغداد تواجه تحديات إعاقة التنفيذ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
محكمة الأنفال تبدأ بالاستماع الى شهود الدفاع
خطة امن بغداد تواجه تحديات إعاقة التنفيذ
أسامة مهدي من لندن : تواجه خطة امن بغداد تحديا واضحا يحاول من خلاله المسلحون افشالها قبل ان تبدأ من خلال تصعيد عمليات التفجير التي تسببت الاسبوع الماضي بقتل ألف عراقي بينما يصر رئيس الوزراء نوري المالكي على المباشرة بها نهاية الاسبوع الحالي رغم ظهور خلاف عراقي اميركي حول موعد المباشرة بها.. في وقت تستأنف المحكمة الجنائية العراقية العليا في بغداد اليوم محاكمة المتهمين في قضية الانفال التي ابيد خلالها عشرات الالاف من الاكراد خلال عامي 1987 و1988 والمتهم فيها الرئيس السابق صدام حسين الذي نفذ بحقه حكم الاعدام اضافة الى ستة من كبار مساعديه السابقين الذين ستبدأ المحكمة بالاستماع الى اقوال شهود الدفاع عنهم .
وابلغ مصدر عراقي "ايلاف" اليوم ان المسلحين الذين من المؤكد انهم يترصدون تطور الاستعدادات العسكرية للقوات العراقية والاميركية للبدء بخطة امن العاصمة قد دخلوا في سباق مع الزمن مع هذه القوات من اجل اعاقة تنفيذها للخطة من خلال تصعيد عمليات التفجير الارهابية وخاصة التي تستهدف المواطنين الامنين بهدف خلق حالة من الرعب تمنعهم من التعاون مع السلطات وارباك الخطط العسكرية الموضوعة وارغام مخططيها على اعادة النظر فيها بين الحين والاخر وهو ما أعاق لحد الان البدء بالتنفيذ .
وفي هذا الاطار اشار المصدر الى ان عمليات التفجير التي شهدتها بغداد الاسبوع الماضي وحده قد حصدت ارواح الف عراقي بينما تسببت تفجيرات منطقة الصدرية في وسط بغداد الاحد الماضي بقتل واصابة حوالى 450 اخرين . وقال ان كل هذه التفجيرات والاغتيالات وعمليات الاختطاف قد ارغمت السلطات على تأجيل البدء بتنفيذ خطة الامن حتى تتمكن بشكل كامل من السيطرة على مناطق العاصمة الساخنة ووضعها تحت سيطرتها ومراقبتها وهو ما بدأت به فعلا منذ يومين بنشر قوات كبيرة في هذه المناطق . واوضح أن تأجيل الخطة هدفه ايضا تفادي الفشل حيث إن تكرار التفجيرات بعد بدئها مباشرة سيعني بالتأكيد نكوصا مبكرا وهو ما يعمل عليه المسلحون .
ولذلك فقد اكد رئيس الوزراء نوري المالكي على القادة الامنيين لدى اجتماعه بهم امس علىضرورة تسريع عمليات تنفيذ خطة الأمن في بغداد وقال محذرا من فشل الخطة ''تعرفون ماذا سيحل بالعراق عندما تنتصر إرادة الميليشيات والإرهابيين والخارجين عن القانون''. واضاف ''ليس منكم من هو محسوب لحماية طائفة إنما لحماية كل العراقيين والعمليات ستستهدف كل الطوائف وكل القوميات إذا خرجت عن القانون ونحن جميعاً في هذا المركب إما أن ننجو وإما أن نغرق في خضم هذا الإرهاب''.
صراع إرادات وأهداف متقابلة
ووصف المصدر ما يجري الان بأنه تحد وصراع أهداف بين السلطات العراقية والاميركية المصرة على تنفيذ الخطة وإنجاحها والتي ارسل الى العراق من اجلها اكثر من 21 الف عسكري اميركي وبين المسلحين الذين يدركون تماما أن نجاح الخطة قضاء عليهم وان فشلها سيشكل ضربة تقلب موازين القوى لغير صالح حكومة المالكي التي يسعون إلى خلق ظروف تفقد ثقة الراعي الاميركي بها مع ما يمكن ان يجره هذا من تداعيات خطرة على العملية السياسية برمتها .
واشار بهذا الصدد الى اعلان ابو عمر البغدادي رئيس ما يطلق عليها " الدولة الإسلامية في العراق" عن استراتيجية الكرامة المقابلة للاستراتيجية الأميركية بشكل يعكس حقيقة ردود الفعل المقابلة التي تعول بشكل أساسي على توسيع رقعة العمليات توخيا لتحقيق عدد من المكتسبات التي تصب في صالح إرباك الاوضاع العراقية بمجملها .
ولهذا طالب الحزب الاسلامي العراقي السني بزعامة نائب الرئيس طارق الهاشمي الحكومة العراقية اليوم إثر تصاعد العمليات المسلحة "بأن تضع حداً لهذا العبث وأن تلاحق هولاء المجرمين وأن ترسل رسائل حقيقية تطمئن المواطن العراقي إلى أن الخطة الأمنية سائرة في الاتجاه الصحيح وبخلاف ذلك فلن تعود الخطة الا بمزيد من الفشل وستبقى الحكومة في دائرة العزلة عن المجتمع الدولي ويستمر الأذى يلاحق جميع العراقيين".
وأكد أن "الميليشيات هي من القوات الأمنية العراقية التابعة للمغاوير ولحفظ النظام وغيرها فعندما تأتي القوات الأميركية يقومون بارتداء الزي الرسمي وعندما يكونون في مأمن فإنهم يعودون إلى طبيعتهم الميليشياوية ويدهمون العوائل الآمنة ويهجّرونها ويحرقون بيوتها" .
ومن جهته قال نائب عراقي إن الحكومة العراقية اختارت ثلاثة ضباط من الجيش الحالي كانوا ينتسبون إلى الجيش السابق ويحملون رتبا عالية بمهمات قيادة الخطة الأمنية الجديدة.واشار النائب حسن السنيد عضو اللجنة الأمنية في مجلس النواب الى أنه "وقع الاختيار على الضباط الثلاثة لكونهم من المستقلين ومن غير المنتمين إلى الأحزاب العراقية." وأضاف "من أبرز أهداف الخطة تشخيص أماكن وجود العناصر الإرهابية التي تستهدف المدنيين وترافق الخطة محاور إعلامية وخدمية حيث كلف رئيس حزب المؤتمر الوطني العراقي أحمد الجلبي والقيادي في الحزب الإسلامي نصير العاني برئاسة لجنة الحشد الشعبي لتتولى تقديم الدعم للأجهزة الأمنية الرسمية في أداء مهماتها" .
يذكر ان الخطة الأمنية الجديدة تتضمن تقسيم العاصمة إلى 9 مناطق يديرها ضابط برتبة كبيرة يمنح جميع الصلاحيات فضلا عن تمركز 900 جندي أميركي في كل من هذه المناطق لإسناد القوات العراقية . وأشارت مصادر امنية إلى تسمية ضابط كبير في الجيش العراقي السابق هو اللواء الركن عبود قنبر قائدا للعمليات في بغداد.
تناقض اميركي عراقي حول موعد البدء بالخطة
وقد ظهر خلاف اميركي عراقي الليلة الماضية حول بدء خطة امن بغداد .. ففي حين اعلن مصدر اميركي ان قوة عراقية اميركية مشتركة بدأت مساء الثلاثاء عملية عسكرية في حي الاعظمية شمال بغداد موضحا انها جزء من الخطة الجديدة لاعادة الامن الى العاصمة لكن مصدرا عراقيا اكد ان العملية محدودة .
واشار الميجور روبي بارك من لواء سترايكر إلى "ان القوة الاميركية والعراقية تقوم بعملية تمشيط في الاعظمية كجزء من الخطة الامنية الجديدة بمشاركة ثلاث كتائب من الفرقتين السادسة والتاسعة من الجيش العراقي والشرطة الوطنية" كما ابلغ وكالة الصحافة الفرنسية التي قالت ان العملية تضمنت تفتيش عشرات المنازل في الاعظمية وحولها حيث عثرت على "كميات كبيرة من الاسلحة .لكن مصدرا مقربا من المالكي اكد في وقت لاحق ان العملية "تتعلق بتشديد الامن حول منطقة الاعظمية اثر تلقي معلومات عن وصول مقاتلين الى هناك". واضاف "ان الخطة الامنية الشاملة لم تبدأ بعد".
وقد انتشرت امس الاثنين قوات تابعة للشرطة وبشكل كثيف قرب مداخل مدينة الصدر معقل جيش المهدي التابع للزعيم الشيعي رجل الدين الشاب مقتدى الصدر. كما لوحظ تمركز دبابات وعربات مدرعة تابعة لقوات الجيش في شوارع متفرقة في مناطق اخرى.
ومن جانبه قال ضابط اميركي رفيع المستوى ردا على استفسار عما اذا كانت العملية جزءا من خطة امن بغداد "نعم، تمضي خطة امن بغداد والتحضيرات المرافقة لها قدما وهذا كله جزء منها وبالتالي لا يمكن القول انها تبدأ في يوم محدد". واضاف "العملية بدأت وخطة امن بغداد هي عملية تستغرق وقتا ومدتها لن تكون ثلاثة ايام او ثلاثة اسابيع".
واوضح ان "الخطة الامنية عبارة عن عملية متكاملة تتضمن تحركات للجنود وشؤون لوجستية يجب النظر الى العملية بمجملها بدلا من ان تفكر انها حملة دهم او عملية في احد الاحياء لانها اكبر من هذا بكثير". واشار الى ان "هناك لواء سترايكر ومزيدا من الجنود يصلون الى بغداد الى معسكر فيكتوري قرب المطار في ضواحي العاصمة كما هناك الامدادات والمزيد من الجنود العراقيين بحيثإن الفرق في اعدادهم شاسع جدا مقارنة مع السابق . وقال ان كل هذه العناصر تشكل العملية ومجموعها يجعل منها خطة امن بغداد .
استئناف محكمة الانفال بالاستماع الى شهود دفاع
من المقرر ان تبدأ المحكمة الجنائية العراقية في جلستها الاربعين اليوم بالاستماع الى اقوال 18 شاهد دفاع عن المتهمين كما اعلن القاضي محمد الخليفة العريبي موضحا ان المحكمة قررت عدم اخذ اقوال الشهود الموجودين في الخارج والذين طلب المتهمون الاستماع الى شهاداتهم .
وكان عدد المتهمين اشاروا خلال جلسات سابقة للمحكمة الى ان العديد من القادة والضباط السابقين في الجيش العراقي يشكلون شهود دفاع مهمين عنهم لكنه تعذر الوصول اليهم بسبب مغادرة بعضهم للعراق واغتيال اخرين بينما رفض البعض الإدلاء بشهاداتهم خوفا .
وكان رئيس هيئة الادعاء منقذ ال فرعون قد عرض على المحكمة خلال جلساتها الاخيرة وثائق تؤكد ان مبردات الطب العدلي في محافظات الشمال لم تعد تستوعب جثث المتوفين في معسكرات اعتقال الاكراد وتشير الى اوامر بملاحقة واعتقال الاشخاص الذين يهربون من قراهم وكذلك استخدام الاسلحة الكيميائية ضد مقاتلين اكراد .
وتوضح الوثائق وهي عبارة عن خطابات رسمية صادرة عن "لجنة مكافحة النشاط المعادي" وعن "الاستخبارات العسكرية" تنفيذ عمليات اعدام ميدانية ضد عشرات الاكراد . وفي وثيقة صادرة عن مديرية صحة محافظة كركوك تشكو من ان جثث الاكراد المتوفين في معسكرات الاعتقال التي تصلها كبيرة العدد وبشكل لم تعد مبرداتها تسعها . وتؤكد وثائق رسمية اخرى على الاجهزة الامنية والحزبية والعسكرية بملاحقة وحجز جميع العوائل النازحة من قراها في قواطع العمليات العسكرية الى المدن وتسليمها الى الاجهزة الامنية . وتشدد وثائق اخرى على ضرورة استخدام الطائرات وجميع الاسلحة ومنها الكيميائية لضرب "المخربين الاكراد" .
ويعتبر المتهم الرئيس في القضية حاليا علي حسن المجيد بعد تنفيذ حكم الاعدام بصدام حسين الذي كان يعتبر المتهم الرئيس فيها حيث تؤكد العديد من الوثائق انه وراء الاوامر التي صدرت بقصف الكرى الكردية بالاسلحة الكيميائية . وعرض الادعاء خلال الاسابيع الثلاثة الماضية حوالى 60 وثيقة صادرة عن مديرية الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشرقية وادارة الحكم الذاتي ومديرية الامن صيف عام 1987 تدعو قوات الجيش الى تنفيذ الاعدام باي شخص يدخل مناطق تم حظر الدخول اليها ممن تتراوح اعمارهم بين 15 و70 عاما من دون محاكمة ولكن بعد التحقيق معهم لاستحصال معلومات منهم واستخدام الطائرات لضرب من يدخل هذه المناطق ايضا . واشارت وثائق اخرى الى ازالة وتدمير عشرات القرى في مناطق مختلفة من شمال العراق واعتقال المرحلين منها ومصادرة اموالهم عام 1987 . وتحدثت وثيقة عن تنفيذ حكم الاعدام بسبعة اكراد من دون محاكمة .. واخرى عن ترحيل اكراد تقل اعمارهم عن 9 اعوام .
وتعقد محكمة الانفال جلساتها للاستماع الى اقوال خبراء والاطلاع على وثائق تتعلق بقضية عمليات الانفال الناتجة من استخدام النظام السابق للاسلحة الكيميائية ضد الاكراد عامي 1987 و1988 ما اسفر عن مصرع حوالى 180 الف كردي وتشريد الاف اخرين وتدمير 3 الاف قرية.
وكان صدام حسين المتهم الرئيس في القضية قد تم اسقاط التهم عنه بعد إعدامه عقب أربعة أيام من مصادقة هيئة التمييز العراقية على قرار محكمة الدجيل التي أدانته وعددا من مساعديه بالمسؤولية عن مقتل 148 مواطنا من أبناء تلك البلدة الواقعة شمال بغداد عقب محاولة جرت لاغتياله هناك عام 1982 خلال الحرب العراقية الإيرانية. وقد استمعت المحكمة الى حوالى 100 مشتكٍ وشاهد وخبير اجنبي كما عرض عليها حوالى 60 وثيقة رسمية منذ بدء جلساتها في الحادي والعشرين من اب (اغسطس) الماضي حيث يوجد هناك 1270 شاهدا ومشتكيا لكنها اكتفت بهؤلاء موضحة انه في قضايا جرائم الابادة الجماعية يكون هناك عادة عدد ضخم من الشهود والمشتكين مما يتعذر الاستماع اليهم جميعهم.
المتهمون في قضية الانفال
والمتهمون الستة الاخرون بالاضافة الى صدام حسين الذي اسقطت عنه التهم اثر تنفيذ حكم الاعدام بحقه في الثلاثين من الشهر الماضي هم علي حسن المجيد الملقب بعلي كيمياوي وكان مسؤولا عن المنطقة الشمالية وسلطان هاشم احمد وزير الدفاع السابق وصابر عبد العزيز الدوري رئيس الاستخبارات العسكرية وحسين رشيد التكريتي رئيس هيئة الاركان للجيش العراقي السابق وطاهر توفيق العاني العضو القيادي في حزب البعث المنحل والسكرتير العام للجنة الشمال وفرحان مطلك الجبوري الذي كان يشغل منصب مسؤول الاستخبارات العسكرية للمنطقة الشمالية. ويواجه المجيد تهمة ارتكاب إبادة جماعية فيما يواجه المتهمون الآخرون تهما بارتكاب جرائم حرب ويدفع هؤلاء بأن حملة الانفال رد شرعي على قتال الأكراد العراقيين الى جانب إيران ضد بلدهم في الحرب بين الدولتين بين عامي 1980 و1988.
ويتهم الاكراد القوات العراقية بشن هجمات بغاز الخردل وغاز الاعصاب في الحملة التي استمرت سبعة أشهر والتي يقولون ان اكثر من 180 الف شخص قتلوا خلالها فيما نزح عشرات الالاف. وتركزت إفادات شهود العيان الستة خلال الجلسات السابقة على حجم المعاناة التي خلفها استخدام الجيش العراقي لأسلحة "كيمائية" على المدنيين خلال حملة الانفال العسكرية حيث أبلغ قرويون أكراد المحكمة كيف أن عائلات قضت نحبها بعد ان قامت طائرات بقصف القرى الجبلية بأسلحة كيميائية.وقد سميت الحملة " الأنفال" نسبة للسورة رقم 8 من القرآن الكريم. و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة الكريمة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة. استخدمت البيانات العسكرية خلال الحملة الآية رقم 11 من السورة: " إذ يوحي ربك إلى الملائكة أنى معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ".