النيران الصديقة والعلاقات البريطانية الاميركية الخاصة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
هجوم أميركي على قافلة بريطانية لندن: قضية "النيران الصديقة" التي راح ضحيتها جندي بريطاني في العراق تصدرت عددا من الصحف البريطانية على رأسها صحيفة "التايمز" التي تبرز أولا خبر موافقة وزارة الدفاع الأميركية على تسليم بريطانيا شريط فيديو يظهر كيف اطلقت طائرة عسكرية أميركية نيرانها على قافلة عسكرية بريطانية في العراق أثناء الغزو عام 2003. وقد تسببت الحادثة في قتل العريف البريطاني ماتي هول. وقد جاءت موافقة الأميركيين على تسليم شريط الفيديو بعد أن تسربت محتوياته إلى الصحف
وتنشر "التايمز" على صفحتين من صفحاتها الداخلية تحت عنوان "نيران صديقة" تفاصيل محتوى شريط الفيديو الذي يسجل ما وقع وأهمه أن قائدي طائرتين حربيتين أمريكيتين يقولان للقيادة إنهما يشاهدان قافلة سيارات عسكرية ترفع أعلاما برتقالية مما يعني أنها تحذير من البريطانيين من النيران الصديقة.
إلا أن القائد يؤكد لهما أنه ليس هناك في المنطقة قوات صديقة. ولذا يتخذ القرار بإطلاق النار. وسرعان ما يكتشف الطياران الخطأ بعد إطلاق النيران ومقتل الجندي البريطاني.
أمر محتم ولكن
وتحت عنوان "الطيارون يستحقون التعاطف وليس قادتهم" يكتب برونوين مادوكس في "التايمز" يقول "بعد مشاهدة الشريط (الذي يبلغ توقيته 15 دقيقة) سيشعر كثيرون بالتعاطف مع الطيارين اللتين أطلقا نيرانهما على قافلة عسكرية بريطانية قرب البصرة. فبعد أن يدركا ما قاما به يتحول الشريط إلى صراخ مهتاج وتعنيف شديد للذات". ويمضي قائلا "البعض يرى أن النيران الصديقة أمر محتم في الحروب إذا ما أخذنا في الاعتبار أجواء المعركة المليئة بالتوتر والضغط".
ويواصل "غير أن القوات المسلحة قطعت شوطا طويلا في تحسين وسائل تجنب مثل هذه الأخطاء.... في حالة الهجوم الذي أدى إلى مقتل العريف هول أدت سلسلة من الأخطاء إلى القرار النهائي الكارثي، فرغم أن الطيارين رصدا "شيئا برتقالي" فوق أسطح المركبات العسكرية إلا أنهما أقنعا أنفسهما بان ما يرونه قاذفات صواريخ". ويعزو الكاتب خطأ الطيارين إلى ضعف في التدريب لكنه لا يعفي القيادة من المسؤولية المباشرة، فبعد استبعاد وجود قوات صديقة في المنطقة تراجعت وقالت لهما إن البريطانيين قد يكونون هناك. ولكن بالطبع بعد فوات الأوان.
رأي "التايمز" تعكسه الافتتاحية بعنوان "حقائق الحرب: العائلات الحزينة لا يجب أن تستجدي لمعرفة ما وقع".
أهمية الحقيقة
تقول الافتتاحية إن أسرة العريف القتيل والرأي العام البريطاني يعرفان الآن ماذا حدث، لكنهما لم يعرفا أبدا هوية الطيارين ولا نوع التأديب العسكري الذي سيتعرضان له، فقد أخفت السلطات الأمريكية هوية الطيارين لحمايتهما في حالة وقوعهما في الأسر. ستكشف عنهما فقط خلال المحاكمة العسكرية.
وتمضي الافتتاحية فتقول إن هذا كله مفهوم أما ما هو مطلوب فهو أن تعرف أسر الضحايا، كل ضحايا النيران الصديقة الأمريكية التي تصفها الافتتاحية بأنها متكررة في كل الحروب التي خاضتها أمريكا، ما هو نوع الفعل الذي تم اتخاذه لتحسين الوضع: "الناس لا يريدون أن يبقوا في الظلام، خصوصا عندما يمكن أن يساعد الصدق على التئام جروح الحرب".
هذه القضية التي أثارها ظهور تفاصيل شريط الفيديو (وهو مرة أخرى تأكيد على قيمة وقوة وأهمية الصورة في عصرنا وتأثيرها المدمر والمدوي!)، جعل صحيفة "الإندبندنت" تفتح ملف "العلاقة الخاصة" بين بريطانيا والولايات المتحدة.
العلاقة الخاصة
وتضع الصحيفة على صفحة الغلاف قائمة بأسماء كل الجنود البريطانيين المائة الذين قتلوا في العراق وتجعل العنوان الرئيسي قول توني بلير "العلاقة مع أمريكا هي التي تفتح الأبواب في كل مكان". ويكتب أندرو جرايس في الصفحة الثانية مقالا بعنوان "دفاع بلير عن العلاقة الخاصة ذو صدى فارغ". يقول الكاتب إنه في اليوم الذي قتل فيه الجندي البريطاني رقم 100 في العراق يدافع رئيس الوزراء عن استخدام القوة للإطاحة بصدام حسين.
ويعترف بلير - حسب المقال- بأن العلاقة الخاصة مع أمريكا قد تسببت في الإضرار به شخصيا بسبب موقفه المساند لواشنطن في حرب العراق. إلا أنه يصر على أن بريطانيا لا يجب أن تدفع بريطانيا إلى التخلي عنها بسبب الرأي العام الرافض تحت أي ظرف من الظروف. ويقول الكاتب إن نواب حزب العمال في البرلمان شعروا بصدمة عدم تصديق ما قاله بلير بشأن الانجازات التي تحققت من وراء العلاقة الخاصة مع بريطانيا منذ 1997.
وينقل كاتب المقال عن بيتر كيلفويل، وهو وزير دفاع سابق، تعليقه بقوله "إنه تضليل. قد يكون نوعا من التبرير الذاتي. إنها علاقة خاصة من طرف واحد، في اتجاه واحد. يتعين عليه أن يدرك في ظلمة الليل، كم كان مخطئا في تقديره لموقع المصالح البريطانية". وتعلق "الإندبندنت" في افتتاحيتها على القضية نفسها، فتقول إن أرملة الجندي الذي قتل في العراق بـ "نيران صديقة" كان يتعين عليها الانتظار 4 سنوات قبل أن تعرف نتيجة التحقيق في مقتل زوجها. وعندما وصل التحقيق إلى نهايته، صدر قرار بعدم اعلان نتائج التحقيق قبل أن تحصل السلطات البريطانية على تصريح من الأمريكيين ببث محتويات الشريط.
وتخلص الافتتاحية إلى أن الأمر كان بمثابة "اختبار للنزاهة والتفكير السليم والإنسانية. وهو اختبار فشل فيه المسؤولون على كلا جانبي الأطلسي قبل أن يرضخوا لضغوط الرأي العام الغاضب في آخر لحظة".
لماذا تبرئة الطيارين؟
أما صحيفة "الجارديان" فتصدر صفحتها الأولى بالعنوان التالي "البريطانيون شاركوا في التحقيق بشأن النيران الصديقة الذي برأ الطيارين". ويقول المقال المنشور بقلم ايوين ماكسكيل (من واشنطن) وجوليان بورجر من لندن، إن المسؤولين العسكريين البريطانيين "اشتركوا في التحقيق في مقتل الجندي البريطاني بنيران أمريكية في حرب العراق وهو ما انتهى إلى تبرئة الطيارين من الاحتياط وعودتهما إلى مواصلة مهمتهما كما تكشف الليلة الماضية". ويتساءل المقال: لماذا يوافق محققون عسكريون بريطانيون اشتركوا في التحقيق الأمريكي على تبرئة الطيارين؟
وتنشر الصحيفة صفحتين بالصور عن الموضوع تحتويات عددا من المقالات والتعليقات منها مقال بعنوان "ماتي قتل لا لسبب سوى لهو الطيارين الأمريكيين بألعاب رعاة البقر في الجو". وهناك مقال ثان بعنوان "تكنولوجيا قديمة، تدريب ردئ، واستخدام عقاقير أمور تثير المخاوف". ويقول المقال إن الطيارين الأمريكيين اللذين حوكما عسكريا بعد قتلهما 4 جنود كنديين في أفغانستان قال محاميهما إن هناك احتمال أن تكون تصرفاتهما قد تأثرت بتناول عقار منشط يتناوله الطيارون الأمريكيون بشكل روتيني، من أعراضه الجانبية الاهتياج والبارانويا والهاجس القهري.