تعديلات مبارك على دستور السادات في طريقها للاستفتاء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
جمال توفيق السكري من لندن: كل الدلائل تقول إن التعديلات الدستورية التي طرحها الرئيس المصري حسني مبارك وتطال 34 مادة من مواد الدستور ستأخذ طريقها بسهولة إلى الاستفتاء المقرر له إبريل المقبل ودون اعتراض أو حتى تعديلات عليها، إذ صدر عن رئاسة البرلمان المصري بمجلسيه الشعب والشورى أن التعديلات الجديدة المقترحة على دستور عام 1971 الذي قدمه الرئيس المصري الراحل أنور السادات، تمثل نقلة نوعية مهمة في النظام الدستوري، وقد انسحب نواب الإخوان المسلمين والنواب المستقلين من جلسات بدأتها اللجنة التشريعية بمجلس الشعب لمناقشة التعديلات ووضعها في شكلها النهائي التي ستدفع به إلى الاستفتاء أمس الاثنين وتستكملها اليوم الثلاثاء.
وقالوا في بيان لهم أنه تم استبعاد كل من اعترض علي التعديلات من لجنة الصياغة وأن انفراد الأغلبية بالتعديلات وصياغتها يتنافي مع ضرورة التوافق الوطني حول التعديلات وتساءل النواب عن كيفية استبعاد هذه النسبة الكبيرة من المشاركة في صياغة المواد. وحذر النواب من تجاهل القائمين علي صياغة المواد، آراء ومقترحات الخبراء والسياسيين الذين شاركوا بجدية في جلسات الاستماع، كما حدث عند تعديل المادة 76.
وفي رسالة إلي آمال عثمان رئيس لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، أشار عدد من نواب الإخوان والمستقلين إلي انتهاء اللجنة من صياغة 19 مادة خلال ساعات، الأمر الذي يتعارض مع المنطق القانوني السليم، وهو ما يؤكد أن التعديلات تم إعدادها مسبقا، وبما يؤكد أن اللجنة ستنتهي من صياغة باقي المواد اليوم الثلاثاء.
وبعد جلسات استماع يشارك فيها خبراء القانون وبعض المهتمين بالشؤون السياسية تعد اللجنة التشريعية تقريرا يعرض على البرلمان في 17 مارس المقبل قبل عرضه على الرئيس ثم طرح التعديلات للاستفتاء. وقد مرر المجلس الأول في البرلمان (الشعب) التعديلات بموافقة 316 نائبا من جملة النواب البالغ عددهم 454 نائبا في تصويت تم "نداء بالاسم" وكان المجلس قد ناقش التعديلات في خمس جلسات على امتداد يومين متتاليين بمشاركة 200 عضو منهم 150 نائبا من الحزب الوطني الحاكم وستة من حزبي الوفد والتجمع و44 نائبا مستقلا فيهم نواب من الأخوان.
وفي تحقيق مضمون التعديلات وما جرى بشأنها من مناقشات يتأكد احتمال حل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة في مصر، كما يتأكد التراجع عن الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات البرلمانية مع العودة لنظام إجراء الانتخابات في جميع المحافظات المصرية في يوم واحد، وإجراء الانتخابات المقبلة وفق نظام انتخابي جديد قد يترك بعض الدوائر لمقاعد المرأة لضمان تمثيلها في البرلمان، وكذلك الأحزاب الأخرى بما يتيح تخفيف العبء عن الحزب الوطني الحاكم في مواجهة جماعة الأخوان المسلمين.
وقد حفلت المناقشات التي دارت حول التعديلات الدستورية الجديدة بهجوم كاسح على جماعة الأخوان من ناحية، وهجوم مماثل من جماعة الأخوان ضد التعديلات الجديدة وتأكيدهم بأنها تستهدفهم بالدرجة الأولى، ماذا في التعديلات وماذا قيل في مناقشتها؟
دفع مسيرة الديمقراطية
بداية قال الرئيس المصري حسني مبارك أنه طرح التعديلات بهدف دفع مسيرة الديمقراطية وترسيخ قيمها وتوسيع نطاق الحريات للمواطنين في إطار الإصلاح السياسي في مختلف المجالات، وتحقيق مصلحة البلاد باعتبار أن هذه التعديلات تمثل إصلاحات دستورية حقيقية لم تشهدها مصر منذ سنوات طويلة، وعن مدة تولي الرئيس مهامه في الحكم قال مبارك إن تحديد مدة الرئاسة حق أصيل للشعب الذي يختار رئيسه بحرية كاملة، ويجب ألا يتم الحجر على هذا الحق، وقال إن هذا المنصب الرفيع يحتاج إلى إمكانات وخبرات ومواصفات معينة ومسؤوليات كبيرة ولابد لمن يتحملها أن يكون على مستوى المسؤولية نفسها حتى يمكنه أن يحمل الأمانة ويرعى مصالح الأمة، وأن الكثير من دساتير العالم تترك فترة استمرار الرئيس في الحكم للشعب الذي يقول كلمته في هذه القضية المصيرية ويمارس حقه في اختيار الرئيس.
وطالب مبارك بتغيير نظام الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات وإقرار "أسلوب الإشراف الذي يحقق كفاءة ونزاهة العملية الانتخابية والنطاق الذي يتيح لأعضاء من الهيئات القضائية الإشراف على هذه العملية ويضمن إجراء الانتخابات البرلمانية في جميع المحافظات المصرية في يوم واحد. وطالب بزيادة سلطات البرلمان ومنحه صلاحيات جديدة لمراقبة الحكومة وسحب الثقة منها إضافة إلى تحويل مجلس الشورى إلى مجلس تشريعي وإقرار تشريع جديد لمكافحة الإرهاب بدلا من قانون الطوارئ المعمول به منذ سنوات.
وقال مبارك في تصديره للتعديلات يوم 62 ديسمبر الماضي "سأقف مدافعا عن مجتمعنا بمسلميه وأقباطه في مواجهة ممارسات تسعى إلى الالتفاف على القانون وتخلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين وتنشر الفتنة والتطرف وتحاول الوقيعة بين جناحي الأمة".
تطورات سياسية وتحولات
وقال رئيس مجلس الشورى صفوت الشريف أثناء مناقشة التعديلات أنها جاءت على قاعدة تعديل المادة 76 الذي جرى في العام 2005 وأجريت على أساسه انتخابات رئاسة الجمهورية التي فاز فيها مبارك بنسبة 98% من الأصوات، وهي إشارة إلى أن التعديلات أشار لها الرئيس مبارك في برنامجه الانتخابي.
وقال الشريف أن التعديلات تمثل ثورة إصلاحية أشمل، تطال حزمة من مواد الدستور ظلت دون تعديل أو تغيير لأكثر من 35 عاما، شهدت فيها مصر تطورات سياسية وتحولات اقتصادية واجتماعية، أصبح من المحتم معها إعادة النظر في بعض مواد الدستور لمواءمة هذه المتغيرات وإحداث تعديل في السلطات على النحو الذي يوفر قوة دفع، وأن التعديلات طٌرحت بأطر منها تحقيق التوازن المهم والمطلوب، لتطوير الديمقراطية والحياة السياسية عموما في البلاد، والتدقيق في انعكاسات التعديلات المطروحة على مستقبل البلاد وأبناء الشعب استشرافا للمستقبل ومتغيراته والبعد عن أن تكون البلاد "أسيرة اللحظة الراهنة ومعطياتها".
كما طُرحت التعديلات بهدف تعزيز دور البرلمان في الرقابة والمساءلة، وتعزيز دور مجلس الوزراء وتوسيع اختصاصاته، وتوسيع المدى الذي تشارك فيه الحكومة رئيس الجمهورية في أعمال السلطة التنفيذية وذلك يعني تنازل الرئيس عن عدد من اختصاصاته وسلطاته ووضع الضوابط على اختصاصات رئيس الجمهورية والصلاحيات المخولة له، وفق أحكام الدستور عند مواجهة أخطار تهدد سلامة الوطن أو تعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها الدستوري ليكون القرار مبنيا على مشاركة من سلطات منتخبة وبضوابط مقيدة، وضمان تبني النظام الانتخابي الأمثل الذي يكفل فرص تمثيل الأحزاب بالبرلمان، وكذلك تمثيل المرأة في البرلمان عن طريق الانتخاب، وتطوير نظام المحليات وتعزيز صلاحياتها التنفيذية والرقابية ودعم اللامركزية في أدائها، وضمان تبني قانون جديد لمكافحة الإرهاب يكون بديلا تشريعيا لمكافحة هذه الظاهرة.
ومن جانبه دعا مبارك إلى أن يتوازى التعديل الدستوري مع الإصلاح السياسي والاجتماعي وأن تعكس التعديلات الدستورية إجماعا قوميا من مختلف القوى، ودعا مختلف الأحزاب والقوى السياسية وقادة الفكر والعلماء والمختصين للإدلاء بآرائهم في التعديلات لإقرار أشمل وأعمق إصلاح دستوري في تاريخ البرلمان المصري.
وكانت المادة 67 من الدستور الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية قد تعدلت العام قبل الماضي، وأجريت انتخابات الرئاسة لأول مرة في مصر في نفس العام على أساس هذا التعديل، وفاز فيها مبارك بنسبة 98% من الأصوات.
وقال رئيس البرلمان أن التعديل الجديد جاء علي أساس تشجيع الأحزاب على تقديم مرشحين لها، حيث رأي أن التعديل السابق جاء على أساس معايير غير كافية وبذلك شملت التعديلات الجديدة المادة 67 مرة أخرى.
وتعارض جماعة الأخوان هذه التعديلات خاصة المادة 67 ، وتقول الجماعة إن الحزب الوطني الحاكم في مصر هو الحزب الوحيد القادر على تقديم مرشح لانتخابات رئاسة البلاد، كما أن قصر الترشيح على الأحزاب دون المستقلين يمنع الجماعة من تقديم مرشح لها في انتخابات الرئاسة، وأن التعديلات الجديدة بذلك ماضية لتوريث الحكم في شخص جمال مبارك.
تقوية الأحزاب
وجاء في التعديلات خاصة المادة الأولى من الدستور "أن مصر جمهورية عربية نظامها ديمقراطي يقوم على مبدأ المواطنة وأن النظام الاقتصادي في البلاد يقوم على حرية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وكفالة أشكال الملكية الفكرية وحقوق العمال.
كما نصت التعديلات على أن يسمح لرئيس الوزراء بالحلول محل نائب الرئيس في حالة غياب الرئيس لمانع مؤقت، وتمنح التعديلات الأحزاب فترة عشر سنوات من إعلان التأسيس لتقديم مرشح لعا في انتخابات الرئاسة على أن تتوفر الجدية لهذا الترشيح.
وتتناول التعديلات أيضا المواد: 88 و127 و133 و136 و194 و195 وتتناول هذه المواد الإشراف القضائي على الانتخابات وأيضا بيان الحكومة واختصاصات البرلمان وهي كلها أمور تنظيمية. وتتناول التعديلات إضافة نص ينظم حماية الدولة من الإرهاب، بما يكفل للدولة حماية الأمن والنظام في مواجهة الإرهاب ومكافحته وسرعة الحسم في قضايا الإرهاب وجرائمه.
ومن بين ما تنص عليه التعديلات تعزيز دور البرلمان في الرقابة على الحكومة، وإتاحة وقت أوسع لمناقشة الموازنة العامة للدولة والحساب الختامي لها وتخفيف إجراءات سحب الثقة من الحكومة ، وعدم حل المجلس الأول في البرلمان (الشعب) أو التقدم بطلب تعديل الدستور أو إقالة الحكومة أثناء تولي رئيس الوزراء المسؤولية بديلا عن رئيس الجمهورية في حالة وجود مانع مؤقت أو دائم أو الإدانة في مخالفات يتناولها القضاء.
وأعلن البرلمان بمجلسيه أن التعديلات تهدف إلى تقوية الأحزاب السياسية باعتبارها الأداة السياسية في أي نظام ديمقراطي، خاصة بعد أن ثبت من الانتخابات الأخيرة ضعف الأحزاب المصرية كلها لأسباب عديدة. وأن الوقت حان لتحقيق "المواطنة" دستوريا ومنع قيام أحزاب على أساس ديني، ونقل السلطة المركزية للمحافظات وإزالة عوائق وصول المرأة والأقباط والفقراء إلى البرلمان، ومنح المجالس المحلية سلطة سحب ومساءلة المسؤولين وسحب الثقة منهم، وعدم السماح للمرشحين المستقلين في الانتخابات التستر خلف أي شكل ديني لأن ذلك يعتبر مزايا أقوى من الأحزاب، واختيار نظام انتخابي يضمن تمثيلا أوفي للأحزاب ويسمح للمرأة بمشاركة فاعلة في الحياة السياسية.
وقد اتسمت المناقشات بالسخونة وأجمع نواب حزب الأغلبية (الوطني الحاكم) على أن التعديلات الدستورية تمثل ثورة تشريعية غير مسبوقة في تاريخ مصر السياسي.
ووجهت المعارضة ونواب جماعة الإخوان انتقادات حادة لعدد من المواد التي تضمنتها التعديلات، وأشاروا إلى أن التعديلات تمثل تراجعا عن الإشراف القضائي على الانتخابات، واستمرار حالة الطوارئ تحت اسم قانون جديد للإرهاب، وشهدت المناقشات مشادات كلامية بين نواب الحزب الحاكم ونواب التيار الديني حول فكرة تسييس الدين.
وطالب نواب الأغلبية بضرورة فصل الدين عن السياسة، أما نواب الإخوان فقد أكدوا أن الإسلام نظم كل الأمور السياسة والاقتصادية والثقافية وعلى من يريد غير ذلك أن يبحث عن دين آخر، وأيد النواب المستقلون وعددهم تسع نواب حظر قيام الأحزاب على أساس ديني.
وأكد أمين التنظيم بالحزب الوطني الحاكم ورئيس لجنة الخطة والموازنة أحمد عز "أن دولة المواطنة هي دولة سيادة الشعب تقوم على مبدأ الجنسية، فكل مصري له نفس الحقوق وعليه نفس الواجبات، أما دولة المرشد(الإخوان) فهي دولة دينية لا جنسية لها ولا مانع من أن يحكم مصر أجنبي وفقا لها".
أما نواب حزب الوفد فقد أشاروا إلى أن التعديلات تمثل فرضا للوصاية على الشعب المصري. وقال محمد رجب زعيم كتلة الحزب الوطني الحاكم في البرلمان إن التعديلات ت منعطف جديد نحو تحديث الدولة وتأكيد المواطنة، وأن التعديلات تؤكد حرية النشاط الاقتصادي والعدالة الاجتماعية وحقوق العمال، وقال نواب آخرون إنها ستحدث طفرة ديمقراطية غير مسبوقة في البلاد.
مبدأ أتاتورك
واتهمت جماعة الأخوان المسلمين الحكومة المصرية بأنها تتبنى "المبدأ العلماني الأتاتوركي" نسبة إلى مؤسس الدولة التركية مصطفى كمال أتاتورك الذي يقول "إنه لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين".
وقالت الجماعة في تناولها للتعديلات الدستورية إن حظر النشاط السياسي من منطلق ديني هو "اتهام للشريعة الإسلامية بالعجز وعدم الإنصاف سواء بين المسلمين أو غير المسلمين وهذا غير صحيح، وإن نزع النشاط السياسي من الشريعة الإسلامية يتعارض مع كمالها الذي قرره الله".
وقال المتحدث باسم الكتلة النيابية للجماعة - في مقترحات طلب رئيس البرلمان من النواب تقديمها إلى للجنة الدستورية التشريعية - أن مقترحات مبارك تهدف إلى "فصل الدين عن الدولة وتفريغ المادة الثانية من الدستور من مضمونها لتصبح عديمة الجدوى".
وقال المتحدث العام باسم جماعة الأخوان التي ظهرت كأكبر قوة معارضة خلال العامين الأخيرين في مصر الدكتور حمدي حسن "إن الحكومة المصرية تريد سياسة لا دين لها، سياسة لا أخلاق فيها، بدون أمانة، بدون حرمات، معلنة أنها تعتنق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة المرفوض إسلاميا" وتنص المادة الثانية من الدستور الذي يجري التعديل عليه على "أن الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع.
وأعلن الحزب الوطني الحاكم في مصر إن التعديلات لن تمس هذه المادة لكن جماعة الأخوان المسلمين قالت إن تعديلا سيتم وضعه في المادتين الأولى والخامسة من الدستور سوف يفرغ المادة الثانية من مضمونها. وتقول المادة الأولى: "إن جمهورية مصر العربية دولة نظامها اشتراكي ديمقراطي يقوم علي تحالف قوى الشعب العاملة، والشعب المصري جزء من الأمة العربية يعمل علي تحقيق وحدتها الشاملة "، وتقول المادة الخامسة "يقوم النظام السياسي في جمهورية مصر العربية على أساس تعدد الأحزاب وذلك في إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصري المنصوص
عليها في الدستور، وينظم القانون الأحزاب السياسية.
وأكد رئيس البرلمان الدكتور فتحي سرور أن مبدأ المواطنة لا يتعارض مع كون مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع ، الذي يعبر عن الهوية الحضارية للنظام القانوني بعد أن كان خاضعا لهوية نظم قانونية تنتمي لحضارات أخرى دون إخلال بالتفاعل مع سائر النظم القانونية.
ضربات قاسمة
وتزامن إعلان الرئيس مبارك للتعديلات الدستورية مع حملات أمنية تعتبر ضربات قاسمة ضد جماعة لأخوان المسلمين، واختصت الحملات الأمنية القبض على رموز النشاط الاقتصادي في الجماعة، وصدر قرار بضبط يوسف ندا رئيس بنك التقوى المقيم في سويسرا ورجل الأعمال السوري غالب همت باعتبارهما يتوليان إدارة الأمور المالية للتنظيم الدولي للإخوان، وجاء ذلك أيضا متواكبا مع تصريحات للرئيس مبارك قال فيها "إن صعود تيار الإخوان يعد تهديدا للأمن القومي المصري، ومن بين رموز الجماعة الذين ألقي القبض عليهم في حملات نُفذ بعضها فجرا أستاذ كلية هندسة المنوفية الدكتور محمد علي بشر، وأستاذ هندسة القاهرة الدكتور عصام حشيش، ورئيس الشركة العربية للتعمير في محافظة الإسكندرية مدحت الحداد، ورئيس شركة التنمية العمرانية عبد الرحمن سعودي، وأستاذ كلية علوم جامعة أسيوط خالد عودة، وهي أول مرة منذ سنوات طويلة تطال الاعتقالات عناصر أخوانيه ذات مستوىات رفيعة ومناصب عالية.
ويرى الإخوان في التعديلات ت الدستورية تضييق الخناق على صعودهم السياسي. وانتقدت قيادات الجماعة حظر مبارك قيام الأحزاب على أساس ديني ويقول المتحدث باسم جماعة الأخوان حمدي حسن "إن التعديلات ردة عن الإصلاح" وأن تعديل النظام الانتخابي يهدف إلى منع الإخوان من دخول الانتخابات.
ويبدو من الحملة التي تشنها السلطات الحكومية ضد جماعة الأخوان تتجاوز حد توجيه رسالة تؤكد أن نشاط الإخوان تخطى حدود المسموح به وتتعدى الحملات والضربات التي كانت الحكومة تشنها على أعضاء الجماعة كل فترة منذ العام 5991 ويبدو أن الحكومة المصرية ماضية في اتجاه عدم السماح للإخوان المسلمين في مصر بعدم لعب أي دور لهم في المستقبل.
كما يبدو أيضا أن العرض الميليشياتي الذي لم تراه مصر في أي اعتراضات جماهيرية والذي قام به طلاب في جامعة الأزهر كان الشرارة الأولى التي انطلقت معها الحملة الحكومية ضد الأخوان.
احتمال حل البرلمان
ومن بين ما يٌقرأ في التعديلات :
- احتمال حل البرلمان وإجراء انتخابات برلمانية جديدة في مصر.
- احتمال تعيين نائب للرئيس.
- تولي رئيس الوزراء السلطة في البلاد في حالة غياب الرئيس لأي مانع.
- تغيير النظام الانتخابي والعودة إلى نظام الانتخابات بـ"القوائم" حيث أشارت التعديلات إلى ضعف الأحزاب في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بما حصر المنافسة بين الحزب الوطني الحاكم والأخوان المسلمين، مع احتمال البحث في نص يضمن تمثيل المرأة في الانتخابات بتخصيص التنافس على مقعد خاص بالمرأة في بعض الدوائر الانتخابية، ويصبح من الصعب على جماعة الإخوان المسلمين والمستقلين عموما خوض الانتخابات البرلمانية والفوز بأية مقاعد وسد الطريق نهائيا أمامهم بالنسبة لانتخابات الرئاسة.
- التأكيد على عدم السماح بقيام أحزاب على أساس ديني.
- نقل السلطات المركزية إلى المحافظات والمجالس المحلية بما يخفف العبء عن الرئيس والحكومة المركزية وبما يتيح الفرصة لإعطاء المحافظات والمحليات دور في التخلص من المخالفين.
- إلغاء قانون الطوارئ واستبداله بقانون جديد لمكافحة الإرهاب.
- تضمنت المناقشات هجوما كبيرا على نواب التيار الديني في البرلمان أو بمعنى أدق تمثيل التيار الديني المتمثل في الأخوان المسلمين في البرلمان، واتهام الأخوان صراحة بأنهم لا يمانعون من حكم الأجنبي لمصر، كما حفلت المناقشات التي جرت حول التعديلات سواء داخل البرلمان أو خارجه بهجوم كبير على الأخوان.
- أعطى الحزب الوطني الحاكم في مصر تصورا بأنه بمجرد إقرار التعديلات ستنشط الأحزاب في الشارع المصري وستتحقق شعبيتها وتفاعلها مع المواطنين، ورفض الحزب بشدة المساس بالنص الذي يعطي رئيس البلاد دون سواه حق حل البرلمان.
- حرص الحزب الوطني كذلك على التأكيد بأن التعديلات الدستورية ستحدث ديمقراطية غير مسبوقة في البلاد.
- أن جماعة الإخوان لمسلمين في مصر حرصت منذ إعلان الرئيس للتعديلات الدستورية على انتقادها ورفضها من منطلق مبادئ عامة على أساس أنها تنشي التعارض مع ما يضمنه الإسلام في المجتمع، وأنها تهدف بالدرجة الأولى إلى ضرب جماعة الإخوان وتقليص نشاطها والإحالة بين ارتفاع أسهمها وسط القواعد الشعبية في البلاد.
- يلاحظ أن هناك إما تصوير لإمكانية تعرض البلاد لخطر خارجي أو أن هناك احتمال خطر خارجي قادم بالفعل على البلاد، في إطار ما يسود العالم الآن من هيمنة أميركية تقودها الولايات المتحدة منذ أحداث سبتمبر 2001 واستبقتها تقارير صدّرتها الولايات المتحدة أيضا عن أوضاع الأقليات في العالم ومن بينها أوضاع الأقباط في مصر.
- إقرار "حق المواطنة" كمبدأ عام ولن يسمح لأحد أن يرفع شعارات دينية في أي مواقف عامة أو سياسية ومن تلك الشعار الذي اعتمده الأخوان المسلمين في كل المناسبات الخاصة بمواقفهم ومنها الانتخابات وهو "الإسلام هو الحل".
- هناك تراجع في الإشراف القضائي على الانتخابات وكان الشعار "قاضي لكل صندوق انتخابي"، إذ بدلا من التواجد القضائي الكامل في جميع لجان الانتخابات الفرعية والعامة سيتم التمثيل القضائي في اللجان العامة فقط ، تعللا بالعودة إلى إجراء الانتخابات البرلمانية في جميع المحافظات المصرية في يوم واحد، وهو النظام الذي تعدل بإجراء الانتخابات على مراحل لضمان توفير العدد اللازم من القضاة وبما يضمن الحيدة والنزاهة، والآن وقد عاد نظام انتخابات اليوم الواحد، فإن ذلك يبشر بأن الانتخابات البرلمانية المقبلة قد تشهد من الصراعات الكثير.