العدل الدولية تبرىء صربيا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لاهاي، الخرطوم:قررت محكمة العدل الدولية، اعلى سلطة قضائية في الامم المتحدة، اليوم الاثنين تبرئة صربيا من تهمة ارتكاب ابادة جماعية خلال حرب البوسنة، لكنها اعتبرت انها انتهكت القانون الدولي لعدم تحركها من اجل منع وقوع مجرزة سريبرينتسا التي وصفتها بالابادة. اما الشكوى التي رفعتها البوسنة فتتناول مجمل النزاع وليس سريبرينتسا فحسب. غير انها قدمت في العام 1993 فيما وقعت المجزرة في الجيب الخاضع لحماية الامم المتحدة في العام 1995. وجاء في القرار الذي تلته رئيسة المحكمة روزالين هيغينز ان صربيا "لم ترتكب ابادة" في البوسنة لذلك "ليس هناك ما يدعو لاصدار امر بدفع تعويضات" كما تطالب ساراييفو.
الا ان محكمة العدل الدولية اعتبرت ان بلغراد "لم تتحرك بتاتا على مستوى احترام موجباتها لتفادي وقوع ابادة (سريبرينتسا) ومعاقبة (مرتكبيها)" فيما كانت تملك الوسائل للقيام بذلك. وقالت هيغينز "ان المتهمة (صربيا) كانت تتمتع بموقع نفوذ على صرب البوسنة" و"كان الاولى بها ان تبذل كل ما في وسعها لتفادي وقوع الاحداث الماسوية التي كانت ملامحها ترتسم". وعرفت محكمة العدل الدولية مجزرة سريبرينتسا حيث قتل الجيش الصربي البوسنة نحو ثمانية الاف مسلم بوسني بانها ابادة بدون ان تحمل بلغراد مسؤولية مباشرة. وقالت هيغينز ان "مجازر سريبرينتسا لا يمكن نسبها مباشرة الى المتهمة". لكن المحكمة رأت ان على صربيا "اتخاذ اجراءات فعلية فورا (...) للتعاون بشكل كامل" مع محكمة الجزاء الدولية المكلفة النظر في جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة و"نقل الافراد الملاحقين بجرائم ابادة او جرائم اخرى".
وقال كزافيه دو رو المحامي في فريق الدفاع الصربي ان صربيا "مرتاحة وراضية" لقرار المحكمة، مضيفا "انه قرار تهدئة (...) نصل الى نهاية نزاع مريع. وهذا قد يسمح بتذليل الصعوبات بين مختلف الدول (المنبثقة عن) يوغوسلافيا السابقة". وفور صدور القرار عبر الرئيس الصربي بوريس تاديتش عن ارتياحه وقال "ان حكم محكمة العدل الدولية مهم لصربيا ومواطنيها لانه اثبت ان صربيا لم ترتكب ابادة في البوسنة والهرسك" خلال النزاع بين العامين 1992 و1995.
لكنه اضاف "ان الجزء الذي قال ان صربيا لم تفعل شيئا لمنع ابادة المسلمين في سريبرينتسا قاس جدا بالنسبة لنا" داعيا الى اعتقال "جميع المسؤولين عن جرائم حرب" باسرع وقت ممكن.
كما دعا البرلمان الصربي الى تبني اعلان "يدين بدون لبس الجريمة التي ارتكبت في سريبرينتسا"، معتبرا ان مثل هذا الاعلان سيسهم في "فتح صفحة جديدة" في العلاقات بين بلغراد وساراييفو.
اما المسلمون والكروات في البوسنة فعبروا عن استيائهم من قرار المحكمة.
وقالت منيرة سوباسيتش رئيسة رابطة النساء اللواتي نجون من مجزرة سريبرينتسا هاتفيا من لاهاي لوكالة فرانس برس "ان اوروبا اثبتت مرة اخرى انها ضد المسلمين". وسوباسيتش فقدت في تلك المجزرة 22 فردا من عائلتها بينهم والدها وزوجها وابنها. وعبر العضو المسلم في الرئاسة البوسنية الثلاثية حارس سيلايديتش عن اسفه للحكم مطالبا بتعديل دستور البلاد الذي صادق عليه اتفاق دايتون (الولايات المتحدة) للسلام باعتبار انه "جاء نتيجة مباشرة لابادة".
وقال العضو الكرواتي في الرئاسة زيليكو كومسيتش "لا اعلم ما هي الاسباب الكامنة وراء هذا القرار (...) لكننا نحن الذين كنا هنا خلال الحرب ونعلم ان ابادة قد ارتكبت". وعبر مستشار الفريق البوسنة فون فان دن بيسن من جهته "ان محكمة العدل الدولية وافقت على الاستنتاجات (القانونية) لمحكمة الجزاء الدولية" وذلك "يسمح باثبات ما حصل فعلا في البوسنة. فلن يكون في وسعهم بعد الان في بلغراد ان ينكروا حصول ابادة في سريبرينتسا".
واعتبرت محكمة العدل الدولية ان صربيا "انتهكت التزاماتها (...) بعدم نقل راتكو ملاديتش المتهم بارتكاب ابادة وبالتواطؤ في ارتكاب ابادة" من قبل محكمة الجزاء الدولية. وكان الجنرال راتكو ملاديتش الذي ما زال فارا، قائدا للقوات الصربية البوسنية التي هاجمت سريبرينتسا. وتتهم المدعية العامة لمحكمة الجزاء الدولية كارلا دل بونتي بلغراد بدعمه في فراره واختبائه على اراضيها. وتعرف محكمة الجزاء الدولية المجازر التي وقعت في سريبرينتسا بانها ابادة جماعية.
الى ذلك عبرت كارلا دل بونتي عن "ارتياحها الكبير" لقرار محكمة العدل الدولية. وقالت المتحدثة باسمها اولغا كافران لفرانس برس "ان المدعية مرتاحة جدا. نحن مرتاحون لقرار المحكمة بوصف مجزرة سريبرينتسا بالابادة". واضافت "واننا مرتاحون ايضا لان محكمة العدل الدولية تأخذ على بلغراد عدم التعاون كليا وتطلب منها تسليم الفارين على الفور" بدءا من القائدين العسكري والسياسي لصرب البوسنة راتكو ملاديتش ورادوفان كرادجيتش المتهمين بارتكاب ابادة في سريبرينتسا. وكانت البوسنة لجأت الى محكمة العدل الدولية في العام 1993 لتطلب منها البت في ما اذا كانت صربيا نظمت ابادة اثناء الحرب التي بدأت في العام 1992 واستمرت حتى العام 1995 مما اسفر عن سقوط 200 الف ضحية.
وقد نظرت محكمة العدل الدولية خلال جلساتها في شباط/فبراير الماضي في كل عمليات القتل على نطاق واسع ومعسكرات الاعتقال للمسلمين والكروات البوسنيين وحصار مدينة ساراييفو ل44 شهرا وعمليات الاغتصاب والنقل القسري التي قامت بها القوات الصربية البوسنية. لكن المحكمة اعتبرت اليوم الاثنين ان الامر لا يتعلق بابادة جماعية لذلك لم تبحث في مسؤولية بلغراد في هذه الاعمال.
كانت صربيا اعترضت على صلاحية محكمة العدل الدولية وطالبتها برفض الشكوى البوسنية متذرعة خصوصا بان هذه الشكوى التي رفعت في 1993 تستهدف جمهورية يوغوسلافيا الفدرالية، التي اصبحت فيما بعد صربيا-مونتينغرو، والتي كان وجودها معترفا به من الامم المتحدة حتى العام 2002. وتجدر الاشارة الى ان احكام محكمة العدل الدولية نهائية وغير قابلة للطعن لكن المحكمة لا تملك اي وسيلة لفرض تطبيقها.
السودان ينكر على محكمة الجزاء الدولية اي اختصاص بشان دارفور
بدوره انكر السودان اليوم الاثنين على محكمة الجزاء الدولية اي اختصاص بشان دارفور في حين يتوقع ان يرفع مدعي المحكمة الثلاثاء الى القضاة تقريره بشان جرائم الحرب والجرائم ضد البشرية التي ارتكبت في هذا الاقليم الواقع غرب السودان. وقال وزير العدل محمد علي المرضي ان موقف السودان المبدئي هو ان هذه المحكمة لا يمكن ان يكون لها اي اختصاص عندما يتعلق الامر بمحاكمة السودانيين. واكد ان هذا يشمل المسؤولين وعناصر قوى الامن والمتمردين في هذه المنطقة التي تشهد حربا اهلية منذ اربع سنوات.
ونقلت صحيفة اخبار اليوم عن المرضي ان قضاء بلاده لديه ما يكفي من الاستقلالية والحياد وايضا من الرغبة والقدرة على محاكمة اي شخص مسؤول عن جريمة في دارفور. ويزور وزير العدل حاليا دارفور لمتابعة التحقيقات بشان مرتكبي التجاوزات في هذه المنطقة الا ان السلطات تؤكد ان زيارته هذه ليس لها اي علاقة باعلان محكمة الجزاء الدولية.
وكان مدعي محكمة الجزاء الدولية لويس مورينو اوكامبو اعلن الخميس انه سيسلم تقريره الى القضاة. اوضح انه سيقدم "ادلة اثبات ضد اشخاص معينين تتعلق بجرائم حرب وجرائم ضد الانسانية ارتكبت في دارفور". وسيكون على القضاة ان يقرروا اعطاء التصريح بفتح تحقيق ضد هؤلاء الاشخاص ام لا وكذلك احتمال اصدار مذكرات جلب واحضار دولية.
ويحقق لويس مورينو اوكامبو منذ حزيران/يونيو 2006 في اتهامات بوقوع حوادث اضطهاد وتعذيب واغتصاب وقتل في دارفور. وينصب عمله على الوقائع التي جرت بين 2003 و2004، الفترة التي تعتبر الاكثر عنفا في دارفور. وقام فريقه باكثر من 70 مهمة في 17 بلدا لدراسة حالات بعض الضحايا المحتملين واجراء نحو مائة حديث مع شهود.
ويمكن لمحكمة الجزاء الدولية، اول محكمة دائمة مكلفة محاكمة مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية وجرائم الابادة، ان تنظر في القضية اذا كان القضاء الوطني غير قادر او راغب في القيام بذلك. واستنادا الى الامم المتحدة فان نحو 200 الف شخص قضوا في الحرب وتبعاتها فيما نزح مليونان من ديارهم وهي ارقام يعتبرها السودان مبالغ فيها.