الشباب اليهودي يدير ظهره للدين والتدين في إسرائيل
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
القدس: لما كان ديفيد يهوديًا ارثوذوكسيًا، كان يرتدي معطفًا أسودَطويلاً وقبعة عريضة تغطي كبته، كما كان يقضي 10 ساعات يوميًا يدرس فيهاالتوراة والتلمود. ويقول ديفيد، 24 سنة، إنه كان دائمًا يحلم بأن يصبح حاخامًا، لكن الأمر تغير، فهو اليوم يرتدي سراويل جينز وقمصان تي شيرت مريحة، ويقول إنه لا يؤمن بالدين مطلقًا، وهو يدرس في الجامعة ليصبح مهندسًا. وديفيد، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، واحد من مئات الشبان الإسرائيليين الذين يهاجرون محيطهم الارثودكسي للالتحاق بالعالم العلماني، حسبما تقول منظمة "دات اميت" المختصة بالموضوع.
وينظر إلى كل من خرج من وسطه الديني ككافر ضل طريقه في الحياة. والجماعات الدينية مغلقة وزعماؤها نادرًا ما يخوضون في الموضوع. وطريق كل من ينزع لباس الدين محفوفة بالصعاب، لكنها تلخص أيضًا الانقسام الحاصل بين الجماعات الدينية وبقية الشعب في إسرائيل. ويمثل الأرثودكس حوالى 8 في المئة من سكان إسرائيل، وهم يتبعون تعاليم الدين اليهودي بشكل صارم ومعزولون تمامًا عن بقية المجتمع.
ترعرع ديفيد وسط سبعة إخوة في القدس، واقتصر تعليمه على الدراسات الدينية منذ كان عمره 13 عامًا. ورغم كونه نجيبًا، لم يلقن من الرياضيات والمواد الأخرى إلا القليل. وحسب رأيه: "كما أن الغرض كان عزلنا عن بقية العالم"، الخدمة العسكرية.
لكنه يومًا حضر ندوة تشكك في عقائد اليهود الأرثوذوكس، "بهدف اثباث كونهم على خطأ"، كما يقول. "كنت غاضبًا أتساءل "كيف يجرؤون على قول ما يقولونه، لكنني في المساء خرجت من قاعة الندوة أتساءل عمّا إذا كانوا على صواب". وخلال الأشهر الاربعة التي تلت، دار صراع في ذهنه، خاصة مع تعاليم التلمود، ثم سأل حاخامات عدة اسئلة حول علوم مختلفة لكنهم لم يجيبوا بشكل مقنع.
ومنذ ذلك الحين، بدأت عقيدته تضمحل بسرعة. ثم قرر ديفيد الانخراط في الخدمة العسكرية، علمًا أن الارثوذوكس يعفون منها.
"كانت خطوة صعبة للغاية، لكنني لا أستطيع الاستمرار وسط جماعتي وأنا لا أؤمن بالدين، فسأكون أخدع نفسي عندها".
ولما رأت أم ديفيد رسالة من الجيش، فهمت أن ابنها تخلى عن الدين، فواجهته الأسرة بالطرد فورًا. "قالت لي أمي أنه علي المغادرة لأنني قد أؤثر سلبًا على إخوتي وأخواتي". كان ذلك منذ خمسة أعوام، ولم يتحدث ديفيد إلى أبيه منذ ذلك الحين، كما أن اتصالاته بأمه وإخوته باتت نادرة.
خدم ديفيد في الجيش ثلاثة أعوام. ولم يكن له مكان يذهب إليه خلال العطل، لكن من حسن حظه تكفلت به منظمة تساعد أمثاله، ووجدت له أسرة بديلة. "كان الأمر صعبًا لأني لم أكن مجهزًا لمواجهة حياتي الجديدة، لكني الآن سعيد وغير نادم مطلقًا، فالارثوذوكس متشددون وأنا أعيش حياة مستنيرة".