شيراك يحذر اللبنانيين من الحرب الأهلية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
احتفال في باريس في الذكرى الثانية للرئيس الحريري
شيراك يحذر اللبنانيين من الحرب الأهلية
"إيلاف" من باريس: نظم "معهد العالم العربي" في باريس احتفال مساء الإثنين تكريما لذكرى رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري، حضره الرئيس الفرنسي جاك شيراك وعقيلته والسيدة نازك الحريري وأولادها جمانة وعدي وأيمن وهند وفهد ولارا سعد الحريري وشفيق الحريري وحشد من الشخصيات العربية والفرنسية والدولية.
وتحدث في الاحتفال الى شيراك الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان والرئيس السابق للبنك الدولي جيمس ولفنسون والوزير مروان حمادة والآنسة هند الحريري ومنير اللادقي باسم خريجي مؤسسة الحريري ومدير المعهد دومينيك بوديس. كما أذيعت الكلمة التي وجهتها السيدة نازك الحريري في المناسبة.
و دعا شيراك في كلمته " اللبنانيين كافة " الى العودة الى "طريق الوحدة" تفاديا لانزلاق البلاد مجددا نحو الحرب الاهلية. وقال "ثمة آلام لا تهدأ"، مؤكدا ان حزنه لم يهدأ بعد لفقدان صديقه بعد سنتين من اغتياله في اعتداء في الرابع عشر من شباط/فبراير 2005 في بيروت. واضاف "كانت لديه خصال بحجم مزاياه كرجل دولة"، مؤكدا ان "قلبه كان كريما والتواصل معه حميما وصداقته ثابتة".
واكد شيراك "اليوم مع الاسف، يلقي شبح الانشقاق والمواجهات بظلاله مجددا على لبنان"، مشددا على ان "كافة العناصر متوفرة لانزلاق البلاد مجددا في هوة خطيرة اذا لم يقف اللبنانيون ليحولوا دون ذلك".
وناشد الرئيس الفرنسي "وفاء لرفيق الحريري، جميع اللبنانيين الى العودة الى طريق الوحدة والالتفاف حول مصالح وطنهم العليا". واشاد الامين العام للامم المتحدة سابقا كوفي انان بذكرى الحريري وقال انه "رجل دولة وصديق".
حمادة
وألقى وزير الاتصالات مروان حمادة، كلمة قال فيها: أحمل معي التحية من بيروت التي وصفتها شقيقتي ناديا تويني بأنها "آخر معقل في الشرق حيث لا يزال باستطاعة المرء أن يكتسي بالنور". هذا النور الذي انطفأ لسنوات، أشعله رفيق الحريري من جديد. وإذا كان لا يزال يشع رغم انقطاع التيار أو تعثر المؤسسات، فالفضل يعود إليه.
اضاف: بعد عامين من الحداد والنضال والجرائم المتسلسلة، يبرز جليا، كما كان أكيدا لكم منذ البداية، الغضب القاتل الذي حرك مرتكبي الجريمة المروعة. كان يمكن مواجهة رفيق الحريري رئيس الوزراء أو النائب. وكان يمكن انتقاد رفيق الحريري المتعهد أو رجل الأعمال. وكان يمكن الشعور بالغيرة من رفيق الحريري الخيّر أو المشجع للابداع، وتحقيره. حتى حلمه الكبير ببيروت أعيد إعمارها أو بلبنان أعيد بناؤه كان يمكن أن يغفر له. لكن لم يكن بإمكانهم أن يعفوا عن رفيق الحريري، رئيس الحركة الديموقراطية اللبنانية الجديدة. لأن هذا الرؤيوي الخجول أدرك أن مطلع الألفية الثالثة اختار منطقتنا وتحديدا بلدنا ليكون مسرحا لاختبار قوة بين فاشيات مصبوغة تارة بالبعثية ومزينة طورا بالصهيونية.
مات رفيق الحريري لأنه حاول إخراج لبنان من فخ قاتل كان يجعل منه رهينة البعض وضحية البعض الآخر. لقد حالفني الحظ بأن أتعرف إلى هذا الرجل الاستثنائي وأرافقه وأعاونه، وأُقبل في الدائرة الحميمة التي خصصها هو ونازك لأصدقائهما. وكان لي الشرف بأن أشاطره أحلامه، وأحيانا أوهامه، وأتعرض معه للقيود التي كانت تفرض باستمرار على المسؤولين اللبنانيين أو التهديدات التي توجه إليهم. كنت شاهدا عليها، وضحيتها.
بهذه الصفة، أنا اليوم شاهد إثبات. أجل، سأكون شاهد إثبات بين كثيرين غيري، لأن نازك وبهاء وسعد وأيمن وفهد وهند وجمانة وعدي ومعهم جاك وبرناديت شيراك ولبنان والعالم العربي والعالم بأسره يريدون معرفة الحقيقة ويستحقون إحقاق العدالة.
وختم حمادة: الانتفاضة الشعبية التي أحدثتها صدمة 14 شباط والجبهة القوية التي أنشأتموها فخامة الرئيس شيراك وتوليتم إدارتها لحماية بلدنا، والوحدة والتفاني اللذان أظهرتهما عائلة الحريري التي قدمت إلينا الأفضل وجنبتنا الأسوأ، هي ضمانات النجاح التي نقدمها إلى أبي بهاء في جنته السماوية. وعهدنا له أن نرجع لبنان الجنة الصغيرة التي كان يحلم بها لنا جميعا". وتم عرض فيلم وثائقي عن الرئيس الشــهيد رفيــق الحريري، ثم قدمت هبة قــواص عملين فنيين بالمناسبة.
كلمة العائلة
وختاماً ألقت هند رفيق الحريري كلمة العائلة، واستهلتها بشكر جميع من شاركوا في إحياء المناسبة، منوهة بأدوارهم وبدعمهم لرفيق الحريري ووفائهم له وقالت "ان العدالة من أجل رفيق الحريري هي أيضا عدالة من أجل لبنان"، وأضافت: لقد مرت سنتان منذ أن قتل والدي رفيق الحريري، مرت سنتان والحقيقة حول اغتياله لم تعلن بعد، مرت سنتان ولم نتعلم بعد كيف نكون لبنانيين. ثلاثون عاما مرت ولم نتعلم بعد من أخطائنا فما الذي ننتظره؟ هل ننتظر أن يفوت الأوان؟
لقد انتظرنا الى أن مات رفيق الحريري حتى نتحد، وانظروا كم أننا عظماء فعلاً عندما اتحدنا، وعندما نكون يدا واحدة.
ان الشجار بيننا ليس مصدرا لمصالحنا، بل هو مصدر لبؤسنا جميعا، وهو سيصب في مصلحة الذين يتآمرون ضد لبناننا وضد أحلامنا. قد لا نعرف نتائج التحقيق لكن لا شك في
أن من قتل رفيق الحريري فعل ذلك كي نشهد وضع الحرب في لبنان في الصيف الماضي، والصراع بين اللبنانيين، حتى الوقت الراهن. ومن يسمح لهم بذلك هو فقدان الوحدة، ولكن من يتألم؟ إنه الشعب اللبناني. إذا لم نضع أيدينا مع بعضنا كلبنانيين أود أن أسألكم من يستحق منا لبنان؟
إن والدي كان يشجع الاختلاف في الآراء، حتى لو كانت هذه الآراء ضده. البعض قد دعم سياسة رفيق الحريري لكن البعض الآخر لم يكن يدعمها، لا شك في ذلك، لكن هناك أمرا يُجمع الجميع عليه وهو أنه كان يحب لبنان وأنه ضحى بحياته من أجل حرية لبنان.
وقالت: ما نشهده اليوم، لسوء الحظ، هو أسوأ كابوس لرفيق الحريري. هناك لبنانيون ضد لبنانيين. الأمر لا يتعلق بلبنانيين ضد إسرائيليين لأنه بإمكاننا أن ندافع عن أنفسنا ضد هؤلاء ولكن كيف نفعل ذلك عندما نوجه طاقاتنا ضد بعضنا البعض. كلنا لبنانيون، وإذا لم نفكر في أرضية مشتركة بيننا فكيف نضمن مستقبل أولادنا؟ لماذا نفعل الحرب عندما تكون لدينا القدرة على منحهم السلام؟
علينا أن نكافح ولكن من أجل ماذا؟ ضد الحرب الأهلية، فهي عدونا المشترك، علينا أن نضع حدا لما يجري وإلا فسوف يكرر التاريخ نفسه.
لنضع أيدينا وقلوبنا معا كي نكافح من أجل بعضنا البعض، وليس ضد بعضنا البعض، وعندها نربح كل شيء. أنا اليوم أتحدث ليس فقط كابنة خسرت والدها الحبيب، بل أتحدث أيضا كفتاة لبنانية وكابنة لرجل كان لكل اللبنانيين.
التقينا هنا كي نحيي ذكرى والدنا رفيق الحريري، لكنه أول من يتفق معنا على أنه يجب أن لا نكرر أخطاء الماضي بل يجب أن نستفيد منها لنتفاداها ونعمل من أجل مستقبل أكثر ازدهارا.
لا شيء سوف يعيد والدنا. لا التحقيق ولا السلام ولا المحكمة ولا شيء. لكن على الأقل لنعمل من أجل ما مات من أجله. لقد مات من أجلنا جميعا، وأقل ما يمكننا فعله هو أن نعيش مع بعضنا البعض كي يبقى حلمه، لأن حلمه لم يكن أنانيا، كان حلمنا نحن.
رفيق الحريري قال مرة "ان الحرب من الماضي ولن تعود أبدا، قد تكـــون هناك قضايا يختلف عليها اللبنانـــيون، لكن القضايا التي توحدهـم أكثر من القضايا التي تفرقهم، لذلك علينا أن نفكر في ما يجمعنا من مصالح مشتركة". لا تجعلوا كلماته مجرد ذكرى بل اعملوا كي تتحقق هذه الكلمات.