أخبار

البحث مستمر عن بدائل لنفط الشرق الأوسط

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

واشنطن: يطل مبنى جامعة كاليفورنيا بسانتا كروز المتواري بين التلال على خليج مونتراري. الجامعة التي تعد واحدة من أكثر الجامعات الليبرالية في الولايات المتحدة، توفر مناهج دراسية واسعة ومتنوعة، كما تمنح العديد من الدرجات العلمية، من ضمنها شهادة في الدراسات البيئية، بالتركيز على الأنظمة الغذائية المحتملة. تخرج "بيت" في هذه الجامعة في العام 2006، ثم انتقل إلى الأرض التي يمتلكها أبويه خارج مدينة سولت ليك بولاية يوتا لإنشاء مزرعة عضوية Organic زرع فيها ريحان، وثوم، وبطاطا، ولوبيا، وخضروات أخرى باعها فيما بعد في الأسواق المحلية، ومطعم البلدة.

بدائل طاقة تفتح الشهية

في محاولته للعيش حياة ناجحة بيئيا حاول "بيت" على مدار السنوات الثلاث الماضية تجربة الوقود الحيوي لتشغيل شاحنته التي يعمل محركها بالديزل. وذات يوم قال بيت "صنعت كمية من الوقود الحيوي بمعاونة ثلاثة من الأصدقاء في جراج المنزل. جمعنا حوالي 55 غالون من زيت الخضروات المستعمل من المطعم التايلاندي المحلي قبل يوم من التجربة". وبعد بضعة أيام دارت شاحنة "بيت" بالوقود الذي صنع منزليا. وبينما كان يقود الشاحنة في طريقة إلى الجامعة، غلبة الشعور بالجوع. يقول بيت "فتحت زجاج السيارة، ونظرت شزرا، وقطبت جبيني، واستنشقت الهواء، لأشم رائحة طعام تايلاندي. طوقت لتناول بعض المأكولات التايلاندية". وبعد لحظات من الدهشة أدرك "بيت" أن الرائحة منبعثة من عادم سيارته. لكن برأيه أن "عامل الجوع المنبعث من العادم قد يكون هو عامل الخطورة في استعمال الوقود الحيوي. لكن على الأقل لم تشتهي نفسي تناول البطاطا المقلية، أو كعكات الدونات".

بدائل الطاقة والنفط الأجنبي

فكرة تشغيل السيارات بوقود حيوي ليست فكرة جديدة، فهي مطروحة منذ فترة من الزمن، وكانت خيار أقلية من نشطاء البيئة. لكن يبدو أن تلك المسألة قد قفزت مؤخرا لتحتل مكان الصدارة في النقاش العام. ففي خطاب "حالة الاتحاد" الأخير الذي ألقاه الرئيس بوش في الثالث والعشرين من يناير، وضع الرئيس البيئة في المرتبة الثالثة في قائمة الأولويات القومية للعام 2007. وقال "هدفنا الثالث هو التشجيع على استقلالية الطاقة لبلادنا، في الوقت الذي نعمل فيه على تطوير البيئة بدرجة كبيرة". وإلى جانب الوعي البيئي، فإن الاعتماد الأمريكي المتواصل على استيراد النفط الأجنبي، وهي المشكلة التي أظهرت المزيد من المخاوف مع تدهور الأوضاع في الشرق الأوسط، هو الذي أثار الاهتمام المتكرر بإيجاد بدائل للوقود المستخرج من باطن الأرض .

ويعد زيادة إنتاج الوقود الحيوي الأمريكي هو الحل الذي نادى به الرئيس بوش والكونغرس أيضا. ويشير المؤيدون إلى مزايا هذا الوقود النظيف، المتجدد، المصنوع من المنتجات الزراعية، والتي تتلخص في إخراج عوادم أقل، وإطالة عمر المحرك، وأداءه بشكل أفضل.

وفي لقاء عبر الهاتف أجريناه مع ريتش كارتر، المتحدث الصحفي عن دون مانزولو، النائب الجمهوري عن ولاية إلينوي، قال إن "مادتي الإثانول والديزل الحيوي هما صناعة أمريكية، ولسنا بحاجة للاعتماد على أي حكومة أجنبية، فهما متجددتان، وصديقتان للبيئة، وبالنسبة لنا في شمال إلينوي، حيث يوجد إنتاج ضخم من الذرة وفول الصويا، فهما يوفران أيضا سوقا جديدا وهاما جدا لمزارعينا".

مزايا وعيوب الطاقة الحيوية

وهناك إجماع متزايد في الأراء في واشنطن يرى الوقود الحيوي على أنه الحل لجميع المشكلات. وبالرغم من ذلك، وكما يحدث في أغلب الأحيان بمجرد إيجاد حل ما، تبدأ مشكلات جديدة في الظهور. ففي حالة الولايات المتحدة يجب التعامل مع حقيقة أن معظم مادة الإيثانول المنتجة تعتمد على الذرة، وهي الحقيقة التي يترتب عليها نتيجتان رئيسيتان. أولهما أن الإيثانول المعتمد على الذرة ليس مادة خام فعالة لتوليد الطاقة. وقد أوضحت جانت لارسن، مديرة الأبحاث بمعهد إيرث بولسي، وهو معهد متخصص في الشئون البيئية، لتقرير واشنطن قائلة "يمكننا الحصول على 1.3 وحدة جديدة فقط كحد أقصي من كل وحدة طاقة" الأمر الذي لا يمكن مقارنته بالنفط الذي ينتج 30 وحدة من الطاقة.

أما النتيجة الثانية فهي أنه إذا زادت الولايات المتحدة من استهلاكها للإيثانول فإن الطلب على الذرة المترتب على ذلك سوف يقفز بسعر هذا المنتج إلى أعلى. وكما نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الاقتصادية يوم الإثنين الماضي فإن هذا الاتجاه قد بدأ بالفعل. وبسعر بلغ 4.05 دولار للمكيال فإن سعر الذرة في العقود المقبلة يفوق سعر العام الماضي مرتين. ومن المحتمل أن يتسبب هذا الاتجاه أيضا في ارتفاع أسعار العديد من السلع الأخرى، إذ يدخل الذرة في مكونات كثير من السلع التي تباع في هذا البلد، فقد يوجد على هيئة مادة تحلية في المشروبات، أو حبوب الإفطار، لكنه أيضا يوجد في منتجات الألبان ولحوم الحيوانات التي تتغذى عليه كالحليب والبيض والأجبان ولحم الخنزير واللحم المفري والأيس كريم والزبادي.

وتنتشر هذه المخاوف أيضا في الخارج، حيث ينتاب الدول التي تستورد الذرة مثل اليابان ومصر والمكسيك شعورا بالقلق من أن نقص تصدير أمريكا للذرة نتيجة زيادة الاستهلاك المحلي قد يهدد صناعات المواشي والدواجن لديها. فضلا عن ذلك فإن الذرة يعد غذائا رئيسيا للسكان في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا وفي المكسيك.

البحث عن بدائل لبعض مصادر الطاقة البديلة

والسؤال الأساسي هو هل باستطاعتنا إنتاج القدر الكافي من محصول الذرة لتغطية احتياجات الطعام وانتاج الوقود؟ كتب الدكتور ليستر براون رئيس معهد إيرث بولسي موضحا أنه "بالتطلع إلى العام 2007 نحتاج أولا لزيادة الإنتاج إلى 73 مليون طن للتغلب على عجز إنتاج العام 2006. وفوق ذلك سنحتاج إلى محصول إضافي بمقدار 24 مليون طن لتغطية الزيادة السنوية المقدرة في احتياجات الغذاء والتغذية. وإذا أضفنا بعد ذلك 39 مليون طن اللازمة لإمداد معامل التقطير الجديدة لإنتاج الإيثانول، فإننا نرى زيادة في الطلب، في الولايات المتحدة فقط، بمقدار 136 مليون طن من الحبوب الإضافية عن محصول العام 2007".

في حين وجد معهد إيرث بولسي أن معدل النمو العالمي في محصول الذرة هو 20 مليون طن في العام فقط منذ العام 2000. أما عن فرص قدرة صناعة الذرة الأمريكية القفز تلك القفزة الهائلة في محصول العام المقبل فهي ضعيفة، حتى مع حافز ارتفاع أسعار المحصول. باختصار، كما أيد الرئيس بوش الإيثانول كبديل للوقود التقليدي قابل للتطبيق، يبدو أن الوقت قد حان للبدء في التفكير في بدائل لهذا البديل.

تجارب ناجحة

فقد قامت دول أخرى بتجربة مواد خام مختلفة بنجاح. وعن ذلك تقول جانت لارسن من معهد إيرث بولسي إنهم "في البرازيل يقومون بإنتاج الإيثانول من قصب السكر بطريقة تبدو أكثر فاعلية، خاصة لأنهم ينتجونه من الجزء السكري من النبات، لكنهم أيضا يستخدمون بقايا النبات مثل الساق الخشبي الذي يستخدم كوقود للغلايات". أما فرنسا فتستخدم بنجر السكر بفاعلية كبيرة.

لكننا نجد أن الذرة ما زالت هي مصدر إنتاج مادة الإيثانول بأكملها في الولايات المتحدة لأن البلاد لا تنتج مواد خام أخرى. وتضيف لارسن أن "لوبي مزارعي الذرة يتمتع بنفوذ كبير، وقد دفع بنجاح لاستخدام الذرة في إنتاج الإيثانول". ومع ذلك فإنه يتم دراسة الحصول على مادة خام من عناصر أخرى. فعلى سبيل المثال يبدو نبات السويتش غراس مبشرا بالأمل. فهو نبات صيفي معمر موطنه الأصلي أمريكا الشمالية، ويتميز بمقاومته للحشرات والأمراض التي تصيب النباتات، كما أنه ينتج محصولا وفيرا باستعمال القليل من المخصبات، إضافة إلى أنه مناسب جدا للتربة الضعيفة ويتحمل الفيضانات والجفاف.

وكذلك نبات القنب المخدر قد يكون بديلا آخر حيث أنه فعال اقتصاديا في نموه، والفضل يعود إلى دورة النمو القصيرة نسبيا التي تتراوح بين 100 إلى 120 يوما. إلا أن هذا النبات يثير قضايا قانونية معقدة لارتباطه بنبات المرهوانة، الذي تدخن أوراقه وزهرته المجففة كمخدر، بالرغم من أن كلا النباتين يخرجان من سلالاتين مختلفتين لأصل واحد هو نبات القنب المخدر. وعن ذلك تقول لارسن "أسمع أن نبات القنب المخدر هو مادة خام عظيمة لإنتاج الإيثانول، لكن المسألة في هذا البلد مسألة سياسية، حيث يبدو أن هذا النبات يستخدم بطريقة أفضل بكثير في أماكن أخرى".

أما احتمالية استخدام نبات الأشنة فيجذب انتباه عدد متزايد من النشطاء. وقد أوضحت سونيا راني، العاملة مع مجموعة أنتينا، وهي مؤسسة علاقات عامة تتعامل مع شركات إنتاج الطاقة المتجددة، أوضحت لتقرير واشنطن قائلة "في اعتقادي أن الأشنة هو الحل. فمن الممكن أن ينمو في الأراضي المهمشة، التي لا يسكنها أحد، ويعتمد في نموه على مياه الأمطار والمياة الموسمية الأخرى، كما أنه لا يستهلك الكثير من المياه العذبة. وفي الواقع فإن بعض أنواع هذا النبات تطلق مواد هيدروكربونية، والعديد من الأنواع الأخرى يتضاعف إنتاجها يوميا، مما يسمح بجمع أكثر من محصول في الموسم الواحد". ومع ذلك فإن الأبحاث التي تجرى على نبات الأشنة ما زالت في مراحلها الأولى، وربما قد يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يصبح ممكنا تجاريا.

قد يكون أحد الحلول الأيسر هو البحث المستمر عن المادة الخام التي ستفي باحتياجات الطاقة لدينا، وارتفاع درجة حرارة الأرض، والاعتماد الأمريكي على النفط الأجنبي كل في آن واحد. وتشير الباحثة لارسن إلى أن "هناك طريقة سهلة لمعالجة القضايا البيئية، واعتمادنا على النفط الأجنبي، والمشكلات الأخرى ذات الصلة بإنتاج الإيثانول المعتمد على الذرة وهي زيادة كفاءة الوقود في تشغيل سياراتنا".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف